لماذا يستجدي بومبيو اللطف في ردّ حزب الله؟
<!--<!--
قاسم عزالدين*كاتب لبناني وباحث في الشؤون الدولية والإقليمية
الميادين نت = 28 آب 2019 على الساعة 19:59
بينما يترقّب العالم ردّ حزب الله على العدوان الإسرائيلي في سوريا ولبنان، يتراجع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو عن إعلانه في وقوف واشنطن مع نتانياهو في المعركة المرتقبّة. لكنه لا يسأل الله ردّ القضاء إنما يسأله اللطف فيه.
لحظة العدوان الإسرائيلي على مقرّ حزب الله في عقربا السورية وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت، لم يتبنَّ الرواية الإسرائيلية في تبرير العدوان "ضد إيران" سوى مايك بومبيو الذي تعهّد بوقوف واشنطن مع "إسرائيل" ووزير الخارجية البحريني خالد بن حمد آل خليفة بذريعة "حق الدفاع عن النفس". فالأصوات المعهودة في دفاعها عن "إسرائيل" التي تعبّر عن دعمها في الدول الغربية وفي دول خليجية، لاذت بالصمت الحذِر لكنها لم تذهب إلى ما ذهبت إليه بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية في تحميل نتانياهو مسؤولية مغامرة شديدة عواقبها.
لعلّ صمت ترامب والدول الأوروبية في قمة "بياريتس" الفرنسية للدول السبع أثناء العدوان وتهديد حزب الله بالردّ، يُنبؤ في هذا الشأن أن نتانياهو لم يكن في عدوانه على قلب رجل واحد مع ترامب والدول الغربية كما جرت العادة. وأنّه لم يتبقّ من فريق الحرب كما أسماه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سوى نتانياهو وبومبيو وبولتون، بينما يدلّ المناخ السياسي في "بياريتس" أن ترامب لا يعوّل على الحرب الأميركية ضد إيران ولا يعوّل على "إسرائيل" في استعادة دور الشرطي الأميركي الإقليمي. وهذا ما يدلّ عليه الصمت السعودي في هذه الأثناء انعكاساً لمزاج ترامب السياسي.
الفجوة الواسعة بين ما تعيشه المستوطنات الإسرائيلية من هلع وما يعيشه الأهالي على الجانب الآخر في الجنوب اللبناني من حياة الثقة بالنفس، يكشف أن "إسرائيل" لم تعد قادرة على أداء دور الشرطي الأميركي الإقليمي ولا هي قادرة على جرّ أميركا إلى حرب تؤدي إلى حرب مع إيران وفق مراهنات فريق "الباءات" الأميركي ــ الخليجي. وفي هذا الإطار ربما ينكفئ محمد بن سلمان إلى الاستعانة بترامب لحل مأزقه في اليمن بعد مناورة محمد بن زايد للنأي بالنفس عن تحالفه في العدوان على اليمن والتحريض ضد إيران.
نتيجة ما تكشف عنه قدرات إيران في معادلات الرعب مع أميركا وما تكشف عنه قدرات حزب الله ومحور المقاومة في معادلات الردع مع إسرائيل، تحاول الدول الغربية الداعمة لإسرائيل الدعوة "إلى التهدئة" بعد تهديد الأمين العام لحزب الله بالرد على العدوان الإسرائيلي. فنائب مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة جوناثان آلان لا يستطيع الدعوة إلى التهدئة من دون إدانة "الانتهاك الإسرائيلي لسيادة لبنان". وهو ما حاول تمريره الموفد الخاص للأمم المتحدة بأنّ كوبيتيش في لقائه مع الرئيس اللبناني ميشال عون وفي هذا السياق يستجدي مايك بومبيو التهدئة في حديثه مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، آملاً ألّا يؤدي رد حزب الله إلى تصعيد خطير ضد إسرائيل ودليلاً على أنّ زمن زخم التحريض الأميركي في لبنان ضد المقاومة قد مضى وانقضى.
الجبهة السياسية في لبنان موّحدة خلف حزب الله كما عبّر الرئيس ميشال عون في وصفه العدوان الإسرائيلي بمثابة إعلان حرب وفي إعلانه حق لبنان بالدفاع عن سيادته وسلامة أراضيه. وكما عبّر المجلس الأعلى للدفاع وكما عبّر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري. وكما يعبّر اللبنانيون في قناعتهم العميقة استناداً إلى تجربة طويلة بأن عدم ردع إسرائيل يفتح شهية نتانياهو في مراهناته على استباحة لبنان وارتكاب الجرائم المستدامة والعودة إلى ما قبل إرساء حزب الله قواعد الاشتباك في توازن الردع والرعب.
في المقابل تكاد وسائل الإعلام الإسرائيلية مجمعة على أن ردّ المقاومة محتوم آملة أن يقوم حزب الله بردّ سريع لإراحة أعصاب الإسرائيليين الذين يعدّون الدقائق والساعات. لكن حزب الله لا يردّ من أجل الردّ فهو على ما يبدو بحسب خطاب السيد حسن نصر الله يردّ منعاً لمحاولة نتانياهو إرساء مسار للعدوان في ارتكاب الجرائم من دون رد. وكذلك إرساء قواعد اشتباك أكثر تطوراً من قواعد الاشتباك السابقة التي يحاول نتانياهو خرقها في الطائرات المسيّرة وفي حرية الحركة تحت سقف الخطوط الحمراء. فالسيّد اختصر قواعد الاشتباك الجديدة بكلمة "خلّيهم ينضبّوا".
ساحة النقاش