ماذا يعني أن تقلص أمريكا وجودها العسكري بالسعودية؟
<!--<!--
ذكرت صحيفة"وول ستريت جورنال"أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بسحب أربع بطاريات صواريخ «باتريوت» من السعودية بالاضافة الى طواقمها المؤلفة من 300 عسكري، وأنّ سربَي طائرات مقاتلة غادرا المنطقة، ويتم أيضا دراسة خفض قوات البحرية الأمريكية في الخليج الفارسي.
هذه الأجراءات، وفقا للصحيفة الأمريكية، تستند إلى تقديرات مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تشير إلى أنّه لم يعد هناك تهديدا للمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة.
المعروف أن نشر بطاريات صواريخ باتريوت وقوات أمريكية في الأراضي السعودية جاءت بعد الحوادث الأمنية التي شهدتها بعض ناقلات النفط في الخليج الفارسي والهجمات التي استهدفت منشآت أرامكو النفطية، حيث استنجدت السعودية بترامب الذي سارع إلى تلبية النداء في مقابل أموال طائلة حصل عليها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بإعتراف ترامب نفسه.
البعض اعتبر خطوات أمريكا بسحب قواتها التي أرسلتها إلى السعودية لحماية مصالحها ومصالح حلفائها، جاءت في ظل أنباء عن زيادة التوترات بين واشنطن والرياض، على خلفية الإضطرابات التي شهدتها أسواق الطاقة العالمية نتيجة قرار السعودية برفع مستوى إنتاج النفط، بينما أشار آخرون إلى أنّ السبب قد يكون الخلاف على نسخة أخرى من الباتريوت ترغب بها الرياض، وهناك من اعتبر رفض أمريكا مشاركة شركة هواوي الصينية في بناء جزء من البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس في منطقة الخليج الفارسي، من أسباب الخطوات الامريكية، لأنها ، وفقا لواشنطن، ستجعل القوات الأمريكية في الخليج الفارسي تحت سمع ونظر الصين.
بغض النظر عن الأسباب التي تقف وراء الخطوة الأمريكية بتقليص عديد وعدة قواتها في منطقة الخليج الفارسي، إلاّ أنها تكشف وبشكل واضح أنّ ما كانت تروج له أمريكا عن الأسباب التي دعتها إلى تكثيف وجودها العسكري في منطقة الخليج الفارسي، وهي الدفاع عن دولة ومصالحها إزاء المخاطر التي تتهددها، ليست سوى مزاعم واهية وأكاذيب لابتزاز السعودية وبعض الدول الأخرى في المنطقة.
بات واضحا أن امريكا فضحت نفسها بنفسها عندما بررت تقليص قواتها في السعودية ومنطقة الخليج الفارسي، بـ"انكفاء التهديد"! الذي كان يعرض مصالح حلفائها للخطر، وهي تعني بذلك إيران، فخطوتها تؤكد للقاصي والداني أنّ مثل هذا التهديد لم يكن موجودا في السابق عندما أرسلت أمريكا قواتها للمنطقة، وليس موجودا الآن وهي تسحب قواتها منها، فإيران لم ولن تعرض يوما أمن واستقرار منطقة الخليج الفارسي للخطر، فالخليج الفارسي هو بيت الإيرانيين، ومن المستحيل أن يعرض الإنسان أمن بيته للخطر.
من يعرض أمن واستقرار المنطقة ودولها، بل ويرى مصلحته في إنعدام الأمن فيها، ويحول دون أي تقارب بين دولها، ويسعى إلى خلق الفتن والنزاعات، بهدف ابتزاز دولها ونهب ثرواتها، هو أمريكا، الطرف الغريب الذي ما كان ليتواجد فيها إلاّ لمصالحه غير المشروعة، وهي مصالح تتعارض بالضرورة مع مصالح دول المنطقة دون استثناء.
إنّ قرارات البنتاغون الأخيرة بتقليص القوات الأمريكية في المنطقة يجب أن تكون درسا لدولها، لتكف عن فتح أي حساب على العامل الأجنبي لحمايتها، فلن يحمي دولها إلاّ تعاونها فيما بينها، فالتجربة التاريخية أثبتت أنّ كل مصائب المنطقة كانت ومازالت بسبب العامل الأجنبي، الذي يرى في صراعات ونزاعات وحروب المنطقة، كنزا ثمينا لا يجب التفريط به.
ساحة النقاش