تؤكد جميع الأبحاث والدراسات العلمية والطبية, العلاقة الطردية بين الضغوطات النفسية وإصابات الشرايين, بسبب استنفارها لتدفق الهرمونات العصبية التي تؤدي إلى إحداث اعتلال في جدران الأوعية الدموية.
كما إن ظهور ارتفاع نسبة الكوليسترول الضار (LDL) في الدم, وارتفاع ضغط الدم الشرياني, من ذات النتائج والتي بدورها تؤدي إلى إحداث تصلب الشرايين, ومنها الشرايين المغذية للقلب, الشرايين الدماغية مما يؤدي إلى الإصابة بالجلطات.
ومن اهم الضغوطات المؤثرة العمل الوظيفي الظاغط نفسياً, المتصف بالتوتري وعدم الاستقرار مثل العمل طويل الأمد أو المجهد, أو العمل الروتيني, أو اختلال فدرة الشخص على إتقان العمل, أو شعور العامل بالغبن وقلة الحوافز المالية والاجتماعية, أو قناعته بوجوده في عمل اقل من كفاءته ومؤهلاته العلمية, أو تدن القدرة على الانسجام مع رفقاء العمل إجتماعياً, أو وجوده في ظروف إدارية تسلطية أو قمعية.
اضطراب الارتباط العاطفي
والضاغط النفسي الآخر سوء العلاقات الزوجية والعائلية كالطلاق, أو الانفصال, أو اضطراب العلاقات الاجتماعية المتصاعدة والتي تفاقمت بسعة انتشار الهواتف الخلوية, والرسائل الالكترونية حيث أنها تقلل من الاحتكاك الاجتماعي باللغة الجسدية والعاطفية المباشرة.
أما الشعور بتدني الأمن الاجتماعي يشكل ضاغطاً نفسياً على حاضر الإنسان ومستقبله مما يؤدي إلى الشعور الدائم بالتوتر وعدم الارتياح وبالتالي إختلال الهرمونات العصبية وإعتلال الأوعية الدموية على المدى البعيد وتصلبها. فتوازن الدخل الاقتصادي مع متطلبات الفرد بحيث تتناسب والحاجات الأساسية على الأقل لحياته من العوامل المهمة لإستقرار الأمن الإجتماعي.
حدة التوتر النفسي
ومن السائد في مجتمعنا كثيراً من الأنماط والسلوكيات الاجتماعية السلبية الضاغطة نفسياً, وبالتالي زيادة حدة التوتر النفسي ومضاعفاتها العضوية, فمثلاً النمط الغذائي كالعشوائي غير المتزن (المأكولات الشعبية التي تؤدي إلى البدانة) أو نقص التغذية السليمة, وتصاعد انتشار عادة التدخين في مجتمعاتنا, وتدني التمارين الرياضية, وتدني مزاولة الترويح عن النفس والسياحة, ورفاهية الفرد ما بعد العمل, كل ذلك يؤدي إلى إحداث التوتر النفسي, مما يؤدي إلى إصابة الشرايين الدموية مباشرة, وارتفاع الكولسترول الضار, وسكر الدم والضغط الشرياني.
وعليه لا بد للجهات المسئولة صحياً على الحرص على التوعية الصحية ونشر الثقافة الصحية بشكل مؤسسي كي تنعكس على الفرد والمجتمع بشكل ايجابي صحياً وذلك من خلال تسهيل سرعة الإقدام على المعالجة الطبية, والالتزام بالفحوصات الطبية الدورية, وأخذ أعراض المرض على محمل الجد لتحسين الوضع الصحي وتثبيط الضغوطات النفسية إلى أدنى الحدود.
توفير نظام التوازن
ولا بد للجهات المسئولة في المؤسسات الخاصة والعامة من توفير نظام التوازن السليم في السُلم الوظيفي ونظام المكافئات من حيث كفاءة الفرد وطبيعة العمل, وتوفير الحوافز لعطائه الفكري والعملي والعلمي, والشعور بالأمان في تثمين مدى عطاءه في عمله من المؤسسات المسئولة عنه, وغياب تدخل عوامل العلاقات الشخصية والمحسوبية, والتسلط, والقمع الإداري وتوفر الحرية والعدالة لمشاركته في القرارات, وتبني سياسة الانجاز قبل الولاء لإصحاب السلطات الإدارية. وهي للأسف الظاهرة السلبية التي تسود في مجتمعات دول العالم الثالث, وتوفير القوانين التي من شأنها حمايته ورعايته صحياً, واجتماعياً, وإقتصادياً, وعلى قدر كافٍ من الثقة بتطبيقها على ارض الواقع.
ساحة النقاش