بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي اله وصحبه ومن والاه وبعد ؛
السيد الاستاذ الدكتور / علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء
السادة الوزراء
السادة رؤساء وممثلي الاحزاب السياسية
السادة السفراء وممثلي السلك الدبلوماسي بالقاهرة
السيدات والسادة ممثلي منظمات المجتمع المدني
السيدات والسادة ممثلي كل وسائل الاعلام
الاخوة والاخوات الكرام ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وانتم بخير , اسال الله ان يعيد علينا وعليكم وعلي الامةايام هذا الشهر الفضيل بالخير واليمن والبركة , واهلا ومرحبا بحضراتكم جميعا في هذا اللقاء الطيب في شهر رمضان الكريم .
ضيوفنا الكرام , بداية اتوجه بالشكر والحمد لله سبحانه وتعالي الذي اكرمنا واعزنا , ووفق ابناء مصر لهذه الثورة المباركة , واتوجه بالدعاء لشهداء هذه الثورة ؛ وان يتغمدهم الله بواسع رحمته , لقاء ما بذلو ارواحهم فداء لوطنهم , ورفعه لشانه , وقدموا دمائهم لتكون نورا يضئ لامتهم الطريق نحو الحرية والمستقبل الزاهر , واسقطوا بشجاعتهم وتضحياتهم الاستبداد والديكتاتورية التي افسدت البلاد علي مدي عقود طويلة .
كما اتقدم بالتحية الواجبة لمصابي ثورتنا المجيدة , داعيا الله سبحانه وتعالي ان يتم عليهم شفائه وعافيته عاجلا غير اجل .
واتقدم كذلك بالتحية والتقدير للثوار الاحرار من رجال ونساء مصر , ولجيش مصر العظيم , الذي ساند الشعب وايد ثورته , وانحاز لمطالبه , ودعمه منذ اليوم الاول للثورة العظيمة وحتي الان .
السادة والسيدات الاخوة والاخوات ... الحضور الكرام
ان لاحتفالنا بشهر رمضان الكريم هذا العام طعما متميزا , ومذاقا مختلفا عن ذي قبل , فهذا اول رمضان بعد سقوط الاستبداد الذي جثم علي صدر الوطن لعشرات السنين , فحرم المصريين من ابسط حقوقهم , وتسبب بسياسته الخاطئه وعناده الدائم في افقاد البلاد وافساد العباد . وها نحن نلتقي في ظلال الحرية العزيزة , لنتناقش معا هموم امتنا , ونصوغ معا مستقبلنا .
ان رمضان الحرية هذا العام ياتي ليبث فينا روح الامل لبناء نهضة وطننا وامتنا , مغلبين صالح هذا الوطن علي المصالح الحزبية والفئوية الخاصة , متحلين بروح ثورة يناير المباركة وقيامها , وعلي راسها وحدتنا التي كانت وستبقي باذن الله سر لقوتنا وانتصارنا , كافراد وجماعات واحزاب وهيئات , فجميعنا مصريون لنا ذات الحقوق وعلينا ذات الواجبات , ونعمل جميعا علي احترام ارادة الشعب وخياراته وعدم الالتفاف او الافتئات عليها , والنزول علي مبادئ و قواعد الديمقراطية في ادارة الاختلافات الفكرية والسياسية , بعيدا عن التعالي والانفراد او التخوين والاقصاء .
حضرات السادة والسيدات .. والحضور الكريم
لقد شارك الاخوان المسلمين عن سائر القوة الوطنية الحرة في هذه الثورة منذ بدايتها , وحتي الان , وكان شعارهم الدائم اننا مع شعبنا وامتنا لا نتقدم عليه ولا نتاخر عنه , وتحملنا بكل شجاعة وايمان ما وقع علينا من ظلم النظام المستبد البائد , الذي قام باعتقال ما يزيد عن 40 الفا من الاخوان المسلمين في الثلاثين سنة الماضية امضوا سنين طويلة في سجون الديكتاتور المخلوع , فضلا عن مصادرة الاموال والعقارات والممتلكات الخاصة , وقاومنا مع كل المواطنين المخلصين هذا الطغيان محتسبين عند الله ما لاقينا , مغلبين مصلحة الوطن علي مصلحتنا الخاصة , مقننين وواثقين بنصر الله للمظلومين ؛ ايمانا منا بقسم رب العزة لدعوة المظلوم ( وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين ) وتصديقا لقول خاتم الرسل صلي الله عليه وسلم ( ان الله لا يملي للظالم حتي اذا اخذه لم يفلته ) .
ونحن لا نمتن بهذا علي احد , ولا نطلب عليه جزاءا ولا شكورا , ولكنه واجبنا الشرعي والوطني قدمناه ارضائا لله وحبا لوطننا وشعبنا , فنحن نتمثل في كل لحظة قول ايماننا الشهيد حسن البني : " ونحب ان يعلم قومنا انهم احب الينا من انفسنا , وانه حبيب الي هذه النفوس ان تذهب فدائا لعزتهم وان كان فيها الفداء وان تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وامالهم ان كان فيها الغناء " .
وشاء الله ان يكلل هذا الجهاد الطويل بالنجاح بعد تكاتفنا مع جميع ابناء مصر في ثورة يناير العظيمة ولذلك فلا ينبغي اقصاء اي فصيل او طيار او اتجاه , او التقليل من شانه او دوره في ثورتنا المباركة .
الاخوة والاخوات .. والحضور الكرام
ان مصر بكل قواها وطوائفها ورموزها تلتقي الان في ملحمة مصرية بامتياز , واذا كنا قد اشتركنا جميعا في احراز هذا النصر العظيم علي الاستبداد ؛ فاننا جميعا - كمصريين - شركاء في مسؤلية بناء مصر و نهضتها , ولا سبيل امامنا الي ان نتعاون جميعا في العبور بالوطن الي المستقبل المستقر الزاهر الامن , وان نتسابق في وضع البرامج والاليات التي تعيننا علي الخروج من هذه المرحلة الانتقالية بسلام وامان , وتعيننا علي ان نبني جميعا دولة المؤسسات التي تحترم الدستور والقانون وتكفل كل الحقوق لكل ابناء هذا الشعب , وفي مقدمتها حق المواطنة وحرية الاعتقاد , وتعمل علي تضافر كل الجهود والطاقات من اجل اعادة بناء ما افسده النظام السابق علي مدار عشرات السنين , بعيدا عن محاولات الاقصاء او تصيد الاخطاء , او تبادل الاتهامات , او المزايدات والاغراق في جدالات لا يبني عليها عمل , ومن شانها ان توغر الصدور وتفرق الصفوف .
الاخوة والاخوات .. الحضور الكرام
ان هذا الامل الذي ننشده انما يتحقق بسرعة استقرار احوال الوطن , والتعجيل بنقل السلطة من المجلس العسكري الي سلطة مدنية منتخبة من الشعب وفق الجدول الزمني الذي حدده الاعلان الدستوري , حتي تعود السلطة للشعب .
لقد اصبح من الضروري التاكيد علي نبذ خلافاتنا الايدلوجية والسياسية ؛ وحشد طاقات الامة بمختلف تياراتها حول المتفق عليه , وهو كثير بفضل الله , والاشتغال بما يهم جماهير شعبنا , والسعي المشترك لايجاد حلول عملية للمشاكل اليومية للامة من فقر وبطالة وعنوسه , وتدني مستوي التعليم , وضعف مستوي الخدمات العامة , وارتفاع نسبة الامراض واركود الاقتصادي والسياحي , وغيرها من مشكلات كبيرة تحتاج الي جهود كل المصريين , كل حسب طاقته وامكانياته لحلها والتغلب عليها منفذين لامر الله تعالي ( وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الاثم والعدوان )
الاخوة والاخوات .. الحضور الكريم
لقد عاشت مصر علي الدوام ملكا لكل المصريين بكل انتماءاتهم وتوجهاتهم , مسلمين ومسيحيين , في وحدة وطنية جامعة , كان الدين - بما يحمل من الاخلاق ومبادئ الحق والعدل وقيم الاخاء الانساني - الدافع الاكبر للتعايش السلمي , والحامي الاعظم من الفتن الطائفية او المذهبية , وفشل كل المتامرين علي هذا الوطن في اللعب بالورقة الطائفية او تمزيق هذا النسيج الوطني المحكم , وقدم المصريين جميعا في ميدان التحرير ملحمة انسانية رائعة , تتابع فيها صوت القداس المسيحي بصلاة الجمعة الاسلامية , واول مرة في التاريخ يقول الخطيب في خطبة الجمعة : ( ايها المسلمون والمسيحيون )
وهذا يوجب علينا جميعا ان نحافظ علي هذه الروح الوطنية الجامعة , وان نتعاون جميعا لبناء صف وطني متماسك , عصي علي مؤامرات التمزيق والفتنة ؛ ومن هنا فان الاخوان المسلمين لن يملوا من الدعوة الي وحدة الصف الوطني , ودعوة المصريين من كل التيارات للتشارك والتعاون في كل المجالات للنهوض بالوطن , حتي تستعيد مصر مكانتها المستحقة التي اهدرها وقزمها النظام السابق .
الاخوه والاخوات .. و الحضور الكريم
لقد شاركت المرأه المصريه اباها واخاها و زوجها وابنها جهادهم الطويل على مر التاريخ ,وكانت ثوره 25 يناير العظيمه ميدانا عبرت فيه المرأه المصريهعن شموخها , حين وقف النساء والرجال والفتيات والشباب و الزهرات يعتفون بسقوط الظلم و الظالمين في كل ميادين مصر ,وتحلمن نصيبهن كاملا من مغارم الثوره المباركه , واسسمن بعدد الشهيدات والمصابات في المواجهه , وابين مغادره ميادين الثوره الا بعد سقوطالنظلم , فاثبتن ان المرأه المصريه متقدمه في الوعي والفهم و العطاء والوطنيه , و انها جديره بان تؤدي دورها كاملا غير منقوص في الحياه العامه, سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و علميا في كل الجالات .
الاخوه و الاخوات .. الحضور الكرام
لقد كشفت الثوره المصريه العظيمه حقيقه كنا ولا نزال نؤمن بها ,ونصر عليها , وهي ان عناصر الصحه و السلامه ولا تزال قويه فاعله في نفوسابناء الامه جميعا , فكان شبابنا مع ابائهم وقود الثوره ,وحمله رايتها,وعنوان يقظتها و نهضتها , و تحوا جميعا لامتهم طريقا الي الحريه والمجد , وتجاوبت الامه كلها , فكانت هذه الملحمه المصريه الترائعه التي سيبقى العالم لعقود طويله يستلهمها و يتعلم منها , وقد اظهر الشباب ممع كل قوى الشعب وعيا و ادراكا لا حدود له , وحافظوا على سلميه الثوره الكريمه , وقدموا صوره حضاريه راقيه , في ميدان التحرير و في كل الميادين والشوارع في مصر حين لم يغادروها بعد الحشود المليونيه الا نظيفه لامعه .
ولا يزال الدور الذي ينتظره الوطن من هذا الشباب كبيرا , يوجب على كل القوى السياسيه و الاجتماعيه ان تلتفت اليه ,وان تعمل على اشراكه في كافه المؤسسات الوطنيه و القوميه والحزبيه و الاهليه ليقدموا ابداعتهم في خدمه الوطن الغالي الذي يحبونه .
الاخوه و الاخوات .. الحضور الكريم
ان مصر الثوره قد تغيرت عن ذي قبل , و لن تعود ابدا باذن الله للعب الدور القديم الذي كان يقوم به النظام البائد ,الذي قزمها وقلص دورها الاقليمي و الدولي , و لن تقبل تدخلا خارجيا في شئونها ,ولا املاءات لاي جهه او لايه قوه مهما كانت . ولعل العالم كله يدرك الان ان مصر الثوره ماضيه في استعاده مكانتها باذن الله بغير عدوان على احد , ونمد ايدينا بالسلام لكل دول العالم .
ان تغييرا كبيرا قدر حدث في مصر على كل الاصعده ؛وان الامه اصبحت صاحبه الكلمه العليا ,ولن تسمح بان تون مصر تابعه لاي قوه خارجيه , و سيكون لمصر باذن الله موقفها وقرارها الوطنى الخالص في جميع قضايا امتها العربيه و الاسلاميه , و على راسها قضيتنا المحوريه ؛قضيه فلسطين ,ارض العروبه و الاسلام ,ومقدستهاالاسلاميه و المسيحيه , حتى يتم تحريرها و حتى يرفرف على فلسطين المستقله في ربوع القدس الشريف عاصمه الدوله الفلسطينيه الحره باذن الله .
وبهذه المناسبه اهنئ شعبنا الصابر الصامد و المجاهد في فلسطين بدخول الشهر الكريم , و ادعو جميع الفصائل الي سرعه التوحد وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهره من المصالحه , حتى تنتعش الامال باقامه الدوله الحره المستقره باذن الله .
الاخوه و الاخوات .. الحضور الكرام
ان ربيع الثورات العربي الذي تشهده امتنا لهو بشير الخير , ودليل الصدق على ان هذه الامه حيه لا تموت , وهو دعوه لكل احكام الامه ان يعودوا الي شعوبهم , و ان يحققوا التغيير و الاصلاح بايديهم وارادتهم قبل ان يقع رغما عنهم فيلقون تفس مصيرالطغاه على مدار التاريخ. وفي هذا الصدد فان الاخوان المسلمين يدعون النظم المحاكمه في كل من سوريا و ليبيا و اليمن بهد ان اسقطت الشعوب شرعيتها ان تبادر بتسليم السطله الي الشعوب؛صونا للدماء العزيزه التي تراق من اجل الحريه .
ان العصر هو عصر الشعوب بامتياز , ولم يبق من سبيل لنظام الفرد و الاستبداد للاستمرار ,فهي انظمه ساقطه لا محاله , وعليها ان تعيد السلطه المغتصبه الي اصحابها الاصليين وهي الشعوب .
الاخوه و الاخوات ..الحضور الكريم
اذا كان رمضان جاءنا هذا العام -بفضل الله- بالحريه و الكرامه , فانه قد جاءنا ايضا بالعدل و القسط , فمنذ ايام قلائل رأينا الحاكم المخلوع في قفص الاتهام مع كبار معاونيه , وهي خطوه تؤكد يقيننا بان الله يؤتي من يشاء و ينزعه ممن يشاء , و انه يمهل الظالم حتى اذا اخذه لم يفلته , وتدل على تغيير جوهري في الحياه المصريه , فقد اصبح الشعب هو السيد صاحب السلطات و ان ارادته هى التي اوصلتنا لهذه المحاكمه , وان سياده القانون اصبحت هي السائده ولم يعد هناك من الاشخاص من هو فوق القانون , وان مصر اصبحت تتبأبي على الضغوط الخارجيه , وان الشعب المصري شعب متحضر فلم يسع للثأر لنفسه بيده خارج اطار القانون ,وانما فوض القضاء في تحقيق القصاص العادل , كما ان هذه المحاكمه ستكون عبره لكل الطغاه المستبدين الفاسدين ,اضافه لشفائها لصدور اهالي الشهداء و كافه المظلومين .
ضيوفنا الكرام ..
لنتق الله في مصر و في مستقبلها , و لنحافظ على الثوره ومكتسابتها , و نعمل على تنميتها و دعمها . و لنحذر ان نتناحر على مناصب زائله او مكتسبات وقتيه مزيفه فالوطن والمواطن ومصلحتهم ابقى و اولى .
وفي النهايه اتقدم لكم جميعا بجزيل الشكر على تشريفكم لنا اليوم . و على تلبيتكم دعوتنا على الافطار , فبكم زادت فرحتنا و سعادتنا , وبحضوركم هذا عبرت الصوره عن مدى تلاحم مصر الثوره وتكاتفها ؛ فنحن و ان اختلفت تواجهاتنا و منطلقتنا الفكريه الا اننا نتوحد جميعا على حب مصر و عشقها . و حب شعبها الكريم .
تقبل الله منا و منكم الصالح من الاعمال , واعاننا على صيام رمضان وقيامه , وتقبله منه , وحفظ مصر وامتنا العربيه و الاسلاميه و العالم اجمع من كل سوء ومكروه , واعاد للشعب السوري و اليمني و الليبي وكافه الشعوب المظلومه حريتهم و امنهم و استقرارهم .
و كل عام و انتم بخير
و صلي اللهم على سيدنا محمد و على اله و صحبه و سلم
و الله اكبر و لـ لله الحمد
ساحة النقاش