على باب السجن مجتمع نسائي ليس كمثله خارجه.. لا يتحدثن كغيرهن عن المطبخ والديكور والأزياء والتجميل.. فليس لديهن من يتجملن لأجله..

على باب السجن.. نساء يكدن لا يتحدثن من ثقل ما يحملن من هموم تفوق وزن حقائبهن الممتلئة بالطعام والشراب، الذي يكفي العشرات، يتناوبن على طهيه وصديقاتهن..

 
على باب السجن.. فتاة كانت على بعد خطوة واحدة من فتى أحلامها وفستان عرسها، لكن السجان أبى إلا أن يخطف حلمها..

على باب السجن.. أمٌّ تتكئ على كتف ابنتها المحمل بالهموم هي الأخرى، لتقف في الطابور ثلاث ساعات، أو ربما أكثر؛ لتتمكن من رؤية زوجها وأبنائها الثلاثة.. فقط تنظر إليَّ وتقول لي: ربنا يفرحك بعودة زوجك!

على باب السجن.. شابة لا يمكن وصفها بالفتاة؛ لأنها متزوجة، ولا يمكن وصفها بالسيدة؛ لأنها لم تحمل صفاتهن بعد.. تحمل صغيرتها بنت العامين على كتفها، وتحمل هموم قلبها بداخلها لكنها تظهر بوضوح على وجهها..



على باب السجن.. بنت تلك الشابة تسألها "إنتي رايحة لمين؟" فتجيبك بكلمة لا تجيد فهمها "بابا"؛ لأنه غُيِّبَ خلف هذا السور الذي تقف بجواره منذ عامين، لم يرها حين مرضت في شهورها الأولى، ولا حينما بدأت أسنانها تشق لثتها، ولا حينما تعثرت في مشيتها واحتاجت لمن تستند عليه.. هو "بابا" بالفطرة لا بالعشرة!



على باب السجن.. سيدة ممن يزهدن في الحديث عن التجميل، لكنها لا تفوت الفرصة في "فضفضة" مع مثيلاتها حول صعوبات تواجهها في تربية أبنائها في غياب أبيهم..

على باب السجن.. عروس ترتدي ملابسها الجديدة التي اشترتها لها أمها للزواج، ولم تخرج بها لأن السجان خطف العريس! فتحاول العروس أن تظل عروساً!
على باب السجن.. طفلة في العاشرة ذات عيون لامعة يكاد يقفز منها الذكاء، تحكي عن آخر مرة أخذها والدهم إلى الشاطئ ولعب معها، وكان يُجلسها على رجليه دوناً عن أخواتها، تحكي بمكر ودموع محبوسة وتنهي كلامها "أما مش عايزة آجي هنا أصلاً".



على باب سجن طرة المغيب خلفه آلاف من أهلهن.. عيونهن تحمل الأمل بالأسبوع القادم بلا زيارة والهم عن تدابير الزيارة القادمة! تحمل الشوق لزوج وأب وابن وأخ غيبه سجان ظالم خلف هذا السور.. تحمل الترقب لما ستواجه اليوم خلف هذا السور وهي تردد "وجعلنا من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون"؛ لأنها تخبئ جريمة بحقيبتها بعض الفاكهة أو الشوكولاتة مثلاً ففي السجن تمنع الرفاهيات!
على باب السجن حكايات أخرى لم تُحكَ.. وعلى أبواب سجون أخرى سيدات لا يعرف أحد حكايتهن!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 158 مشاهدة
نشرت فى 10 مارس 2016 بواسطة tarek2011

ساحة النقاش

قصاقيص الصحافة البيضاء

tarek2011
متابعة مقالات تترجم وتلخص أحداث مصر والعالم وكذلك مواضيع أخرى متنوعة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

33,462