سيتابع نتنياهو تنفيذ المخطط.. وضرب حزب الله بالجيش هدف من أهداف واشنطن وشن عمليات اغتيال وتفجير لاثارة الفوضى بلبنان
<!--<!--
“رأي اليوم” بسام ابو شريف* كاتب وسياسي فلسطيني
بتوتر شديد وبلهجة الديكتاتور المهيمن على الكيان واجه بنيامين نتنياهو اتهامات المدعي العام والمستشار القانوني للحكومة الصهيونية، وفي ثورة الغضب هذه قال نتنياهو ما ينبئ حول المهمة التي كلفه بها التحالف الأميركي الرجعي القيام بها،فقد قال:”سوف أقود إسرائيل للحفاظ على أمنها ” واتهم الذين وجهوا له تهمة الفساد والرشوة وسوء الائتمان بأنهم ينفذون انقلابا ضده شخصيا، وانه سيتصدى لهم وأعلن عن نيته رفع قضية ضد متهميه، وحدد بعضهم بإشارته لضباط في جهاز الشرطة.
لاشك أن ما جرى، هو بداية مرحلة جديدة من حياة الكيان الصهيوني، فهذه هي المرة الأولى التي توجه قيها اتهامات محددة(عقوبتها السجن) لرئيس وزراء وهو في موقعه كرئيس وزراء، وهنا تتشابه حالة نتنياهو من هذه الزاوية بحالة حليفه دونالد ترامب الذي وجهت له تهمة استغلال منصبه لمآرب انتخابية عبر ابتزاز أوكرانيا بربط دفع المساعدات المقرة لها بفتح تحقيق”قرره ترامب شخصيا”حول صفقات أجراها بايدن”منافسه الانتخابي”مع أوكرانيا وربط دفع المساعدات المقرة من الكونغرس لأوكرانيا بفتح التحقيق مع بايدن وحول صفقاته، فالاثنان يواجهان مشكلة سياسية لا يمكن وصفها بأقل من”غير مضمون”والمأزقان اللذان يعيش فيهما ترامب ونتنياهو يؤثران سلبا، وبشكل متصاعد على الوضع النفسي والسياسي والاجتماعي داخل المجتمع الإسرائيلي، فكلما اهتز موقع ترامب في الولايات المتحدة يشعر الإسرائيليون بأن مستقبلهم يهتز أيضا، وكذلك جمهور الليكود عندما يهتز وضع نتنياهو، ولهذا القلق الإسرائيلي حول المستقبل ارتداداته على نتنياهو ونفسيته”المعقدة منذ النشأة”وقد يدفعه لتصرفات غير محسوبة لرفع معنويات أنصاره وربما لرفع معنوياته هو أيضا ، لكن الانعكاس الأساسي لهذا الوضع على نتنياهو تركز حتى الآن على الاستمرار بتنفيذ المخطط الذي وضع بشكل مشترك بينه وبين ترامب وبعض الدول العربية لشن هجوم على محور المقاومة، وذلك بهدف التصدي لميزان القوى الذي اختل خلال العام المنصرم لصالح محور المقاومة في المنطقة كلها.
ورغم أن محور المقاومة لم ينزل الهزيمة بصفوف حلف واشنطن – تل أبيب – الرجعية العربية الحاكمة إلاّ أنه أجبر هذا التحالف على التراجع، ومنعه من تحقيق انتصارات ولو صغيرة على محور المقاومة، فما هو المخطط ؟ وكيف تسير عملية الدفع لتحقيق أهداف حلف واشنطن – تل أبيب – الرجعية العربية ؟ ومن يسوق هذا الحلف أو هو طرف من أطرافه؟
قلنا في مقال سابق أن التوجه العام، هو اللجوء لإستراتيجية جديدة لا تتخذ استخدام الجيوش طريقا للتنفيذ بل إنّ التنفيذ يتم بالأسلوب القديم الجديد وأن تكون”اللعبة”داخلية شكلا وأنها تشمل إضافة لذلك اغتيالات وعمليات قصف خاصة ومموهة، وذلك لإنهاك واستنزاف محور المقاومة، ونستطيع أن نفصل هنا لنرى أن الهدف هو خلق جو جديد وميزان جديد يتيح لترامب طرح ما لم يطرحه بعد من بنود صفقة القرن.
وهنا نستطيع أن نقرأ أهداف الخطة التي يجري تنفيذها من خلال جمل بومبيو(الذي يرتعد من احتمال طرده من وظيفته)فقد نشط بومبيو وبشكل مقطوع الجذور عما يشغل بال البيت الأبيض والرئيس ترامب في ميدان الشرق الأوسط وراح يكشف”بتوتر شديد”الأهداف المرجوة هدفا وراء هدف : –
1- إيران: بذل التحالف كل الجهود والأموال وجند عملاءه والمتساوقين معه لإثارة فوضى في إيران يمكن أن يجيرها التحالف العدو إلى ثورة شعبية ضد النظام عبر وسائل الإعلام التي يمتلكها ويتحكم بها(لكن هذه المحاولة فشلت وتقوم إيران الآن بملاحقة واشنطن ودول الذي يجربون التدخل في شؤون إيران الداخلية).
2- قصفت إسرائيل مستفيدة من أجواء الأردن والعراق أرتالا ومددا إيرانيا في منطقة باب الهوى، وأصابت مواقع للحرس الثوري وأفرادا(وحسب يديعوت أحرونوت ذهب ضحية هذا الاعتداء أكثر من عشرين عسكريا إيرانيا)ولم ترد حتى الآن إيران على هذا الاعتداء أو الاعتداءات التي نفذت ضد مواقع لها في محيط دمشق أو استغلال التدخل في”القدسية”، قرب دمشق.
طبيعي جدا أن يخرج إلى شوارع طهران متظاهرون يحتجون على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، لكن ليس طبيعيا أن يحاول البعض استخدام هذا الاحتجاج لإلحاق الدمار والحرق بمؤسسات هي ملك للشعب، فالاحتجاج الشعبي سببه الحصار الأميركي وعدم وفاء أوروبا بالتزاماتها، وهذا يجعل السخط الشعبي موجها لواشنطن وحلفائها المتسببين بالأزمة والوضع المعيشي الصعب، والذي أجبر الدولة لرفع سعر المحروقات كي تساعد العائلات ذات الدخل المنخفض.
سوريا: كلفت إسرائيل باستخدام أحدث ما تملكه إسرائيل من طائرات وصواريخ لتجاوز الدفاعات الجوية السورية، وضرب أهداف سورية وإيرانية ومحور المقاومة على الأرض السورية، وذلك بعد إتمام نشر القوات الأميركية في حقول النفط والغاز، وتمكين مئات من عناصر داعش من الهرب إلى داخل سوريا مستخدمين مخازن أسلحة سرية وخزانات أموال وزعت في المناطق الصحراوية، وقامت بتشجيع النصرة وغيرها من التنظيمات العميلة للعودة إلى عمليات القصف للمواقع المدنية في مدن الشمال”حلب وغيرها”، بطبيعة الحال تستغل واشنطن وإسرائيل أوسع استغلال الفوضى في شمال سوريا والذي يمكن مواجهته باتفاق يؤسس لضوابط وحدود، ويلوح هذه الأيام الرئيس التركي أردوغان بتجديد العملية العسكرية بسبب عدم انسحاب المسلحين الأكراد، فيأتي هذا بعد زيارته لواشنطن والإعلان عن”اتفاق الطرفين”، ونلاحظ أن إعلان أردوغان هذا لم يكن مصدر تعليق من واشنطن بل علقت موسكو بالقول”انه لن يكون هنالك عملية عسكرية جديدة”، وقامت موسكو بخطوة غير مسبوقة بإقامة قاعدة جوية في القامشلي لطائرات هيليكوبتر ومنظومة دفاع جوية بهدف واضح، هو مرافقة القوات السورية التي تنتشر شمال شرق سوريا، لكن هذا لا يعني أن الميدان السوري وكل من هو على الأرض السورية ”باستثناء روسيا وتركيا”، هو عرضة للعمليات الإسرائيلية !!
العراق: الخطط في العراق تختلف ودور إسرائيل يختلف، فما خطط للعراق هو فتنة مدمرة وتقسيم لأراضي العراق واستخدام للعشائر والبرزاني والهيمنة الأميركية الإسرائيلية الكاملة وكل هذا في ظل حملة إعلامية واسعة تصور التحرك الشعبي وكأنه تحرك ضد إيران ونفوذ إيران في العراق، لكن الأمور بدأت تتكشف وستكشف التحقيقات المخطط الذي تموّله دول خليجية والسعودية، وذلك لتقسيم العراق وعن اتفاق مع أردوغان وعن أن واشنطن ستوقع عقودا مع شركات أميركية لاستخراج النفط والغاز وتسويقه لدفع موازنة قسد وسد ما تكلفته واشنطن في عملها بحماية قسد ومحاربة داعش !!
لكن قريحة بومبيو كانت متدفقة عندما يأتي الحديث عن لبنان وفلسطين، وهذا يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأن إشغال إيران وسوريا، هو بهدف التمويه عن مركزية الخطة المعدة لضرب حزب الله في لبنان وضم الضفة الغربية وبدء عمليات تهجير الفلسطينيين بالقوة في الضفة الغربية والأغوار.
تدخلات واشنطن في لبنان : –
لن ندخل هنا في المعلومات ذات الطابع الاستخباري،وسنترك ذلك للتحقيقات التي تجري حولها، لكن سنأخذ ما يقوله بومبيو انه تدخل واضح في شؤون لبنان وهو توجيه من خلال البنك الدولي وبشكل مباشر حول تشكيل الحكومة ومعاداة حزب الله، والإصرار على عدم إشراك حزب الله في الحكومة تمهيدا لمخطط الإرهاب ضد حزب الله، يدل كلام بومبيو على استعجال مخطط لبنان حتى يتم الشروع في خطة الإرهاب”اغتيالات – تفجيرات”، وذلك للوصول إلى نقطة هامة وحساسة في المخطط ، وهي ” شق الجيش وتحويله ضد حزب الله “
ونرى أن من أهم واجبات الرئيس عون، هو مراقبة الاتصالات التي أجراها ويجريها أميركيون مع بعض ضباط الجيش، وتحت عنوان”المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني”، فهي تتحول تدريجيا إلى مطبخ لخلق صراع بين الجيش وحزب الله.
ولم يتوانى بومبيو عن التلميح علنا إلى ذلك بقوله”الجيش اللبناني يعلم ماذا نقدم له من مساعدات”، ومن يراقب بدقة احتفالات يوم الاستقلال يستطيع أن يرى بوضوح ما نتحدث عنه.
وعلى صعيد فلسطين: يعلم الجميع ما أثارته تصريحات بومبيو حول المستوطنات، وعدم اعتبار الولايات المتحدة تلك المستوطنات تتعارض مع القانون الدولي، وعلى نية نتنياهو وإصراره على ضم الأغوار وشمال البحر الميت لإسرائيل من طرف واشنطن وكأنها صاحبة القرار بشؤون الشعوب ودول العالم، وقد آن الأوان أن يقرر العالم تشكيل”جبهة أمم متحدة”في وجه قرارات واشنطن”ترامب”، فإذا كانت روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، ودول الاتحاد الأوروبي، ودول العالم يعتبرون قرار واشنطن حول الاستيطان غير قانوني ومخالف لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي فكيف يسمحون بتنفيذه وكيف سيتصرفون حيال ذلك ؟! لابد من تحرك سريع خاصة بعد إعلان الموقف البريطاني الرافض لموقف ترامب وخطاب رئيس الاتحاد الأوروبي الداعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية من الدعوة لمؤتمر دولي طارئ لاتخاذ قرار واضح، وعزل واشنطن وتل أبيب لأن حلفاء أميركا الآخرين لن يقفوا إلى جانب قرارها هذا، وسيكون المؤتمر الدولي منطلقا للرد على كل هذا المخطط .
المبادرة يجب أن تأتي من دول عدم الانحياز ومن أوروبا، وستلبي روسيا والصين الدعوة.
ساحة النقاش