انتَزْعتُكِ مِنْ صَدري
-----------------------------
لَاتَسأَلِيني كَيفَ رَحَلْتُ ولِمَاذَا رَحَلْتُ ومَتَى
مَتَى إلَيكِ سَأعُود
لَاَيُسأَلُ الطَيرُ عَنْ رَحِيلِهِ طَالمَاعُشُّهُ أصبحَ
بَينَ الطُيُورِ مَفقُود
ولَا يُسأَلُ أبدًا الفَرعُ الظَمأَنُ عَنْ قَتلِ الورُود
لَاتَسألِينِي كَيفَ بَعدَ تَصَوُّفِي وزُهدِي أبَيتُ
أَبَيتُ لَكِ السُجُود
وكَيفَ استَفقتُ على شَمسٍ غَيرَ عَينَيكِ
وأصَابَنِي كُرهٌ وجُمُود
واسأَلِي الَليلَ الذي سَقَانِي والغَدرَ الذي حَطَّمني
ومَا أبقى لَنَا حُلُمًا أوعُهود
واسألِي عَينَيكِ التي أقمتُ الليلُ فِيهِما دُعَاءً
ورَجَاءً وحُبًّا وصُمود
كَيفَ خَانت صَلَاَتِي وفَوقَ رأسِ السَاجِدِ
أقَامت الحُدُود
وكَيفَ عَانقتُ فِيهِمَا السرابَ وحَرَقتُ أيامي
حَرقتُ أيامي بخُورًا وظَللتُ مُحتَرِقًا خَلفَ
بَابٍ مَوصُود
فَلَا أطفأَتِ لي نَارًا ولَا صُنتِ لي عَهدًا
وبَقيتُ في حُبَكِ كأُمٍّ ثَكلى تَبكي
ولِيدَها المَفقُود
قَدَّستُ عَينَيكِ وشَفتَيكِ ووجهَكِ الحَالِمَ
فَعِشتُ كَقِسٍّ مَطرُود
فَلَا صَلَاتي حَرَّمتْ عَلَيكِ الكَذِبَ ولَا دُعَائي
أوقَفَ رِيَاحَ الغَدرِ ولَا اعتِرَافي قَتَلَ فِيكِ
هَذَا الجُحُود
لَا تَسأليني وإنْ كُنتِ تَجهَلينَ السبب ولَاتشعُري
بالذَنبِ على ما اقتَرَفتهُ يَدَاكِ، لَاتَسألي لَا تَسألي
الذي مَاتَ مَاتَ ظَالِمًا أو مظلومًا مَاتَ شَاهدًا
أو مَشهُود
يَكفي أنَّهُ مَاتَ على يديكِ قَهرًا وشِيبًا
في ثَوبِ المَولُود
إنْي انتَزعتُكِ مِن صَدري ومِن شَراييني
ومن أفكَاري ومِن أشعَاري مِثلَمَا انتزعتُ
لَكِ الورُود
لَا تَسأليني إنِّي أوقفتُ سَيرَكِ في دَمي وجَسدي
وانتزعتُكِ من جِلدي وكَتبتُ الكَلِمَةُ الأخيرَة
وأودَعتَ قلبي قَصرًا مَرصُود
فَلَا طَلَاسِمُ دمُوعِكِ ولَا أورادُ أكَاذِيبِكِ سَتفتَحُ
بَينَنا بَابًا
سَأرحَلُ عنكِ سأرحَلُ آنَ للغَريبُ أنْ يَعُود
---------------------------
حسام الدين صبرى/ديوان/حب وراه الثرى