هذه أمريكا التي صدعوا رؤوسنا بديمقراطيتها
الإثنين ٠٦ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٧:٤٠ بتوقيت غرينتش
نعتقد جازمين أنّ أمريكا الثنائي ترامب - بومبيو، كانت ستقيم الدنيا ولا تقعدها، إذا كانت الأحداث التي شهدتها أمريكا خلال اليومين الماضين، حصلت في بلد يناهض الإرهاب والهيمنة الأمريكية.
خلال اليومين الماضيين تجاوزت رعونة ترامب كل ما هو متعارف عن الرؤساء المشهورين بالرعونة في العالم، فقد تصرف إزاء ثلاث قضايا متفرقة، أثارت استغراب المراقبين الذين شككوا بالقدرات العقلية له والفريق المحيط به.
أمريكا التي حاول أسلاف ترامب إخفاء وجهها القبيح العنصري والإرهابي وألاّإنساني، بمسوحات باهتة تخفي بالكاد ذلك القبح، لم يكلف ترامب نفسه الإبقاء على تلك المسوحات التي اختفت بالكامل خلال ثلاث سنوات فقط من رئاسته الحافلة بالفضائح بشتى أنواعها، أما الكذب فكان العنوان الأبرز لها.
ففي قرار فاح منه حجم الحقد والانتقام بشكل مرضي، أقال ترامب المفتش العام للمخابرات الأمريكية مايكل أتكينسون من منصبه، بسبب تصرف الأخير النزيه والقانوني، عندما اعتبر المعلومات التي تضمنها التقرير الذي تقدم به أحد الأشخاص بشأن إساءة ترامب استخدام منصبه في محاولة التماس تدخل أوكرانيا في الإنتخابات الأمريكية التي تجري في 2020 لمصلحته الشخصية، بأنها معلومات صحيحة وأن الشخص موثوق به.
ترامب وخلال اليومين الماضيين أيضا، أمر بإقالة قائد حاملة الطائرات تيودور روزفلت بريت كروزير، لمجرد أنّ الأخير طلب بإجلاء البحارة من من على الحاملة بعد أن تفشى بينهم وباء كورونا، بذريعة أن رسالته قد سُربت إلى وسائل الإعلام.
لم تشفع لكروزير إصابته هو شخصيا بفيروس كورونا ولا إصابة المئات من بحارته بالفيروس، فقد اعتبر ترامب طلب كروزير النجدة بأنه "غير لائق وأنه قعل شيئا مريعا"، أما وزير الدفاع مايك إسبر فوصف قرار العزل بالحازم، إلاّ أنّ جو بايدن المرشح الديمقرطي للإنتخابات الرئاسية، اعتبر قرار العزل "يرقى إلى حد الجريمة"، لأنه جاء في الوقت الذي بدات تظهر على كروزير علامات المرض.
أما فضيحة ترامب الأخيرة فكانت تهجمه الوقح والسافر على مراسلة شبكة "سي بي إس نيوز" الأميركية ويجيا جيانغ، التي كشفت عن تورط صهره زوج إيفانكا باستغلال وباء كورونا لجني مكاسب مادية على حساب المصابين والمرضى، عبر تشكيلات موازية لخلية الأزمة الخاصة بكورونا.
تهجم ترامب جاء بعد أن سألته المراسلة: أن "جاريد كوشنر تحدث أن فكرة المخزون الفيدرالي كان من المفترض أن يكون مخزوننا. ليس من المفترض أن تكون مخزونات الولايات التي تستخدمها بعد ذلك"، ثم سألته: "ماذا يعني كوشنر بالضبط بذلك؟". فرد عليها تراب بالقول: " كلمة كوشنر (لدينا) تعني الولايات المتحدة"، لتوجه المراسلة حديثها إلى ترامب مجددا "ماذا تفعل الحكومة مع المخزون الفيدرالي؟". وقال ترامب: "إنه سؤال بسيط. وتحاول جعله يبدو سيئ للغاية. يجب عليك أن تخجلي من نفسك. أنت تعرفي ذلك. يجب أن تخجلي. إنه سؤال بسيط. قال "لنا" المخزون الفيدرالي واحتياجات الولايات".
من جانبها، نشرت جيانغ على صفحتها في تويتر "جاريد كوشنر هو المسؤول عن سلسلة الإمدادات الطبية التي تقدم المواد الأساسية للأطباء والممرضات الذين يتواجدون في الخطوط الأمامية كل يوم .. بالأمس قال هذا (لنا)، لذا سألت الرئيس ماذا يعني؟ وترامب لم يعجبه السؤال".
هذه ثلاث فضائح لترامب ورهطه خلال اليومين السابقين، بماذا يمكن ان نصف هذه القرارات وهذه السلوكيات؟، ما الفرق بين هذه التصرفات وتصرفات أي دكتاتور ومستبد في العالم؟، ماذا يمكن أن نسمي تورط عائلة ترامب وصهره في استغلال وباء كورونا لكسب المزيد من الأموال؟، أين هي الجهات الرقابية في أمريكا التي تتبجح ليل نهار بالشفافية والعدالة من قرارات مستبدة انتقامية ضد من يعمل بما تمليه عليه وظيفته وضميره، لكي تبقى انتهاكات الرئيس للدستور طي الكتمان؟ أين الكونغرس الأمريكي الذي يمثل الشعب من كل هذه الفوضى؟ ماذا يمكن أن نسمي إرهاب وإرعاب كل من يحاول أن يكشف فساد عائلة ترامب الجشعة؟.. هذه هي أمريكا التي صدعوا رؤوسنا بديمقراطيتها التي تعد على الرئيس أنفاسه!!!.
ساحة النقاش