التضمين والاقتباس في اللغة العربيّة:
***********************************
في العلم الواحد يمكن أن تجد مصطلحا واحدا يدل على عدة مفاهيم مختلفة، وهذا مرده إلى ثراء اللغة العربية في حد ذاتها،فإذا أردنا البحث الإصطلاحي لمفهوم التضمين نجده متفرّعا الى عدّة مفاهيم أخرى متّصلة بعدّة علوم كعلم النحو وعلم البلاغة وعلم القافية وعلم الصوتيات .
لو عرّجنا على التعريف اللّغوي لكلمة التضمين لوجدناها مصدر قياسي على وزن التّفعيل، وفعله الماضي ضمّن على وزن فعّل
"ضمن، الضاد والميم والنون أصل صحيح، وهو جعل الشّيء في شيء يحويه من ذلك قولهم: ضمّنت [الشّيء] إذا جعلته في وعائه، "وضمّنته الشّيء تضمينا فتضمّنه يعني غرمته فالتزمه ورجل مضمون اليدّ مخبولها، "وفهمت ما تضمّنه كتابك أي ما اشتمل عليه، وكان ضمنه وأنفذته ضمن كتابي أي في طيّه "وضمّن الشّيء الشّيء: أودعه إيّاه كما تودع الوعاء المتاع.
قال الزّركشي "هو إعطاء الشّيء معنى الشّيء، وتارة في الأسماء والأفعال، وفي الحروف، فأمّا في الأسماء فهو أن تضمّن اسما معنى اسم لإفادة معنى الاسمين جميعا كقوله تعالى:"﴿حقيق على أن لا أقول على الله إلاّ الحقّ﴾"
ضمّن حقيق معنى حريص ليفيد أنّه محقوق بقول الحقّ، وحريص عليه، وأمّا الأفعال فأنّ تضمّن فعلا معنى فعل آخر، ويكون فيه معنى الفعلين جميعا، وذلك بأنّ يكون الفعل يتعدّى بحرف فيأتي متعدّيا بحرف آخر ليس من عادته التّعدي به.
أمّا الرّماني فيعرف التّضمين بقوله: "تضمين الكلام هو حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم أو صفة هي عبارة عنه ويضع الرّماني التّضمين على نوعين: "ما كان يدلّ عليه الكلام دلالة الأخبار، وما يدلّ عليه دلالة القياس"
فالّذي يدلّ عليه الكلام دلالة الإخبار كذلك الشّيء بأنّه محدث فهذا يدلّ على المحدث دلالة الإخبار، والتّضمين في الصّفتين جميعا، ومثال على ذلك مكسور ومنكسر، والتّضمين كلّه إيجاز استغني به عن التّفصيل إذا كان مما يدلّ دلالة الإخبار في كلام النّاس فمقتول يؤكد بوجود قاتل، ولا مقتول بدون قاتل.وأمّا التّضمين الّذي يدلّ عليه دلالة القياس فهو إيجاز في كلام الله عزّ وجلّ خاصّة لأنّه تعالى لا يذهب عليه وجه من وجوه الدّلالة .
يقول أبو البقاء الكفوي : التّضمين إيقاع لفظ موقع غيره ليضمّنه معناه، وهو نوع من المجاز"
1- التّضمين في علم العروض ( علوم القافية) متّصل بعلم القافية، وهو عيب من عيوب القافية
فهو تعلق قافية البيت بما بعده بأنّ يكون السّابق غير مستقل بنفسه ويسمّى تضمينا لأنّ الشّاعر ضمّن البيت الثّاني معنى الأوّل لأنّه لا يتمّ الكلام إلاّ بالثّاني أوهو افتقار القافية إلى البيت الذي بعدها في إفادة معناها أي ربط البيت السّابق بالبيت الّذي تلاها بأن تفتقر إليه في الإفادة
2-التّضمين المزدوج في علم البلاغة وهو من المحسنات البديعية اللفظية، عرّفه الوطواط بقوله: "ويكون بأن يورد الشّاعر أو الكاتب في عباراته أو أبياته لفظين أو أكثر مزدوجين وذلك بمراعاته لحدود الأسجاع والقوافي"
.......... يتبع.........
ساحة النقاش