تحقيق لمنظمة العفو الدولية يكشف تعرض صحافي مغربي متابع قضائيا “للتجسس” لمدة عام من طرف السلطات بواسطة برنامج لشركة اسرائيلية وهاتفه كان محل استهداف بهجمات متعددة باستخدام تقنية جديدة متطورة ومطالب بمنع المجموعة من بيع تقنيتها إلى الحكومات التي تنتهك حقوق الانسان
<!--<!--
الرباط – “رأي اليوم” – نبيل بكاني:
كشف تحقيق قامت به منظمة العفو الدولية عن تعرض الصحافي المغربي عمر الراضي المتابع قضائيا، “للتجسس” لمدة سنة من طرف السلطات بواسطة برنامج تابع لمجموعة ” إن إس أو” NSO الاسرائيلية وأن هاتفه كان محل استهداف بهجمات متعددة باستخدام تقنية جديدة متطورة.
وتقوم شركة “إن إس أو” الإسرائيلية بتسويق تقنيتها في مكافحة وباء فيروس كورونا، وفي هذا الاطار دعت المنظمة الدولية الى منعها من بيع تقنيتها إلى الحكومات التي يرجّح أن تستخدمها في انتهاكات حقوق الإنسان، وإذا لم توقف مجموعة “إن إس أو” استخدام تكنولوجيتها في الانتهاكات.
وكشفت منظمة العفو الدولية، في تحقيقها الذي حصلت “رأي اليوم” على نسخة منه، عن تعرض هاتف عمر راضي لهجمات متعددة باستخدام تقنية جديدة متطورة، تثبّت خلسة برنامج التجسس بيغاسوس سيء السمعة التابع لمجموعة “إن إس أو”.
وأعلن مصدر من المنظمة، أن الهجمات وقعت على مدى فترة تعرض فيها راضي لمضايقات متكررة من قبل السلطات المغربية، مضيفا أن إحدى الهجمات وقعت بعد أيام فقط من تعهد مجموعة “إن إس أو” بوقف استخدام منتجاتها في انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدا أن الهجمات على هاتف عمر راضي، استمرت على الأقل، حتى كانون الأول/ يناير 2020.
وقالت دانا إنغلتون، نائبة مدير برنامج التكنولوجيا في منظمة العفو الدولية أنه “من الواضح أنه لا يمكن الوثوق بمجموعة “إن إس أو”، مشددة على أنه في الوقت الذي “كانت تشن المجموعة حملة علاقات عامة لتبييض صورتها، كانت أدواتها تمكن من المراقبة غير القانونية لعمر راضي، الصحفي والناشط الحقوقي”.
“وأضافت المتحدثة، أنه حتى بعد تقديم أدلة صادمة لمجموعة “إن إس أو” حول استخدام برمجية التجسس لتتبع النشطاء في المغرب، يبدو أن المجموعة اختارت الإبقاء على الحكومة المغربية كعميل لها.
وطالبت المسؤولة في المنظمة، في حال لم توقف مجموعة “إن إس أو” استخدام تكنولوجيتها في الانتهاكات، بمنعها من بيعها إلى الحكومات التي يرجّح أن تستخدمها في انتهاكات حقوق الإنسان”.
وحملت المتحدثة، المسؤولية للسلطات المغربية عن الاستهداف غير القانوني للنشطاء والصحفيين مثل عمر راضي، مضيفة أن شركة مجموعة “إن إس أو” قد ساهمت في هذه الانتهاكات من خلال إبقاء الحكومة كعميل نشط، على الأقل، حتى يناير/كانون الثاني 2020. مضيفة “أن هذا قد منح السلطات إمكانية الوصول المستمر إلى برمجيات التجسس التابعة للشركة”.
وجاء في التحقيق، أن عمر راضي قد استهدف بشكل ممنهج من قبل السلطات المغربية بسبب عمله كصحفي ونشاطه، وفق التحقيق، معتبرا أن الأخير قام بانتقاد صريح لسجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان، وبأنه تحدث عن الفساد، وكذلك عن الروابط بين المصالح التجارية والسياسية في المغرب.
وفي 17 آذار/ مارس 2020، حُكم على عمر راضي بالسجن لمدة أربعة أشهر مع وقف التنفيذ بسبب تغريدة نشرها في أبريل/نيسان 2019 ينتقد فيها محاكمة مجموعة من النشطاء.
وأضافت دانا إنغلتون قائلة: “تستخدم السلطات المغربية بشكل متزايد المراقبة الرقمية لقمع المعارضة. ويجب إيقاف هذا التجسس غير القانوني، وهذا النمط الأوسع لمضايقة النشطاء والصحفيين”.
وفي شباط/ فبراير 2020، أجرى برنامج التكنولوجيا في منظمة العفو الدولية تحليلاً تقنياً لهاتف آي فون التابع لعمر راضي، وقد “كشف ذلك أن الجهاز كان قد تعرض لسلسلة من الهجمات التي تمت على شكل “حقن شبكة الاتصالات”.
فباستخدام عمليات حقن شبكة الاتصالات، يتمكن المهاجمون من رصد واعتراض والتحكم في حركة الهدف على الإنترنت، بعد ذلك، يتم إعادة توجيه متصفح الويب للهاتف إلى موقع ضار، دون الحاجة إلى أي نشاط من قبل الهدف، ليقوم الموقع الضار، بعد ذلك بتثبيت برنامج تجسس بيغاسوس خلسة على الهاتف المستهدف.
وجاء في التحقيق أن “السلطات المغربية كانت مسؤولة عن الهجوم على (هاتف) عمر راضي”، لكون القيام بعملية حقن شبكات الاتصالات، يوجب على المهاجم إما القرب المادي من الأهداف أو الوصول عبر شبكات الهاتف المحمول في البلاد التي لا يمكن إلا للحكومة أن تأذن بها، في إشارة أخرى إلى . ففي الآونة الأخيرة، وحتى يناير/كانون 2020، قامت مجموعة “إن أس أو” بتسويق مثل هذه التكنولوجيا المتطورة لاعتراض الأهداف.
وعند تثبيت برنامج بيغاسوس، يتمكن المهاجم من الوصول الكامل إلى رسائل الهاتف ورسائل البريد الإلكتروني والوسائط والميكروفون والكاميرا والمكالمات، وجهات الاتصال. ومن المعروف أن هجمات حقن الاتصالات يصعب على الضحية اكتشافها لأنها لا تترك دليلاً يذكر.
وتشير بيانات التحليل التقني المستخرجة من هاتف عمر راضي إلى وقوع هجمات حقن شبكة الاتصالات في 27 كانون الثاني/ يناير و11 شباط/ فبراير و13 أيلول/ سبتمبر 2019. وفي 10 أيلول/ سبتمبر 2019، تعهدت مجموعة “إن إس أو” علناً بالالتزام بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
وقالت المتحدثة، أنه قد تم توجيه المتصفح الموجود على هاتف عمر راضي إلى نفس الموقع الضار الذي وجدته منظمة العفو الدولية في هجوم على أكاديمي وناشط مغربي، المعطي منجب، كما كُشف ذلك في تقرير المغرب: ” استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان ببرنامج تجسس تابع لمجموعة “إن إس أو”، صدر في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وتابعت أنه تم تزويد مجموعة “إن إس أو” بنسخة مسبقة من هذا التقرير في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2019. في 6 أكتوبر/تشرين الأول، أُغلق الموقع الضار، قبل أيام من إعلان منظمة العفو الدولية عن نتائجها. ومع ذلك، تظهر أدلة جديدة أن هجمات حقن الشبكة المماثلة ضد هاتف عمر راضي استمرت حتى 29 يناير/كانون الثاني 2020، باستخدام موقع على الإنترنت مختلف.
ومع زعم مجموعة “إس إن أو” أنها تبيع برمجيات التجسس فقط إلى المخابرات الحكومية واجهزة إنفاذ القانون، تضيف المتحدثة، أن الأدلة التي كشفت عنها منظمة العفو الدولية، تشير إلى أن “الحكومة المغربية ظلت عميلاً نشطًا لمجموعة “إن إس أو”، واستطاعت الاستمرار في استخدام تكنولوجيا الشركة لتتبع وترهيب وإسكات أصوات النشطاء والصحفيين والمنتقدين”.
وعندما أطلعت منظمة العفو الدولية مجموعة “إن إس أو” على أحدث نتائجها، لم تؤكد الشركة أو تنفي ما إذا كانت السلطات المغربية تستخدم تقنياتها، وذكرت أنها ستقوم بمراجعة المعلومات المقدمة.
ودعت دانا إنغلتون مجموعة “إن إس أو” الى الإجابة على أسئلة “جدية بشأن ماهية الإجراءات التي اتخذتها عندما قدم إليها أدلة بأن تقنيتها قد استخدمت لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في المغرب”، وكذلك “ولماذا لم تنه عقدها مع السلطات المغربية؟”.
وأضافت إن تعريض الصحفيين والنشطاء للترهيب من خلال المراقبة الرقمية المنتهكة للخصوصية يعد انتهاكاً لحقوقهم في الخصوصية وحرية التعبير.”
وتقول مجموعة “إن إس أو” إنها تجري مراجعة صارمة فيما يخص حقوق الإنسان قبل بيع منتجاتها، إلا أن هذه الادعاءات تفتقر إلى التفاصيل، وبالنظر إلى عدد الهجمات على المجتمع المدني، يبدو أنها لم تكن فعالة في حالات عديدة.
وجاء في التحقيق أيضا، أن منظمة العفو الدولية، وجهات أخرى، قامت بتوثيق نمط من استخدام برمجية التجسس بيغاسوس التابعة لمجموعة “إن إس أو” لاستهداف المجتمع المدني. فقد تم استخدام برمجية التجسس في الهجمات على الصحفيين والبرلمانيين في المكسيك، والنشطاء السعوديين: عمر عبد العزيز، ويحيى العسيري، وغانم المصارير، والناشط الإماراتي أحمد منصور الحائز على جائزة في مجال حقوق الإنسان، وأحد موظفي منظمة العفو الدولية. وحسبما زعم، استخدمت هذه البرمجية أيضاً في عملية قتل المعارض السعودي جمال خاشقجي.
بموجب مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، فإن مجموعة “إن إس أو”، ومستثمرها الأساسي، أي شركة الأسهم الخاصة نوفالبينا كابيتال Novalpina Capital التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، عليهما التزام واضح باتخاذ خطوات عاجلة للتأكد من أنهما لا تسببان أو تساهمان في انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وتدعم منظمة العفو الدولية قضية قانونية في إسرائيل تسعى إلى إجبار وزارة الدفاع الإسرائيلية على إلغاء ترخيص التصدير الممنوح لمجموعة “إن إس أو”. وترى منظمة العفو الدولية إن وزارة الدفاع الإسرائيلية تعرّض حقوق الإنسان للخطر من خلال السماح لمجموعة “إن إس أو” بمواصلة تصدير منتجاتها إلى الحكومات في جميع أنحاء العالم. والنطق بالحكم متوقع قريباً.
وتقاضي شركة فيسبوك مجموعة “إن إس إو” بعد أن استغلت شركة برمجيات التجسس ثغرة أمنية في تطبيق واتساب لاستهداف ما لا يقل عن 100 مدافع عن حقوق الإنسان.
واختتمت دانا إنغلتون أن المعارك القانونية مستمرة ضد شركة مجموعة “إن إس أو” لأنها ترفض قبول المسؤولية عن دورها في انتهاكات حقوق الإنسان. فالدليل الجديد هو أحدث إنذار يوضح لماذا ينبغي منع مجموعة “إن إس أو” ببيع تكنولوجيا المراقبة التي تطوّرها، بما في ذلك تلك الهادفة للتصدي لوباء لفيروس كوفيد-19.”
ساحة النقاش