د. سامى الطوخى - استشارى التدريب فى العلوم الادارية والقانونية والقضائية

أساسيات الإدارة الفعالة للمحاكم 

د.  سامى الطوخى

مدرب واستشارى التنمية الادارية والقانونية

أستاذ مساعد -اكاديمية الدراسات القضائية والتدريب المتخصص – جامعة زايد

وكيل مركز الاستشارات والبحوث والتطوير - كلية العلوم الادارية -اكاديمية السادات للعلوم الادارية

ملخص الدراسة

نستعرض فيما يلى ملخص لدراسة أساسيات الإدارة الفعالة للمحكمة 

مقدمة :

" الإدارة الفعالة للمحاكم احد المحاور الرئيسية لمنظومة الإصلاح القضائي     "

لماذا  حتمية الإصلاح القضائي  :

" بدون حماية حقوق الإنسان والملكية ، ووضع إطار شامل للقوانين ، لا يمكن تحقيق التنمية المنصفة "[1]

لقد تغيرت الدنيا مع مطلع الألفية الثالثة وتغير معها علم إدارة مرفق القضاء وبالتبعية إدارة المحاكم ، وفرضت عولمة الاقتصاد والاتجاهات الاجتماعية وعوامل أخرى عديدة مطالب جديدة على الأجهزة القضائية في مختلف أرجاء العالم ، خاصة في ظل تقدم تكنولوجي وتطور هائل في  مجال الاتصالات التي تتيح فرصا جديدة وحتمية لواضعي السياسات والخطط الإستراتيجية  لزيادة إمكانية الوصول إلى العدالة ودرجة شفافيتها وفعاليتها.

أن الإصلاح القضائي  - أي تحسين نوعية وكفاءة عملية تطبيق العدالة -   يتطلب تبسيط وترشيد القوانين والإجراءات ، وتعزيز استقلالية القضاة ، وتحسين إدارة المحاكم ، وموازنة  ) اقتصاديات) تكاليف تطبيق العدالة ، وتطوير المرافق المادية للمحاكم ، وتحسين التعليم والتدريب القانوني وكذلك انطباع المستخدمين عن النظام القانوني ، وزيادة إمكانية وصول الفقراء والفئات المحرومة الأخرى إلى العدالة ، وتحسين نوعية مهنة القانون ، وتوفير آليات بديلة لتسوية النزاعات ، ،وتقوية اثر قرارات (أحكام ) المحاكم على المجتمع بشكل عام  وجميع هذه  العناصر مترابطة ومتعددة الأبعاد وتستدعى الاهتمام بها على الأمدين المتوسط والطويل .

وتطبيق العدالة هو أساساً خدمة تقدمها الدولة إلى المجتمع من أجل الحفاظ على السلام الاجتماعي وتسهيل التنمية الاقتصادية من خلال تسوية النزاعات ، وتنفيذ العدالة الجنائية ، وإقرار القوانين .

" إن  علينا أن  ندرك الآن ، إننا نعيش ونعمل في إطار عالمي ، فإذا أردنا البقاء علينا بملاحقة المعايير الدولية لتحقيق عدالة ناجزه ، وإذا  أردنا الريادة والرفاهة علينا أن نصنع التغيير والتميز باستحداث معايير جديدة في أنظمتنا القانونية ونظام أداء أعمال المحاكم في مرفق القضاء  العربي  الإسلامي لإحراز قمم جديدة في ممارسات تنمية العدالة  عالميا ."

عناصر الإصلاح القضائي :

إن عناصر الإصلاح القضائي كثيرة ومتعددة الأبعاد ومترابطة ، حيث يمكن النظر إلى الإصلاح القضائي من زوايا مختلفة ( على سبيل المثال ، الزاوية القانونية أو التنظيمية أو المادية أو الاقتصادية أو المالية أو زاوية الموارد البشرية أو إمكانية حصول المستخدمين على الخدمات ) ، والعلاقة بين هذه العوامل ليست دائماً واضحة أو مؤكدة فعلى سبيل المثال :

·        عند النظر من زاوية قانونية ، ينصب التركيز على المدونات (التشريعات ) والإجراءات القانونية المختلفة مثل القانون المدني والقانون الجنائي وقانون العمل وقوانين الإفلاس وقوانين الضرائب .

·        ومن زاوية تنظيمية ، ينصب الاهتمام على الوظائف المؤسسية والتسلسل الوظيفي ، ونطاق التغطية ، والإحصاءات القضائية ، والكفاءة الإدارية والقضائية .

·         ومن زاوية الموارد البشرية ، ينصب التركيز على أنظمة الحوافز ، وأنظمة الرواتب والتدريب والترقية والإجراءات التأديبية ، وظروف العمل .

·        ومن زاوية اقتصادية ، يمكن أن ينصب التركيز الرئيسي على تكاليف الأداء السيئ للمحاكم ، وعدم التوازن بين العرض والطلب بالنسبة لخدمات المحاكم  ، ومنافع الإصلاحات وتكاليفها وإمكانية استمراريتها ، وتعقد المعاملات الخاصة بالنشاط الاقتصادي ، وأثر تكاليف المحاكم على تكاليف المعاملات .

·        ومن زاوية المستخدمين ، ينصب التركيز على العدل ، والكفاءة وإمكانية الوصول ، والثقة في النظام .

·        ومن زاوية المالية العامة ، ينصب التركيز على كفاية استخدام الموارد والشفافية والتنفيذ في  الوقت المناسب ، ومبررات  المنافسة على الموارد العامة الشحيحة .

·         ومن زاوية السياسات ، يجب توجيه الاهتمام إلى المصالح المكتسبة ، والقيادة ، والمساواة ، والعدل  والمسئوليات الائتمانية ، والرؤية المستقبلية وتحديد أهداف واقعية ، والشفافية والرغبة في الإصلاح ، والالتزام.

·        وأخيراً من زاوية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، يكون الهدف  هو تقاسم المعارف ، وتشجيع التغيير ، وإقامة شبكات الاتصالات ، والمكتبات ، وقواعد البيانات ، وأنظمة إدارة القضايا وأنظمة إدارة المحاكم ومدى تطبيق النظم الحديثة من أجل إدارة فعالة للمحاكم  . [2]

  إن الإدارة  الفعالة للمحاكم لا تختلف كثيرا عن بقية منظمات الأعمال من حيث وجوب إخضاع أنظمتها المختلفة لعمليات التغيير والتطوير والتحول إلى ما يسمى بعصر المحاكم الرقمية المتعلمة ، تلك المحاكم الحديثة التي لم يعد مجديا معها التعامل بمفاهيم علم الإدارة   التقليدية المعروف لدينا وإنما أصبح حتميا التحول لتطبيق المفاهيم الحديثة في علم الإدارة   بما يتوافق مع متطلبات عمل المنظمات الرقمية سريعة التعلم حتى يمكننا مواكبة التغيرات والتطورات المستمرة في أداء الأعمال الحديثة للمحاكم.

لقد تغيرت طبيعة إدارة  المحاكم كما نعرفها في  القرن العشرين ، حيث كان  الافتراض أن  الهدف من إدارة  المحاكم هو وضع الأهداف للعاملين لتنفيذها ، ووضع القواعد واللوائح لكي يسيروا عليها ، وتصميم " هيراركية " من أعلى إلى أسفل للسيطرة ، ووضع ضوابط رقابية ، والتفتيش لضمان  التنفيذ .

ولقد أصبح الافتراض - في  القرن إل 21 أن  الهدف من إدارة  المحاكم هو استثاره حماس القضاة ووكلاء النيابة ومعاوني القضاء والعاملين وأيضا بمشاركة فعالة من الإطراف المعنية ذات الصلة والتأثير وإفساح المجال لكل هؤلاء لتفعيل كافة قدراتهم الابتكارية ، والبحث عن رؤى مستقبلية وأمال مشتركة ، وتكوين قيم وقناعات مشتركة ،  وإعطائهم سلطات واسعة للتكيف مع الظروف المعاصرة والتأكيد على حقيقة أن إدارة المحاكم هي استخدام لمجموعة من النظم المتطورة في المجال الإداري والفني والتمويلي والتكنولوجي والقانوني و إدارة  الموارد البشرية . وأن المورد البشرى هو المورد الحقيقي في أي منظمة عدلية  وبالتالي فإن تمكين الموارد البشرية بالمحاكم أضحت تحتل مكانا محوريا في  إدارة  القرن إل 21 بل أكثر من ذلك فقد  تحولت إلى ركيزة أساسية هامة مؤثرة على فاعلية نظام الأسواق الداخلية بفعل العولمة والمنافسة الدولية .

ولقد أصبح من الضروري كنقطة انطلاق في  إدارة  المحاكم بفاعلية - أن  يكون ثمة  تخطيط يشمل تكوين رؤية مستقبلية  أو حلم مشترك لجميع الموارد البشرية بالمحكمة  ، ووضع أهداف متوازنة تجمع بين الأجل القصير والأجل الطويل .

وفي  مجال التنظيم ظهرت الحاجة الماسة إلى ضرورة تبنى تنظيمات مدمجة وإلغاء المستويات الإدارية  الوسطى وتوفير صلاحيات قرب التنفيذ والاعتماد على فرق العمل المدارة ذاتيا .

كما أن للقيادة أهمية كبيرة في شحذ الهمم بشكل لم يسبق له مثيل ، للقيام بمهام التغيير المطلوبة وظهرت أهمية القادة الذين يحبون التغيير ( القادة التحويليين ) كبديل للمديرين العاديين ( التبادليين ) كما ظهرت أهمية إعادة تشكيل قيم وقناعات المنظمة لإحداث التغيرات التي تتطلبها الظروف الجديدة وأصبح إعادة تشكيل حضارة المحكمة كمنظمة أعمال حديثة  هي الوظيفة الرئيسية للقيادة العدلية في  القرن ال  21 .

هذا وقد تغير مفهوم الرقابة مع المتغيرات العالمية المعاصرة وأصبح من الضروري الاهتمام بمعايير غير مالية معايير تجمع بين الأجل القصير والأجل الطويل بين أصحاب المصالح المختلفة ، لقد أصبح من الضروري تبنى مفهوم وأساليب الرقابة المتوازنة للأداء العدلي للمحاكم .

لقد أصبح واضحا الآن أن عملية صناعة القرارات الذكية العادلة بالمحاكم هي جوهر عملية الإدارة   بمعنى إنه لابد من تشخيص أي مشكلة تشخيصاً دقيقا وعدم التسرع في  إبداء الأسباب أو اتخاذ القرارات دون جمع معلومات كافية . كما أصبح من الواضح ضرورة تحديد الأهداف عند حل أي مشكلة ووضع الأولويات بدقة ووضع مصفوفة  بدائل للأهداف المختلفة وحساب المخاطرة  والقدرة على تحمل القرار .

والآن  عزيزي الدارس عليك أن  تعلم :

 

( أنك إما أن تجد الطريق ...... أو تصنع واحدا  ........

وأن العالم لا يفسح الطريق إلا للمرء الذي يعرف طريقه جيدا  )

 

وللإنك محور اهتمامنا لكونك أداة وهدف التنمية العدلية فسوف يتم تناول هذا الموضوع من خلال العناصر الرئيسية التالية :

أولا : تعريف إدارة  المحاكم .

ثانيا : أهداف ومهام إدارة المحاكم  .

ثالثا :  خصائص إدارة  المحاكم .

رابعا : مستويات الإدارة بالمحاكم  .

خامسا : مهارات الإدارة القضائية . 

سادساً : وظائف الإدارة بالمحاكم   .



[1]  . جيمس د .وولفنسون، رئيس البنك الدولي

[2] وليد حيدر مالك  العدالة الالكترونية : نحو الاستخدام الاستراتيجي لتكنولوجيات  المعلومات والاتصالات التي الإصلاح القضائي ، مؤتمر مراكش إستراتيجية لتحديث أجهزة العدالة التي البلدان العربية ، برنامج نظام الإدارة العامة التي المنطقة العربية وبرنامج الأمم المتحدة الانمائى / البنك الدولي / الحكومة المغربية ، 15-17 مارس 2002 .

  • Currently 93/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 761 مشاهدة
نشرت فى 21 ديسمبر 2008 بواسطة toukhy

ساحة النقاش

د.سامى الطوخى

toukhy
هاتف متحرك 00971501095679 البريد الالكترونى [email protected] دكتوراه في العلوم الإدارية والقانونية - بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى ، كلية الحقـوق جامــعة القاهرة . - حوالي 20 عاما من الخبرة العلمية والعملية في مجال التدريس والتدريب المتعلق بمجالات عديدة فى التنمية الإدارية والقانونية والقضائية فضلا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

258,987