قرارٌ سوريٌّ شُجاعٌ بقَصف صهاريج ومصافي النّفط المَسروق لمنع تهريبه إلى تركيا.. واتّهامات جريئة من قِبَل لافروف للانتهازيّة الكرديّة.. هل بَدأت المعركة الأهم لاستِعادة آبار النفط شرق الفُرات بضوءٍ أخضر روسي؟
<!--<!--
“رأي اليوم” الافتتاحية
الأزَمَة السوريّة المُستمرّة مُنذ ثماني سنوات بدأت بسبب أنبوب نفط إيراني كان من المُقرّر أن يَمُر عبر الأراضي السوريّة إلى ميناء طرطوس على البحر المُتوسّط مِثلما كشَف الرئيس السوريّ بشار الأسد في مُقابلته مع محطّة “روسيا اليوم” النّاطقة بالإنكليزيّة، ويبدو أنّها ستدخُل في مرحلةٍ جديدةٍ، وبسبب النّفط السوريّ هذه المرّة، ومُحاولات سَرِقَتِه وتهريبه.
من ضخّوا المِليارات لتدريب وتسليح المُعارضة المُسلّحة لمنع الأنبوب الإيراني عبر الأراضي السوريّة، يُريدون حاليًّا سرِقَة النّفط السوريّ من آباره في شرق الفُرات وتهريبه إلى تركيا، بالطّريقة نفسها التي كانت تستخدمها “الدولة الإسلاميّة” “داعش” عندما كانت تُسيطِر على هذه الآبار، أيّ عبر تركيا ومِنطقة كردستان العِراق، وتَحصُل على عوائد تصِل إلى 30 مليون دولار شَهريًّا.
السّلطات السوريّة اتّخذت قرارًا شُجاعًا يوم أمس بقصف مجموعة من الصّهاريج ومراكز تكرير النّفط في المناطق التي تُسيطِر عليها قوّات سورية الديمقراطيّة بعد وصول معلومات عن عمليّات تهريب عبر جرابلس وأربيل نحو الموانئ التركيّة لتسليمها لزبائن مَجهولي الهُويّة.
هذا القرار بالقصف الجويّ يُؤكّد أنّ السّلطات السوريّة لن تسمح بسَرِقَة ثرواتها النفطيّة، التي هي مُلكٌ للشّعب السوري، مهما كان الثّمن، وأيًّا كانت النّتائج، وتزامَنَ هذا القصف مع انتِقاداتٍ حادّة صدرت عن وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف واستهدفت الأكراد الذي قال إنّهم خانوا العُهود ونقَضوا الاتّفاقات بالحِوار والتّنسيق مع الدولة السوريّة بعد قرار واشنطن سَحب قوّاتها من شِمال شَرق سورية.
لافروف كان مُحِقًّا بوصفه لهذه المواقف التي تُقدِم عليها قيادة مناطق الإدارة الذاتيّة، وقوّات “قسد” ذات الأغلبيّة الكُرديّة بالانتهازيّة، ويبدو أنّ كيل حُكومته الروسيّة قد طفَح، ولم تعُد سياسة “الأكثر من وَجه” واللّعب على الحِبال التي تتبنّاها هذه الإدارة في المِلف السوريّ تحديدًا، فتارةً هي مع أمريكا عندما تكون مُتمتّعة بدعمها وحِمايتها، وتنقلب ضدّها عندما يتم سحب هذه الحِماية والإعلان عن سَحبِ قوّاتها من سورية.
قصف الطّائرات السوريّة بصهاريج النّفط ومصافيه يعكِس إصرارًا سوريًّا، مُباشِرًا كان أو غير مُباشر، على حِماية الثّروات السوريّة كامِلةً، والبداية بمنع تهريبها ووصولها إلى الزّبائن المُتواطِئين ومن بينهم إسرائيليّون، ومن غير المُستغرب أن تكون المرحلة المُقبلة إشعال فتيل حرب عِصابات ضِد القوّات الأمريكيّة المُحتلّة للآبار النفطيّة والغازيّة على غِرار نظيرتها التي أرغَمت أمريكا على سحبِ قوّاتها من العِراق.
هذا النّفط هو مُلكُ سورية الدّولة والشّعب السوريّ بكُل ألوان طيفِه الدينيّ والعِرقيّ، ولا يحِق، بل لا يجِب، أن تستولي عليه، وتسرِقه، وتُهرّبه، قوّات سورية الديمقراطيّة بدَعمٍ أمريكيّ إسرائيليّ.
هذه القوّات وقِيادتها تلعب بالنّار، وستحرق ليس أصابعها، وإنّما كُل داعِميها من الأكراد، وهُم أقليّة بين قوميّتهم على أيّ حال، ولا حَل إلا بالعودة إلى حُضن الدولة السوريّة الأُم حسب التّفاهمات التي جَرى التوصّل إليها برعايةٍ روسيّةٍ.
ساحة النقاش