برغم كون الكون كبير لدرجه فائقه فإن كتلته يجب أن تكون موزونه بدقه وذلك لكي تتمكن الحياه من الإزدهار به. لم يكن معروفاً بدقه حجم الكون إلى أن قام علماء الفضاء بتوجيه تيليسكوب هابل إلى قطعه من السماء لا تفوق عشر قطر القمر ، وتوجيهه عليها لمدة 278 ساعه متواصله. بهذه الطريقه حصل العلماء على صوره لكل المجرات الموجوده في تلك البقعه الصغيره من السماء.
يحتوي ذلك الحقل على ما يقارب 10 آلاف مجره. وهكذا تمكن العلماء من حساب عدد المجرات في الكون المرئي وقدروه بقدر لا يقل عن 200 بليون مجره (البليون يساوي ألف مليون). وكذلك تحتوي كل مجره من هذه المجرات على ما يقارب 200 بليون نجم. بحساب بسيط نجد بأن العدد الكلي للنجوم في كل هذه المجرات يصل إلى 40 بليون تريليون (الترليون يساوي مليون مليون). الرقم الكبير بصوره أخرى: 40 ألف مليون مليون مليون نجم. بالإضافة إلى ذلك فهنالك ما يقارب 10 بليون تريليون نجم في المجرات الصغيره (التي لا تكاد أن ترى). فيصبح العدد الإجمالي 50 بليون ترليون نجم في الكون المرئي.
هذا العدد يشهد على كون كبير لدرجه لا يمكن تصورها. ذلك بدون إدراك لأيضاً أن كتلة الكون الفعليه تفوق هذا كله. كتلة النجوم الكليه (مع النجوم المنطفئه) تساوي واحد بالمئه فقط من كتلة الكون الكُليه!
أحد الأسباب لكون الكون كبير بهذا الشكل هو لتوفير فرصة الحياه (على كوكب مثل الأرض). كثافة البروتونات والنيوترونات تحدد كمية الهيدروجين التي يمكنها أن تُدمج لتكوين عناصر أثقل من الهيدروجين (الهيدروجين هو أخف عنصر في الكون). بكثافه أقل (أي مقدار يقل عن 50 بليون ترليون نجم)، الدمج النووي لن يكون فعالاً ولن يُنتج أي عنصر أثقل من الهيليوم. ولو كانت الكثافه أكبر (أي بمقدار يزيد عن 50 بليون ترليون نجم) ، لكان الدمج النووي فعالاً لدرجه كبيره لا تُتيح وجود عناصر أخف من الحديد. أي حاله من هاتين الحالتين لن تُتيح وجود عناصر أساسيه للحياة (كالكربون ، النيتروجين ، الأوكسجين وغيرها..).
سبب آخر لضخامة الكون يتعلق بالحقيقه العلميه بأن الكتله تؤثر على سرعة إتساع الكون. لو كانت كثافة الماده أقل لكانت قوة الجاذبيه ضعيفه لدرجه لا تتيح تكوين نجوم كالشمس أو كواكب كالأرض. من ناحيه أخرى ، لو كانت الكثافه أكبر مما هي ، لتواجد فقط نجوم أكبر بكثير من الشمس. في كلتا الحالتين لما تواجد نجوم كالشمس أو كواكب كالأرض ولكانت الحياه كما نعرفها غير ممكنه أو متواجده. درجة الدقه في الخلق كبيره جداً (بدرجة جزء واحد من الـ 10 للقوه 60 ، أي جزء واحد من كوادرليون كوادرليون كوادرليون كوادرليون). بكلمات أخرى لو أن أي مقدار ضئيل من الكتله أضيف أو أنقص من هذا الكون ، لفقد وأختل التوازن به ولإنعدمت أي فرصه للحياة فيه. هذا الإتقان الرهيب يؤشر إلى صنع خالق فائق الذكاء والقدره.
وفي هذا السياق نتذكر الآيات الكريمه:
"إِنّا كُلَّ شَىءٍ خَلَقنـٰهُ بِقَدَرٍ"
{سورة القمر ، الآيه ٤٩}
وهذه الآيه التي ترتبط بشكل مباشر مع محتوى المقال حيث يظهر بأن الكون بكافة ضخامته خُلق وسُخر من أجل إتاحة الحياه على ظهر الأرض:
"أَلَم تَرَوا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم ما فِى السَّمـٰوٰتِ وَما فِى الأَرضِ وَأَسبَغَ عَلَيكُم نِعَمَهُ ظـٰهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النّاسِ مَن يُجـٰدِلُ فِى اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتـٰبٍ مُنير"
{سورة لقمان ، الآيه ٢٠}
ساحة النقاش