بن سلمان في موقف حرج.. من هو بديله المحتمل ؟!
<!--<!--
الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠١٩ - ٠٩:٥٤ بتوقيت غرينتش
بعد الفضائح السياسية التي ارتكبها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اليمن وقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، تتزايد حالة الاستياء منه في الأسرة الحاكمة، فيما أشار تقرير لوكالة رويترز للأنباء إلى أنّ السعوديين بدؤوا يفقدون الثقة بقيادة بن سلمان في حماية السعودية خاصة بعدة هجوم أرامكو. وقالت وسائل إعلام دولية أنّ الاستياء داخل الأسرة الحاكمة في السعودية، تجاه بن سلمان، تنامي بعد هجمات حركة أنصار الله اليمنية ضد منشآت أرامكو النفطية والتي توقف خلالها نصف إنتاج المملكة من النفط.
وفي هذا المجال نقلت "رويترز" عن دبلوماسي أجنبي كبير، وخمسة مصادر تربطها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال، بعدما طلبوا جميعا عدم نشر أسمائهم، أنّ هذا الأمر أثار قلقا وسط عدد من الفروع البارزة لعائلة آل سعود ذات النفوذ القوي، والتي يبلغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف، بشأن قدرة ولي العهد على الدفاع عن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وقيادتها. وقالت المصادر أنّ الهجوم أثار سخطا وسط بعض الذين يعتقدون في دوائر النخبة أن ولي العهد سعى لتشديد قبضته على السلطة. وقال بعض هؤلاء الأشخاص أنّ الهجوم أثار انتقادات بين أولئك الذين يعتقدون أنه اتخذ موقفا عدوانيا مبالغا فيه تجاه إيران.
وقال أحد المصادر، وهو أحد أفراد النخبة السعودية الذي تربطه صلات بالعائلة المالكة، "ثمة حالة استياء شديد" من قيادة ولي العهد. "كيف لم يتمكنوا من رصد الهجوم؟". وأضاف هذا الشخص أن بعض الأشخاص في أوساط النخبة يقولون أنهم "لا يثقون" في ولي العهد، الأمر الذي أكدته المصادر الأربعة الأخرى والدبلوماسي الكبير.
وقال ولي العهد، خلال مقابلة تلفزيونية بثتها محطة (سي.بي.إس) التلفزيونية الأمريكية يوم الأحد، أنّ الدفاع عن السعودية أمر صعب نظرا لحجم المملكة الكبير ونطاق التهديدات التي تواجهها. وقال "من الصعب تغطية كل هذا بالكامل". ودعا أيضا إلى اتخاذ إجراء عالمي "قوي وصارم" لردع إيران، لكنه قال إنه يفضل "الحل السلمي" على الحل العسكري.
الاستقرار السياسي على المحك في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويخلف ولي العهد رسميا والده الملك سلمان، البالغ من العمر 83 عاما. والأمير محمد هو أيضا الحاكم الفعلي للمملكة وقد تعهد بتحويلها إلى دولة حديثة. وقال نيل كويليام الباحث لدى مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن حول الهجمات على أرامكو "لا يغيب عن السكان حجم هذه الهجمات ولا حقيقة أن (ولي العهد) هو وزير الدفاع وشقيقه هو نائب وزير الدفاع، ومع ذلك يمكن القول أنّ البلاد تعرضت لأكبر هجوم على الإطلاق". وأضاف كويليام، وهو خبير في شؤون السعودية والخليج الفارسي، "هناك تقلص في الثقة في قدرته على تأمين البلاد، وهذا نتيجة لسياساته"، مشيرا إلى أن الأمير محمد بن سلمان يشرف على السياسة الخارجية والأمنية والدفاعية. وأجج الهجوم مشاعر استياء بدأت منذ تولي ولي العهد منصبه قبل عامين، إذ نحى منافسيه على العرش واعتقل المئات من أبرز الشخصيات في المملكة بسبب مزاعم فساد.
وتضررت سمعة الأمير محمد بن سلمان في الخارج بسبب حرب مكلفة على الشعب اليمني. وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف وأدت إلى أزمة إنسانية. كما تعرض الأمير محمد لانتقادات دولية بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل عام في قنصلية المملكة في إسطنبول. وقالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أنّ ولي العهد أمر بقتله. ويقول بعض المنتقدين السعوديين أنّ السياسة الخارجية العدائية التي ينتهجها الأمير محمد تجاه إيران وتورطه في حرب اليمن عرضا المملكة للهجوم، وفقا لأربعة من المصادر التي لها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال. وعبروا أيضاً عن شعورهم بالإحباط لأن ولي العهد لم يتمكن من منع الهجمات على الرغم من إنفاق مئات مليارات الدولارات على الدفاع، وفقا للمصادر الخمسة وأحد كبار الدبلوماسيين. ويقول بعض أفراد النخبة السعودية أنّ جهود ولي العهد لإحكام قبضته أضرت بالمملكة. وقال أحد المصادر المقربة من الدوائر الحكومية أنّ الأمير محمد جاء بمسئولين أقل خبرة من السابق بشكل عام. وأزاح الأمير محمد بن سلمان الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد ووزارة الداخلية قبل عامين. وكان لولي العهد السابق خبرة لنحو 20 عاما في المناصب العليا بالوزارة، التي كانت مسئولة عن الشرطة المحلية والاستخبارات. وعين الأمير محمد بن سلمان ابن عمه البالغ من العمر 33 عاما بدلا منه، بعدما جعل القطاعات الرئيسية للمخابرات ومكافحة الإرهاب ضمن اختصاص الديوان الملكي.
كما أطاح ولي العهد بالأمير متعب بن عبد الله، الذي كان يشرف على قيادة الحرس الوطني ويتولى قيادته فعليا منذ عام 1996. وفي نهاية المطاف حل محله في أواخر العام الماضي الأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز وكان عمره آنذاك 32 عاما وكان نائب أمير منطقة مكة لمدة تقل عن عامين وقبل ذلك كان يعمل في الأعمال التجارية الخاصة. ويقول مطلعون سعوديون ودبلوماسيون غربيون أنّ الأسرة لن تعارض على الأرجح الأمير محمد بن سلمان خلال وجود الملك على قيد الحياة، وأقروا بأنه من غير المحتمل أن ينقلب الملك على ابنه الأثير. ونقل الملك معظم مسؤوليات الحكم لابنه، لكنه لا يزال يترأس اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية ويستقبل كبار الشخصيات الأجنبية. ويقول المطلعون والدبلوماسيون أنّه بصرف النظر عما سيحدث في المستقبل بعد الملك، فإن تحدي سلطة الأمير محمد قد يكون صعبا في ظل قبضته المُحكمة على هيكل الأمن الداخلي.
وينظر بعض الأمراء إلى الأمير أحمد بن عبد العزيز، البالغ من العمر 77 عاما، وهو الأخ الشقيق المتبقي الوحيد على قيد الحياة للملك سلمان، كبديل ممكن يحظى بدعم أفراد الأسرة والجهاز الأمني وبعض القوى الغربية، على حد قول اثنين من المصادر الخمسة التي تربطها علاقات بالنخبة السعودية. وقال أحد رجال الأعمال الكبار "ينظرون جميعا إلى (الأمير) أحمد ليروا ما سيفعل. لا تزال العائلة تعتقد أنه الوحيد الذي يستطيع الحفاظ عليها". ولا يوجد دليل على أن الأمير أحمد مستعد للقيام بهذا الدور، وفقا لمراقبين سعوديين. ولا يضطلع الأمير أحمد بدور رسمي، وظل بعيدا عن الأنظار إلى حد كبير منذ عودته إلى الرياض في أكتوبر تشرين الأول عام 2018 بعد أن أمضى شهرين ونصف الشهر في الخارج. وخلال الرحلة، بدا أنه ينتقد القيادة السعودية بينما كان يرد على متظاهرين خارج مقر إقامته في لندن وهم يهتفون بسقوط أسرة آل سعود. وكان الأمير أحمد واحدا من ثلاثة أشخاص فقط في هيئة البيعة، التي تضم كبار أفراد الأسرة الحاكمة، عارضوا أن يصبح الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في عام 2017، بحسب مصدرين سعوديين في ذلك الحين.
وعلى الصعيد اليمني وحول المبادرة اليمنية لوقف العدوان السعودي مقابل وقف الهجمات اليمنية على الأراضي السعودية ومنشاتها ومطاراتها ومعسكراتها أكد قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي للمبعوث الأممي مارتن غريفيث على أن المبادرة التي قدمها رئيس المجلس السياسي الأعلى تدل على حرص اليمنيين على الاستقرار والحوار السياسي الشامل، محذراً بالقول" من المهم أن يستفيد الطرف الآخر منها وذلك بالكف عن العدوان ورفع الحصار". وأشار السيد عبدالملك الحوثي، إلى "أن الخطوات الإنسانية الأخرى التي قدمتها لجنة الأسرى والمعتقلين في صنعاء مؤخرا من مبادرات متكررة بالإفراج عن مئات من الأسرى ومن طرف واحد تثبت عمليًا أننا نسعى إلى إنهاء هذه المعاناة التي نتجت بسبب العدوان". وشدد على أنه من المهم أن تُقابل هذه الخطوة بخطوات إنسانية مماثلة تؤدي إلى تحريك شامل للملف الإنساني وصولًا إلى التبادل الكامل لكل الأسرى والمعتقلين وبما يؤدي إلى إنهاء هذا الملف الإنساني. وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى اليمني مهدي المشاط وخلال لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتين غريفيث أكد تمسك اليمن بالسلام الشامل من خلال الحلول السياسية لإنهاء معاناة الشعب اليمني وقال: أردنا بالمبادرات أن نعلي صوت السلام وإذا لم يسمعوا فلدينا ضربات موجعة ستجعلهم يستمعون إليه. وأضاف الرئيس المشاط: قدمنا مبادرات عدة آخرها إعلان وقف استهداف الأراضي السعودية مقابل وقف العدوان ورفع الحصار، وقمنا بإطلاق سراح المئات من الأسرى من جانب واحد، لافتا أنّ موقف الطرف الآخر من السلام لم يتعد التصريحات التي ليس لها أي ترجمة على أرض الواقع. وقال الرئيس اليمني: حرصاً منا على السلام قمنا بتأجيل العديد من الضربات الإستراتيجية التي لا تقل عن ضربة أرامكو حجما وتأثيرا، مشيرا إلى أنّ دول العدوان عملت على تصعيد أعمال القرصنة واحتجاز السفن الغذائية والنفطية بدلاً من تقديم خطوات نحو السلام.وضاف أنّ الاستمرار في إغلاق مطار صنعاء الدولي ضاعف من معاناة الشعب اليمني، وعلى الأمم المتحدة أن تضطلع بدورها مشيرا إلى أنّ مدينة الدريهمي في الحديدة تتعرض لحصار وحشي حرم سكانها من الغذاء والدواء.
وباتت الكرة الآن في ملعب السعودية لإحلال السلام مقابل وقف العدوان على الشعب اليمني الأعزل الذي قتل وجرح وشرد الملايين منه ويعاني من حصار ظالم بحرا وجوا وبرا جراء الممارسات السعودية والإماراتية، أو تعرضها لقصف صاروخي وجوي يمني مكثف وشل منشاتها الحيوية.
ساحة النقاش