الإعلام العبريّ ينتقِد بشدّةٍ وصف تصفية أبو العطا بالنجاح وهو الذي شلّ دولةً كامِلةً ومئات الصواريخ سقطت على إسرائيل وتلميحات لإقامة لجنة تحقيقٍ حول العلاقة بين السياسة والأمن
<!--<!--
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
بدأ الإعلام العبريّ، الذي يعكِس بطبيعة الحال الرأي العّام في دولة الاحتلال الإسرائيلي، بدأ بطرح التساؤلات حول اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا وانعكاسات وتداعيات هذه العمليّة الإجراميّة على إسرائيل، فقد قالت المُستشرِقة شيمريت مئير في صحيفة (يديعوت أحرونوت) أنّ شيئًا ما قد حدث للتناسبيّة في الدولة العبريّة: كيف يُمكِن اعتبار تصفية قائد الكتيبة في (الجهاد الإسلاميّ) إنجازًا، في الوقت الذي سبب في شلّ نصف الكيان شللاً كاملاً، مُضيفةً في الوقت عينه أنّه من المسموح إثارة الشكّ في الحاجة التي دفعت صُنّاع القرار من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ لإدخال دولةٍ كاملةٍ إلى حالةٍ من الطوارئ و”استيعاب” مئات الصواريخ، من أجل إخراج شخصًا ما من الصورة، على حدّ وصفها.
في السياق عينه، قال المُحلِّل المُخضرم، أمنون أبراموفيتش، من القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ، قال إنّ حركة (الجهاد الإسلاميّ) هي تنظيم صغير، وعلى الرغم من ذلك استطاع شلّ دولة إسرائيل كليًّا، وبالتالي يُطرَح السؤال: ماذا سيجري لنا، لو لا سمح الله، اندلعت الحرب مع إيران وحزب الله وحماس؟ وتابع قائلاً إنّه سيأتي اليوم الذي ستُشكَّل فيه لجنة تحقيقٍ لفحص العلاقة بين الخطوات السياسيّة وبين انعدام الأمن والآمان، على حدّ قوله.
أمّا مُراسِل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، يوسي يهوشواع، فقد نقل عن مصادره الخاصّة والرفيعة في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة قولها أنّ الجيش منح حركة (الجهاد الإسلاميّ) قوّةً كبيرةً أكبر بكثير ممّا هي عليها قوّتها، لافِتًا إلى أنّ مُواصلة الجيش قصف مواقع تابعة للحركة يُحفِّز الحركة على مُواصلة الحرب، لأنّها لم تتمكّن حتى اللحظة من الانتقام لمقتل قائدها أبو العطا كما أرادت، على حدّ قول المصادر.
إلى ذلك، اعتبر مُحلِّل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، المُستشرِق د. تسفي بارئيل، اعتبر أنّ قائد اللواء الشماليّ للجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، هو البطل الإسرائيليّ الجديد الذي اقتحم خلال مرّةٍ واحدةٍ الوعي، ليس بفضل أفعاله وعملياته ونضاله ضدّ قيادة الجهاد الإسلامي، بل بفضل صفارّات الإنذار التي أزعجت نوم سكان تل أبيب وسكان غلاف غزة وأسدود وعسقلان ويفنه، وأيضًا بسبب يوم العطلة من العمل الذي منحه بموته لمئات آلاف المواطنين الإسرائيليين، على حدّ تعبيره.
وتابع بارئيل قائلاً إنّه من الأفضل ألّا نصرخ فرحًا، لافتًا إلى أنّ المتحدث بلسان الجيش الإسرائيليّ وعد المواطنين المذعورين بأنّ الكيان لن يعود إلى سياسة التصفيات، مُضيفًا أنّه مُحِّق، لا لغياب مَنْ يستحِّق ذلك، بل لغياب السياسة، فثمة ارتجال ومحاسبات سياسيّة، وفي الأساس من المُهّم الإظهار للجمهور الإسرائيليّ بأنّ هناك سيدًا للبيت لا يتحمّل عدم الأهلية حتى لو كان غارقًا في مستنقعٍ قضائيٍّ شنيعٍ، كما قال.
وشدّدّ المُستشرِق الإسرائيليّ على أنّ الحديث يجري عن احتفالٍ لمرّةٍ واحِدةٍ، نوع من احتفال نقل السلطة من وزير الأمن السابق بنيامين نتنياهو إلى وزير الأمن الجديد نفتالي بينيت، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه في أيلول (سبتمبر) الماضي كتب بينيت في صفحته في (فيسبوك) بأنّ “حماس توقّفت عن الخوف من إسرائيل. أمن إسرائيل سيُعاد عن طريق رؤساء حماس الذين يتّم تصفيتهم وليس عن طريق المؤامرات الصحافية، مُوضحًا أنّ هذه الأقوال البليغة جاءت بعد إطلاق الصواريخ على أسدود التي جعلت نتنياهو يهرب عن المنصة، ولافِتًا إلى أنّه الآن يُمكِن لبينيت، الذي لم يشارك في احتفال توزيع الميداليات الذي عقده نتنياهو، الاستهزاء من تعهد أفيغدور ليبرمان الفارغ، بتصفية إسماعيل هنية خلال 48 ساعة، إذْ أنّ الهدف أنْجِز.
وتابع المُستشرِق أنّ التصفيات المُمركزة ليست اختراعًا جديدًا، وأنّه عندما كانت “سياسة” أدّت إلى قتل الكثير من رؤساء حماس مثل الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وستين قائدًا آخرين ونشطاء في حماس والجهاد الإسلاميّ، الذين تمّت “تصفيتهم” على مدار العقدين الأخيرين، وهؤلاء لا يشملون رجال حزب الله وعلماء إيرانيين الذين لم تقلص تصفيتهم الاستعراضيّة التهديد الأمنيّ الكبير على إسرائيل، كما أكّد.
من ناحيته، تساءل الكاتب الإسرائيليّ التقدّمي، غدعون ليفي، اليوم الخميس في صحيفة (هآرتس)، تساءل عن الربح والخسارة من عملية اغتيال أبو العطا وقال: “ماذا جنينا وماذا ربحنا؟”، بالإضافة إلى ذلك، انتقد بشدّةٍ الإجماع الصهيونيّ حول العملية، مُضيفًا أنّ ما يقوم فيه الاحتلال بقطاع غزّة يزيد الكراهية للإسرائيليين، إذْ أنّ الحديث يدور عن خمسة أجيالٍ من الفلسطينيين، الذين يئنّون تحت نير الاحتلال، على حدّ قوله.
ساحة النقاش