<!--<!--
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠٢٠ - ١٠:٤٥ بتوقيت غرينتش
لقد كان الصحفي البريطاني روبرت فيسك، متفائلا جدا عندما كتب في مقال نشره في صحيفة"الانديبندت" عام 2011 أنّ:"البحرين لم تعد مملكة آل خليفة، لقد أصبحت تابعة للسعودية، مقاطعة كونفيدرالية من المملكة العربية السعودية"، فالسنوات التي تلت عام 2011 وحتى اليوم كشفت أنّ العلاقة التي تربط السعودية بالبحرين ليست علاقة كونفيدرالية، فالكونفدرالية رابطة بين دول مستقلة ذات سيادة، تفوض بموجب اتفاق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات، بينما لا يتلمس المراقبون أي سياسة أو موقف بحريني مستقل عن السعودية، حتى في حدوده الدنيا من أي قضية سياسية أمنية أو عسكرية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية.
الكتاب السعوديون وزملاؤهم البحرينيون المرتبطون بأسرة آل خليفة يربطون اختفاء الموقف البحريني إزاء القضايا العربية والإقليمية والدولية، وتحول هذا الموقف إلى صدى للموقف السعودي، بصغر مساحة البحرين ولإمكانياتها السياسية والاقتصادية الضعيفة ووضعها الجغرفي، وهو ما حتم على المنامة إقامة علاقات دولية مختلفة وأقل استقلالية من غيرها في المحيط!!.
هذا التبرير السخيف لا يستحق الرد، فالبحرين تمتلك كل المقومات التي تجعل منها دولة مستقلة وذات سيادة، إلّا ان وضعها الشاذ الحالي يعود إلى سببين رئيسيين متداخلين، الأول مخطط سعودي طويل الأمد وواضح الملاحم لابتلاع البحرين، والثاني انفصال أسرة آل خليفة انفصالا كاملا عن الغالبية العظمى من الشعب البحريني والذي جعل هذه الأسرة تستشعر خطر زوال حكمها غير الشرعي في البحرين في أي لحظة، الأمر الذي دفعها للإرتماء في الحضن السعودي حتى اختفت.
هناك بعض المؤشرات التي طالما توقف أمامها المراقبون للعلاقة الشاذة التي تربط أسرة آل خليفة بالسعودية، والتي تكشف عن وجود نوايا سعودية لابتلاع البحرين، وهي مؤشرات لا يمكن أن نرى لها مثيلا في العالم بين دولتين ذات سيادة، ومنها:
- في عام 1963 تم اكتشاف حقل "أبو سعفة" النفطي على الحدود البحرية المشتركة بين السعودية والبحرين، حيث سيطرت الرياض على الحقل ومنحت جزءاً من أرباحه السنوية للبحرين، رغم أن الحقل يقع بجزئه الأكبر ضمن القسم البحريني من الحدود.
- في ثمانينيات القرن الماضي، رسمت السعودية حدودها مع البحرين وفق مصالحها، لتضع يدها على جزيرتي "البينة" البحرينيتين، لتمنع بعد ذلك مواطني البحرين من الوصول إليها.
- أرسلت السعودية قوات عسكرية وأمنية ضخمة، في تسعينيات القرن الماضي، إلى البحرين لقمع وإخماد المظاهرات المطالبة بتفعيل دستور عام 1973، والمشاركة الشعبية في الحكم، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، والتي اعتبرتها السعودية مظاهرات طائفية من مكون واحد في البلاد فقط!!.
- في عام 2011 احتلت القوات السعودية البحرين وبشكل علني، عندما اندلعت ثورة الشعب البحريني ضد الظلم والتمييز والطائفية، فقتلت القوات السعودية التي غزت البحرين تحت يافطة "درع الجزيرة" ،المئات من واعتقلت الآلاف من أبناء الشعب البحريني.
- من أجل ربط البحرين بالبر السعودي قامت السعودية في عام 1986 جسر الملك فهد بن عبد العزيز، الذي استخدمه الجيش السعودي في غزو البحرين عام 2011 ، وقررت السعودية أيضا إنشاء جسر آخر يوازي جسر الملك فهد، باسم جس الملك حمد يحتوي مسارين للقطارات، وتكون بذلك ربطت البحرين كليا بالجغرافيا السعودية.
تصرفات ملك البحرين وأسرة آل خليفة تؤكد على أنّ هذه الأسرة تعمل كعامل مساعد على عملية ابتلاع البحرين من قبل آل سعود، بعد أن فشلت في إقامة نظام طبيعي قائم على العدل والمساواة واحترام الكرامة الإنسانية لجميع مكونات الشعب البحريني لاسيما غالبيته العظمى ، وتفضيلها اعتماد سياسة طائفية بغيضة قائمة على التمييز والظلم بدفع سعودي واضح، بهدف سد جميع الطرق أمام البحرين للخروج من أزمتها السياسية.
الشيء الذي فات آل سعود هو أنّ زمن ابتلاع الدول الشعوب، كما ابتلعها جدهم ابن سعود، قد ولّى، فهذه أمريكا ورغم كل ما تملك من إمكانيات هزمت أمام شعوب قررت أن تعيش حرة، فلا السعودية بأكبر من أمريكا ولا الشعب البحريني أقل وزما وإرادة في الدفاع عن وطنه وأرضه من الشعوب الأخرى، كما فات آل خليفة، أنّ المتغطي ليس بالسعودية بل وحتى الأمريكا عار، ويكفي حمد أن يستذكر حكام العرب الذين لفظتهم شعوبهم دون أن تتمكن أمريكا من حمايتهم.
ساحة النقاش