م/ تامر الملاح

موقع خاص بالأبحاث العلميه لخدمة الطلاب


' العالم والمتعلم شريكان في الخير'

حديث شريف

يهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بالعلم، ويرتفع ويسمو به سمواً عظيماً:

قال تعالى :{ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}

(المجادلة:11)

ويرتبط العلم في الإسلام بخدمة الناس والانتفاع به في أفعال الخير وصالحات الأعمال.

والعالم في الإسلام هو الذي يقرن علمه بالعمل الذي يؤدي إلى الصلاح والإصلاح، والبناء والعمران . . ويهدف إلى سبيل الرشد والخير، وطريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وطالب العلم في نظر الإسلام شريك للعالم في الخير، ويدعو رسول الله صلي الله عليه وسلم الى طلب العلم، لأنه السبيل الأمثل لنموذج الحياة الأفضل، ولا شك أن طلب العلم والمعرفة والبحث عن الحقيقة يزيد من إيمان الإنسان إيماناً قوياً إذ يجعله يشهد بوحدانية الله عز وجل، وربوبيته وقدرته العظيمة . . فيقترب من اليقين ، ويميز بين الحق والباطل،ويفرق بين الصدق والكذب.

يقول الرسول صلي الله عليه وسلم :

'سارعوا في طلب العلم، فالحديث من صادق خير من الدنيا وما عليها من ذهب وفضة'

رواه الرافعي

وأشرف العلوم هو العلم الإسلامي، ومن أفضل ثماره المعرفة بمبادئ وأصول التربية الإسلامية الصحيحة التي تهدف إلى بناء الإنسان بناءاً سليماً صالحاً قوياً كما أراده الله عز وجل أن يكون ليستحق شرف الخلافة في الأرض.

إن هدف أي أمة تحرص على تقدمها وازدهارها هو إنشاء جيل قوي صالح متعلم مثقف واع بمفهوم التربية الإسلامية وما تنشئه من غرس للقيم والمبادئ والمثل العليا، فيسمو الإنسان بنفسه حيث خلقه الله عز وجل في أحسن تقويم، ويرتفع بمستوى مجتمعه بآداب التربية الإسلامية التي أصبحت طباعاً ملازمة له في سلوكه مما يجعله يؤثر في كل فرد من حوله وبذلك يكون هذا الإنسان قدوة صالحة يقتدى به.

ومما لا شك فيه أن للمؤسسات التعليمية من المدرسة إلى الجامعة دورها الكبير في إخراج هذا الجيل الصالح الواعي الذي يستطيع أن يحمل الأمانة ويقدر المسئولية ولن يتحقق ذلك إلا بما يلي:


1. إدخال مادة التربية الإسلامية في جميع المراحل التعليمية المختلفة، واعتبارها مادة أساسية لا يحق للطالب الانتقال إلى المرحلة التالية إلا بعد النجاح فيها.


2. بث الروح الإسلامية وفهم أصول الدين الإسلامي فهماً صحيحاً.


3. غرس مبادئ التربية الإسلامية في نفوس أبناءنا، وما تنشئه هذه التربية من قيم العدل، الإحسان، الطاعة، الإخاء ، المساواة، التعاون، العفو، الرحمة، المحبة، الاستقامة، كظم الغيظ، الوفاء، حب الخير، الأمانة، الصدق، الصبر، الصفح الجميل، إلى غير ذلك من الأخلاق الطيبة والأعمال الصالحة المستمدة من القرآن الكريم والسنة المحمدية الشريفة.


4. الأخذ في الاعتبار عند تدريس تعاليم الإسلام للأبناء مراعاة اختلاف أسلوب التعليم في المراحل التعليمية المختلفة، من مرحلة إلى أخرى، واختلاف الأعمار، وتفاوت مستوى التفكير العقلي للطالب.


5. الاهتمام بطريقة التعليم حيث يجب أن تتميز بالإطار المحبب المشوق حتى نضمن حب الأبناء لدينهم ومحاولة معرفتهم المزيد عنه.


6. العناية بربط مبادئ التربية الإسلامية بالسلوك العملي في الحياة، وبذلك نصل بالتربية إلى هدفها المنشود كسلوك وعلم وعمل وحياة وفكر وأخلاق.


إن الهدف الرئيسي للتربية الإسلامية هو ربط الإنسان بربه خالقه وفاطره، وآداب التربية الإسلامية هي آداب ربانية يعلِّمــها الله عز وجل لعبده حتى يقتدي بها فتصبح نبراساً يضيء له الطريق، ونوراً يبصره بحياته، وسبيلاً يجب اتباعه بما يتفق وعقيدة الإسلام.



إن الأزهر الشريف يعتبر رائداً ومناراً للإسلام، وهو القائد لرحلة الدعوة الإسلامية في الحياة، وربان سفينة تعاليم الإسلام التي تقود الإنسان إلى بر الأمان.

فليس هناك مجالٌ للشك في أن للأزهر الشريف أكبر الأثر وأعظم النفع في بناء التربية الإسلامية وذلك من خلال كونه أكبر جامعة إسلامية تهدف إلى:

1. تعليم أصول الدين الحنيف، وتوضيح أحكامه، وإظهار آدابه وأهدافه، والتعرف على أسرار شريعته.

2. نشر الدين والدعوة الإسلامية في مصر والعالم الإسلامي كله.


3. إحياء التراث الإسلامي القديم والمحافظة عليه.


4. العمل على نشر مفهوم التربية الإسلامية الصحيحة ومبادئها وأهدافها والشروط الواجب توافرها في المربي الصالح سواء في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع ككل.

5. إنشاء المعاهد الدينية الأزهرية وتطوير رسالتها بحيث تشمل جميع أنشطة الحياة.


6. عقد الندوات الدينية القائمة على الحوار المفتوح والمناقشة الحرة البناءة للإجابة على أي تساؤل يحير أي فكر، معتدلاً كان أم منحرفاً يريد أن يتفقه في أمر دينه.


7. عقد المؤتمرات الإسلامية التـي تعالج الموضوعات الدينية، والعمل على نقل صورة حية كاملة عنها بواسطة وسائل الإعلام.

إلى غير ذلك من الأهداف الأخرى التـي يقوم بها الأزهر الشريف لخدمة الإسلام والمسلمين.

وبالتالي نضمن إخراج جيل مسلم مؤمن قوي عارف بربه سليم في معاملته وعلاقاته مع الآخرين مؤسساً تأسيساً دينياً صالحاً، لديه قاعدة عريضة من الإيمان الإلهي وما يستتبعه من قيم ومثل عليا، وسمو في الأخلاق، ورقي في الآداب.

مما سبق تتضح لنا حقيقة هامة وهي أن الأزهر الشريف لا يعتبر جامعة علمية الغرض منها تلقي العلم الإسلامي فحسب، وإنما يتسع دورها ليشمل العلم والعمل معاً، حيث تخدم المسلمين بتعليمهم الدين الإسلامي، وتعمل على نشر الدعوة الإسلامية في كل مكان، وما يتبع ذلك من تعاليم وآداب وأحكام.

وبناءاً على هذا الدور الخطير المؤثر الفعال الذي يقوم به الأزهر

فإننا نناشده بما يلي:


1. أن يكون له صوت عال، وكلمة حق، ومقولة عدل في القضاء على الانحراف والفساد، ومحاربة الدعاوى المغرضة التي تسيء إلى الإسلام.


2. تضافر الجهود مع المؤسسات التعليمية الأخرى للعمل على خطة مدروسة لتنمية التربية الإسلامية وما تنشئه من غرس للقيم والمبادئ والمثل العليا، والأخلاق الكريمة، والآداب الحميدة المستمدة من النبع الفياض القرآن الكريم.


3. الإشراف على مناهج التربية الإسلامية في المراحل التعليمية المختلفة مع مراعاة التطور العلمي والمادي والحضاري في المجتمع.


4. الإكثار من الندوات الدينية التي تبين مفهوم الدين الإسلامي مفهوماً صحيحاً سليماً.


5. زيادة أوجه التعاون بين مصر ودول العالم الإسلامي في المجالات الإسلامية وذلك عن طريق التوحيد في كلمة الدين، وعقد المؤتمرات الدينية، وتدعيم المراكز الإسلامية في هذه الدول.


6. الإكثار من إنشاء المكتبات الإسلامية المتخصصة التـي تضم:


-المخطوطات الإسلامية وبيان ما حقق منها وما لم يُحقّق بعد حتى يتسنى للباحثين المهتمين بها دراستها وتحقيق ما يختارونه منها.


-الكتب الدينية التي تحتوي على جميع فروع وأقسام الدين الإسلامي والتي تناسب جميع الأعمار. مع مراعاة التوزيع الجغرافي لهذه المكتبات وخبرة القائمين عليها وعمل نظام موحد للاستعارة من هذه المكتبات حيث أن الكثير من الباحثين المهتمين بالموضوعات الإسلامية لا يتسنى لهم الوقت للانتظام والتواجد صباحاً في هذه المكتبات نظراً لظروف عملهم.


-العمل على إنشاء موسوعة تضم جميع الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة حيث حدث الآن خلط بين الأحاديث القوية الصحيحة والأحاديث الضعيفة، مما ينشئ التباساً في دراسة الباحث للأحاديث النبوية ، ومما يساعد على تكوين فكر خاطئ في دراسته لجانب يعتبر من الجوانب الإسلامية الهامة والتـي قد تؤثر في أبحاثه وموضوعاته التي يقوم بدراستها الآن، والتـي سوف ينادي بها في المستقبل.


- حث الشباب وتشجيعهم على المعرفة والبحث وذلك بطرح المسابقات الدينية في صورة أبحاث تعالج الموضوعات الإسلامية الهامة، وتقرير جوائز تشجيعية لأفضل الأبحاث مع العمل على نشر هذه الأبحاث الفائزة.


- تبني الأفكار الصالحة والأخذ بيدها إلى طريق العلم والمعرفة وتشجيعها والإعلان عنها وبذلك يكون هناك حافز دائم للقراءة والبحث في الأمور الدينية مما يحمي شبابنا من الأفكار الضالة والمفاهيم الخاطئة، والطريق مفتوح وواسع لكل اجتهاد في الإسلام يهدف إلى الخير، وينشد البناء والتقدم.


- العمل على ربط الموضوعات التي تعالجها التربية الإسلامية بالسلوك الإنساني في الحياة، فالأخلاق بيئة صالحة للحياة العملية، فلابد من ربطها بالعلاقات الإنسانية التي تقوم على ربط علاقة الإنسان بربه، وصلته به سبحانه وتعالى.

نحن في حاجة إلى القلوب التـي تصلح وتغير، والعقول التـي تنمي وتقوي، والصدور الواسعة التي تتبنى كل فكر صالح، وتقوم كل فكر طالح . . نحن في أشد الحاجة إلى النفوس المؤمنة السليمة المستقيمة التي تعمل من أجل إعلاء كلمة الحق ورفعة الإسلام.

إن التربية الإسلامية هدف أساسي ومطلب ضروري في حياة كل فرد . .

كيف نريد أن ننشئ جيلاً قوياً صالحاً قادراً على حمل الأمانة ما لم يكن

هذا الجيل قد أخذ حظه الوافي من التربية الإسلامية وما تنشئه هذه التربية من القيم والمثل والمبادئ التـي تسمو بالإنسان وتؤثر فيه تأثيراً كبيراً فيصبح إنساناً لا يقبل إلا الإيمان حياة . . والحب طريق . . والخير سلوك . . والعلم غاية . . والخلق سبيل إلى العمل الصالح مما يساعد
على بناء المجتمع بناءاً سليماً قوياً صالحاً، ومما يحقق الأمن
والاستقرار والسعادة والرفاهية لكل فرد في المجتمع.

نحن قلوب تتعطش إلى الصفاء والنقاء، ولا ترتوي إلا من العلم والإيمان.



اللهم لا تجعل في قلوبنا مكاناً للحقد والحسد والكراهية،واجعل قلوبنا مليئة بالإيمان بك .. بصيرة بطريق النور.. نابضة بالحب والخير .. متحلية بالخلق الكريم .. مزودة بالعلم القويم على الصراط المستقيم..
فننعم بالسلام الروحي الممدود، والاطمئنان القلبـي المشهود، والأمن

المصدر: م/ تامر الملاح
  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 190 مشاهدة
نشرت فى 30 سبتمبر 2010 بواسطة tamer-pahs-com

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

8,070