إخراج قوات الاحتلال الأمريكي من العراق أمر لابد منه
<!--<!--
“رأي اليوم” مزهر جبر الساعدي* كاتب عراقي
السؤال الذي لابد منه، والذي يتمحور ويتركز في بؤرة واحدة؛ عن السبب الذي يحول دون إظهار موقف حكومي وبرلماني وما له صلة بالاثنين، وبشكل واضح وموحد لا لبس فيه ولا غموض، حول تواجد القوات الأجنبية في العراق وبالذات القوات الأمريكية بل هي المعنية وبصورة حصرية، بالجلاء عن أرض العراق، على الرغم من وجود قرار برلماني بهذا الخصوص، لكنه لم يتجاوز من حيث الفعل والإجراء، الحبر الذي كتب به، إذ لم يكن وحتى هذه اللحظة أي إجراء فعلي وواضح يطالب تلك القوات بالرحيل سواء بالشكل المباشر أو بالشكل الغير المباشر، عن طريق المنظمة الأممية أو عن طريق قنوات مجلس الأمن. بل الأمر أخذ ولم يزل يأخذ منحى مختلف كليا عن القرار البرلماني بإخراج تلك القوات من أرض الوطن لما تسببه من مشاكل جمة ولا حصر لها ومن الطبيعي وهو الأهم والأخطر والذي يتعلق بالقرار المستقل والسيادة، لأنها أي القوات الأمريكية، وبوجودها على أرض الوطن بخلاف إرادة الناس كل الناس ونعني هنا، الصوت الحقيقي لكل الشعب لو خيروا وبلا مؤثرات.. أي لو ترك للتصويت لهم وبحرية على رحيل القوات الأمريكية أو بقاءها، فحنون هنا على قناعة وبكل تأكيد؛ من أنّ الشعب سوف يطالب برحيل تلك القوات فهي وبعد قرار البرلمان، قوات احتلال في إصرارها على البقاء في أرض البلد بصرف النظر عن إرادة الناس فيه. مما يزيد الطين بلة، تصريح البنتاغون أخيرا أي قبل ساعات من كتابة هذه السطور المتواضعة؛ من أنّ الجيش الأمريكي سوف وفي الأيام القليلة القادمة، يقوم بنصب صورايخ دفاعية مضادة(الباتريوت..) لما تتعرض له هذه القوات من هجمات صاروخية، لحمايتها من تلك الهجومات. في وقت سابق من هذه السنة؛ مسئولو البنتاغون أوضحوا؛ من أنهم يتشاورون مع الجانب العراقي حول نشر تلك المنظومة. مما يثير الريبة والشك حول موقف وزارة الدفاع العراقية في الذي يخص نصب هذه المنظومة، فإذا تم نصبها وبموافقة الحكومة العراقية، فهذه الموافقة لها توصيف آخر، نتركه للقارئ.. وإذا كان خارج إرادة الحكومة العراقية أي بصرف النظر عن موافقتها من عدمها؛ فهذا الأمر يشير وبكل وضوح من أن الولايات المتحدة أو أن قوات الولايات المتحدة، قوات احتلال في السلوك والتصرف والإجراء في تجاوز واضح لإرادة (البرلمان) والشعب (والحكومة)، مما يمنح المشروعية، لقوى الشعب التصدي لها ومقاومتها بكل الوسائل المتاحة لإجبارها على الرحيل والجلاء من أرض الوطن. قبل يومين تم ضرب معسكر التاجي والذي تتواجد فيه قوات الاحتلال الأمريكي، بالصواريخ وقد نجم عن هذا الهجوم، مقتل اثنين من الجنود الأمريكيين، جندي ومتعاقد أمريكي، وآخر بريطاني، الولايات المتحدة وكرد فعل انتقامي وكما صرحوا بذلك قبل الهجوم وبعده والذي فيه، هاجمت طائرات أمريكية من نوع إف 16خمسة قواعد عسكرية عراقية ومطار مدني تحت الإنشاء..الخارجية العراقية وفي بيان لها؛ اعتبرت هذا الهجوم اعتداء أمريكي وخرق للتفاهمات بين الحكومة العراقية والأمريكية في الذي يخص محاربة الإرهاب، وأشارت من أنها أي الخارجية العراقية سوف تطرح هذا الأمر على مجلس الأمن الدولي. رئاسة الجمهورية العرقية، أدانت الهجوم على معسكر التاجي الذي تتواجد فيه القوات الأمريكية والتي استهدفها الهجوم على وجه التحديد، ولكنها وفي ذات الوقت لم تدن هجوم الطائرات الأمريكية على خمس معسكرات عراقية، رئاسة الوزراء لاذت بالصمت سواء في الذي يخص الهجوم على معسكر التاجي أو مهاجمة الطائرات الأمريكية للمعسكرات العراقية. والآن لنناقش الأمر بهدوء في الذي يخص التواجد العسكري الأمريكي في العراق، وهل هو لمصلحة البلد أو هو بالضد من تلك المصلحة سواء في الوقت الحاضر أو مستقبلا، وهل أنّ هذا الوجود العسكري الأمريكي يفيد بعض الجهات العراقية ويضر بالأخرى وهنا المقصود أحزاب السلطة وليس الشعب، لأنه أي الشعب وتحت مختلف الظروف والأحوال ومهما تباينت وتقاطعت الأفكار والرؤى والآراء والمرجعيات والتوجهات، فأنه يرفض قطعا تواجد قوات لدولة عظمى على أرض وطنه، لأنه وببساطة يدرك تمام الإدراك بأن هذا الوجود هو وجود احتلاليا، وباختصار واختصار شديد؛ نكتب الإجابة على تلك الأسئلة بالقدر الذي تسمح لنا فيه قدرتنا وإمكانياتنا في التحليل، على شكل نقاط مكثفة ومختصرة بأشد ما يكون عليه الاختصار:
أولا؛ انعدام الثقة بين الأحزاب التي تقود البرلمان والحكومة والعمل السياسي، والخوف الذي عشش في الأنفس والأذهان من الآخر إن تم إفراغ الساحة العسكرية وما سواها له، وهذا هو ما شكل ولم يزل يشكل الدافع الأقوى للدفاع عن تواجد قوات الاحتلال الأمريكي على أرض الوطن؛ وهذا التوجه في تقدير كاتب هذه السطور المتواضعة، هو الطامة الكبرى والتي سوف تشكل القشة التي لاحقا تقصم ظهر العراق وشعبه بما في ذلك تلك القوى التي تدافع عن هذا التواجد والذي صار بعد قرار البرلمان، وجودا احتلاليا وغير شرعي بالمطلق من جهة القانون الدولي، وبؤرة للفتن والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد بما يتيح لها أي أمريكا، هذا الفارق بين قوى الحكومة وما أنتجها، في الرؤى والتوجهات والإجراءات التي تنتجها تلك الرؤى والتوجهات. وهنا يكون وكمحصلة لهذا الخلاف والاختلاف، المستفيد الوحيد هو دولة الاحتلال..
ثانيا؛ وهذا يقع في الوصف والتصنيف في أقسى درجات الأهمية والخطورة من حيث المنطلق والنتيجة؛ أن تفارق تلك القوى ليس لأنها تمثل تمثيلا حقيقيا لإرادة الناس كل الناس في البلد بل لأنها تمثل أو لها ما يربطها بالقوى الإقليمية، شرقا وغربا وعلى ضفاف وسواحل الخليج العربي، مما أدى ويؤدي الآن ومستقبلا وبصورة حتمية لما جاء وورد في أولا..
ثالثا؛ أنّ الولايات المتحدة الأمريكية بفعل ما يتوافر لها من إمكانيات واسعة في التأثير على دول بعينها أو بالشكل الأدق والأصح لجهة الفعل والوجود في الفعل والإجراء والإعلام، بأيكال تلك المهام لدول بذاتها، للإنابة عنها في الذي جاء في ثانيا.. ومن الطبيعي، إضافة إلى قدراتها المعروفة…
رابعا؛ إن احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، لم يكن قد حدث بطريق الصدفة أو بعبارة أكثر تمثيلا للواقع المعيش؛ لم يكن كرد فعل لسياسة النظام السابق وخطيئته بل جاء كحلقة، ضمن مخطط استراتيجي، هي الأكثر أهمية فيه بل هي الحلقة الرابطة للحلقات الأخرى والتي من دونها لا تنتظم تلك الحلقات…عليه، فإن الاحتلال الأمريكي للعراق، هو مخطط استراتجيي، يرتبط عضويا بما يجري الآن وفي المستقبل، في المنطقة العربية، لناحية إعادة صياغة المنطقة العربية…
خامسا؛ دول الخليج العربي وهي دول يحكمها نظام ثيو-قراطي ومشايخي وقبلي، على الرغم من مسحات التجميل للوجوه القبيحة التي تمثله؛ هذه الأنظمة منغمسة في المشروع الأمريكي في المنطقة العربية حتى فروة رؤوسها التي تعشش فيها، جميع صنوف وأشكال الغدر والتخلف والذي، على الرغم من هذا التخلف في الرؤى والمرجعيات، فهي، يتوفر لديها، إمكانيات كبيرة جدا في المال والإعلام وشراء الذمم للشخوص والأحزاب التي تكونت بسرعة وصارت أحزابا، وبتخطيط وبرامج محكمة، يدخل في صلبها، الموجه الأمريكي والإسرائيلي..
في الختام؛ أنّ مطلب إخراج القوات الأمريكية، مطلب لابد منه، كي يستقيم الحال في العراق. وهنا يجب أن لا يغيب عن بالنا أو عن تفكيرنا بالاستناد إلى ما أوردناه في رابعا؛ فإنّ إخراج تلك القوات المحتلة ليس بالأمر الهيّن بل هو أمر فيه الكثير والكثير جدا من الصعوبة والتضحيات التي لابد منها كي يكون هناك أو تكون هنا، على أرض الرافدين، أرض سومر وبابل وأشور، قرار وطني مستقل وسيادة غير مجروحة..
ساحة النقاش