تهديدات السيسي.. هل ستغير مجريات الأحداث في ليبيا؟
<!--<!--
الأحد ٢١ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٢:٤٨ بتوقيت غرينتش
"إن أي تدخل مباشر من الدولة المصرية بات يحظى بالشرعية الدولية سواء في ميثاق الأمم المتحدة باعتباره حق للدفاع عن النفس أو بناء على السلطة الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي في إشارة الى برلمان طبرق".. تصريحات نارية أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء تفقده لوحدات عسكرية مصرية على الحدود مع ليبيا تزامن مع دعوة مصرية إلى انعقاد جلسة افتراضية لوزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية لبحث التطورات في ليبيا .
العالم - قضية اليوم - أسامة الشيخ / العالم
دعوة سارعت حكومة الوفاق لرفضها حيث أكد وزير خارجيتها محمد الطاهر سيالة في اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية يوسف بن علوي: "أن الرفض الليبي نابع من عدم اتباع الإجراءات والقواعد المعمول بها في أي اجتماع حتى يحقق الغاية المرجوة منه"، موضحا أنه "على رأس ذلك التشاور مع ليبيا باعتبارها الدولة المعنية بالإجتماع، وهو ما لم يحدث.
ومن جانب آخر حط رئيس حكومة الوفاق في العاصمة الجزائرية بدعوة من رئيسها عبد المجيد تبون في إطارالجهود التي تبذلها الجزائر لإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية.
وأكّدت الجزائر سعيها للعب دور الوسيط الذي يسعى للجمع بين الفرقاء، من دون أن ينحاز لطرف ضد آخر أو أن ينتظر أمورا أخرى متعلقة بتطور الوضع العسكري في الميدان.
وبالعودة الى التهديدات التي أطلقها الرئيس السيسي يجب التوقف على بعض النقاط لاستجلاء حقيقة تلك التهديدات ومعرفة مدى تأثيرها على مسار الأحداث في ليبيا
اولا: هل بمقدور مصر في الوقت الراهن المضي قدما في تنفيذ مثل هكذا تهديدات؟
وللاجابة على هذا السؤال يلزم معرفة أهداف مصر وما هي دوافعها لخوض هذه المغامرة، الرئيس السيسي أكد خلال تصريحاته أنّ الهدف من خوض غمار هذه الحرب هو تأمين الحدود ووقف إطلاق النار ووضع حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا، ويتساءل البعض هنا ولما الآن؟ السيسي حليف لحفتر أي أنه طرف في هذا الصراع ولم يكن ليقدم على مثل هذه الخطوة عندما كانت قوات حليفة على مشارف العاصمة طرابلس، الآن وبعد تغير موازين القوى وترجيح كفة خصومه في حكومة الوفاق بدعم تركي واحتمال فرض سيطرتهم على كامل التراب الليبي وبالتالي عودة الإخوان للحكم في ليبيا الأمر الذي سيكون له بالتأكيد تأثير واضح على وضع الإخوان المسلمين في مصر وهم الدّ أعداء السيسي والمهدد الرئيس لبقائه في كرسي الرئاسة .
ثانيا: نرى أن هنالك تخبط واضح وربما كان مقصود في تحديد الأولويات الإستراتيجية لدى القيادة المصرية في الوقت الراهن، فالأزمة الوجودية التي تهدد مصر الآن هي أزمة سد النهضة الذي تعتزم إثيوبيا البدء في ملء بحيرته في الشهر المقبل وكما قال مسؤولوها إنهم ماضون في تتنفيذ المشروع باتفاق أو بدونه. كل ما استطاعت مصر فعله هو تحويل القضية إلى مجلس الأمن في وقت يرى فيه الخبراء أنّ بناء هذا السد سيؤثر بشكل مباشر على حياة مئة مليون مصري وسيتسبب في ضياع نسبة كبيرة من حصة مصر من مياه النيل وبالتالي تفاقم أزماتها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. فلماذا يلوّح السيسي في هذه المرحلة العصيبة بالعصا لجيرانه الليبيين ويقف عاجزا أمام الفيل الإثيوبي إلاّ إذا كان تهديده يأتي من باب "إياك أعني واسمعي يا جارة "
وعلى الجانب الآخر نجد أن حكومة الوفاق هي الأخرى لم تعر هذه التهديدات اهتماما وأكدت أنها ماضية قدما في تحقيق أهدافها العسكرية فقد أعرب رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، عن رفضه لما جاء في تصريحات الرئيس السيسي مؤكدا أنها مساس بالسيادة وتدخل سافر في الشأن الليبي، كما أعلنت رفضها سابقا للمبادرة المصرية للحل السياسي التي طرحها السيسي في السادس من الشهر الجاري.
ثالثا: وأخيرا الصراع الدائر الآن في ليبيا خرج عن إطاره الداخلي فمنذ دخول الإمارات والعربية السعودية ودعمهما للمشير خليفة حفتر بالمال والسلاح والمرتزقة الأمر الذي أسهم إسهاما كبيرا في الإنتصارات التي حققها ميدانيا وحتى محاصرته للعاصمة طرابلس، ودخول تركيا على الخط بدعمها العسكري لحكومة الوفاق وترجيح كفتها على الصعيد الميداني. كل هذه الأحداث لم تشعر مصر بالخطر في وقتها وكان غيابها كل هذه المدة عن المشهد الليبي ودعمها لطرف على حساب الآخر سببا في خسارتها المبكرة للمعركة وفقدانها لمكانتها القيادية في محيطها العربي والافريقي.
ساحة النقاش