طلال يحيي أبوشعيشع

يتناول الموقع مقالات وأبحاث ودراسات تربوية واجتماعية

كثيرون ممن التقتهم "السياسية" وصفوا الأرقام التي رصدتها الجهات المعنية بخصوص المخالفات التي شهدتها امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية العامة للعام الدراسي 2009-2010 بـ"المرعبة", غير أن هناك من اعتبر -ونحن نحقق حول هذا الموضوع وأسبابه وآثاره والآلية البديلة أو الحلول الممكنة- أن هذا الرقم مجرد مؤشر يدل على المشكلة كماً وكيفاً، ولا يعكسها بدرجة دقيقة ومكتملة...

تمخضت امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية العامة للعام الدراسي 2009 - 2010, والتي تقدّم لها ما يقارب نصف مليون طالب عن 5969 مخالفة امتحانية, منها 5183 مخالفة في امتحانات الشهادة الثانوية، و786 مخالفة في الشهادة الأساسية.
وتوزعت -بحسب تقارير وزارة التربية والتعليم- ما بين 4529 حالة غش, ثم التجمهر حول المراكز الامتحانية 493, ثم انتحال الشخصية 255 حالة, و209 حالات هروب بدفتر الإجابة, و148 حالة اقتحام لمراكز امتحانية, 127 حالة اعتداء, و97 حالة رفض طلاب دخول الامتحانات, و60 حالة تمزيق دفاتر إجابة, 17 حالة شغب وفوضى, و10 حالات تدخل في أعمال الامتحانات للشهادتين, و24 حالة إطلاق نار في امتحانات الثانوية.

إلى هنا والصورة واضحة, ولا يختلف شخصان على أن الحديث والكتابة حول التعليم العام تحديدا ومشكلاته أخذ مجالا واسعا من اهتمامات وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، وكذا الكُتاب والباحثين وغيرهم, لكن ذلك يظل محدودا مقارنة بما يعانيه هذا القطاع المُهم في حياتنا من إشكالات؛ كونه مصير أمّة, إما للنهوض بها في حال الإصلاح وإما للانتكاس والنتيجة هنا سيئة ومُرّة لا ترضي أحدا, وهو ما يدفعنا لمواصلة البحث عن الإشكاليات والحلول الناجعة لهذا الموضوع, وبرغم أن البعض قد تطرّق لها إما في دراسات علمية أو كتابات صحفية، ولكن "يا فصيح لمن تصيح".

أرقام مرعبة!
رئيسة قسم علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة صنعاء، الدكتورة عفاف الحيمي, اعتبرت أن الحديث حول هذا المحور شيّقا، ومن المواضيع التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار لما لها من دور أساسي في حياتنا ومصائرنا ومستقبلنا، وعلى واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي, وأن الأرقام المرصودة مرعبة, لافتا إلى أن حجم المخالفات لازال في الوضع غير المبالغ فيه, باعتبار أن واقعنا التعليمي حاليا سيِّئ بكل مقاييسه, كونه لا يغيّر الواقع ولا يمس قضايا المجتمع, وليس إلا تعليم تلقيني وجاف ولا يصل إلى الريف كما يجب, ويخلف مثل هذه المخالفات, وغيرها كالانتحار وانهيارات عصبية ونفسية يتعرّض لها كثير من الطلاب وغيرها من المشاكل الاجتماعية, وتساءلت من المسؤول عن هذا؟!
وزادت: "لاحظت بنفسي أثناء زيارتي لمراكز إمتحانية في محافظة حجة، وتحديدا في الريف, انتحال شخصية وغشا وأشخاص أصحاب نفوذ حاملين الأسلحة وداخلين إلى اللجان الامتحانية وبيع دفاتر وغيرها, وهو ما أصابني يومها بالإحباط؛ كون مستقبلنا اليمني في تراجع, بالإضافة إلى المخالفات السالفة الذكر هناك طلاب يذهبوا لأداء الامتحانات في الأرياف, وأعرف أسرا منهم أساتذة جامعيون يسلكون هذا السلوك بهدف أن يحصل أبناؤهم على درجات عُليا ليتمكّنوا من الحصول على منح, برغم أن هذا لم يكن موجودا في الماضي, إلا أننا حاليا نشهد عنصرية وتمييزا أمام الطلاب، والأسر اليمنية، والتي تشعر بالإجحاف من هذا الوضع, حيث يحصل أبناء المسؤولين وغيرهم على الدّرجات العُليا بطرق غير شرعية، والعكس بالنسبة لأبناء الغالبية العظمى من أفراد المجتمع والفقراء والمساكين, وأقولها بكل صدق: إنني لو كنت مكان وزير التربية مع وجود هذا الوضع, سأبحث لي عن حل آخر!".

مخالفات لم تُضبط
وبرغم أن أستاذة علم النفس الاجتماعي الدكتورة نجاة صايم قالت: "لو قارنا عدد هذه المخالفات بعدد الطلاب المتقدمين للامتحانات فهي قليلة, ولكن تزايدها من عام إلى آخر مؤشر خطير يدل على تغيّر قيم المجتمع وقيم العلم, ففي حين يعد الاختبار قياسا لمستوى الفهم واكتساب القدر الكافي من المهارات التي تمكِّن الطلاب من الانتقال إلى المستوى الأعلى, ينظر اليوم للاختبارات من ناحية الحصول على معدّل أكبر وشهادة فقط".

إلا أنه خلافا لقول صايم وتأكيدا على قول الحيمي فإن كثيرا من المراكز الامتحانية بمختلف محافظات الجمهورية شهدت -حسب تأكيدات طلاب ومراقبين وزائرين- عمليات غش غير محدود؛ تمثلت بقيام متخصصين ومدرسين بحل أسئلة الامتحانات وتوزيعها كإجابات نموذجية للطلاب، وهي مما لا شك فيه حالات لم ولن يُبلّغ عنها.
ذلك ما يؤكده أيضا أكاديميون في علم الاجتماع, والذين يعتبرون أن الرقم المرصود لعدد المخالفات مجرد مؤشر أولي يدل على المشكلة كماً وكيفا، ولا يعكسها بدرجة دقيقة ومكتملة, ذلك ما أكده أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الأستاذ الدكتور حمود العودي, ويضيف: "هناك احتمال كبير لنسبة غير عادية من المخالفات غير مُبلّغ عنها، ولم تصل إلى اللجنة العُليا للامتحانات، وأنه كقاعدة إحصائية عامة علمية واجتماعية أن ما يمكن أن يخفى لا يمكن العثور عليه معدلٌ كبيرٌ، خصوصا في ظروف وإجراءات بسيطة وغير دقيقة كما هو المعتاد في الامتحانات بشكل عام, موضحا أنه لو تم قياس البُعدين المغيّبين بالرقم المنظور أمامنا لأمكننا القول إن ما هو موجود يساوي الثُلث في أحسن الأحوال، وأن الثُلث الثاني محاولات ضُبطت ولم يُبلّغ عنها، وأن أقلّ ما يمكن أن يُوصف بأنه مخالفة لم تُضبط، تمثل برؤية متواضعة جدا الثلث".
ويجزم العودي بأن نسبة ما لم يضبط من المخالفات يتجاوز أو يصل إلى نسبة الـ50 بالمائة أو أكثر، وبناء عليه يمكن أن نقيس أو نصل إلى معدّل المخالفات الفعلية والخطيرة التي يمكن أن يقال عنها في هذه الامتحانات.

إهمال التقويم المستمر
من جهته, قال أستاذ المناهج والتدريس والتقويم التربوي بكلية التربية جامعة صنعاء، الدكتور عبد السلام الصلاحي: "يعد الغش في الامتحانات من القضايا التي تؤثر على مصداقية الامتحانات ونتائجها, وهذه المشكلة تفتن الطلبة في الإعداد لها والمهارة في أدائها, ومظاهر الغش هي ذاتها المذكورة أنفا في المخالفات".
وأرجع الصلاحي الأسباب والدوافع والمسؤول عن الغش في الامتحانات أو الاختبارات, إلى نظام التقويم وليس شخصية الطالب, موضحا أنه على الرغم من أن الاختبارات بشكل عام تُعد سببا في الغش إلا أنه يزداد في الامتحانات الوزارية؛ لأن طبيعة التقويم قد تهيّئ الظروف وتدفع بقوة للغش, وذلك للأسباب أو المبررات التالية حد قوله: حصر الحكم التقويمي على الطالب في الاختبار النهائي وإهمال التقويم المستمر, عدم وجود فرصة اختبارات الدور الثاني للمكملين وذوي الأعذار المقبولة, وجعل ذلك بعض الطلبة -خاصة في الثانوية العامة- يعتبرون الامتحانات ساحة قتال وعليهم اتباع كل السبل لتحقيق النصر أو الخروج بأقل الخسائر, وأن الاعتماد المفرط على الامتحانات العامة قد أدى إلى اكتسابها أهمية كبيرة وخطيرة في النظام التعليمي, حيث أصبحت غاية في حد ذاتها، وأصبحت العملية التعليمية توجه لأغراض الاختبارات, والهم الشاغل للطلبة والمعلّمين وأولياء الأمور, مما ترك آثارا سلبية على النظام التعليمي. مقابل ذلك ينظر إلى أهمية الخبرات التعليمية بعيدا عن قيمتها لنمو الطلبة أو فائدتها لحياتهم، ولكن في ضوء دورها في إعداد الطلبة للاختبار, وقد جعل ذلك من الاختبارات وما ترتّب عليها من درجات وشهادات ذات تأثير حاسم في حياة الطلبة وتحديد مستقبلهم.

ضعف المخصصات المالية
وزاد الصلاحي: "بالإضافة إلى ما سبق, طبيعة الاختبارات العامة واستخدامها, وضعف المخصصات المالية للمراقبين وقصور في إجراءات تسليمها ممّا قد يوفّر ظروفا ملائمة للإغراءات, قصور فهم بعض رؤساء المراكز الإمتحانية لأهمية الدور الذي يقومون به وطبيعته وخطورته فقد يعتبرون ذلك ليس واجبا وطنيا وأخلاقيا وإنما فرصة للتكسب غير المشروع, قصور في معايير اختيار رؤساء المراكز الإمتحانية ممّا يتيح الاعتماد على العناصر غير النزيهة, وضعف القوانين والإجراءات التي تُعاقب الاعتداء على اللجان الإمتحانية وسرقة أو تسرب الامتحانات وانتحال الشخصية, ازدواج القيم لدى بعض أفراد المجتمع ممن ينظرون للغش على أنه غير مرفوض أو محرّم, ضعف الوازع الديني والضبط الاجتماعي ومستوى التحصيل الدراسي والظروف الاقتصادية لبعض الطلبة, وتوفّر التقنيات التكنولوجية التي تُساعد على تسهيل الغش".

سنتخلف كثيراً
ويضيف الدكتور بدر الأغبري أسبابا أخرى للمشكلة، منها: غياب التعاون بين المدرسة وأولياء الأمور، وانعدام القدوة، وضعف الدافع عند الطالب، وقصور في تأهيل المعلم، الأمر الذي يجعله غير قادر على القيام بمهمته بالصورة الصحيحة، وازدحام الفصول ممّا يؤدي إلى إعاقة التفاعل المطلوب بين الطالب وأستاذه، وتأخر وصول الكُتب الدراسية في الوقت المناسب، ونقص كبير في المعلِّمين، وخاصة في القُرى، وضعف كبير في الإدارة المدرسية, مؤكدا أنه إذا استمر الحال على ما هو عليه فإن مستقبل الأجيال في خطر، والنظام التعليمي سيفقد هيبته، وسوف نتخلّف كثيراً عن الدول الأخرى, لافتا إلى ضرورة إطلاع أولياء الأمور على سلوك أبنائهم ونشاطهم الأسبوعي والشهري في المدرسة ليكون على علم بمستواهم.

بهدف الالتحاق بالجامعة
وبالرغم من كل ما سبق لا ترى الدكتورة عفاف الحيمي أي حل للمشاكل القائمة, منوهة بأن شرط المجموع في امتحان الثانوية للالتحاق بالجامعة -مسمار جحا- مجحف بحق الطالب والأسر اليمنية بشكل عام, كونه دفع بالطلاب لسلوك ظاهرة الغش بهدف الحصول على معدل يمكنه من الالتحاق بالجامعة.

انهيار قيمة العلم
وبينت صايم أن، للأسف الشديد، أولياء الأمور يلعبون دورا رئيسيا في ارتكاب مثل هذه المخالفات وهو مؤشر خطير يعكس انهيار قيمة العلم كعلم, وأنه بدلا من أن يتدخلوا هم والوجهاء والشخصيات الاجتماعية لصالح العملية التعليمية حماية لأولادهم يأتون ويقتحمون المراكز ليشكلوا ضغطا ويضمنوا نجاح أبنائهم بالطرق غير المشروعة, وينظرون إلى مسألة حصول أبنائهم على درجة هي الأهم وليس على أكبر قدر من التعليم والمهارات, لافتا بعدم وجود آباء أو أُمهات يحرصون على بقاء أولادهم في الصف إذا لم يكونوا متفوقين كما كان الحال في الماضي -إلا ما ندر.

جريمة جنائية!
وفيما يتعلق بدلالة كل نوع من أنوع المخالفات، يوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الدكتور حمود العودي، أن لكل نوعا منها دلالته الاجتماعية والقانونية بدرجة رئيسية، وأن مسألة الغش ربما تكون ظاهرة عامة تشاهد في أي بلد، ويتم التعامل معها كظاهرة اعتيادية طبيعية، إذا كانت تدُور حول نسبة هامشية من الحالات بمعدل 10 إلى 15 بالمائة هذه ظاهرة مألوفة، ودائما في الامتحانات -حد قوله- المشكلة لا تكمن في وجود هذا النوع من ظواهر المشاكل أو المخالفات بقدر ما تكمن في الكم الذي يحتله هذا النوع.
ويرى العودي كغيره من الأكاديميين والمهتمين أن الغش ظاهرة خطرة تتجاوز الحد المعقول، سواء في امتحانات هذا العام أم في غيرها من الأعوام الأخرى.
ويؤكد أن انتحال الشخصية من أخطر المظاهر التي يمكن أن نتفرّد أو نتخصص بها في اليمن، وهي تعكس مدى ما وصل إليه الحال من حالة التردي المُطلق بالأداء التعليمي والأمانة العلمية والحق التعليمي للمعلّم والمتعلِّم, لأن انتحال الشخصية -حد قوله- من الجرائم الجنائية الكُبرى، ولم يسمع بها إلا في السنوات الأخيرة في اليمن, موضحا أن هذه الظواهر، فيما عدا الغش، تخصصات يمنية، وبمساندة المجتمع وأولياء الأمور والنظام العام كبديل لأن يكونوا سندا لحماية العملية التعليمية من التزييف والغش.

استياء وإحباط
من جانبها, أكدت أستاذ علم النفس الاجتماعي الدكتورة نجاة صايم أن الآثار المستقبلية لتلك المخالفات والغش سلبية للغاية على مستوى الطلاب, وما نلاحظه حاليا من تدهور واضح في القيم لدى الكثير من الطلاب ليس إلا دليل على ذلك, إلى جانب أن الغش يقارب أو يساوي الطالب المهمل والمجتهد في الدرجات, وهذا يؤدي إلى حالة استياء وإحباط لدى بعض الطلبة وأولياء الأمور والمجتمع ككل, ووجود بيئة إمتحانية غير ملائمة وخاصة للطلبة المجتهدين، يؤثر ذلك سلبا على إجاباتهم, ويؤدي أحيانا إلى تعرّض بعض الطلبة الأبرياء إلى عقوبات تأديبية لا يستحقونها.
ولفتت إلى أن الشخص الذي يجتاز مراحل دراسته بالغش أو بأي وسيلة أخرى غير شرعية لا يستطيع الإبداع في حياته العملية ويظل شخصاً غير مرغوب فيه داخل المجتمع, وأن ما تشهده اليمن حاليا من انتشار للفساد هو نتيجة من نتائج هذا الأساليب وغيرها التي يرى البعض أنها "شطارة", برغم أنها منافية لديننا الإسلامي والحديث الشريف القائل: "من غشنا فليس منا".

تدمير التعليم والعلم
وأكدت صايم أن هذه المُخالفات ستنعكس مستقبلا وبشكل سلبي وكبير على المجتمع في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها, وأن الطالب الذي يسلك هذا السلوك -أي الغش- ليس لديه شعور بالمسؤولية, ويتعوّد على أن يسلك نفس السلوك والاحتيال أو أي سلوك غير سوي للحصول على ما يريد في جميع جوانب حياته, وهذا له آثار مُدمّرة على المجتمع -حد قولها.
إلى ذلك يؤكد المختصون ودراسات علمية أن الغش يؤدي إلى ما يُسمّى النجاح الزائف وتدنِّي التحصيل الدراسي وضعف المخرجات التعليمية, وترفيع طلاب دون امتلاكهم المهارات اللازمة, والأخطر من ذلك زعزعة قيم الاجتهاد والتفوّق والمُثابرة والتحصيل العلمي واحترام قيم العلم, وكذا زعزعة القدوة الحسنة وقيم الأمانة.
ويرى الدكتور الصلاحي -بالإضافة إلى ما سبق- أن هذه المشكلة قد تفقد عملية التقويم دورها، وأن كافة الجهود التي يلجأ إليها القائمون على الامتحانات لعلاجها فشلت, وأنه لا يترتّب على المشكلة تدمير التقويم والتعليم والعلم فقط بل وتهديد الصالح العام للمجتمع.

تشجيع التنافس الشريف
وفيما يتعلق بالحلول الممكنة لمعالجة المشكلة واجتثاث مثل هذه الظواهر للحيلولة دون وقوعها في السنوات القادمة أو الحد منها, طالبت صايم بضرورة إعادة الهيبة للعلم كقيمة مهمّة في حياتنا, سواء من حيث احترام الأنظمة والقوانين, وإيجاد البنى التحتية وغيرها, منوهة بأهمية أن ينظر الأهالي للعلم كمعرفة وليس كدرجة وشهادة، وأن كم المعلومات والمهارات التي يكتسبها الطالب هو الأهم له ولمجتمعه ووطنه حاضرا ومستقبلا, وأن قيام أولياء الأمور بممارسة هذه الأساليب غير الشرعية لا تخلق إلا نماذج مدمّرة من أبنائهم لهم وللمجتمع والوطن, إلى جانب تشجيع التنافس الشريف بين الطلاب, سواء من قبل الأهالي أم من قبل المدارس, وتعزيز القيم الإسلامية وعلى رأسها الحديث الشريف "من غشنا فليس منا".

سنعلّم الطلاب بدون الموازي
كما طالبت الحيمي بضرورة تغيير النظام التعليمي إذا أردنا فعلا الإصلاح, لا أن نتبجح بالخطب والتلفزيون والإذاعات أننا أنجزنا و..., كونه أرهقنا وأرهق أبناءنا, وتحسين الوضع المادي للمعلمين، والذي لا يفي بمتطلباتهم في ظل الوضع المعيشي المتردي وتأهيلهم تأهيلا جيدا ومحاسبتهم عند التقصير, وناشدت وزير التربية والتعليم الدكتور عبد السلام الجوفي بالتنبه لهذه القضايا والتمييز الحاصل بين الطلاب في امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية, وأن يكون هناك تساوي بين أبناء المجتمع اليمني كله حتى لا تشعر فئة بالغبن كما هو متعارف عليه اليوم في الساحة والذي لا يجب السكوت عنه, خصوصا وأن طلاب المدن تشدد عليهم الرقابة وفي الأرياف انفلات كبير.
كما طالبت الوزير وجميع من يتبجحون بحبهم للوطن أن يحافظوا على التعليم, ألاّ تظل الثانوية العامة مجحفة, وأن ينفتح التعليم أمام الجميع, مبدية استعداها واستعداد كثير من زملائها في الجامعات اليمنية بتعليم الطلاب دون تعليم موازي وفي كافة الكليات, كونهم كأساتذة في الجامعة غير مستفيدين من التعليم الموازي -حد قولها.
وشددت على ضرورة تحسين واقع وأدوات التعليم بشكل عام وقاعات الدرس والكتاب المدرسي والأستاذ المدرسي والجامعي, كونها جميعا مهمّة إذا أردنا إصلاحا, ما لم فالغش سيستمر والوضع لن يتغيّر إلا نحو الأسوأ، وستزداد مع الظواهر والمخالفات عاما بعد آخر، كما هو حاصل اليوم.

اتباع نظام "أعمال السنة"
إلى ذلك يقترح الصلاحي الارتقاء بنظام التقويم في صفوف الشهادة العامة ككل، وذلك من خلال التقويم المستمر وإعادة النظر في توزيع الدرجة الكُلية على أساليب متنوعة من التقويم, والتخفيف من الاعتماد على الامتحانات العامة أو المركزية بصورة كلية, واتباع نظام "أعمال السنة" مع عمل ضوابط تُساعد على تحقيق أهدفه, بحيث يتم توزيع الدرجة بصورة متوازنة منذ بداية العام الدراسي وحتى نهايته, مثلا تقسم إلى ثلاثة أقسام: 40 بالمائة للتقويم الذي يقوم به المعلّم, توزّع على عدّة أساليب, و20 بالمائة للتقويم المدرسي تقيِّمه المدرسة بإشراف لجنة برئاسة المدرس الأول في المقرر, و40 بالمائة للتقويم الختامي العام, مع مُراعاة المعايير العلمية في الإعداد وإدارة التصحيح.
وأكد الصلاحي على ضرورة تحسين نوعية الامتحانات, بحيث لا تركِّز على الحفظ والتذكر وأن تهتم بجوانب عقلية عُليا، وتجنّب الموضوعات المباشرة أو موضوعات معيّنة, أو خروجها عن المقرر أو صعوبتها الشديدة, واستخدام عدّة نماذج أسئلة في حجرة الاختبار, وتوزيع الطلبة في حجرة الاختبار بشكل منظم وبعيدا عن الازدحام, وإعادة نظام امتحان الدور الثاني مع عمل ضوابط, مشددا على أهمية التعامل مع عملية التقويم كعلم, والاعتماد على التخصص والتأهيل وبيوت الخبرة, ووضع حد لتدخل الشخصيات والوجاهات الاجتماعية بسن أو تعديل التشريعات التي تمنع التدخل في سير الامتحانات, واختيار رؤساء المراكز الامتحانية من الكفاءات المشهود لها بالنزاهة والتأهيل والسمعة الحسنة.
وطالب الصلاحي بتضمين تعليمات الامتحانات عقوبات محددة في حق المقصّر بأداء عمله, ومحاسبة ومعاقبة المقصرِّين وعمل قائمة سوداء بأسمائهم, بحيث لا يتم الاعتماد عليهم في السنوات التالية, واختيار المراقبين وفق أسس علمية وبعيدا عن رغبات رؤسائها, وتوفير الحماية الأمنية المناسبة للجان الاختبارية واختيار أفراد الحماية وفقا لمعايير النزاهة والاستقامة, وتجنب إجراء امتحانات الثانوية العامة في الأرياف, ولا تُجرى إلا في مراكز المحافظات أو مراكز المُدن, أو المديريات, إلا في حالة توفّر الضوابط الكاملة التي تضمن سلامتها.
في حين يتمنّى الدكتور العودي من القائمين على العملية التعليمية أن يعيدوا النظر في رسالة التعليم بأن يعلِّموا الناس الصدق والمصداقية، بدلا من الغش. وأكد العودي أن المشكلة عامة، وعلى اليمنيين أن يعيدوا النظر فيها, معتبرا أن التعليم وصل إلى كل قرية ومنطقة، بفضل الثورة والجمهورية، ولكن –للأسف- هذا الكم كالمستنقع الذي بدلا من أن يروي الأرض كي تثمر تحوّل إلى مياه راكدة تفرز الأوبئة والأمراض -حد قوله. وعلينا أن نصحح مسار هذا النهوض، ونصحح الأرض التي يرويها، حتى تُثمر صالحا لحاضرنا ومستقبلنا.

د.الحامدي: جادون في معالجة كافة الاختلالات ومعاقبة المتورطين
أكد نائب وزير التربية والتعليم رئيس اللجنة العليا للامتحانات، الدكتور عبدالله الحامدي, أن وزارة التربية والتعليم جادة بمعالجة كافة الاختلالات والقضايا والمُخالفات التي شهدتها امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2009 - 2010, ومعاقبة جميع المتورطين.
وأشار الحامدي في تصريح إلى "السياسية" إلى أن لدى الوزارة حاليا كم هائل من المعلومات والمخالفات والقضايا التي شهدتها الامتحانات مؤخرا, والتي وردت في التقارير الميدانية والنزول الميداني للمعنيين في الوزارة، وأنها لا زالت تُحلل وتدرس بدقة, وسيتم الوقوف أمامها بمسؤولية وستتخذ بشأنها إجراءات ومعالجات آنية ومستقبلية, وبما من شأنه مُعالجة الأخطاء وتطوير العملية التعليمية والتربوية والامتحانية.
واعترف الحامدي بأن المُخالفات التي لم ترصد لأسباب كثيرة أضعاف مضاعفة على ما هو مرصود, وأن الغش في الامتحانات أصبح خلال الأعوام الأخيرة ظاهرة تسيطر على الكثيرين لأسباب كثيرة ومُعقّدة, كعدم قدرة الجامعات على استيعاب جميع مخرجات التعليم العام كما كان في الماضي, وتغيير المنهج الدراسي وتطويره دون اتخاذ خطوات محددة, إلى جانب عدم اتخاذ عقوبات ضد المتطوّرين في الانتهاكات والاختلالات التي شهدتها الامتحانات خلال الأعوام الماضية, وأن كل ذلك وغيره ساهم في تفشي الظاهرة, والتي يجب مُعالجتها واجتثاثها ليس من قبل وزارة التربية والتعليم بمفردها، وإن كانت تتحمّل الجزء الأكبر, وإنما بتكاتف كافة الجهات المختصة الأخرى والمجتمع.
ذر الرماد في العيون
وفي الوقت الذي أكد فيه أكاديميون ومهتمون أن تلك التصريحات مجرد ذر الرماد في العيون, وأنه لا داعي للتطويل طالما وكلية التربية بجامعة صنعاء وغيرها من الكليات والجامعات تحتوي الكثير من الدراسات التي تناولت هذه المواضيع والحلول المناسبة لها, والتي لم يأخذ بها منذ سنوات عدّة.
وأوضح الحامدي أن هناك تشاؤما كثيرا من الناس من تصريحات وزارة التربية التي تطلقها سنويا حول هذا الموضوع, معترفا بأن عدم الدراسة والتعرّف الجيِّد على الأسباب الحقيقية للمخالفات وعمل معالجة جذرية لها يُبقي الوضع على ما هو عليه، و"ذر الرماد في العيون", وأن الوزارة هذا العام جادة قولا وعملا في اتخاذ الحلول المناسبة لهذه الإشكاليات, وإنزال العقاب الرادع ضد المتورطين, والذي قال إنهم مطلعون عليهم بالاسم, والتي قد تصل حد الفصل من الوظيفة للمنتسبين لوزارة التربية لكي يكونوا عبرة للآخرين, في حين سيتم إحالة اللجان الأمنية المخالفة إلى وزارة الداخلية والجهات المعنية بذلك, وكذلك الحال بالنسبة لبقية المتورطين في الإخلال بالامتحانات, ومُعالجة كافة الأسباب التي تؤدي إلى ذلك, مقدرا في الوقت ذاته آراء الجميع حول هذا الموضوع, مؤكدا أنهم في وزارة التربية والتعليم آخذين هذا الهم كنقطة وقضية كبيرة جدا, بأن التعليم والقياس المتمثل في الامتحانات ما لم يحدث تغيير وتحول نوعي وكمي, لن نستطيع ليس فقط إحداث تنمية حقيقية بل سنواجه أمورا سيئة وسلبية ستودي بمجتمعنا أجمع

المصدر: موقع وكالة الأنباء اليمنية سبأ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 309 مشاهدة
نشرت فى 5 نوفمبر 2011 بواسطة talalyehia

ساحة النقاش

د. طلال يحيي أبوشعيشع

talalyehia
دكتوراة الفلسفة في التربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,499