السراج المنير في الطب العربي والإسلامى



المقدمةالحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل لـه ومن يضلل فلا هادي لـه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وبعد:
فلقد كانت الرؤيا ولا زالت في العصور المتقدمة والمتأخرة موضع جد واهتمام لدى أصحابها.
وإذا نظرت إلى القرآن وجدت أن الله تعالى قد قص فيه شيئا من ذلك وكأنه سبحانه يدعونا إلى الاهتمام بها وبتعبيرها.
وانطلاقا من هذا التوجيه الإلهي المتمثل في الاهتمام بالرؤيا وجدنا الكثير من الناس يهتمون بها حتى أصبحت الرؤيا تمثل شيئا مهما في حياتهم.
بل وأصبحت الرؤيا بابا من أبواب الدعوة إلى الخير وترك الشر فكم من أناس كانوا على غير هدى فجاءت الرؤيا لتأخذ بنواصيهم إلى طريق الهدى والنور بل كم من أناس كانوا على الكفر والشرك فجاءت إليهم الرؤيا لتكون سببا في هدايتهم إلى الإسلام.
فقد روى الحاكم في مستدركه عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص قديما وكان أول إخوانه أسلم، وكان بدء إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار فذكر من سعتها ما الله به أعلم ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحقويه لئلا يقع ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إن هذه لرؤيا حق فلقي أبا بكر بن قحافة فذكر ذلك لـه فقال أبو بكر: أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها وأبوك واقع فيها، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجياد فقال: يا محمد إلى ما تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله فسر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه.
فهذه رؤيا كانت سببا في إسلام خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه، وغير خالد الكثير.
ولما كانت الرؤيا بهذه المنزلة العظيمة كان ولابد من عرضها على أهل الخبرة من معبريها فلا تقص على حسود لدود ولا على جاهل قولـه مردود بل تقص على أهل العلم والفضل من العلماء العالمين من أهل الفقه في الدين.
ومما يؤسف لـه أن الكثير أخطأوا في جانب الرؤيا وأعني بالخطأ هنا الخطأ الناتج من صاحب الرؤيا والناتج من المعبر فإن صاحب الرؤيا تجده لا يتحرى من يعبر لـه رؤياه بل يعرضها على من هو ليس بأهل للتعبير وبالتالي تضيع الفائدة المرجوة من الرؤيا.
أما الخطأ الناتج عن المعبر فهذا أمر للأسف استشرى في مجتمعاتنا فتجد الرجل الذي لا يصلح للتأويل والتعبير يتجرأ على تعبير الرؤى وهذا مما لا شك فيه جهل بأحكام ديننا الحنيف.
وانطلاقا من مبدأ النصح لكل مسلم جعلت هذه الرسالة الصغيرة في بيان فضل الرؤيا وخطورة التجرؤ على تعبيرها وبخاصة من غير المجيدين للتعبير، والله اسأل أن ينفع بها وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أبو محمد ـ أ. د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
الزلفي ص . ب 188 الرمز 11932
تعريف الرؤيا والحلم:
الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء ولكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح ويستعمل كل واحد منهما موضع الآخر( ).
قلت: وعلى ذلك تكون الرؤيا والحلم من الألفاظ المترادفة يعني أن كلا منها يؤدي نفس المعنى للآخر.
قال القاسمي: قال التوربتشي: الحلم عند العرب يستعمل استعمال الرؤيا والتفريق بينها من الاصطلاحات التي سنها الشارع للفصل بين الحق والباطل كأنه كره أن يسمى ما كان من الله وما كان من الشيطان باسم واحد، فجعل الرؤيا عبارة عن الصالح منها لما في الرؤيا من الدلالة على المشاهدة بالبصر أو البصيرة، وجعل الحلم عبارة عما كان من الشيطان، لأن أصل الكلمة لم يستعمل إلا فيما يخيل للحالم في منامه من قضاء الشهوة مما لا حقيقة لـه. انتهى( ).

حقيقـة الرؤيـا:
اختلفت أقوال الناس في بيان حقيقة الرؤيا بين التفريط والإفراط ولذا قال المازري:
كثر كلام الناس في حقيقة الرؤيا وقال فيها غير الإسلاميين أقاويل كثيرة منكرة لأنهم حاولوا الوقوف على حقائق لا تدرك بالفعل ولا يقوم عليها برهان وهم لا يصدقون بالسمع فاضطربت أقوالهم. انتهى المراد ذكره( ).
قلت ولكن حقيقة الرؤيا فيما ذكره ابن حجر حيث قال وقال الحكيم أيضا وكل الله بالرؤيا ملكا اطلع على أحوال ابن آدم من اللوح المحفوظ، فينسخ منها ويضرب لكل من قصته مثلا، فإذا نام مثل تلك الأشياء على طريق الحكمة لتكون لـه بشرى أو نذارة أو معاتبة، والأولى قد تسلط عليه الشيطان لشدة العداوة بينهما، فهو يكيده بكل وجه، ويريد إفساد أموره بكل طريق، فيلبس عليه رؤياه، إما بتغليطه فيها، وإما بغفلته عنها( ).
قال ابن القيم رحمه الله في بيان حقيقة الرؤيا: إنها أمثال مضروبة يضربها الملك الذي قد وكله الله بالرؤيا ليستدل الرائي بما ضرب لـه من المثل على نظيره ويعبر منه على شبهه( ).
الفرق بين الرؤيا والحلم والإلهام:
لقد ذكرنا طرفا من ذلك عند تعريفنا للرؤيا والحلم والذي ينبغي معرفته أن نصوص القرآن والسنة جاءت ببيان التفرقة بينهما وسنذكر طرفا من ذلك وقبل أن نشرع في بيان الفرق بينهما نقول إن الإلهام لا يرجع إلى القواعد المعتبرة في الرؤيا والحلم وذلك لأنه لا يقع إلا للخواص بل لا يقع إلا لخواص الخواص فهو وحي باطن خفي ويحرم منه الفاسق العصي لاستيلاء وحي الشيطان عليه.
أما الفرق بين الرؤيا والحلم:
قال الله تعالى في سورة يوسف:[قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين] ( ).
قال الإمام الطبري رحمه الله: يقول تعالى ذكره:قال الملأ الذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤيا: رؤياك هذه [أضغاث أحلام] يعنون أنها أخلاط رؤيا كاذبة لا حقيقة لها.
وهي جمع ضغث و (الضغث) أصله الحزمة من الحشيش يشبه بها الأحلام المختلطة التي لا تأويل لها و (الأحلام) جمع (حلم) وهو ما لم يصدق من الرؤيا( )
وقال ابن كثير رحمه الله: [أضغاث أحلام] أي أخلاط أحــلام اقتضته رؤياك هذه [وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين]. أي لو كانت رؤيا صحيحة من أخلاط لما كان لنا معرفة تأويلها وهو تعبيرها( ).
وقال تعالى في الرؤيا: [إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور] ( ).
قال ابن كثير رحمه الله: قال مجاهد أراهم الله إياه في منامه قليلا وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك فكان تثبيتا لهم وكذلك قال إسحاق وغير واحد( ).
ومن خلال هاتين الآيتين يتبين لنا الفرق بين الرؤيا والحلم.
إن الرؤيا ليست باخلاط وإنما هي موزونة لا اختلاط فيها ولا إشكال ويمكن تعبيرها وتأويلها. بخلاف الحلم فإنه أخلاط ورؤيا كاذبة لا حقيقة لها أي لا تأويل لها وهي غالبا تكون من تلاعب الشيطان بالإنسان فللشيطان مكايد يحزن بها بني آدم وصدق ربنا حين قال:
[إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون]( ).
فالشاهد من هذه الآية أن الشيطان يحزن الإنسان أحيانا فيريه في منامه ما يكره.

أما ما جاء في السنة من التفريق بينهما فمنها:
1- حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان)( ).
2- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره)( ).
3- عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم فليتعوذ منه وليبصق عن شماله فإنها لا تضره)( ).
وهناك أحاديث أخرى تدل على أن هناك فرقا بين الرؤيا والحلم وخلاصة الأمر في الفرق بينهما:
أن الرؤيا هي التي تتضمن بشرى للعبد بخير يصيبه دنيا وأخرى أو إنذارا أو تحذيرا له من الوقوع في شيء قد يعرض له فهذا من لطف الله تعالى بعبده أن ينذره ويحذره قبل أن تعرض عليه هذه الأشياء لينتبه لها.
أما الحلم فهو كما ذكرنا أخلاط لا حقيقة لها بل مداره على الفزع والحزن وغير ذلك مما فيه ما يكرهه الإنسان.

الأمور التي ينبغي مراعاتها في الرؤى والأحلام:
من رحمة الله بعباده أن شرع لهم أمورا عند رؤية ما يحبونه وما يكرهونه فما هو المشروع في حقهم؟
أولا : الرؤيا الصالحة وما يشرع فيها:
1- أن يعلم أنها من الله ، كما قال صلى الله عليه وسلم (الرؤيا الصالحة من الله..)( ).
وقال أيضا (إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله..)( ). وإضافتها إليه إضافة تشريف وإلا فالكل من الله يعني الحلم.
2- أن يحمد الله عليها:
ودليل ذلك قولـه صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري السابق وفيه (.. فليحمد الله عليها...).
3- أن يحدث بها: وهذا ورد أيضا في حديث أبي سعيد السابق ولكن التحدث بها ليس لكل أحد بل لا يحدث بها إلا من يحب ففي بعض الروايات (فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يخبر إلا من يحب)( ).
4- أن لا يقصها إلا على ذي رأي ولب وحكمة وعلم ونصح.
فعن أبي رزين العقيلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رؤيا المؤمن جزء من أربعين جزءا من النبوة وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها، فإذا تحدث بها سقطت) قال وأحسبه قال: (ولا تحدث بها إلا لبيبا أو حبيبا)( ).
وفي رواية أخرى (ولا يقصها إلا على واد أو ذي رأي)( ).
(واد) بتشديد الدال اسم فاعل من الود أو ذي رأي وفي رواية أخرى (ولا يقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح)( ).
فهذه جملة من الأدلة على أنه ينبغي على من رأى رؤيا أن لا يقصها إلا على من هو معروف بالعلم والنصح والحكمة في تعبير رؤياه ولذا قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله في بيان الحكمة في عرض الرؤيا على أهل العلم والنصح قال:
أما العالم فإنه يؤولها لـه على الخير مهما أمكنه وأما الناصح فإنه يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه وأما اللبيب وهو العارف بتأويلها فإنه يعلمه بما يعول عليه في ذلك أو يسكت وأما الحبيب فإن عرف خيرا قاله وإن جهل أو شك سكت( ).

فنصيحتي لمن رأى رؤيا صالحة حسنة إن أراد تعبيرها فعليه أن يتحرى ويبحث عمن فيه هذه الصفات التي جاءت بها نصوص السنة فإن خالف في ذلك فقد ترك السنة وهذا تنبيه أردت أن أنبه عليه وبخاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الرؤى والأحلام.
ثانيا : أما الحلم:
فله ما يخصه من أمور جاءت بها نصوص السنة المباركة تطييبا للنفوس وإذهابا للأحزان التي قد يصاب بها المرء عند رؤيا حلم يفزعه أو يقلقه.

فمن الأمور التي ينبغي مراعاتها وفعلها لمن رأى حلما:
أولا : الاستعاذة من شرها: والدليل حديث أبي سعيد الخدري السابق وفيه: (وإذا رآى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها...)( ).
ثانيا : الاستعاذة من الشيطان: دليل ذلك حديث أبي قتادة وفيه (.. والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم فليتعوذ منه..)( ).
ثالثا : أن يبصق عن شماله: ودليله حديث أبي قتادة (... وليبصق عن شماله).
رابعا : الإيقان بأنها لا تضره: وهذا في غاية الأهمية لارتباطه بجانب مهم وهو جانب الاعتقاد فلا بد أن يعتقد أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم صدق وأنها حقا لا تضره، دليل ذلك نفس حديث أبي قتادة وفيه قال صلى الله عليه وسلم (وليبصق عن شماله فإنها لا تضره).
خامسا : التحول عن جنبه: ففي صحيح مسلم عن جابر مرفوعا (إذا رآى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق على يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه)( ).
سادسا: أن يقوم فيصلي: دليل ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه قال صلى الله عليه وسلم (... فإن رآى أحدكم ما يكره فليقم فليصل...)( ).
سابعا : قراءة آية الكرسي: دليل ذلك حديث أبي هريرة المشهور والذي فيه تعليم إبليس أبي هريرة لآية إذا قرأها لم يقربه شيطان ثم ذكر هذه الآية فقال صلى الله عليه وسلم (صدقك وهو كذوب).
قال ابن حجر رحمه الله: ورأيت في بعض الشروح ذكر سابقة وهي قراءة آية الكرسي ولم يذكر لذلك مستندا فإن كان أخذه من عموم قوله في حديث أبي هريرة (ولا يقربنك شيطان) فيتجه وينبغي أن يقرأها في صلاته المذكورة( ).

قلت: والصواب والله أعلم أن يقرأها عند إرادته أخذ مضجعه لورود ذلك في النص وإن قرأها في صلاته فلا بأس لكنه خلاف الأولى.
ثانيا : أن لا يحدث بها أحدا: كما جاء ذلك في حديث أبي سعيد الخدري السابق وفيه (ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره)( ).
أما الحكمة في ذكر هذه الأشياء فقد ذكرها بعض أهل العلم نوردها بإيجاز.
1- أما الاستعاذة من شرها: لأنها مشروعة عند كل أمر يكره.
2- أما الاستعاذة من الشيطان: لأن هذه الرؤيا منه وأنه يخيل بها بغرض تحزين الآدمي والتهويل عليه كما ذكرنا ذلك سابقا.
3- أما البصق أو التفل يسارا: وذلك لطرد الشيطان وإظهار احتقاره واستفزازه وقيل بأن التفل أو البصق للتبرك بتلك الرطوبة والهواء المقارن للذكر الحسن وأما كونها من اليسار أو كون البصق عن اليسار لأنها محل الأقذار ونحوها. وأما كون البصق ثلاثا قيل للتأكيد وكونها ثلاثا لتكون وترا.
4- أما كونه يعتقد أنها لا تضره: معناه أن الله جعل ما ذكر سببا للسلامة من المكروه.
5- أما الصلاة: لأن فيها لجوءا إلى الرب سبحانه وتعالى ولأن في التحريم بها عصمة من السوء وبها تكمل الرغبة وتصح الطلبة لقرب المصلى من ربه عند سجوده.
6- أما التحول: فهو للتفاؤل فإنه به يتفاءل العبد بتحول تلك الحال التي كان عليها.

ولكن هناك تنبيهات لابد من إيرادها:
التنبيه الأول: ينبغي أن يجمع بين هذه الروايات كلها ويعمل جميع ما تضمنته فإن اقتصر على البعض أجزأه في دفع ضررها بإذن الله، ومعنى قولنا إن اقتصر على البعض يعني أن يقتصر على حديث واحد جامعا بما فيه لأنه لم يأت حديث في الاقتصار على واحدة فقط كما ذكر.
التنبيه الثاني: أن العبد إذا قام فصلى فقد جمع بين جميع ما ذكرناه وذلك لأن في الصلاة تحولا عن جنبه وبصقا ونفثا عند المضمضة في الوضوء والاستعاذة عند إرادة قراءته في الصلاة أما الدعاء فيها فإنه إن شاء الله سيكفيه شرها ولا تضره.
التنبيه الثالث: جاءت بعض النصوص في السنة تبين لنا صفة التعوذ عند رؤية ما يكرهه الإنسان في منامه.
ففي سنن سعيد بن منصور ومصنف بن أبي شيبة ومسند عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي قال: (إذا رآى أحدكم في منامه ما يكره فليقل إذا استيقظ أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله من شر رؤياي هذه أن يصيبني فيها ما أكره في ديني ودنياي)( ).

أهميـة الرؤيــا:
قد يسأل سائل فيقول هل هناك حاجة للرؤيا وما وجه أهميتها ما دامت الأمور بقضاء الله وقدره؟
نقول لقد جاءت آيات من كتاب رب العالمين وكذا جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بذكر الرؤيا والدعوة إلى الاستعاذة منها.
وهذا يدل على عظمها وشرفها فكم من رؤيا صالحة كانت سببا في هداية عاص وكم من رؤيا حسنة كانت حرزا من الوقوع في المهلكات وإذا أردنا أن نعدد الجوانب الحسنة التي تدل على فضل الرؤيا وأهميتها لوجدنا الكثير فانظر معي إلى بعض ما جاء في القرآن:
في قولـه تعالى:[يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى]( ).
فقد كانت رؤياه عليه السلام بمثابة التشريع لهذه الأمة ولذا شرع الله لنا الأضحية.
وانظر إلى يوسف عليه السلام ورؤياه تجد فيها من العجب قال تعالى في بيان فضل تعلم تأويلها.
[وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث]( ).
فالعلم بتأويل الرؤيا علم ممدوح شرعا ولما كان العلم بها ممدوحا كانت هي كذلك ممدوحة.
وانظر إلى سورة الأنفال حينما تتحدث عن غزوة بدر حيث قال تعالى لنبيه: [إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور] ( ).
فقد أرى الله تعالى نبيه أن الكفار قلة مع أن الواقع يدل على خلاف ذلك حيث كان عددهم أكثر من تسعمائة وعدد المسلمين ثلاثمائة مقاتل ومع ذلك أرى نبيه قلتهم ليكون تشجيعا للمؤمنين وتحريضا لهم على قتالهم ولذا قال تعالى بعد ذلك [يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين]( ).
وانظر إلى رؤياه صلى الله عليه وسلم في فتح مكة حين رآها قبل أن يفتح مكة قال تعالى: [لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا]( ).
فكانت الرؤيا بمثابة التطمين له صلوات الله وسلامه عليه ولأصحابه بأنه ستفتح لهم مكة وقد كانت كما رأى صلى الله عليه وسلم.
ولو أردنا أن نتحدث عن الرؤيا مع أنبياء الله ورسله لوجدنا فيها الكثير ولكن نريد أن ننبه على أمر مهم وهو أن رؤيا الأنبياء ليست كرؤيا سائر البشر لأن رؤيا الأنبياء وحي من الله تعالى.
أما عن أهمية الرؤيا في حق آحاد الناس فهي بمنزلة البشرى والنذارة فالبشرى لصاحبها بما ينفعه في دنياه وآخرته فإن كان على طاعة مثلا ثبت على هذه الطاعة وجاهد في المحافظة عليها وإن كان على معصية كانت الرؤيا بمثابة التخويف له من عذاب الله وسخطه وإنذاره وتحذيره من البقاء عليها فإن لم يكن فيها إلا ذلك فكفاها فضلا وتعظيما، فكم كنا نسمع عن أناس عصاة لا يصلون أو يتعاملون بالربا أو يؤجرون استراحتهم لأصحاب المعاصي والمنكرات وغيرهم. وكم كانت الرؤيا سببا رادعا في تحولهم إلى الاستقامة على طاعة الله وانصرافهم عما كانوا عليه.
وخلاصة القول في ذلك أن الرؤيا فيها من المنافع ما الله به عليم وهي من جملة نعم الله على عباده من بشارات المؤمنين وتنبيه الغافلين وتذكرة المعرضين وإقامة الحجة على العائدين قال صاحب التمهيد:
(وعلم تأويل الرؤيا من علوم الأنبياء وأهل الإيمان وحسبك بما أخبر الله من ذلك عن يوسف عليه السلام وماجاء في الآثار الصحاح فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم وأجمع أئمة الهدى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين أهل السنة والجماعة على الإيمان بها وعلى أنها حكمة بالغة ونعمة يمن الله بها على من يشاء وهي المبشرات الباقية بعد النبي صلى الله عليه وسلم)( ).

أنواع الرؤيـــا:
جاءت نصوص السنة ببيان أنواع الرؤى ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا) والرؤيا ثلاثة:
1- رؤيا بشرى من الله عز وجل.
2- ورؤيا مما يحدث الإنسان نفسه.
3- ورؤيا من تحزين الشيطان.
فإذا رأى أحدكم ما يكره فلا يحدث به – وليقم وليصل والقيد في المنام ثبات في الدين والغل أكرهه( ).
ففي هذا الحديث بيان بأقسام الرؤيا وجاء في سنن ابن ماجة من حديث عوف بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)( ).
ومن نظر في النصوص التي ذكرت وغيرها مما لم يذكر يجد أن الرؤيا لا تخرج عن هذه الثلاث ونجملها فيما يلي:
1- الرؤيا الصالحة أي الرؤيا الحسنة التي لا تشتمل على شيء يكرهه الرائي بل فيها مصلحة دينية أو دنيوية.
2- الرؤيا التي تسمى رؤيا الخاطر التي سماها صلى الله عليه وسلم بما يحدث الإنسان به نفسه وحقيقة هذه أن يكون البال مشغولا ثم يحصل النوم فيرى هذا الشيء المشغول به فهذا مما لا يضر ولا ينفع.
3- الرؤيا التي هي بمثابة التحزين للرائي والتي هي من قبل الشيطان وقد تكلمنا عنها فيما سبق.

أقسام الناس في الرؤيــا:
ذكرنا فيما سبق أقسام الرؤيا هذا باعتبار الرؤيا أما باعتبار الرائي فهي أيضا أقسام وذلك بحسب صدق الرائي وبهذا الاعتبار أي اعتبار الرائي قسم أهل العلم أحوال الناس في رؤياهم إلى ثلاثة أقسام:
أقسام الناس باعتبار الرؤيا:
1- أنبياء. 2- صالحون. 3- مستورون.
4- فسقة. 5- كفار.

أولا: رؤيا الأنبيـــاء : وهم أصدق الناس رؤيا بلا شك لأنهم أصدق الناس قولا وعملا ولذا كانت رؤيا نبينا صلى الله عليه وسلم كفلق الصبح لأنها وحي من الله تعالى إليه. وذكرنا جانبا من جوانب رؤيا الأنبياء فيما سبق.
ثانيا: رؤيا الصالحين: وهم في المرتبة الثانية بعد أنبياء الله ورسله والغالب على رؤياهم الصدق لكن منها ما يحتاج إلى تعبير ومنها ما لا يحتاج إلى تعبير بل تدل على الأمر دلالة واضحة. قال صلى الله عليه وسلم (... وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا)( ). وقال أيضا (الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)( ).
ثالثا: رؤيا المستورين: أي من حالهم مستور لهم صلاة وزكاة وحج وغيره من الطاعات لكنهم مقصرون في البعض ولهم بعض الذنوب التي هي دون الشرك فهم أيضا لهم رؤيا ولكن هؤلاء أحيانا تأتيهم الرؤيا التي هي من الله وتأتيهم الرؤيا التي هي من الشيطان فيرون هذه تارة وهذه تارة.
رابعا: رؤيا الفساق: ورؤياهم يقل فيها الصدق ويكثر فيها الأضغاث الذي هو من تلاعب الشيطان.
خامسا: رؤيا الكفار: وهي التي يندر فيها الصدق وذلك لخبثهم وكفرهم بالله ورسله وغالبها من الشيطان لكن قد يرون رؤيا صادقة لكن هل هي من الوحي أو نقول بأنها جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة: أجاب الإمام القرطبي عن ذلك فقال: وإن قيل: (إذا كانت الرؤيا الصادقة جزءا من النبوة فكيف يكون الكافر والكاذب والمخلط أهلالها.
فالجواب أن الكافر والفاجر والفاسق والكاذب وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات لا تكون من الوحي ولا من النبوة إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره ذلك نبوة وقد تقدم في (الأنعام) أن الكاهن وغيره قد يخبر بكلمة الحق فيصدق، لكن ذلك على الندور والقلة وكذلك رؤيا هؤلاء ( ).

العلامات التي يستدل بها على معرفة الرؤيا:
أولا : علامات الرؤيا الصالحة:
(1) أن تكون خالصة من الأضغاث والأوهام المفزعة المقلقة.
(2) أن تكون مما يصلح إدراكه في اليقظة فلا يرى في المنام أمرا يجمع بين متضادين كأن يرى إنسانا قائما جالسا.
(3) أن لا يكون الإنسان نائما وباله مشغول بأمر ما فإن الغالب على مثل هذه الرؤيا أن تكون رؤيا تحديث الإنسان بما يقع في نفسه كأن يكون عطشانا فيرى في المنام أنه شرب أو جوعانا فيرى أنه يأكل وغير ذلك.
(4) أن تكون هذه الرؤيا قابلة للتأويل وموافقة لما في اللوح المحفوظ فإن كانت رؤيا تارة يرى فيها كذا وتارة يرى فيها كذا وهكذا فهذه لا تسمى رؤيا صالحة صادقة لأن كون الرؤيا صالحة لابد من تناسقها وترتيبها على الوجه الذي يمكن تأويلها به.
ثانيا: أما عن الرؤيا التي هي من عمل الشيطان فهي بخلاف ما ذكرناه تماما فإن اشتملت على تحزين وأوهام وخوف وغيره فلا ينظر إليها لكونها من عمل الشيطان.
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:والفرق بين الأحلام التي هي أضغاث أحلام لا تأويل لها مثل ما يراه من يفكر ويطيل تأمله لبعض الأمور فإن كثيرا ما يرى في منامه من جنس ما يفكر في يقظته فهذا النوع الغالب عليه أنه أضغاث أحلام لا تعبير له.
وكذلك نوع آخر ما يلقيه الشيطان على روح النائم من المرائي الكاذبة والمعاني المتخبطة فهذه أيضا لا تعبير لها ولا ينبغي للعامل أن يشغل بها فكره، بل ينبغي لـه أن يلهى عنها وأما الرؤيا الصحيحة فهي إلهامات يلهمها الله للروح عند تجردها عن البدن وقت النوم أو أمثال مضروبة يضربها الملك للإنسان ليفهم بها ما يناسبها وقد يرى الشيء على حقيقته ويكون تعبيره هو ما رآه في منامه( ).

ضوابط تعبيـر الرؤى:
تمهيـد:
إن مما يؤسف لـه في هذه الأزمنة المتأخرة أن كثر المعبرون للرؤى ولا نعني بذلك أهل الخبرة بالتعبير والتأويل ولكن نعني من تجرأ عليها بدون وعي ولا إدراك وظن أن الأمر سهل ونسي أنها ما دامت جزءا من النبوة فلا يجوز التجرؤ عليها وعلى تأويلها إلا بالعلم وقوة الإدراك فكم سمعنا عن أناس عبروا الرؤيا بأمور غير صحيحة فأفسدت على الرائي أمور دنياه فقطعت الرحم المأمور بإيصالها وتشتت الأسر المأمور باجتماعها كل ذلك بسبب تعبير خاطىء.
ولما كانت الرؤيا تأخذ جانبا كبيرا من جوانب حياة بعض الناس كان ولابد من وضع ضوابط للتعبير وقبل أن ندخل في بيان ضوابط تعبير الرؤيا نتساءل فيما بيننا لماذا تجرأ البعض على التعبير دون علم؟ هذا سؤال ينبغي أن نجيب عليه نظرا لخطورة هذا الأمر وكثرة من يقع فيه.
فمن الأسـباب :
(1) ضعف الوازع الديني: إن الوازع الديني هو المحرك للقلوب وهو العاصم لها بعد توفيق الله من الوقوع فيما لا ينبغي، فلو أن كل عاص تذكر أن دينه لا يسمح لـه أن يتقول على الله بلا علم ماتجرأ على ذلك بل تحرى ما يصلحه في أمور دينه ودنياه.
(2) الغفلة عن الآخرة: فإن أهل التأويل المتطفلين أي الذين لا يعبثون ولا يقدرون الأمور تقديرها هم في الحقيقة غافلون عن الآخرة ووقوفهم بين يدي الله تعالى.
فقد تكون الرؤيا بمثابة دعوة إلى استقامة أو دعوة إلى أن يتخلص صاحبها من أمور منكرة هو واقع فيها فإذا بالمعبر لها يعبرها بطريقة خطأ فما كان من الرائي إلا أن بقي على ما هو عليه وبالتالي لا يستقيم على طاعة ولا يقلع عن معصية وهنا يكون المعبر سببا في هلاكه وعذابه يوم القيامة وهنا سيسأل المعبر عن تعبيره الخاطىء ما دام أنه ليس أهلا للتعبير.
ومن الأسباب أيضا:
(3) حب الشهرة: وهذه أعظم آفة يصاب بها بعض معبري زماننا وذلك لكثرة الرؤى في هذه الأزمنة.
(4) قلـة العلـم: ونعني بالعلم هنا العلم الشرعي الموصل إلى معرفة الرب سبحانه ومعرفة شرعه. فلو علم هؤلاء حقيقة المعبود وحقيقة شرعه ما تجرؤوا على ذلك.
قال تعالى:[ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا]( ).
وخلاصة هذا الأمر أني أذكر إخواني بما قاله الإمام مالك في ذلك حين سئل:
قيل لمالك: أيعبر الرؤيا كل أحد؟ فقال أبالنبوة يلعب؟
وقال مالك : لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها فإن رأى خيرا أخبره وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت، فقيل هل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال إنها على ما تأولت عليه؟ فقال: لا ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة( ).

الضوابط المعتبرة في تعبير الرؤيا:
إن من محاسن شريعتنا أنها جعلت لكل ما فيه صلاح لأفرادها ومجتمعاتها ضوابط لكي لا ينحرف أفرادها عن الطريق المستقيم حفاظا على كيان الأفراد والمجتمعات، ولما كانت الرؤيا منزلتها عظيمة في ديننا كان ولابد من وجود ضوابط معتبرة لكي يهتدي بها أصحابها عند إرادة تعبير رؤياهم، وهذه الضوابط لا شك أنها تخدم المعبر قبل أن تخدم صاحب الرؤيا لأن الخطر الأعظم ليس في حق الرائي وإنما في حق صاحب التأويل وقد ذكرنا ذلك آنفا، فما هي الضوابط المعتبرة إذا لكي يسلم الأفراد وتسلم المجتمعات ممن يقومون بتأويل الرؤيا دون علم ولا إدراك؟
نقول وبالله التوفيق: هناك ضوابط معتبرة لصاحب الرؤيا وضوابط معتبرة للمعبر:
أما الضوابط المعتبرة في صاحب الرؤيا:
(1) إذا أراد أن تصدق رؤياه فليكن الصدق خلقه وليحذر الكذب والغيبة والنميمة.
(2) يستحب أن ينام على وضوء لتكون رؤياه صالحة.
(3) التزام العفة فإن غير العفيف يرى الرؤيا ولا يذكر شيئا منها لضعف نيته وكثرة ذنوبه ومعاصيه.
(4) أن لا يقصها على جاهل أو عدو فإن الرؤيا على رجل طائر ما لم يحدث بها فإذا حدث بها وقعت.
(5) أن لا يقصها على معبر وفي بلده أو في وطنه من هو أحذق منه في التعبير ألا ترى ما جاء في ملك مصر حين رأى ما رأى فقص رؤياه على معبري بلده فقالوا لـه أضغاث أحلام فسأل عنها يوسف فعبرها لـه.
(6) أن يحترز من الكذب في رؤياه قال صلى الله عليه وسلم (من كذب في الرؤيا كلف يوم القيامة عقد شعيرتين، ومن كذب على يمينه لا يجد رائحة الجنة وإن أعظم الفرية أن يفترى الرجل على عينيه يقول رأيت ولم ير شيئا).

أما الضوابط المعتبرة في حق المعبر:
(1) أن يكون عالما حاذقا بعلم تأويل الرؤى.
(2) أن لا يؤولها إلا بعلم وإدراك.
(3) إذا قصت عليه الرؤيا أن يقول خيرا أو يقول خيرا تلقاه وشرا تتوقاه.
(4) أن يكتم على الناس عوراتهم فلا يذهب فيقول فلان رأى كذا أو كذا مما فيه كشف لعوراته ونحوه.
(5) أن لا يعبر الرؤيا إلا بعد أن يتعرف ويميز كل جنس وما يليق به.
(6) أن يكون فطنا ذكيا تقيا نقيا من الفواحش عالما بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولغة العرب وأمثالها وما يجري على ألسنة الناس.
(7) أن لا يعبر الرؤيا وقت الاضطرار.
(8) أن يعبر الرؤيا على مقادير الناس ومذاهبهم وأديانهم وبلدانهم مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى وسؤاله التوفيق والسداد في تعبيره للرؤيا.
(9) إذا لم يمكنه تأويلها فإن الأولى أن يحيلها على من هو أعلم منه بالتأويل ولا يتحرج في ذلك.
(10) إذا كانت الرؤيا فيها شيء يكرهه صاحبها فإنه يصمت أو ليقل خيرا وذلك بأن يدعو صاحبها إلى التزام تقوى الله ويذكره بوقوفه بين يديه وينصح لـه وغير ذلك مما فيه مصلحة.
(11) أن ينوي بتعبيره التقرب إلى الله بذلك لأن هذا كان مسلكا من مسالك الأنبياء يعني مسلك التعبير فإن نواه على أنه قربة إلى الله أجر على ذلك.
(12) أن لا يعبر الرؤيا حتى يعرف لمن هي ولا يعبرها على المكروه وهي عنده على الخير ولا على الخير وهي عنده على المكروه.
أما عن تعبير الرؤيا وطريقة ذلك، فاعلم أن تأويلها ينقسم إلى أقسام قال ذلك الإمام البغوي رحمه الله:
الأول: قد تكون بدلالة القرآن كتأويل الحبل بالعهد كقوله تعالى:[واعتصموا بحبل الله جميعا].
الثاني: قد تكون بدلالة السنة كتعبير القوارير بالنساء كقولـه صلى الله عليه وسلم: (يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير).
الثالث: قد تكون بالأمثال السائرة بين الناس. كالصائغ يعبر بالكذاب لقولهم: أكذب الناس الصواغون.
الرابع: قد يكون مستندا إلى الأسماء والمعاني: (أي التفاءل فيها) كمن رأى رجلا يسمى راشدا فيعبر بالرشد وسالما يعبر بالسلامة.
الخامس: أنه قد يكون التأويل بالضد والقلب كالخوف في النوم يعبر بالأمن والأمن يعبر بالخوف والضحك بالحزن وهكذا( ).
وهنا أختم هذه الضوابط بما قاله العلامة ابن سعدي – رحمه الله – في ذكره للفوائد من سورة يوسف عليه السلام.
ومنها أن علم التعبير من العلوم الشرعية وأنه يثاب الإنسان على تعلمه وتعليمه وأن تعبير الرؤيا داخل في الفتوى لقولـه للفتيين [قضي الأمر الذي فيه تستفتيان].
وقال الملك [أفتوني في رؤياي] وقال الفتى ليوسف [أفتنا في سبع بقرات] فلا يجوز الإقدام على تعبير الرؤيا من غير علم( ).
قلت: وإذا كان علم التأويل نوعا من الإفتاء فليعلم المعبر أنه يوقع إمضاء الله على إفتائه كما قال ذلك الإمام أحمد – رحمه الله -.
الآثار السلبية لبعض المعبرين - من غير المجيدين -:
ذكرنا فيما سبق خطورة تأويل الرؤيا على غير مرادها وذكرنا بعض الأسباب التي أدت إلى التجرؤ عليها لكن هل هناك آثار سلبية يؤدي إليها هذا التعبير الخاطيء.

نعم هناك سلبيات كثيرة تحدث من جراء التعبير الخاطيء للرؤيا منها:
(1) أن بعض الناس يضعف توكلهم على الله تعالى وذلك باعتمادهم على رؤياهم فقد يحدث للإنسان أن يرى رؤيا فتفسر له على حصول شيء له فينظر هذا الشيء دون الأخذ بأسباب تحصيله إن كان خيرا أو الأخذ بأسباب اجتنابه إن كان شرا وهذا أمر مشاهد ومن هنا يضعف التوكل.
(2) ومن الآثار السلبية للرؤيا إثارة الخوف والفزع عند الناس. مما تجده عند تعبير الرؤيا وذلك إذا عبرت من حاذق تجد أن من عبرت لـه يصاب بخوف ورعب من هذا التعبير ونحوه فلو سكت المعبر عن تعبيره أخذا بأسباب السلامة لـه ولصاحبها لكان أولى وأسلم.
(3) ومن الآثار السلبية أيضا الاعتماد عليها الذي يؤدي إلى الكسل والبطالة عند كثير من الناس فتراهم إذا وجدوا شيئا فيه خير لهم اعتمدوا عليه مما يؤدي إلى ركونهم إلى هذه الرؤيا وبالتالي يحدث الكسل والبطالة.
(4) ومن الآثار السلبية لبعض المعبرين غير المجيدين: ظلم الآخرين والاعتداء عليهم. فقد يرى بعض الناس رؤيا ثم تعبر لـه بطريق الخطأ فيقال لـه هناك بعض الناس عدو لك فإما أنه يخبره به أو يصفه لـه وبالتالي يحدث هنا الظلم للآخرين الذي يترتب عليه الاعتداء عليهم إما بالضرب أو السب أو ذكرهم بما لم يكن فيهم ونحوه.
(5) ومن الآثار السلبية أيضا تخريب البيوت وهذا أمر مشاهد ومعروف فقد يرى بعض الناس أمرا ما فيعبر لـه على أن زوجته أو أحد أقاربه يقولون في حقك كذا أو أن زوجتك يحصل منها كذا مما يكرهه هو وبالتالي يحدث أشياء تؤدي إلى خراب هذا البيت أو قطع صلة رحم.
(6) ومن الآثار السلبية أيضا تساهل كثير من النساء في الكلمات دون حاجة تذكر وهذا مما يعاني منه الكثير وهذا ناتج بلا شك عن الجهل بأحكام الرؤيا وتعبيرها.
(7) ومنها أيضا أن بعض الناس قد يصاب بأمر ما فيري رؤيا فيعبرها لـه فلان من الناس الذي هو غير مجيد لها فيقول لـه إن فلانا من الناس هو الذي أصابك بهذا السحر أو العين وما شابه ذلك وهذا من أعظم الأمور خطرا فإنه يوقع العداوة والبغضاء بين العشائر والقبائل ويترتب عليه أيضا أمور لا ينبغي ذكرها وهذا بلا شك ناتج عن جهل المعبر لهذه الرؤيا.

الفوائد المستنبطة من رؤيا يوسف عليه السلام :
قال الله تعالى:[إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين * قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين * وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحق إن ربك عليم حكيم]( ).

الفوائد الـمستنبطة:
الفائدة الأولى: مشروعية قص الرؤيا على أهل العلم والفضل فيعقوب نبي وهو من أهل العلم والفضل ولذا قصها يوسف عليه ولعلمه بتأويله لها.
الفائدة الثانية: معرفة يعقوب عليه السلام برؤيا يوسف وغايتها وما تؤول إليه ووسائلها التي تتقدم عليها ففسر الشمس والقمر بأبيه وأمه والأحد عشر كوكبا بإخوته وأن الحال سيكون بأن الجميع سيسجد لـه.

الفائدة الثالثة: حصول المكانة العظيمة ليوسف عند أبويه عند رؤياه التي قصها عليه ولذا تراه كان معظما تعظيما بليغا عندهم.

الفائدة الرابعة: أن حصول الرؤيا الصالحة لا تكون لكل البشر فلا تحصل لأهل العلوم الفاسدة والأعمال الخبيثة الذين ينشرون الرذيلة في المجتمعات بل لا تكون إلا لأهل الاجتباء من الله فلا تحصل إلا لأهل العلوم النافعة والأعمال الصالحة والأخلاق الجميلة. ولذا قال يعقوب ليوسف : [وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث].

الفائدة الخامسة: أن من علم أن المكاره والمشقات تفضي إلى الخير والراحات تسلى وهانت عليه مشقتها وسهلت عليه وطأتها وحصل بذلك من اللطف والروح شيء عظيم وهذا من جملة اللطف الذي أشــار إليه يوسف في قوله: [إن ربي لطيف لما يشاء]( ).
فيوسف عليه السلام عند تفسير رؤيا أبيه لـه علم أنه ستكون لـه مكانة عظيمة ولكن لا يكون ذلك إلا بعد حصول مكروه لـه فيجب عليه أن يصبر فكأن يعقوب بذلك يريد أن يسهل على ابنه وطأة ما يحصل لـه وهكذا ينبغي لكل معبر أنه إذا عبر لإنسان رؤياه وكان مآلها إلى خير لكن بعد حصول مكروه للرائي فإنه يدعو الرائي إلى الاستعداد ولمقابلة ما يحدث له.

الفائدة السادسة: البشارة العظيمة ليعقوب وأم يوسف وأخوته بحصول الرفعة والصلاح والخير.
الفائدة السابعة: أنه يتعين على الإنسان أن يعدل بين أولاده وينبغي لـه إذا كان يحب أحدهم أكثر من غيره أن يخفي ذلك ما أمكنه وأن لا يفضله بما يقتضيه الحب من إيثار بشيء من الأشياء فإنه أقرب إلى صلاح الأولاد وبرهم له واتفاقهم فيما بينهم.
ولـهذا لـما ظهر لأخوة يوسف من محبة يعقوب الشديدة ليوسف وعدم صبره عنه وانشغاله به عنهم سعوا في أمر وخيم وهو التفريق بينه وبين أبيه.
الفائدة الثامنة: في قوله تعالى:[لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين]( ). ففيها الآتي:
(1) أن الأصل أن لا تقص الرؤيا إلا على شفيق أو ناصح ولا تقص إلا على من يحسن تأويلها.
(2) أن يحذر المسلم أخاه المسلم وإن كان أخاه في النسب مما يخاف عليه.
(3) جواز ترك إظهار النعمة عند من يخشى غائلته حسدا وكيدا.
(4) فيها أيضا دليل واضح على معرفة يعقوب بتأويل الرؤيا فإنه علم من تأويلها أنه سيظهر عليهم.
(5) أنه يجوز ذكر الإنسان بما يكره على وجه النصيحة لغيره وهذا لقوله تعالى:[ فيكيدوا لك كيدا]( ).
الفائدة التاسعة: في قول إخوة يوسف لأبيهم:[يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين]( ).
أن العبرة في حال العبد بكمال النهاية لا بنقص البداية فإن أولاد يعقوب جرى منهم ما جرى في أول الأمر مما هو أكبر أسباب النقص واللوم ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح والسماح من يوسف ومن أبيهم الدعاء لهم بالـمغفرة.
الفوائد المتسنبطة من رؤيا ملك مصر:
قال الله تعالى:[وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون * قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين]( ).
الفائدة الأولى: أن مكانة الرؤيا عظيمة في نفوس أصحابها فكان ولابد من عرضها على أهل تأويلها ولذا أرسل الملك إلى أهل العلم منهم والبصر بالكهانة والنجامة والعرافة والسحر وأشراف قومه وقص عليهم رؤياه( ).
الفائدة الثانية: أن هذه الآيات أصل في صحة رؤيا الكافر وأنها تخرج على حسب ما رأى لا سيما إذا تعلقت بمؤمن فكيف إذا كانت آية لنبي، ومعجزة لرسول وتصديقا لمصطفى التبليغ( ).
الفائدة الثالثة: قال الإمام القرطبي: في الآية دليل على بطلان قول من يقول: إن الرؤيا على أول ما تعبر لأن القوم قالوا: [أضغاث أحلام] ولم تقع كذلك فإن يوسف فسرها على سني الجدب والخصب، فكان كما عبر وفيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر فإذا عبرت وقعت)( ).
قلت: وكلام الإمام القرطبي رحمه الله فيه نظر لأن الذي قال بأن الرؤيا على رجل طائر فإذا عبرت وقعت هو النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجة عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت) قال الراوي وأحسبه قال: (لا يقصها إلا على واد يعني محب أو ذي رأي)( ).
الفائدة الرابعة: قوة يوسف عليه السلام في تعبير الرؤيا فلما عجز الناس عن تفسير رؤيا الملك للبقرات والسنبلات بالسنين الخصبة والسنين الجدبة.
ووجه المناسبة أن الملك به ترتبط أحوال الرعية ومصالحها وبصلاحه تصلح وبفساده تفسد.
وكذلك السنون بها صلاح أحوال الرعية واستقامة أمر الناس أو عدمه. وأما البقر فإنها تحرث الأرض عليها ويستقي عليها الماء. وإذا أخصبت السنة سمنت وإذا أجدبت صارت عجافا.
وكذلك السنابل في الخصب، تكثر وتخضر وفي الجدب تقل وتيبس وهي أفضل غلال الأرض.
الفائدة الخامسة: أنه ينبغي للمسؤول أن يدل السائل على أمر ينفعه مما يتعلق بسؤاله ويرشده إلى الطريقة التي ينتفع بها في دينه ودنياه فإن هذا من كمال نصحه وفطنته وحسن إرشاده، فإن يوسف لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك بل دلهم – مع ذلك – على ما يضعون في تلك السنين المخصبات من كثرة الزرع وكثرة جبايته( ).
الأصول المتبعة في رؤيا النبي  في المنام:
كثيرا ما نسمع أن بعض الناس رأى النبي صلى الله عليه وسلم وكل هذا لا شك حق ولكن ترى هل الأمر على إطلاقه بمعنى هل كل من رأى رؤيا وزعم فيها أنه النبي صلى الله عليه وسلم نصدقه ابتداء دون وضع ضوابط لزعمه.
لا شك أنه لابد من وجود ضوابط معتبرة وهذه الضوابط وضعها النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)( ).
ولـه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل بي الشيطان)( ).
ولمسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي)( ).

من نظر إلى هذه الأحاديث وجد أنها جاءت بعدة أمور:
الأمر الأول: ثبوت رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فإذا جاء إليك أحد فقال لك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم لا تكذبه.
الأمر الثاني: أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ليست مقصورة على أهل الصلاح بل العصاة كذلك يرونه وذلك لأن الأحاديث لم تخصص بل جاءت عامة ولذا قال الإمام النووي ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم تكون للصالحين وغيرهم.
الأمر الثالث: أن الشيطان لا يمكنه أن يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا من تمام حفظ الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.
الأمر الرابع: أنه ينبغي معرفة صفة النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية لكي تعرف هل هو أم لا لأن الشيطان يستطيع أن يكذب ولكنه لا يستطيع أن يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا جاء الرجل وقال إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فنقول لـه نعم لكن صف لنا ما رأيت فإن قال رأيت رجلا طويلا يلبس عمامة كبيرة وثوبا يجرجر على الأرض ليس لـه لحية وبيده مسبحة طويلة فنقول لـه هذه ليست رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا شيطان لأن الشيطان يستطيع أن يأتي بهيئته التي جاءت بها نصوص السنة المعروفة من كونه صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ولحيته كانت كذا وثوبه كان كذا فإن جاءت بخلاف ذلك فأعلم أنها ليست برؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في فتح المنعم( ):
(لكن لابد من معرفة صفاته صلى الله عليه وسلم لأن الشيطان يلبس على ابن آدم بكل طريقة وفي كل مجال، فقد يخيل للشخص أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يره بل من تلبيس الشيطان، ولا يفيد قول المثال المرئي : أنا رسول الله، ولا قول من حضر معه: هذا رسول الله لأن الشيطان يكذب لنفسه ويكذب لغيره وقد ضل في هذا الشأن خلق كثير من الصوفية ونحوهم والعياذ بالله.

* وسنذكر هنا بعض صفاته صلى الله عليه وسلم الخلقية لكي يتعرف من رآه في منامه هل رآه حقا أم هو من تلبيس الشيطان له:
(1) كان صلى الله عليه وسلم ربعة من الرجال (يعني مربوعا وهو ما بين الطويل والقصير).
(2) بعيد ما بين المنكبين.
(3) ليس بالطويل البائن ولا بالقصير.
(4) ولا بالأبيض الأمهق ولا الآدم (والمعنى أنه ليس كريه البياض كلون الجص ولا شديد السمرة ولكن هو بين ذلك).
(5) أزهر اللون، مشربا بحمرة في بياض ساطع كأن وجهه القمر حسنا.
(6) ضخم الكراديس: أي ضخم رؤوس العظام أو ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين.
(7) أوطف الأشغار والمعنى طويل أهداب العينين.
(8) أدعج العينين: أي شديد سواد العينين.
(9) واسع الفم مفلج الأسنان براق الثنايا.
(10) حسن الأنف.
(11) ضخم اليدين.
(12) كث اللحية واسعها.
(13) أسود الشعر ليس بالجعد القطط ولا بالسبط لـه شعر يبلغ شحمه أذنيه، لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرون شيبة.
هل ينبني على الرؤيا حكم شرعي؟
سؤال قد لا يرد على عقول أهل البصيرة والالتزام إذ كيف يسوغ لأحد من البشر أن يجعل أحكام الشريعة مصدرها الرؤى والأحلام، ولكن حين تقرأ كتب الأولين تجد أن هناك من ضل في هذا الجانب وبخاصة غلاة الصوفية الذين يرتكبون المحرمات ويتركون الواجبات بحجة رؤياهم التي هي بلا شك وحي من الشيطان وليست بوحي من الرحمن فلا تستغرب من قوم يقولون (حدثني قلبي عن ربي أن أفعل كذا) أو يقول (أخذتم علمكم عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت) يعنون أن علمهم جاء عن طريق الإلهام الرباني الذي قذفه الله في قلوبهم ولذا تراهم لا يبالون بفعل محرم أو ترك واجب هذا فضلا عن شركهم وكفرهم القولي والعقدي.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في الاعتصام في رده عليهم:
فلربما قال بعضهم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ف

المصدر: http://www.m-islam.com/
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 315 مشاهدة
نشرت فى 9 سبتمبر 2012 بواسطة tebnabawie

سالم بنموسى

tebnabawie
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,214,432