د. سامى الطوخى - استشارى التدريب فى العلوم الادارية والقانونية والقضائية

الشفافية في الديموقراطية  الإدارية

اعداد

د . سامى الطوخى [1]

تعنى الديموقراطية  ، ذلك النظام الذى يسمح بالمشاركة الحرة والمستنيرة والدائمة للمواطنين في أدارة الشئون العامة السياسية والإدارية . إذاً فكل نظام ديمقراطي ، يمثل الوضع الذى يتولى فيه المواطنون أنفسهم ، سلطة صناعة /او التقرير في جميع الموضوعات الإدارية .[2]

وسوف نتناول مظاهر الشفافية فى الديموقراطية الإدارية ، والتي تشمل كل مراحل العملية الإدارية من تخطيط  وتنظيم وتوجيه ورقابة ، ومن تلك الصور ما يلى :

(1) التعيين لممارسة بعض الوظائف الإدارية عن طريق الأنتخاب :

وهى صورة تقابل حق تعيين أعضاء الحكومة السياسيين او البرلمانيين عن طريق الأنتخاب لممارسة تسيير الشئون العامة السياسية . وهذه الصورة من التعيين لممارسة الوظائف الإدارية عن طريق الأنتخاب توجد بصورة أكبر فى إطار اللامركزية المحلية ومثال ذلك عمد المدن الأميريكية يكون أختيارهم عن طريق الأنتخاب العام المباشر . كما أن قانون الإدارة المحلية فى مصر رقم 24 لسنة 1960 الملغى كان يأخذ بنظام المجلس الواحد على مستوى وحدات الإدارة المحلية وكان المجلس الواحد يتشكل من ثلاثة فئات من الأعضاء هم :

-         أعضاء منتخبين .

-         أعضاء معينين .

-         أعضاء بحكم مناصبهم .

وقد أختلف الأمر بقانون رقم 52 لسنة 1975 والملغى بالقانون الحالي رقم 43 لسنة 1979 . وقد أخذ القانونان بنظام المجلسين ، المجلس الشعبى المنتخب وأعضاؤه يعينون بإلانتخاب وليس له أختصاصات إدارية تنفيذية والمجلس التنفيذي وأعضاؤه من الموظفين الإداريين المعينين من قبل الحكومة [3].

ومن أمثلة ذلك ايضا بعد ثورة يناير 2011 بمصر ، تعيين رؤساء الجامعات والعمداء بطريق الانتخاب وكذلك العديد من الهيئات الحكومية الحكومية المختلفة .

ويحتاج الامر المزيد في مجال انتخاب المحافظين ورؤساء شركات قطاع الاعمال العام

ومن قبيل أمثلة الأعضاء المعينين فى المجالس الإدارية ما أقترحه الباحث بمسودة مشروع قانون تنظيم النقل الداخلى فى مصر حيث نصت المادة (4) منه على أن يشكل المجلس الأعلى للنقل الداخلى برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية00000، 13- رئيس لجنة حماية حقوق المستخدمين المنشأة بالجهاز القومي لتنظيم النقل الداخلي ، 14- رئيس لجنة المشغلين من القطاع الخاص المنشأة أيضاً بالجهاز وكلاهما من الأعضاء المنتخبين طبقاً لأحكام الفصل السادس فى شأن لجنتى حماية حقوق المستخدمين ومشغلوا خدمات النقل من مشروع القانون المشار إليه . حيث نصت المادة (45) على أن " ينشأ بالجهاز القومى لجنة تسمى " لجنة حماية حقوق المستخدمين " تشكل على النحو التالى :

1- رئيس اللجنة ويتم أختياره بالأنتخاب من بين أعضاء اللجنة

2-  رؤساء الجمعيات المعنية بحماية المستهلك وشئون النقل

3- ممثلى المستخدمين عن مجالس أمناء الصناعة والتجارة المعنين بشئون النقل

ويصدر بتشكيلها قرار عن المجلس الأعلى ، وتتولى تقديم المشورة فى شأن حماية مصالح مستخدمى خدمات النقل ،  كما نصت المادة (46) على أن ينشأ بالجهاز القومى لجنة تسمى " لجنة مشغلوا خدمات النقل " من القطاع الخاص او الأهلى ، تشكل على النحو التالى :

   1- رئيس اللجنة ويتم أختياره بالأنتخاب من بين أعضاء اللجنة

   2- ممثلين عن المنظمات والشركات  والجهات المعنية من مشغلى ومقدمى خدمات النقل .

   3- ممثلى النقابات المهنية المعنية بمشغلى ومقدمى خدمات النقل

ويصدر بتشكيلها قرار من المجلس الأعلى ، وتتولى تقدديم المشورة فى كل ما يتعلق بمعايير السلامة وجودة الخدمة وتحديد تعريفه النقل وغيرها من المسائل المعنية بتنظيم النقل .

كما أن رؤساء تلك اللجنتين أعضاء فى مجلس إدارة المجلس القومى لتنظيم النقل الداخلى وفقاً للمادة (20) من مشروع القانون المذكور . [4]

 (2)-  الاستفتاء  الإداري :

وهى صورة تقابل الاستفتاء فى المجال التشريعي والسياسي . ولكنها تنصب هنا على أنشطة وأعمال الإدارة ومقتضى الاستفتاء الإداري لجوء الادارة الى المواطنين لأخذ موافقتهم او أستطلاع رأيهم بشأن عمل إداري معين كإنشاء مشروع خدمي مثل إنشاء كوبرى او تطوير مدينة وغيرها. ويعد الاستفتاء هو سبيل الديموقراطية  شبه المباشرة .

وفى فرنسا : عرف الاستفتاء فى الدستور الفرنسى الصادر 1958 فى المجال السياسى وحقق نجاحاً حقيقياً ، ولكنه ظل شبه غائباً فى مجال العمل الإدارى . وقد عرف الاستفتاء الإدارى فى فرنسا بصدور قانون السادس عشر من يوليه عام 1971 فى إطار عمليات إنضمام البلديات المحلية ، وظل الاستفتاء فى مجال العمل الإدارى وفقاً لهذا القانون إجراءاً أستثنائياً يرجع إلى مبادرة من الحاكم او من الغالبية بالمجالس المحلية فى المشروعات الخاصة بالاندماج ( او الإنضمام ) على مستوى الوحدات المحلية. [5]

ومن القوانين التى أستلزمت الاستفتاء الإدارى الوجوبى للجمهور القانون رقم 85-704 الصادر فى الثانى عشر من يولية 1995، والخاص بإدارة العمل العام وعلاقاته بالعمل الخاص والمتعلق بإنجاز كافة أعمال البناء او الأسس البنائية وكذلك المعدات الصناعية والمخصصة لاستعمالها .

ومن ذلك ايضا القانون رقم 76-629 الصادر فى العاشر من يوليو 1976 الخاص بحماية الطبيعة . إذ يجب أن تتضمن دراسات سابقة لانجاز التنظيمات والأعمال التى من الممكن أن تضر بالوسط الطبيعى نظراً لاهمية أبعادها وتأثيراتها ودراسة أثر تقييم النتائج .

كما تنص المادة (1-11) من قانون نزع الملكية أنه لا يمكن إصدار قرار نزع ملكية العقارات او ملكية الحقوق العينية العقارية إلا عندما تكون مسبوقة بإعلان منفعة عامة تأتى بعد إجراء مواجهة عامة للمعنين ، مع تحديد لأجزاء نزع الملكية.

كما يطرح القانون رقم 83-630 للثانى عشر من يولية 1983 -الخاص بديموقراطية الأستقصاءات العامة لحماية البيئة - مبدأ يكون الاستفتاءات العامة أمراً ملزماً ، عند تنفيذ أى ترتيبات او أعمال تقوم بها أشخاص عامة او خاصة عندما يكون من شأن هذه العمليات الإضرار بالبيئة . نظراً لطبيعتها او لقوتها او لطبيعة المناطق المعنية .

وينص القانون رقم 95-101 للثانى من فبراير 1995 الخاص بحماية البيئة على جواز تنظيم إجراءات علنية تتعلق بأهداف المشروعات والخصائص الاساسية أثناء إعدادها ، وذلك بالنسبة لعمليات التنظيم العامة الكبرى ذات المصالح الوطنية للدولة . ولتجمعات الاراضى والمنشآت العامة والشركات الاقتصادية المختلطة التى تشكل أهتماماً عاماً على المستوى الاجتماعى والاقتصادى او لها تأثير على البيئة .

كما تشير المادة (300-2) الفقرة (ج) من قانون تنظيم المدن الى وجوب أستفتاء المجلس المحلى للجمهور عند إعداد المشروعات الخاصة بالإسكان والتجمعات المحلية ، عندما يكون من شأن هذه العملية – نظراً لأهميتها او طبيعتها- تغيير إطار الحياة او النشاط.

كما تقضى المادة 2141-1 من القانون العام لتجمعات الأراضى الى وجوب تزويد سكان البلدية بالمعلومات المتعلقة بأمور البلدية والى ضرورة أستفتاءهم بشأن القرارات المتعلقة بهم وهو مبدأ اساسى للديموقراطية المحلية .

ويقرر القانون رقم 85-704  الخاص بإدارة العمل العام مبدأ يكون أستفتاء الجمهور على اساس أختيارى تبعاً لتقدير متخذ القرار ، الذى يحدد بمراعاة طبيعة العمل ولأشخاص المعنين ،طرق الأستفتاء التى تبدو له ضرورية .

كما أشارت المادة الخامسة من مشروع قانون حماية المواطنيين فى علاقاتهم مع الادارات العامة ، مارس ، 1999 الى إرساء مبدأً عاماً مقتضاه الاستفتاء الاجبارى للمواطنيين قبل إتخاذ القرار فى العمليات المتعلقة بشئون الجمهور . وتحيل هذه المادة الى مجلس الدولة تحديد القواعد الواجب مراعاتها على إجراءات الاستفتاء الإدارى ، تبعاً لطبيعة العمل والأشخاص المعنيين ، وأنواع العمل ، فإذا كانت طبيعة العمل غير ذات أهمية كبيرة ، فلا يتم أستطلاع الرأى بشأنها.

ولقد جاء بتقرير لجنة القوانين الدستورية والتشريع بواسطة السيد Jean-Pual Amoudry   عضو مجلس الشيوخ بجلسة الثالث من مارس 1999 تعليقاً على نص المادة الخامسة سالفة الذكر ، بأن هذه المادة تهدف الى فرض إلزام عام بإستفتاء الجمهور قبل إتخاذ أى قرار دون دراسة الآثار او النتائج التى سوف تترتب على هذا الالتزام بالنسبة للإدارة .

وبصفة خاصة ، يمكن أن تؤدى الصفة المنتظمة للأستفتاء الإداري الى نوع من الثقل  المبالغ فيه ، و شل عمل الادارة .ويمكن أن تذهب صياغة غير محددة للشفافية الى عكس أتجاه فاعلية العمل الإداري والهدف المعلن لمشروع هذا القانون ، والذى يهدف الى تحسين الخدمة المقدمة للمواطنين . فضلاً عن ذلك فهناك العديد من القوانين التى تستوجب التزام الادارة بأستفتاء المواطنين قبل أتخاذ القرار او العمل الإداري العام .* 

كما أضافت اللجنة أن هذه المادة تأتى فى إطار الاصلاحات الأكثر عمومية من مجرد أستفتاء الجمهور وأن هذه الدراسة تجرى بطلب من رئيس الوزراء ،  وعلى ذلك فسيكون من المتعجل لأن  نقوم بإصلاح قانون الثانى عشر من يوليو 1985 الخاص بإدارة الاعمال العامة قبل معرفة عناصر الدراسة الفنية  التى تتناول التدابير الخاصة لاستفتاء الجمهور . وأنتهت اللجنة الى اقتراح الغاء نص المادة الخامسة سالفة الذكر .[6]

 وبغض النظر عما أنتهت اليه اللجنة ، فالملاحظ أن هناك أتجاهاً عاماً لوجوب أستفتاء المواطنين قبل أتخاذ القرار فى مجال الشئون العامة فى فرنسا.

 

وفى السويد : تخضع العديد من قرارات المجالس البلدية إلى أستفتاء التصديق [7] وقد أعطى قانون الحكم المحلى (1977) لمجلس البلدية ومجلس المقاطعة تقرير اللجوء الى أستفتاء السكان او أستطلاع رأيهم أثناء صياغة المقترحات لعرضها على المجلس ، ويقرر ذلك بأغلبية الأصوات ، فهو أستفتاء أستشارى وليس لتقرير هذه المسائل ، وقد طبقت بلديات الاستفتاء بشأن تسمية البلدية وإقامة الكبارى وربط السكك الحديدية. [8]

 

وفى بريطانيا ، يستخدم الاستفتاء الادارى بكثرة فى العمل الادارى ، حيث يكثر أستخدام أسلوب " الورقة الخضراء" Green Paper  للتعرف على آراء ومقترحات الجماهير ، فمثلاً عندما يعانى حى او منطقة من أمر ما ، او كلما فكرت الادارة فى تغيير او تعديل أمر قائم او أقامة شيىء جديد ، فإنها تلجأ للورقة الخضراء تضمنها أسئلة وأستفسارات وتوزعها على المواطنين طالبة منهم وجهات نظرهم فى الموضوع .[9]

وتمتلك الادارة البريطانية وحدة إدارية مركزية ودائمة ، يقع على عاتقها القيام بأستطلاع الرأى العام لحساب مختلف الوزارات " والتى تسمى قسم الحصر الاجتماعى Social Survey  ، الملحق بمكتب الاستعلامات المركزى ، والتحريات التى يقوم بها القسم المذكور يجب أن توافق عليها وزارة الخزانة قبل الشروع فيها وذلك لتقييم مدى أهميتها .

 

وفى الهند يقوم المعهد الهندى للادارة العامة باستطلاع آراء المواطنين حول مسلك الادارة فى خمس مجالات ، من مجالات النشاط الادارى ، هى مكاتب البريد والمستشفيات والشرطة والنقل بالاتوبيسات والتطوير الإقليمى او تنمية الريف .[10]

وفى الولايات المتحدة الامريكية ، فإن الاستفتاء المحلى فى المجال الإدارى يعد أمراً مألوف [11] خاصة فى مجال السياسة الزراعية ( المعونات لمنتجى الحبوب ، المساعدات المالية لصيانة التربة .... الخ ) وأن كثيراً من أساليب الاستفتاء الإدارى يستند إلى تشريع سابق إلا أن العديد من الاستفتاءات التى تقوم بها الإدارة يرجع اساسها إلى عمل الإدارة . دون تشريع يلزمها بذلك .[12] ومن أمثلة ذلك فى مجال التخطيط بالولايات المتحدة الأمريكية ، خطة تطوير مدينة لوس أنجلوس ، حيث عمدت هيئة التخطيط الإدارية إلى صياغة أربعة مشاريع خطط لنفس الموضوع ثم عرضتها بعد ذلك على المواطنين لأختيار أحدها ، وكان من بين الوسائل التى تم أستخدامها من قبل الإدارة هى أستطلاعات رأى المواطنين حيث أرسلت لهم بالبريد وطلبت منهم الأجابة على الأسئلة الواردة فيها ، ولقد أرفقت تلك الأستطلاعات بفاتورة  الهاتف الى واحد من كل أربعة مواطنين مشتركين فى هاتف مدينة لوس أنجلوس ، ولقد أجاب 50 ألف مواطن على تلك الأستطلاعات ، كما وجهت إلى جانب ذلك أسئلة إلى ألفى مواطن سبق لهم أن أطلعوا على أهداف الخطة من قرآتهم للنشرات ، او حضروا الاجتماعات التى عقدت لذات الغرض ، وتكونت لديهم فكرة عن الأهداف العامة للخطة . وعندما أكتمل تنفيذ هذا البرنامج المقصود به إشراك المواطنين فى الخطة ، تم تشكيل مجلس الأهداف الذى ضم ممثلين من أغلب الأجهزة الإدارية فى المدينة ، لتقرير ما تم الحصول عليه من معلومات ومقترحات وأراء من المواطنين .[13]

وجدير بالذكر أن الأستفتاء الإدارى او أستطلاعات رأى المواطنين فى مجالات أنشطة وأعمال الإدارة ، قد أنتشر بشكل جيد فى الولايات المتحدة ، لاسيما فى الوقت الحاضر ، خاصة مع التقدم التكنولوجى التى شهده العالم والولايات المتحدة بصفة خاصة ، وهو مادعا معظم الأجهزة الإدارية إلى عرض أنشطتها وأعمالها وخططتها على شبكة الأنترنت وأخذ أراء المواطنين فى المشروعات التى تقيمها الإدارة بالموافقة او الرفض او بمقترحاتهم فى شأن تلك المشروعات .

 

وفى مصر ، فمن المؤسف إن الاستفتاء الادارى لا يعتبر من مناهج وأساليب الحياة العامة الادارية ، حيث أن المنهج العام هو سرية نشاط الادارة ، والاستفتاء الادارى او أستطلاع أراء المواطنين  فى تسيير شئون المرافق العامة يعتبر من أهم ملامح جوهر الشفافية ، إذ بموجبه لا يسمح فقط بالاطلاع او العلنية بل تسعى الادارة الى إعلام المواطنين بخططها او مشروعاتها وأخذ آرائهم فى شأنها من حيث الإنشاء او التعديل او الالغاء وهو ما يعد داخلاً فى إطار الشفافية الادارية التى لا يعرفها النظام المصرى عموماً .

ولقد راجع الباحث الكثير من التشريعات التى تحكم إدارة العديد من المرافق العامة فى مصر [14] ، فلم يجد بها أى نص يحتم او يلزم الادارة بالاستفتاء الادارى وأستطلاع آراء المواطنين عند إنشاء او إدارة تلك المرافق .

 

         ولقد أقترح الباحث الأخذ بمفاهيم الاستفتاء الادارى بأعتباره مظهراً من مظاهر الشفافية فى إدارة الشئون العامة ، وذلك فى أعمال تنظيم مرفق النقل الداخلى بمصر عن طريق أستطلاعات رأى المواطنين ( المستخدمين) فى معايير السلامة  وجودة النقل الداخلى . إذ يجب أن يعاد النظر فى تلك المعايير على اساس عدة قواعد منها ما تسفر عنه أستطلاعات رأى المواطنين ( المادة 13) من مشروع القانون المقترح فى شأن تنظيم النقل الداخلى فى مصر ، كما يجب وفقاً لنص المادة (13) ثانياً ، أن ينشأ الجهاز القومى لتنظيم النقل الداخلى موقعاً للجهاز على الانترنت ، ينشر من خلاله كافة الخطط المعتمدة ومعايير السلامة وجودة الخدمة لكل نشاط ووسيلة من وسائل النقل  كما تقرر وفقاً لاحكام الفصل السابع بشأن الاحكام العامة فى التنظيم الداخلى لعمل الجهاز القومى على وجوب أستحداث وظائف وأنشطة جديدة بالهيكل التنظيمى منها إدارة أنشطة وأعمال النقل عن طريق استطلاعات رأى الجمهور متلقى خدمات النقل ( م 47) كما بين مشروع اللائحة التنفيذية المقترحة – من الباحث - وجوب استطلاع رأى المواطنين عن طريق موقع وزارة النقل على شبكة الانترنت [15].

( 3) جلسات الاستماع والندوات والمؤتمرات العامة :

 وهى أنشطة تقوم بها الادارة عادة لاستطلاع والتعرف على آراء المواطنين فى شأن أعمال معينة تخطط لها الادارة ، ومن أمثلة ذلك مشروع تطوير اودية روندا ،حيث عقدت الادارة ، فى الولايات المتحدة الامريكية ، ثلاثة عشر أجتماعاً عاماً حضرها حوالى سبعة عشر آلاف مواطن ، ولقد أستخدمت الادارة فى تلك الاجتماعات العامة الافلام العديدة لتوضيح الحالة القائمة للوديان ، والحالة التى تأمل الادارة أن تصبح عليها تلك الاودية حسب ما يقترحه فنيو الادارة ، ثم طلبت من الحضور بيان وجهات نظرهم ومقترحاتهم ، ولقد أدلى 1200 مواطن ممن حضروا مقترحات حول الخطة ، سلطت الأضواء على نقاط فى الخطة كانت خافية على فنيى الادارة ، وأدت بهم الى تعديلها [16].

       

      ولقد تم أتباع هذا الاسلوب أيضاً فى خطة تطوير مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الامريكية ، حيث قامت الادارة بصياغة أربعة مشاريع خطط لنفس الموضوع تم عرضها بعد ذلك على المواطنين لاختيار أحدها وقد عقدت أجتماعات عامة فى مراكز تسمى مراكز الاختيار”center of choice”  تقام فى الحدائق العامة والمكتبات وأحياناً على الارصفة ، يمكن للمواطنين من خلالها مناقشة أهداف الخطة وتدوين آرائهم حولها والاجابة على الاسئلة التى توجهها الادارة لهم حول مشاريع الخطة ،  وتطوع 200 مواطن للعمل مجاناً فى هذه المراكز بعد أن تلقوا تدريباً على أسلوب مخاطبة المواطنين وشرح أهداف الخطة لهم [17].

       

      وجدير بالذكر أن المواطنين فى الولايات المتحدة الامريكية لم يتركوا موضوع مشاركتهم فى وضع الخطط المتعلقة بالمرافق العامة تحت رحمة الادارة ، إن شاءت تكرمت عليهم وأشركتهم وإن لم تشأ سارت فى طريق التخطيط بمفردها ، فلقد قامت فى الولايات المتحدة الامريكية منظمات أختيارية عديدة ، تمارس ضغوطها على الادارة وتقوم بتوعية المواطنين ، ومن هذه المنظمات على سبيل المثال " رابطة التخطيط المحلى لمدينة نيويورك "

“The Regional Plan Association of New York”  التى أسست لحث المواطنين على المساهمة فى مسائل التخطيط .ولقد نجحت فى حث العديد من المواطنين على المشاركة فى تخطيط مدنهم ، ولقد قامت هذه الرابطة انطلاقاً من أهتمام المواطنين ببيئتهم الى القيام باستطلاعات وأستقصاءات  واجتماعات ، ثم حللت العديد من الاجابات التى وصلتها ، ووضعت على اساسها مشروع خطة لتطوير المدينة طرحته للمناقشة العامة ، ولقد شارك فى تلك المناقشة أكثر من خمسة آلاف مواطن وتم أستخدام جميع وسائل الاعلام من إذاعة وتليفزيون وصحافة فى ذلك .

ولقد نتج عن هذه المبادرة ، أن كثر مقلدوها ، حيث ظهر فى الحياة الامريكية ما يسمى ب "  التخطيط من أسفل " ورغم أنه ليس لهذا النوع من التخطيط الذى تقوم به المنظمات الاختيارية أية قيمة رسمية ، إلا أنها كانت تؤثر دائماً فى الخطة العامة التى يضعها الجهاز الادارى فيما بعد[18] .

 وفى بريطانيا ، يستلزم ميثاق تخطيط المدن ,والقرى الصادر عام 1968

( Town and country planning act ) ضرورة إجراء مناقشة عامة من قبل المواطنين والادارة لمشروع  الخطة والقرارات الهامة قبل اتخاذها ، وفى مرحلة مبكرة من اعدادها ، بحيث يكون بالامكان اجراء التعديلات  عليها استناداً لما تسفر عنه المناقشات .

        كما تطلب الميثاق ضرورة أن تقوم الادارة العامة بعدة اجراءات قبل عرض الخطة على الوزير للتصديق .من ضمنها نشر مشروع الخطة ، بحيث يتمكن كل مواطن من الاطلاع عليها والاحاطة  بمضمونها وتمكينه بشتى الطرق من إيصال رأيه ومقترحاته الى الادارة المختصة .

لجنة سكفنجتون ومشاركة المواطنين :

        لم تكتف  الادارة البريطانية بما وصلت اليه من إشراك المواطنين فى اعداد الخطة ، بل قامت فى عام 1969 ممثلة بوزارة الاسكان والحكم المحلى بتشكيل لجنة أطلق عليها " لجنة سكفنجتون "  (A.M.Skeffington)   وضمت فى عضويتها ، أثنين وعشرون رجلاً وأربع سيدات مثلوا مختلف الوزارات والقطاعات الشعبية والمتخصصين فى موضوع الخطة . ولقد كلفت هذه اللجنة بالبحث عن أفضل الحلول والوسائل لتأمين دور أفضل للمواطنين للمساهمة فى اعداد خطط التطوير الخاصة بمناطقهم .

 و من بين توصيات اللجنة ما يلى :

1.    يجب أن يبقى المواطنون على علم دائم بما يتم بشأن الخطة خلال اعداد الخطة الخاصة بمنطقتهم .

2.    تمثيل  المواطنين فى لجان الخطة يجب أن يكون بارزاً  و مستمراً .

3.    على الادارة أن تتأنى فى صياغتها للقرارات لكى تعطى أكبر فرصة حقيقية للمواطنين لأبداء آرائهم واعلان ردود أفعالهم.

4.    كما أنه كلما كانت هناك حلول او مقترحات بديلة عن تلك المراد تضمينها الخطة ، فإن على الادارة أن تعلنها وتنشرها على المواطنين ، وتطلب منهم أختيار ما يحبذونه منها مع بيان الاسباب .

5.    على سلطات الخطة أن تدعو الى اجتماعات عامة فى مناطقها وأن تترك الفرصة للمواطنين لمناقشة الخطة بشكل جماعى ، وغيرها من المواضيع التى تهم منطقتهم ، كما يمكن لهذه الاجتماعات الجماهيرية أن تقوم ببعض المهام الادارية .

6.    على الموظفين المختصين تأمين إشتراك المواطنين الذين لا ينتمون الى منظمات فى المناقشات التى تجرى بخصوص الخطة على قدم المساواة مع غيرهم .

7.    يجب أن يحاط المواطنون علماً بما حل بمقترحاتهم ، وماذا تم أخذه منها بعين الاعتبار ، ولماذا رفض البعض الآخر .

8.    يجب أن يشجع المواطنون على المساهمة فى اعداد الخطة عند مراحلها الاولى .

هذا ولقد مارست الادارة فى برطانيا الكثير من تجارب اشراك المواطنين فى الخطة تنفيذاً لنصوص القوانين ومقترحات اللجان ومن ذلك اشتراك المواطنين فى التخطيط لتطوير ملتون كينس (Milton Keynes) ، حيث تم وضع مشروع الخطة ، وأرسل لكل بيت فى المنطقة نسخة شعبية من مشروع الخطة ، تضمنت شرح مبسط لمشروع الخطة دون أن يحتوى على أى نصوص فنية ، وبرفقتها ورقة تحمل مجموعة من الاسئلة صممت للحصول على ردود فعل المواطنين تجاه مشروع الخطة ، وبعد تلقى الردود تم عقد اجتماع عام دعى اليه مندوبو الصحافة ، وجميع أعضاء أجهزة الادارة المحلية فى المنطقة ، وممثلون عن العديد من الاجهزة المستقلة ، وكل منظمة إدارية او شعبية أعتقدت أن حضور ممثل عنها سيفيد فى وضع الخطة بشكل ملائم . لقد حضر الاجتماع  فوق خمسمائة  مواطن من بينهم السيد وود ( Green Wood) وزير التخطيط البريطانى . ولقد طرحت فى الاجتماع أسئلة وأجوبة جريئة ومفعمة بالحيوية ، أستطاع الحضور من خلالها طرح أنتقاداتهم على مسمع من الجميع ، ونوقشت جوانب الخطة بشكل أثبت نجاح الاجتماع .

وبعد هذا الاجتماع الذى ضم النخبة ، عقدت اجتماعات شعبية عديدة ، حضرها مواطنون عاديون ، ولقد تولى أعضاء لجنة التطوير ادارة تلك الاجتماعات وشرح أهداف الخطة بأسلوب سهل بسيط مستعينين بالافلام والصور عن وضع المنطقة الحالى ، والشكل المتوقع أن تصبح عليه بعد تنفيذ  الخطة .و لقد شجع على ابداء آرائهم وأقترحاتهم  مهما بدت لهم ساذجة وغير ذات أهمية ولقد أستمع أعضاء اللجنة الى أسئلتهم وأستفساراتهم ، وأجابوا عليها بشروح مفصلة مدعمة بالخرائط و المخطوطات ، و من الجدير بالذكر أن تلك الاجتماعات بلغت 25 اجتماعاً للبالغين ، 19 اجتماعاً لطلاب المدارس  أستخدمت فيها أساليب تتفق ومستوى ادراك كل منهم .[19]

وفى مصر ، إذا كانت الادارة تلجأ فى بعض الاحيان الى عقد بعض الندوات او المؤتمرات العامة لمناقشة أى أمر من أمور الشأن العام ، إلا انه ليس هناك أية قواعد موضوعية تلزمها بنتائج تلك الاجتماعات العامة والندوات والمؤتمرات . بل أكثر من ذلك أن الادارة نفسها قد تلجأ الى طرح دراسات أستشارية على المكاتب الاستشارية المتخصصة ، ثم لا تلتزم الادارة بتنفيذ ما ورد بشأن هذه الدراسات المؤسسة على أسس فنية وأدارية وتقنية من قبل أخصائيين متخصصين فى تلك المجالات . ويعزو ذلك لعدم وجود نصوص قانونية تلزمها بتسبيب او الافصاح عن أسباب عدم أخذها وتنفيذها لتوصيات الدراسة .ولقد شارك الباحث فى العديد من الدراسات الاستشارية التى من شأن الأخذ بما أنتهت اليه فنياً وأدارياً وتنظيمياً وتشريعياً ، تطوير ادارة المرافق العامة ، وبالرغم من ذلك وجد الباحث فى كثير من الاحيان أن تلك الدراسات قد يكون مصيرها بعض أدراج المكاتب فى الجهة الادارية التى طلبتها ، بل أكثر من ذلك عدم صدور أى قرار من السلطة المختصة بتلك الجهات بإلزام العاملين فيها بالاطلاع عليها ومناقشة ما ورد بها ، وهو الامر الذى يقتضى اعادة صياغة النظم القانونية واللوائح الداخلية الحاكمة لادارة المرافق العامة فى مصر.  

(4)-ٍالاقتراح الإداري :

        و تلك الصورة من صور الديموقراطية  ، تقابل الاقتراح الشعبى فى مجال الديموقراطية  السياسية . ويستلزم فى الاقتراح الادارى الاتاحة  الكاملة للبيانات والمعلومات المتعلقة بالاعمال الادارية حتى يمكن لمن يريد أن يتقدم باقتراح ما ، فى شئون تسيير المرافق العامة الادارية ومشروعات الادارة من الالمام بكافة العناصر حتى يأتى مقترحه سائغاً ومؤسساً على أصول وثوابت سليمة ، وإذا كان الاستفتاء الإداري مقتضاه أن تلجأ الادارة الى المواطنين لاخذ موافقتهم او رأيهم فى شأن عمل إداري معين ، فإن الاقتراح الإداري هو صورة مقتضاها أن يلجأ الموظفون او المواطنون من تلقاء أنفسهم الى اقتراح عمل ادارى معين يكون من شأنه توفير خدمة جديدة او تحسين خدمة قائمة اوتبسيط اجراءات تقديم او الحصول على خدمة ........ وهكذا

وينقسم الاقتراح الإداري على هذا النحو الى صورتين ، هما

4/1 – الاقتراح الإداري من قبل موظفي الادارة .

4/2- الاقتراح الإداري من قبل المواطنين المعنيين .

ونتناول الصورتين سالفتى الاشارة على النحو التالى :

4/1 – الاقتراح الادارى من قبل موظفى الجهة الادارية :

ويقصد بالاقتراح الإداري من قبل موظفى الادارة ، تلك المقترحات التى يتقدم بها موظف فى الجهة الادارية الى السلطات المختصة فى تلك الجهة باقتراح إنشاء او تعديل او الغاء عمل إدارى معين، كتقديم خدمة  او تعديل قواعد منحها او تبسيط إجراءات تقديمها ، دون أن يكون ذلك داخلاً فى أختصاصات ومهام الموظف طبقاُ لبطاقة وصف وظيفته . كأن يكون الاقتراح داخلاً فى نطاق أختصاص إدارة أخرى غير تلك التى يعمل بها الموظف . وبذلك يكون الاقتراح فى هذه الحالة تطوعى من الموظف . وقد يترتب عليه تحسين فى أداء الخدمات القائمة او تبسيط إجراءاتها او خفض تكاليف تقديمها او انشاء خدمات جديدة او غير ذلك من المسائل التى قد تشكل اصلاحاً فى الاداء المؤسسى للجهاز الادارى التابع له الموظف بشكل عام .

        والواقع أن الباحث لا يرى من حيث الواقع العملى توافر المناخ التنظيمى الملائم لإعمال هذه الصورة بشكل فعال فى وحدات الجهاز الإداري للدولة فى مصر ، إذ أنه فى الغالب ما يقتصر الامر على المقترحات التى تدخل فى مجال عمل الموظف وأختصاصاته الوظيفية والتى يتم رفعها الى الرئيس المباشر والذى بدوره يرفعها ، او لا يرفعها الى الرئيس الأعلى وهكذا .

        ويقتضى تفعيل صور الاقتراح الإداري من قبل الموظفين العمومين ، إيجاد نظام و مناخ تنظيمى يشكل بيئة مناسبة لنمو هذا النظام ، وذلك على غرار نظام حلقات الجودة اليابانية ( دوائر او فرق إدارة الجودة الشاملة ) ، وهى عبارة عن مجموعة من العاملين فى نفس المنظمة يتقابلون من وقت لآخر ، وفقاً لنظام محدد ، لمناقشة وبحث أسباب مشاكلهم ، بهدف تقديم مقترحات التطوير للإدارة العليا فى هذا الشأن ، ومن ثم يتم تعميم نتائج الاداء . وهذا المبدأ يقوم على مبادئ المشاركة الاختيارية والاتصالات المفتوحة واتخاذ القرارات من خلال الاداء الجماعى . ولقد بدأ هذا النظام فى مجال إدارة القطاع الخاص اليابانية . وللنجاح الكبير الذى حققه فى تطوير الاداء وتحسين الانتاجية فى هذا القطاع ، فقد شهدت الادارة العامة اليابانية تطبيقات جديدة لهذا النظام ، ومن أمثلة ذلك حالة حكومة مدينة هيتاشى اليابانية ، حيث يقدم حاكم المدينة مكافآت سنوية لأميز المقترحات من ناحية المحتوى والأهداف وأسس فى عام 1980 الحاكم “ Tomey Tachibana” المسئول التنفيذى الاعلى السابق لسكك حديد هيتاشى ، برنامج التحكم فى الجودة المعروف بعنوان ( تحرك الحرف "م " نحو الصفر ) وأستعمل ذلك النظام كأداة إدارية اساسية حتى عام 1994 ، حيث تم تبنى برنامج إدارة الجودة الشاملة إبتداءً من هذا التاريخ . وهناك تجارب أخرى عديدة قد حققت فيها الادارة العامة اليابانية نجاحاً فى تطبيق نظام دوائر الجودة الشاملة التى تقوم على فلسفة تقديم مقترحات من الموظفين لتطوير أداء المنظمات الادارية وبغض النظر عن كون تلك المقترحات تدخل فى مجال أختصاصاتهم الوظيفية أم لا . كما أن إدارة الجودة الشاملة شهدت أهتماماً واضحاً خلال السنوات الاخيرة بالعديد من الاقطار وطبقت بالولايات المتحدة الامريكية  كمبادرة للإصلاح خلال إدارة الرئيس "ريجان" ، وكذلك فإن تقرير نائب الرئيس " الجور " الخاص بإعادة اختراع الحكومة ، قد أكد  مؤخراً الحاجة لتكامل الجودة مع الأداء فى الوكالات الفيدرالية" .[20]

        وفى مصر تنص المادة (51) من قانون العاملين المدنين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 على أنه " يجوز للسلطة المختصة تقرير مكافأت تشجيعية للعامل الذى يقدم خدمات ممتازة او أعمالاً او بحوثاً او أقتراحات تساعد على تحسين طرق العمل او رفع كفاءة الأداء او توفير فى النفقات " ويرى الباحث أنه إذا كان أنطلاقاً من هذا النص ، فإن بمقدور السلطة المختصة فى منظمات الادارة العامة المصرية ، أن تضع نظاماً فعالاً لمقترحات العاملين على غرار نظام دوائر الجودة اليابانية . إلا أن الواقع العملى يبرهن على عدم وجود تلك الفلسفة القائمة على مفاهيم إدارة الجودة الشاملة اليابانية . ويقتضى الأمر أن ينص على ذلك صراحة فى القوانين المنظمة لأنشاء الأجهزة الادارية او فى القوانين واللوائح الداخلية المنظمة لشئون العاملين بتلك الجهات . ولقد أقترح الباحث بمسودة التشريع المقترح بشأن إصدار قانون تنظيم النقل الداخلى فى مصر بالفصل السابع من مشروع القانون تحت عنوان " أحكام عامة فى التنظيم الداخلى لعمل الجهاز القومى" بالمادة (47) على وجوب إنشاء نظام يكفل الأخذ بمفاهيم إدارة الجودة الشاملة ، وتوضح لائحة شئون العاملين ، ذلك بالاضافة للنظام المالى لتحفيز العاملين .[21]

4/2-الاقتراح الإداري من قبل المواطنين:

ويقصد بالاقتراح هنا ، تلك الاقتراحات التى تقدم بواسطة فرد او جماعة من المواطنين الى الادارة ، بقصد تحسين قيام الادارة بوظيفتها ،او لتوجيه النقد لقرار أصدرته الادارة . وغالباً ما تنصب مقترحات المواطنين على المقترحات التى من شأنها إصلاح ومعالجة بطء الإدارة وميلها الى التعقيدات البيروقراطية ، وعدم الكياسة فى العلاقات الانسانية ، كما تنطلق مقترحات المواطنين من الانتماء الوطنى للدولة ، وحب نهضتها وتقدمها . وفى الغالب ، فإن المرافق العامة للدولة المتصلة بالجمهور ، هى التى تحظى بالنصيب الاوفر من المقترحات .

4/2/1-المقترحات الهادفة الى تبسيط أساليب العمل :

فى فرنسا :

      ومن أمثلة ذلك ما أتبعته إدارة البوليس فى فرنسا فى المحاسبة ، وهى طريقة القيد الموحد ، وذلك لأن مواطناً قد لاحظ أن الصراف يضيع وقته فى تكرار ذات القيود . أما من حيث الاجراءات ألغت الادارة بناء على أقتراحات الافراد ، النظام الذى كان يجب بمقتضاه على من فقدوا بطاقة تحقيق شخصيتهم أن يحصلوا على شهادة من إدارة الاشياء المفقودة قبل أن يقدموا بلاغاً قانونياً عن الفقد أمام أحد رجال الضبط القضائى ، إذ أن الطلبات أظهرت أن مواطناً من كل مائة مواطن يستعيد بطاقته عن طريق ادارة  الاشياء المفقودة .

وفى أسبانيا:

     تكثر الطلبات  المقدمة من المواطنين الى الادارة والمتعلقة بالتأخير والاهمال والانحراف الملاحظ فى تسيير المرافق الادارية . مما أدى بالدولة الى تنظيم وصول هذه الطلبات والمقترحات وتجميعها فى مكاتب معينة تمهيداً لدراستها والاجابة عليها .

الديموقراطيات الماركسية :

         وفى النظم الإدارية لدول الديموقراطيات الماركسية تؤدى الطلبات والاقتراحات المقدمة من المواطنين مهمة أخرى كوسيلة من وسائل الرقابة ، ومما ذكرته السيدة تمسوفا Tomsova  فى هذا الصدد قولها أن الاحتجاجات الشعبية من إجراء غير سليم او من أهمال أحد أجهزة الإدارة ، ينتج عنها غالباً تصحيح لمسار تلك الاجهزة ، فهذه الاحتجاجات تحلل مرتين على الاقل فى كل عام ، ويقوم محللوها بدراستها بدقة ويقدمون على اثرها للجهات المختصة وجهات نظرهم بشأن الاجراءات التى يجب إتخاذها لمواجهة العيوب التى لوحظت .

 هذا ، وتختلف الجهات التى ترفع لها الطلبات والمقترحات ، ومن أهم وأشهر جهة جرت العادة بين الشعوب على رفع الطالبات والمقترحات اليها ، هى الرئاسة العليا للدولة .

 

 

4/2/2-رفع الطلبات الى الرئيس الاعلى للدولة :

أن هذا التقليد قديم قدم اول علاقة تقوم بين الحاكم والمحكوم ، فالتاريخ زاخر بسير الملوك الصالحين الذين كانوا يحسنون الاصغاء الى مطالب شعوبهم .ورغم قدم هذا التقليد فهو لا يزال مستمراً فى وقتنا الحاضر فمن المعتاد فى بلجيكا حتى الان أن توجه الطلبات الى الملك والى أعضاء الاسرة المالكة .

وفى هولندا تكثر الخطابات الموجهة الى الملكة ، وفى المملكة العربية السعودية ، يحدث هذا بكثرة ولا يكاد يمر يوم دون أن تقدم عشرات الطلبات الى ديوان جلالة الملك .

        وهذه الوسيلة لا يكاد يخلو منها أى بلد عربى ، بل أن عدداً من ملوك ورؤساء الدول العربية يخصصون مكاتب تابعة لهم مهمتها فرز طلبات المواطنين وتلخيصها وعرضها عليهم.وفى بعض الدول كالمملكة العربية السعودية لا يكتفى بتشكيل مكاتب لهذا الغرض وانما يخصص الملك جزءاً من وقته لاستقبال المواطنين وسماع آرائهم وانتقاداتهم ، بدلاً من اتباع سلسلة من الخطوات الرياسية المتدرجة .

        وإذا ما بحثنا عن أسباب التجاء المواطنين الى هذه الوسيلة أمكننا الجزم بأنها أكثر من أن تحصى ، إلا أن أهمها هو الاعتقاد بأن الادارة العامة تغلق أذنها عن سماع الملاحظات التى يبديها المواطنون العاديون ، وأن روح التضامن التى تربط بين رجال الادارة التابعين لسلك إدارى واحد تجعلهم يميلون الى الدفاع عن تصرفات زملائهم او الخاضعين لسلطاتهم .

4/2/3وسائل تشجيع الادارة للمواطنين على الاقتراح :

لقد وجدت الادارة فى أسلوب الاقتراح من جانب المواطنين وسيلة تحقق عدة غايات ، منها أنها تمتص نقمة المواطنين ومعارضتهم وفى نفس الوقت تشعر الادارة بأن المطالبة الجماهيرية بالمشاركة قد تحققت عن هذا الاسلوب ،، لذلك وجدناها تنشط فى سبيل الحصول على مقترحات المواطنين فأنشأت لذلك الصناديق والسجلات وقامت بتقديم المكافآت المالية لكل من يؤخذ باقتراحه.

وفيما يلى بعض من هذه الوسائل :

الوسيلة الولى : السجلات وصناديق الاقتراحات :

أن أسلوب انشاء السجلات او صناديق الاقتراحات هو اول الطرق التى يفضلها رجال الادارة للتعرف على ردود فعل المواطنين واقترحاتهم . فهذا الاسلوب يربح رجال الإدارة الراغبين فى أراحة ضمائرهم ، إذ أنهم متى أتموا أداء هذا الواجب وعلقوا صناديق الاقتراحات فإن أحداً لا يمكنه أتهامهم بأنهم يصمون الآذان عن ردود فعل المواطنين.وأقتناعاً من كبار الإدارين بهذا الاسلوب ، سعوا الى أستصدار قوانين تجبر الادارة  على مراعاة وضع صناديق أقترحات او سجلات فى متناول المواطنين .

 

فى المجر وبولندا:      

     وعلى سبيل المثال ، فإن كل منظمة او جهة أدارية فى المجر تلتزم بأن تضع فى متناول الجمهور كراسة طلبات يمكن لأى منهم أن يكتب فيها ملاحظاته او انتقاداته وطلباته. كما يوجد فى كل المحلات التى تديرها الدولة فى بولندا اعلان يلفت نظر المنتفعين الى حقهم فى تحرير طلباتهم ومقترحاتهم فى سجلات المحل او فى تسليمها شخصياً الى.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 284 مشاهدة
نشرت فى 1 يونيو 2013 بواسطة toukhy

ساحة النقاش

د.سامى الطوخى

toukhy
هاتف متحرك 00971501095679 البريد الالكترونى [email protected] دكتوراه في العلوم الإدارية والقانونية - بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى ، كلية الحقـوق جامــعة القاهرة . - حوالي 20 عاما من الخبرة العلمية والعملية في مجال التدريس والتدريب المتعلق بمجالات عديدة فى التنمية الإدارية والقانونية والقضائية فضلا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

259,033