المرتزقة السوريون في ليبيا يكشفون المستور
<!--<!--
العالم *سبوتنيك
“لقد خدعنا، لم نأت للمشاركة في أي حرب كانت، جئنا لحراسة المنشآت التركية ومن أجل المال… ولكن في نهاية المطاف أنا أسير ومن دون نقود”، هذه العبارة تجسد القاسم المشترك لقصص السوريين الذين وصلوا إلى ليبيا. وخلال الأيام القليلة الماضية، احتجز الجيش الليبي العديد من المرتزقة السوريين خلال القتال في طرابلس وأتاح لوسائل الإعلام الفرصة لإجراء مقابلات معهم بالتفصيل للاستماع من المصدر الأساسي لدوافع وكيفية مشاركتهم في حرب الآخرين.
ونشرت العديد من وسائل الإعلام في منتصف كانون الثاني/يناير من هذا العام، تقارير حول وصول المئات بل الآلاف من المرتزقة من سوريا إلى العاصمة الليبية طرابلس، وعن مشاركتهم في المعارك ضد" الجيش الوطني الليبي". وكان قائد الجيش الليبي، خليفة حفتر، قد أكد هذه المعلومات في مقابلة مع “سبوتنيك” في شباط/فبراير هذا العام، وقال: “تستخدم تركيا وحكومة السراج الهدنة المؤقتة لنقل أعداد كبيرة من المرتزقة السوريين والجنود الأتراك والإرهابيين والأسلحة إلى طرابلس عن طريق البحر والجو. وهذا يعد انتهاك للهدنة. ونحن نحتفظ بالحق في الرد على هذه الانتهاكات”.
بالخداع أصبحوا جزء من حرب هي حرب الآخرين… كيف يمكن تفسير قرار السفر لمسافة تزيد عن ألفي كيلومتر من سوريا إلى ليبيا للمشاركة في حرب غريبة؟ أجرت وكالة “سبوتنيك” لقاء مع المرتزقة السوريين المعتقلين لدى الجيش الليبي خلال المعارك بالقرب من طرابلس والذين أكدوا على أنهم استدرجوا بالخداع وبتحفيزهم بالمال. وقال أحد المرتزقة السوريين الذين أسرهم الجيش الوطني الليبي في منطقة بو سليم (طرابلس) بليبيا، محمد إبراهيم عدوي لـ”سبوتنيك”: عندما غادرنا قريتنا في سوريا: “كنا نعلم أننا ذاهبون إلى ليبيا ولكن لم نكن نعرف أننا سنذهب من أجل قتال، نحن جئنا إلى ليبيا على أساس حراسة القواعد التركية وعلى أنه اتفاق بينهم وبين ليبيا“. وأكد محمد أن “هناك 190 شخصا من السوريين خرجوا وتمردوا على هذه الأوضاع ولكن للأسف أغلبهم تم سجنهم”. وأضاف محمد: “كنا نقاتل الجيش الليبي، نحن جئنا إلى ليبيا على أساس عقد عمل كحراسة مقرات أتراك في ليبيا ولكن الجميع صدم بالواقع بعد وصولنا إلى ليبيا وهناك 190 شخصا قاموا بعملية تمرد بعد معرفتهم أنهم سيحاربون في ليبيا “.
ووقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2019، اتفاقية تفاهم متبادل في المجال العسكري، وينص الاتفاق على إمكانية إرسال قوات تركية إلى ليبيا. وعلى الرغم من القصص والمواقف المختلفة، كان واقع حياة المرتزقة السوريين في طرابلس مختلفًا عن العقود الموعودة.
ومن جانبه قال أحد المقاتلين في صفوف قوات الوفاق الليبية، وهو أسير آخر لدى الجيش الوطني الليبي، محمد عيد زيدان مصري:“التركي كان يلزم قادة الفصائل السورية بإجبار السوريين بأن يقضوا عقد عمل 3 أشهر في ليبيا، وثم يرجعوا إلى سوريا، هم قالوا لنا تروح تقضي عقد 3 أشهر وبترجع، وأنت مهمتك حراسة حقول نفط يعني نحرس النفط وبحسب العقد نحصل على 2000 دولار أمريكي ولكن بعد أن وصلنا لم نر 2000 دولار ولا أي شي يعني كله حكي فاضي”.
هل قاتل هو في طرابلس؟ لا! لكنه وقع عقدًا لحماية نقاط النفط، وبالنتيجة كان يحرس نقطة المراقبة في قلب القتال حتى تم أسره. وتحدث مصري، عن مشاركته بالعمليات في طرابلس، وقال:“لا عند وصولي كنت على مقرات المراقبة بحسب ما أخبرونا أنها تسمى كذلك (مراصد استطلاع) وبعد بـ3أيام من وصولي صارت عملية الالتفاف علينا وتم القبض علي هناك”.ويتابع مصري، تذكر كيف بدأ كل شيء هناك على بعد أكثر من 2000 كيلومتر من ليبيا:“لا لم يخبروننا بأننا سنقاتل في ليبيا هما أخبرونا أنه عقد عمل لحراسة حقول نفطية في ليبيا لمدة 3 أشهر فقط وبمقابل 2000 دولار أمريكي، وعند وصولنا الواقع اختلف لدينا وصدمنا لما حصل لنا في طرابلس”.
ثلاثة أشهر، 6 آلاف دولار أمريكي.. العودة إلى الوطن أو إلى أوروبا… وأضاف محمد إبراهيم عدوي، الذي وفقا لقوله بأنه حارب مع الجيش السوري الحر، تم إرساله إلى الجبهة، فور وصوله إلى مصراته، قائلا:“نتواصل معهم عبر تطبيق واتساب، أغلب التعليمات تأتينا عبر الواتساب من سوريا، نوع التعليمات التي تصلنا من سوريا مثلا:لا تخالف الأوامر، أنت جئت إلى ليبيا بعقد عمل مدته 3 شهور وتتقاضى مرتب شهري ووظيفتك تحمي النقاط” . وتابع محمد، حديثه، عن الرحلة الكاملة إلى ليبيا مع مختلف السوريين مختلفين، منهم من أراد كسب المال والعودة للوطن ومنهم من خطط لشيء آخر، “هناك أشخاص فكروا بالمجيء إلى ليبيا لكي تأخذ هذا المبلغ وبعدها تنتقل إلى دولة أخرى كهجرة غيرشرعية من ليبيا الكثير يفكرون بهذه الطريقة”. وأوضح محمد الذي أرسل إلى جبهة القتال فور وصوله، بأن المبلغ المذكور في العقد يبلغ 2000 دولار أمريكي، بغض النظر عن ماهية العمل، إن كان قتالا أو مراقبة أو حراسة، وقال:“قالوا لنا العقد قيمته 2000 دولار أمريكي وسلمت هذه الأموال إلى القادة السورين الموجودين في طرابلس وهما من يقومون بإعطاء أو توزيعها وتقسمها للسوريين المقاتلين”. أما مصري، الذي شارك في حراسة نقطة المراقبة، أكد على مدة العقد ومدته، قائلا:“هما أخبرونا أنه عقد عمل لحراسة حقول نفطية في ليبيا لمدة 3 أشهر فقط وبمقابل 2000 دولار أمريكي…”هل حصل المرتزقة على المال؟…قال محمد:“أنا تقريباً وصلت إلى ليبيا من حوالي 24 يوم ولم نستلم، ولكن هناك أفراد موجودون هنا من شهرين وكذلك لم يستلموا أي مبلغ”.
من جهتها لم تنف طرابلس أبدًا ولم تؤكد وجود مرتزقة سوريين في ليبيا، ورداً على سؤال حول صحة المعلومات حول وجود مرتزقة سوريين، أجاب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لحكومة الوفاق، فايز السراج: “نحن لا نتردد في التعاون مع أي جانب لمواجهة العدوان”. وتعاني ليبيا من نزاع مسلح راح ضحيته الآلاف، وذلك عقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، كما تشهد البلاد، منذ التوصل لاتفاق الصخيرات عام 2015، انقساما حادا في مؤسسات الدولة، بين الشرق الذي يديره مجلس النواب والجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، والقسم الغربي من البلاد الذي يديره المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، وهي الحكومة المعترف بها دوليا.
ويذكر أن العاصمة الألمانية برلين استضافت، في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، مؤتمرا دوليًا حول ليبيا بمشاركة دولية رفيعة المستوى. وأصدر المشاركون بيانًا ختاميًا دعوا فيه لتعزيز الهدنة في ليبيا، ووقف الهجمات على منشآت النفط، وتشكيل قوات عسكرية ليبية موحدة، وحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
ساحة النقاش