أردوغان يتوسّل تل أبيب.. تهديد روسي بإسقاط مقاتلات إسرائيلية
الجمعة ١٤ شباط ٢٠٢٠ 05:52 ماجدة الحاج - مقالات مختارة
هي مرحلة انعطاف استراتيجيّة.. رزمة المفاجآت المدوّية التي فجّرتها العمليّات العسكرية السورية بمعيّة حلفائها ودعم روسيّ لافت منذ انطلاقها على جبهتَي إدلب وحلب، بدءا بتحرير معرّة النعمان، مرورا بسراقب وتلّة العيس، وصولا إلى الراشدين 4 وخان العسل، قبل رفع العلم السوري على طريق حلب-دمشق وتحرير عشرات القرى والبلدات بفترة زمنيّة قياسيّة.. لم تشكّل صدمة غير متوقعة لدى النظام التركي وحسب، بل "للأصيل" الأميركي الذي يخوض المعارك بالوكالة أملا بضرب روسيا ونفوذها في سورية، ومنها في المنطقة.. بات واضحا أنّ تركيا رمت بكلّ ثقلها العسكري في مسرح العمليات، في وقت تؤكّد مصادر روسيّة أنّ التنسيق على أعلى مستوياته، جار على قدم وساق بين واشنطن-أنقرة وتل أبيب، بهدف انتزاع "نصر مبين" على روسيا في "المنازلة" الدائرة على جبهات إدلب، وقد جُيّر للذراع "الإسرائيلي" دورا هاما مرتقبا فيها، فيما لو جنحت المواجهة بين الجيشين السوري والتركي إلى نقطة اللاعودة، وسط معطيات عسكرية لفتت إلى كمّ من المفاجآت الميدانيّة الإدلبية ستحملها تطورات القادم من الأيام، قد يخرقها حدثٌ جوي خطير بين موسكو وتل أبيب- وفق ما كشفت المصادر! لم يتوقع الرئيس التركي أن تُمنى قواته التي دفع بها إلى مسرح العمليّات للمشاركة المباشرة في مواجهة الجيش السوري بهذا الكمّ من الضربات، وان يؤول مصير نقاط المراقبة التركية إلى أن تكون محاصرة من قبل القوات السوريّة وبمرمى نيرانها بشكل مباشر.. فرغم توعّده لدمشق غداة "المقتلة" الأولى لثمانية جنود أتراك، وإمهالها حتى نهاية الشهر الجاري لسحب قواتها إلى خلف نقاط المراقبة التركية، مهدّدا بشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق ردّا على أي "عدوان" مماثل على قواته، إلاّ أنّ الجيش السوري قابل تهديداته بتسديد "مقتلة" ثانية لقواته ضمّت 6 جنود آخرين، لتصبح الحصيلة 14 قتيلا في أسبوع واحد..هذا قبل إحصاء قتلى الأرتال التركية التي قصفها الجيش السوري، والذي يتكتّم عليه الإعلام التركي حتى اللحظة، سيّما أنّ أحد تلك الأرتال كان يضمّ دبابات حديثة وشاحنات معبّئة بالذخائر، احترق بالكامل بمن فيه.
بحسب ما كشفت معلومات ميدانيّة-من خلال متابعة وصول القتلى والجرحى من الجنود الأتراك إلى المشافي التركية، فإنّ الحصيلة وصلت إلى عتبة 44 قتيلا بإضافة 7 كانوا في الرتل الذي تمّ قصفه، و9 آخرين من القوات الخاصة كانوا في عداد المجاميع المسلّحة التي كانت تجهّز لشنّ هجوم عنيف على مواقع للجيش السوري غرب معرّة النعمان، قبل أن يباغتهم الطيران السوري- الروسي ويُفضي إلى "مقتلة" كبيرة في صفوف المهاجمين وصلت إلى 60 قتيلا، أُضيف إليهم وفاة عدد من الجرحى أصيبوا بجراح بالغة لم يُحدّد عددهم!
وبعد.. ماذا لو تطوّرت المواجهة بين الجيشين السوري والتركي إلى أبعد من ذلك؟ هل يحتمل الرئيس أردوغان سقوط المزيد من القتلى في صفوف جنوده وضباطه في "مصيدة" إدلب التي تمّ جرّه إليها؟ هو سارع إلى الاستنجاد بالناتو لمؤازرته ضدّ "الغريم" الروسي في سورية.
وعوّل على دعم واشنطن التي أوفدت إليه موفدها إلى سورية جيمس جيفري الذي اكتفى بالقول إنّ بلاده تدعم تركيا العضو في الناتو، عشيّة اجتماع عقده الحلف أمس الأربعاء في بروكسل، هرول خلاله وزير الدفاع التركي خلف نظيره الأميركي ووزراء دفاع الناتو متوسّلا " دعما ملموسا ".. إلاّ أنّ الحلف اكتفى بدوره بالإعلان عن دعم تركيا، ولكن..هل سيهبّ الناتو فعلا إلى نجدة أردوغان والانخراط في حرب مع روسيا؟ هذه واشنطن على لسان مستشار أمنها القومي روبرت اوبرايان، ردّت سريعا على توسّل أنقرة، ب" لن نتدخّل عسكريا في إدلب".
ليبقى تل أبيب.. الأكثر ترجيحا لنجدة أنقرة!
منذ أيام، وفي ذروة العمليات العسكرية المتسارعة على جبهتَي إدلب وحلب، صدحت تهديدات "إسرائيليّة" حادّة ضدّ سورية على لسان وزير الأمن نفتالي بينيت، أعقبت العدوان "الإسرائيلي"على محيط دمشق في السادس من الجاري..
أعلن بينيت تقاسم المهام مع واشنطن حيال سورية والعراق، على أن تتكفّل "إسرائيل" بإخراج إيران من سورية، فيما تعمل واشنطن ضدّها في العراق، مشددا في كلامه على ضرورة تحويل سورية إلى "منطقة تدمير".. وهو موقف استفزازي آخر ضدّ موسكو.
كيف سيكون ردّ الأخيرة فيما لو ترجمت تل أبيب تهديداتها؟ وهل ستسمح بنسف كلّ انجازاتها التي حققتها في سورية، على يد "إسرائيل"؟
غداة العدوان "الإسرائيلي" الأخير على محيط دمشق، بدأت تسريبات في أروقة موسكو واكبها خبراء ومحللون عسكريون روس، على قرار روسي مستجدّ حيال الضربات "الإسرائيلية" شبه المتكررة على المواقع العسكرية السوريّة بذريعة استهداف مواقع إيرانية، سيّما بعدما كادت الضربات الأخيرة أن تتسبّب بكارثة عبر إسقاط طائرة ركاب مدنيّة للإفلات من نيران الدفاعات الجوية السوريّة، تماما كما حصل عندما تسببت مقاتلات إسرائيلية في إسقاط طائرة "ايل20 " روسية وأفضت حينها إلى مصرع 15 ضابطا وجنديا روسيّا..
وفي حين وصف السفير الروسي لدى دمشق الهجمات "الإسرائيليّة" الأخيرة على محيط دمشق ب" الاستفزازية وبالغة الخطورة"، قال الخبير العسكري الروسي ورئيس تحرير مجلّة الأمن القومي أيغور كوروتشينكو في مقابلة مع قناة روسيا اليوم، إنّ مزاعم "إسرائيل" استهداف مواقع إيرانية في غاراتها على سورية، هي كاذبة، والمقصود من هذه الغارات هو الدفاعات الجوّية حصرا، تكفّل نظيره والذي يشغل أيضا رئاسة قسم التكامل والتنمية الأوراسيّة فلاديمير إيفسييف في حوار مع وكالة سبوتنيك، في إيضاح صورة الموقف الروسي القادم إزاء الاستفزازات الجوّية "الإسرائيليّة" بالقول" إنّ المقاتلات الإسرائيلية التي تضرب سورية، سيتمّ إسقاطها عاجلا أم آجلا". مضيفا" "في وقت محدّد، سيتمّ إسقاط واحدة أو اثنتّين من طائرات "أف-35 " خلال غاراتها على سورية"، ليختم بالقول "إنها مسألة وقت فقط"، سائلا " ماذا سيكون مصير الطيّارين "الإسرائيليّين" حينها"؟
قد يكون هذا الأمر مستبعدا عند الكثيرين ربطا ب"المهادنة وضبط النّفس الطويل" الذي اعتمدته موسكو مرارا إزاء الاستفزازات الإسرائيلية شبه المتواصلة ضدّ سورية.. لكن.. ما معنى أن يبلّغ مسئول عسكري روسي تل أبيب مؤخرا، أنّ موسكو لن تتحفّظ في هذه المرحلة الخطيرة التي يواجهها نفوذها وكل انجازاتها في سورية، على ردّ منظومات دفاعيّة سوريّة متطورة "ستظهر للمرّة الأولى"، ردّا على غارات مقاتلاتها-وفق ما نقلت معلومات صحافية عن مصدر عسكري روسي وصفته ب"رفيع المستوى"، كاشفا أنّ المفاجآت التي سيؤول إليها ميدان إدلب في المدى المنظور، ستنسحب أيضا إلى الجوّ.
"ولربما ستغوص تل أبيب في مفاوضات عسيرة واضطرارها إلى إطلاق آلاف المعتقلين لديها، مقابل الإفراج عن طيّارَين "إسرائيليين" وقعا أسرى لدى دمشق"!- بحسب إشارته.
ساحة النقاش