في ذكرى وعد بلفور هل ستفيق أمة العرب؟
<!--<!--
“رأي اليوم” أ. محمد حسن أحمد
يعد وعد بلفور مقدمة لحدوث نكبة الشعب الفلسطيني وإحداث الجرح النازف في قلب الأمة العربية والإسلامية، والذي بدأت إرهاصاته منذ نوفمبر1917م وصولاً إلى العام 1948 م، ففي العام 1947م أنهت بريطانيا ولايتها على فلسطين وفوضت الأمم المتحدة بأمرها، وكان ذلك بعد أن دربت بريطانيا جيشاً صهيونياً كبيراً مزوداً بأحدث الأسلحة، ودربته بشتى الوسائل العسكرية، فأسس الصهاينة الوكالة اليهودية وبدأ التطهير العرقي وترحيل الفلسطينيين في عام 1948م، وقد تصدى أبناء الشعب الفلسطيني للهجرة اليهودية وعارضوا وعد بلفور بشكل كامل وقوى، وأدي ذلك إلى ردود أفعال مختلفة منها انتفاضة موسم النبي موسى، أولى ردود الفعل الشعبية على ذلك، والتي قامت في عام 1920م وأسفرت عن استشهاد أربعة فلسطينيين ومقتل خمسة من اليهود المهاجرين إلى فلسطين، وعقد المؤتمر الفلسطيني الثالث في العام 1920م في مدينة حيفا، والذي انتقد الحكومة البريطانية جراء منحها اليهود حق الإقامة في فلسطين، وقد رفض المؤتمر إعلان وعد بلفور رفضاً قاطعاً واعتبره انتهاكاً لمختلف الحقوق الدولية وحقوق الفلسطينيين ، وأمام العقلية الإجرامية لبريطانيا وحلفائها انتفض الشعب الفلسطيني في وجه الغزاة البريطانيين، فتوالت الثورات الرافضة للاحتلال البريطاني وتواطؤه في تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
وما زال شعبنا بعد النكبة، وما بعد نكسة 1967 م، وما بعد الاجتياح الصهيوني للبنان 1982، وما بعد انتفاضة 1987، وانتفاضة هبّة النفق 1996، وانتفاضة 2000 وجرائم الاحتلال الصهيوني في جنين 2002، والعدوان على قطاع غزة في الأعوام 2008 ، 2012 و2014 ، والحصار المفروض على أبناء شعبنا حتى يومنا هذا في ظل جرائم متواصلة وحرب مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني، وحرمانه من أبسط الحقوق السياسية والإنسانية بدعم من الإدارة الأمريكية وحلفائها وبريطانيا صاحبة اليد الأولى الملطخة بدماء شعبنا، وبالاعتداء على حقوقه ومقدراته ، حيث تستكمل الإدارة الأمريكية الحرب وتواصل الجرائم التي بدأتها بريطانيا للنيل مما تبقى من حقوق وطنية لشعبنا.
إذن حلقات الجرائم والإرهاب مستمرة في دعمٍ سافرٍ للصهيونية؛ لإحكام السيطرة على مقدرات الأمة العربية والإسلامية وقلبها النابض فلسطين ، التي هي الخندق الأمامي للذود عن الأمة، وهي جدار الأمة ، ولنرى ماذا يحدث في دول الربيع العربي لنستحضر ما نشر غلى مواقع التواصل الاجتماعي عن محاضرة ألقاها البروفيسور ماكس مانو أرينج خبير الإستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية ، حيث استهل محاضرته بأن أسلوب الحروب التقليدية صار قديمًا ، والجديد هو الجيل الرابع من الحروب، وقال حرفيًا:” ليس الهدف تحطيم المؤسسة العسكرية لإحدى الأمم، أو تدمير قدرتها العسكرية، بل الهدف هو:
الإنهاك والتآكل البطيء لكن بثبات، وهدفنا هو إرغام العدو على الرضوخ لإرادتنا، والهدف زعزعة الاستقرار بأيدي مواطنين من الدولة العدو؛ لخلق الدولة الفاشلة ليستيقظ عدوك ميتًا”، هذا ما قاله الخبير وضابط المخابرات الأمريكي أمام كبار ضباط الناتو والجيش الصهيوني، والتآكل البطيء يعني خراب المدن وشل قدرة البلد العدو على تلبية احتياجاته الأساسية، وتحويل الناس إلى قطعان متناحرة وهائمة ، وفقدان الثقة فيما بينهم، إن استراتيجية الإنهاك تعني نقل الحرب من جبهة إلى أخرى، واستنزاف كل قدرات الدولة على مراحل متباعدة.
ونحن في الذكرى المائة واثنين لوعد بلفور المشئوم، ومنذ الحروب التقليدية إلى واقعنا الحالي في ظل الجيل الرابع من الحروب ، هل استفادت أمة العرب من أخطائها وإخفاقاتها ؟، وهل ستدرك قبل فوات الأوان أن فلسطين قلعة الصمود المتروكة عربيًا هي ضمانة أمن العرب واستقرار بلدانهم ؟ فالحروب الاستعمارية لم تتوقف ورأس حربتها كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي تهرول دول عربية للتطبيع معه متجاوزة فلسطين بما تعني من صمام أمان لهم، وتنسى أمة العرب ولم تر بعين ثاقبة، أن علم كيان الاحتلال الذي يرفرف في بلدانها، أن حدود الكيان دول أمة العرب التي تتوسطها نجمة داوود.
ساحة النقاش