وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَتَيْن
شعر: محمد علي الهاني – تونس
وَجَعِي يستضئُ بأغنيةٍ
والهديلُ اخضرارُ الصَّدَى
نورسٌ في الهزيعِ الأخيرِ من الجمرِ
يقتاتُ من بوْحِ سَوْسَنَةٍ
والسَّماءُ تُراوِدُ وَهْجَ التَّباشيرِ
يا شَفَقَ الأمنياتِ
كتابُ المراثي يُوَزِّعُ أحلامَهُ
والدَّوالِي مرايا
و لِي في الكوابيسِ أَيْقُونَةٌ
يستريحُ الرَّبيعُ بِألوانِها ...
أيُّها العاشقونَ قِفُوا ...
أَوْرَقَ النَّبْضُ في كَرْبَلاءَ
و ذِي نخلةُ الْحُلْمِ
هذا انْتظاري, وهذا انْشطاري
و هذا دمي يَتَسَلَّقُ
برْقَ الْمشاعلِ في طَلْقَتَيْنْ
وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَةٍ يا حُسَيْنْ
***
المواعيدُ مُكْتَظَّةٌ بِالينابيعِ
في كَرْبَلاءَ لنا قمرٌ
و النَّدامَى انْهِمَارُ النَّدَى
من نبيذِ الشُّروقِ
لِمَنْ يَتَنَفَّسُ هذا الصباحُ
على نخلةٍ في دمي
و العنادلُ تَجْمَعُ أشلاءَها
فِي انْطِفاءِ السَّواقِي ؟
أنا لمْ أَمُتْ
يَيْنَعُ الْوَرْدُ
بين الغروبِ و أنشودتي ...
هُوَذَا جَسَدِي
أَغْمِدُوا السَّيفَ يا قَاتِلِيَّ
أَكُنْ شَفَقًا بين عاصفتيْنْ
وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَةٍ يا حُسَيْنْ
***
آهِ...
مَا زَالَ في الصَّدرِ مُتَّسَعٌ لِلْجِراحاتِ
يا قَاتِلِيَّ اخْرُجُوا من دمي
حُلمُكُمْ شَوَّهَ السَّيفَ في جسدِ الأرْجُوَانِ
حُلمُكُمْ شَوَّهَ السَّيفَ
في كربلاءَ , اخْرُجُوا...
الْمناراتُ تسألُني عن سيوفٍ
تُوَحِّدُنِي بِالشَّذَا ...
هُوَذَا حجَرٌ يَسْتَحِثُّ الْخُطَى
نحوَ موْتِي الذي لن يجيءَ...
خُذينِي إليكِ
أيا نخلةَ الحلمِ
إنَّ الصَّواعِقَ تنهَضُ منْ وَمْضَةٍ
في رمادي على وَتَرَيْنْ
وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَةٍ يا حُسَيْنْ
***
باغتتْنِي الْمواويلُ
فَانْتَفَضَتْ نجمتانِ على وَتَرِي
و تَوَجَّعَ في نَبَضَاتِ اللَّظى بَيْدَرٌ ...
آهِ ...
يا شجرَ اللَّيْلِ
لمْ يَنْهَمِرْ حلْمُ نَوْرَسَةٍ فوق أشْرعتي ...
آهِ ...
يا قامةَ الرِّيحِ
لمْ يَنْتَهِ الْحُلْمُ في كَرْبَلاءَ
و منْ لُغَةِ الْجَمْرِ تَطْلُعُ
سُنْبُلَةٌ في الْمَدَى
و الرِّياحُ اللَّوَاقِحُ
تُشْعِلُ في آخرِ السَّطرِ دَالِيَتَيْنْ
وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَةٍ يا حُسَيْنْ
***
اصْطَفَتْنِي الْبِحارُ
لأَخْتَزِلَ الْملحَ في عشقِها,
و دَعَتْنِي الْجبالُ لأَجْمَعَهَا
فوق كفِّي رُوَيْدًا رُوَيْدًا,
و أَغْسِلَهَا بِغُبَارِي ...
فَهَلْ يَنْفُضُ الطِّينُ أَنْجُمَهُ
في المراكبِ ...؟
و اللَّيلُ يَغْزِلُ كابوسَ عاشقةٍ
في الأريجِ ...
و هل يَنْحَنِي قمرٌ لِدَمِ الْجُلَّنَارِ؟
و مادتْ بكَ الأرضُ
يا قَاتِلِي فَانْدَثِرْ
في سؤالِ الزَّوابِعِ عنْ زَبَدٍ
يَنْتَهِي في الْحِصَارِ ...
أيا كربلاءُ,
دمِي يَسْحَبُ اللَّيْلَ مِنْ لَفْحِهِ...
نجمةٌ سَرَّحَتْ شَعْرَهَا
في مرايا النَّدى
و السَّنابلُ لا تنْحَنِي في الخريفِ
و لِلْبَحْرِ في كُلِّ قَطْرَةِ ضَوْءٍ هَدِيلٌ
و لا أَرْتَوِي
مِنْ عناقيدِ صوْتي و مِنْ عطشي
و السُّنُونُو ازْدِحَامٌ بِبابي
ولا أَمْتَطِي مَطَرِي
تَشْرَئِبُّ الذُّرَى
آهِ ... يا جسدي لَيْتَ لِي جَمْرَتَيْنْ
لأَفْنَى و لا أَنتهي ...
لَيْتَ لِي جَمْرَتَيْنْ
وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَةٍ يا حُسَيْنْ
وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَتَيْنْ.
وَجَعِي يَسْتَضِيءُ بِأُغْنِيَتَيْنْ.
ساحة النقاش