موقع ملك الخواتم

كل بداية صعبة ومشوار الألف ميل يبداء بخطوة

 

إن من أجمل ما يجعل لغتي تأسرني هو اقترانها الملفت بعلم الصوت أو على وجه التحديد بمعنى الصوت. فهي بالإضافة لجزالتها وتدرج معاني مفرداتها. تمتاز عن غيرها من اللغات الأجنبية باختزالها الملفت لمعاني الأصوات, ولا يعتبر هذا الموضوع جديدا, فهناك الكثير منى الرسائل والمقالات حوله, إلا أن ما دفعني للكتابة فيه حيوية هذه اللغة التي نسمعها ليل نهار , فالكثير من الأسماء والأفعال في اللغة العربية تكاد تكون توثيقاً حاضراً للصوت والاسم أو الحدث, فأنت عندما تسمع لفظة "حفيف الورق ", تكون قدمت توثيقاً لطيفاً للمخاطب عن صوت الحفيف, كذلك عند نطقك لفظة " مطرقة " أو " منشار " فتجد مثل هذه الأسماء تختزل الكثير من أصوات مسمياتها.

   لا يقف الحال عند اختزال الصوت فقط, إنما يتعداه ليشمل وصف الحال وضده , ففيما يتعلق بوصف الحال فأنت عندما تتلفظ بلفظة "ضرع" تجد استناد اللفظة في نطقها على مخارج لفظية رطبة أو تحتاج لبلل في نطقها , بعكس لفظة "جاف" التي لا تحتاج إلى مثل هذه هذه الرطوبة, كذلك الأمر بالنسبة إلى لفظة "قفل" فتجدها بدأت بحرف حلقي قوي, لتنتهي بحرف لساني مخنوق, يقطع بشكل مفاجئ قوة الحرف الحلقي, في حين تجد أن الفعل "فك" المشدد, يتضمن معنى الإطلاق بعد التسكين ليختزل معنىً لطيفاً من معاني الانطلاق المادي , وقس على ذلك أيضا لفظة " انْفَتَحَ" فتجدها تنقسم إلى مقطعين :(إن..فتح) فأنت تشعر عند تلفظك المقطع الأول بخنقه لطيفة, ما تلبث أن تنفرج حال نطقك المقطع الثاني, لتشعر بانفتاحٍ بمجموعتك الفموية ولهاة ولسانٍ وفكين, كذلك الحال في الكلمات التالية "سهل و"صعب" لاحظ حروف بناء لفظة " سهل" ستجد سلاسة باندماج السين والهاء مع حرف الآم, في حين تلاحظ في لفظة "صعب" تشاحن مخارج حروف الصاد مع العين والباء , كذلك الأمر في ( صَعَدَ , نَزَلَ , أَخَذَ , أَعْطَى , شَدَّ , أَرْخَى ) والأسماء مثل ( سِكين , فرشاة , قُلَة ,شَفْرة , صَخْرة , ماء , طَيْف ) أو الأفعال ( كَسَرَ , نَحَرَ , عَدَلَ , نَعَثَ) إلى ما هنالك من ألفاظ.

   أعتقد أن اللغة العربية وعاء الأدب وليس فقط وعاء الدين, ويجب استغلال قدرتها على الاختزال بخلق أدب للأطفال, يكون سهلاً لطيفاً يرسخ قيمة هذا الوعاء المعجز في نفوس الأطفال , لقربه من خاطرهم وطبيعة الأصوات .

   وفي الختام وددت ذكر موقف لطيف جرى بين الإمام الشافعي وغلام بعثه في سفر فبعد أن رجع الغلام من السفر سأله الإمام عن رحلته فأجاب الغلام "وجدت قوماً لهم صنائع مختلفة, كان منهم من يضع صفيح حديد رقيق به صلابة مسننٌ من أوله لآخره يضعه فوق جذع الحطب, ثم يأخذ بشده ذهاباً وإياباً, فيخرج منه صوت كأنه يقول شِرِنْخْ حَا...  شِرِنْخْ حَا".

 

 

المصدر: خاص
toooom73

مستمع جيد افضل من متكلم ممتاز

  • Currently 46/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 322 مشاهدة
نشرت فى 2 مايو 2011 بواسطة toooom73

ساحة النقاش

ملك الخواتم

toooom73
»

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

50,739