إن الكراسي التي يجلس عليها الطاغية وأذنابه موصولة بأرواحهم صلة حياة أو موت، فعلام الحوار؟! والثوار لن يتنازلوا عن مطلبهم في أن ينزعوها عنهم نزعا ليس بعده رجعة إليها، وهل يلتمس عزرائيل الحوار مع من يقبض أرواحهم؟!، إذن فليس من المنطق ولا الحكمة إجراء أي حوار إلا إذا كان يدور حول كيفية تسليم السلطة، ولا اعتقد أن الطاغية مبارك سيرضخ طوعا لذلكـ فهو كما خُبرنا معه "دكتوراه في العند"، ولكن متى كان المنطق أو الحكمة هو من تخضع له أفعال وتصرفات أحزاب وجماعات المعارضة؟! بل هي الأنا الشخصية والحزبية....، أنا ومن بعدي فليُغرقُ الطوفان كل ما بذله الثوار من جهد وتضحيات،
يا الله، ألم تلغوا في تلك الصحائف المسماة حوارا أزمانا طويلا؟! هل ظفرتم منها بشئ من قبل ذا قيمة؟!، ولكن أنى لهؤلاء الذين تعودوا على لعب دور المغلوب على أمره عقودا مديدة، ودأبوا على أن يطلبوا ويسألوا ويتذللوا ويستعطفوا أن يأمروا وينهوا وقد تهيأت الأوضاع لأن يأمروا وينهوا لا بفعلهم وعملهم بل بفضل جهاد وتضحيات الشباب الذين خاضوا معركة التحرير، تحرير الوطن، دون أن يسألوهم عونا أو مساعدة، لا غرابة إذن أن يندفع هؤلاء لأي حوار يدعوا إليه، وأن يمسخوا مطالب الثوار من بعدُ إلى أشياء يعف أولئك عن مسها خشية أن تصيبهم لعنة تصبها عليهم أرواح رفاقهم، شهداء الثورة.
أيها الثوار لتجتمع كلمتكم على أنه لا حوار إلا بعد أن يتنحى الطاغية مبارك، أن لا حوار إلا لتسليم السلطة، وليكن ذلك إلى هيئة قضائية (تجنبا للخلاف حول الأسماء المطروحة) تتولى إدارة البلاد لفترة مؤقتة، تهيئها فيها عن طريق صياغة دستور جديد وقوانين تسمح بممارسة ديمقراطية سليمة، ولتَلَغُ تلك النخبة فيما اعتادت أن تَلَغ فيه، فلن يضيرنا عندئذ من قولهم أو فعلهم شيئا.
محمد السيد الطناوي
ساحة النقاش