مقلتان
مُقْلتَا هذا السَّواد لا تحرن ملاذها لا تتبرم عن رؤاك . أنابيب أوعيتك الدموية تتطهر بلواعج النفس تقتفي أثره كانما لم تكن على علاقة بسيجارة تكز عليها الشفتان تحقن نبضانيتهما. تضرم اللهيب قهوة لافحة بهما فتتنظر وترى وتنبس وتعيد الرشفات وتلثم دخان سيجارتك أنوفك العاطلة. كادت تصدق لوحة هذا الفجر لولا سيتارة تلاعبها الريح تعصمك عن تقفي أثره . وتضبط هذا الحلم يشاطرك التفكير عن حياة تبدأ الآن . عن شمس ستشنق بعد الرقاد في مضمارها وتلفحك بشعرها الأشقر وتسقط لآلأها المتوهجات حتى تعلق بأعناق الطبيعة من ذهباتها . عن قريب تسمع نقيق الضفادع تخضخض الماء بسيقانها الدقيقات تعجِّل بحركتها حتى تطفح فوق وريقات مائتات متهاونات كلما آنت لك اللحظة كي تواسي نهرا منسابا فتتخدَّر غافياً راجياً . عن طير يقضقض القدر بأرزاقها لكن لكل شيئ صغير في دنيانا له قسمته ونصيبه _ هكذا قلتها بعد رشفة أخيرة . عن مخاض يُرْبككَ ويحزُّ بقلبيك التَّائهين العائمين القدرة على ان تحب ما لم تستطع أن تلامس جسده المتلاشي ويظل يقهرك ويتواطأ هذا الغرض مع هذه الرغبة الفالتة التي لا تدعن أبدا لك. عن تمدداتك وزحفاتك ترنو لكتاب على شرفتك تطل على طاحونة كسول فتترقب أهل المبيتِ يُربتُونَ عنْ أكتافها حتّى يَليْنَ مطلبهم ويتسمَّح عيشهم .أو تمتدَّ يدُكَ كجدعٍ خشنة تلفُّ مِعطفك المعلَّق على باب، وعمداً أبيتَ أن تٌديرهُ ذات اليمين ذات الشمال عِصياناً لصرصرته تُكتِّمُ حِبال صوته ، فما أحلمك لصمت تكسِّر عجلاته المحشرجة. وفجأة يدوي أحد ما بإسمك : يا ...إلى ما تنظر .. يخيم الإذلال الذي لم تكن تعهده أو كنت على عهد به وتتحاشى هديره. متمتما بائسا مطرق المحيا تلصق وجهك بالمرآة تحدِّق في شعيرات ذقنك النابتة المبعثرة يداهمها الشَّيب ، فرد بلا مبالاة: إلى ما أنظر ..!!
ذ.خريف الأدب.