جائحة کورونا تكشف زيف مزاعم الرياض وتعرّيها
<!--<!--
الأحد ٠٥ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٧:٣٠ بتوقيت غرينتش
غالبا ما تلجأ الأنظمة المستبدة الى اسلوب تلميع وجهها القبيح أمام الرأي العام المحلي والعالمي، ولا شك أنّ هناك العشرات من الأبواق المحلية والأجنبية التي تزمر لها وتزوق لها مواقفها وتصريحاتها وتشرح سياساتها، وتضخم ما تسميه بمشاريعها وإنجازاتها، وغالبا ما تزين أفعالها وسلوكياتها القذرة سواء ضد المعارضين من الشعب أو الأقليم أو العالم.
العالم-مقالات - *صالح القزويني
من يسمع ويقرأ عن حكومات الاستبداد سيتصور أنّ البلدان التي تحكمها لا مثيل لها في العالم، فهي متقدمة على بلدان العالم في كل شيء، ولكن كلما اقترب المرء منها وسبر أغوارها، انبعثت الرائحة النتنة منها، وتبين أنّ كل ما يقوله المرتزقة عنها أكاذيب ودجل، ولم يقولوه أو يكتبوه إيمانا منهم بها وإنما بريق حفنة النقود التي حصلوا عليها جعلت ضمائرهم في إجازة قسرية.
يكفي أن يقع حدث كبير في هذه البلدان ليرى الجميع الحقيقة كما هي، ويكتشفوا زيف مزاعم وادعاءات الحكومات، خاصة وأن هذه الحكومات تقف عاجزة عن القيام بأي عمل لإنقاذ البلد من الورطة التي وقعت فيها، واجتياح فايروس كورونا المستجد بلدان العالم هو خير مثال على ذلك، حيث عرّى تفشي وباء كورونا الكثير من الحكومات الاستبدادية وكشف حقيقتها أمام العالم قبل شعبها.
نظام آل سعود هو أحد الأنظمة الاستبدادية التي فضحها هذا الوباء وكشفها على حقيقتها أمام الجميع، ولو لم يكن كذلك فلماذا يخشى النظام من البوح عما يجري بل ويحرص على التكتم على الوضع ويلاحق كل من يقوم بتسريب معلومة مهما كانت صغيرة.
اقرأوا ما كتبه المغرد الشهير "مجتهد" في حسابه على "تويتر" والذي أضاء فيه جزءا بسيطا من الحقيقة: "الأرقام الحقيقية للوباء في كافة المملكة مخيفة، أكثر من 1000 حالة في مستشفى الشميسي – الرياض، مع مئات الحالات في المستشفيات الأخرى هذا سوى الآلاف في الحجر دون مستشفى، في مكة تخصيص مستشفى الملك عبد العزيز إضافة لمستشفى النور للوباء، في مكة 50 عنصرا من الطاقم الطبي مصابون، سلسلة من المباني والفنادق في كافة المدن للحجر، العدد الكلي عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف، أجهزة الفحص قليلة ولا تزال أجهزة قديمة تعطي النتيجة بعد أيام رغم توفر أدوات الفحص على شكل علبة تعطي النتيجة خلال دقائق، ابن سلمان يفرض حظر التجول الكامل ولا يريد أن يعترف بالرقم الحقيقي".
ربما كشف "مجتهد" جانبا صغيرا جدا من الحقيقة، فمع سياسة التكتم الواسعة، والقمع المستشري في المملكة فإنّ الحصول على المعلومات الحقيقية يعد من المستحيلات، وهنا ينبغي لنا أن نتساءل، لماذا لا تتصرف السلطات السعودية بطريقة طبيعية وتعلن بكل شفافية وصراحة عما يجري شأنها شأن معظم الدول؟
هناك أربعة أسباب رئيسية:
أولا: إنّ الكشف عن حقيقة ما يجري سيستوجب منها فرض الإجراءات اللاّزمة في هذا الإطار، ومن بين الإجراءات التوقف عن العمل، أسوة بجميع الدول التي شهدت تفشي الفايروس، غير أن التوقف عن العمل يكلف السلطات السعودية ثمنا باهظا، خاصة وأنها مضطرة لسداد تكلفة العدوان على اليمن.
ثانيا: إنّ الكشف عن حقيقة ما يجري، ربما يؤدي الى فوضى اجتماعية واسعة، نتيجة القلق الذي يسود المجتمع جراء ما يحدث، ولذلك فإنّ السلطات تلجأ إلى تبسيط الأمور وتحجيمها.
ثالثا: لتبقى الأجواء السائدة في المملكة أجواء قمع واضطهاد وحالة من الطوارئ والأحكام العرفية ليتمكن ولي العهد محمد بن سلمان من ملاحقة ومطاردة خصومه ومعارضيه، تحت هذا المبرر.
رابعا: لكي لا تنكشف حقيقية مزاعم السلطات السعودية في أنها حققت انجازات باهرة وعظيمة في المجال الطبي والصحي، وهذا هو بيت القصيد، فلقد صدعت سلطات الرياض رؤوسنا من الكلام المتكرر والممل حول الإنجازات التي حققتها والمشاريع التي افتتحتها والمكاسب التي حصلت عليها، ولا يمر يوم إلاّ وتطالعنا وسائل إعلام السلطة بحفنة من الإنجازات والمشاريع.
لو كشفت السلطات السعودية عن حقيقة ما يجري ومدى تضرر البلاد من انتشار وتفشي فايروس كورونا، سيتساءل المواطن العادي، إذن، أين المزاعم والإدعاءات التي تتبجح بها السلطات كل يوم؟ إذا كانت السلطات ملأت المباني والفنادق بالمصابين بالفايروس (كما يقول مجتهد) فأين المستشفيات العملاقة التي بنتها الحكومة وتتسع لمئات المرضى؟
لاشك أن هذا التساؤل سيتبعه تساؤل آخر، من عموم المواطنين، وهو، إذا كانت كل هذه المشاريع كاذبة ومزيفة، فأين ذهبت الأموال المخصصة لها، وإذا لم تكن هناك مشاريع في الأساس فأين تذهب أموال الشعب؟
وهنا بيت القصيد والمحذور الذي تخشى السلطات أن يصل إليه كل مواطن سعودي، فعندما يبحث ويتقصى عن الموضوع سيصل إلى الحقيقة الصادمة، وهي أنّ أمواله، ينهبها الأمراء والأسرة الحاكمة، وتنفق على قتل اليمنيين وتدمير ممتلكاتهم وثرواتهم، وعلى المرتزقة والعملاء في أنحاء العالم، وعلى الجماعات الإرهابية هنا وهناك، وعلى المؤامرات التي تحيكها حكومته ضد هذه الدولة أو تلك، وعلى الذين ينشرون التكفير في المملكة وخارجها.
ساحة النقاش