مصر ياولاد
قديما تعلمنا أن المعدن النفيس للمصريين يظهر وقت الشدائد.. وأيقنا على مر الزمان أن تلك هي حقيقة مؤكدة، لا لبس فيها ولا خيال ولا حتى شبهة مجاملة.
ولو مشينا مع تلك النظرية التي أكدتها كل الأحداث الجسام على مر الحقب والعصور التي شهدتها أرض الكنانة، لوجدنا أن المصريين هم الذين صنعوا من أجسادهم دروعا تحمي الوطن... إذا ما هذا الذي نراه من زرع للفتن، واشعال للحرائق، وتراجع عكس اتجاه دوران الزمن...وهو ما يشهد ويؤكد أن الأيادي الخفية تحاول العبث.. فماذا نحن فاعلون؟
الغناء لا يكفي
هل نكتفي بالغناء: المصريين أهمه.. حيوية وعزم وهمة.. هل نكتفي بطمئنة أنفسنا على طريقة نظام مبارك: كله تمام ومصر ليست العراق ولا لبنان؟!.. انتبهوا النيران تقترب وستحرق أول ما تحرق من أضرمها.
التاريخ معنا
لست متشائما ..ولكني لا اريد ان أكون متهاونا.. وان كان يغلب علي التفاؤل لكوني قارءا لتاريخ هذا البلد..وانا واحدا ممن تنبأوا بالثورة، وبنفس القدر الذي جاءت عليه، ولم أخف توقعي لكل من اقترب مني ولم أخش اتهامي بالترويج للشائعات او بأنني " مختل عقليا "، وهي التهمة التي سخرت منها علانية على شاشة التليفزيون المصري، عندما تكرر الصاقها بكل حادث ارهابي فاجر وقع على أرض المحروسة!.. ولكن لماذا انا متفاءل رغم أحداث الفتن التي تطل بوجهها القبيح؟
هذا الشعب مرتبط بوطنه الى ان تقوم الساعة.. هذا واقع لا فلسفة ولا تنظير، وان كنت ابحث كيف يكون حقا " حب الوطن فرض علينا".. راقب المصري وهو ينخرط في البكاء عندما يستمع الى أغنية تتغنى بحب الأوطان.
رموز مصرية
كنت ضيفا دائما على صالون ثقافي فني سياسي ـ وهذا بلاغ مني الى فلول النظام السابق ـ كنت أشارك فيه مع كبار نجوم مصر ومبدعيها ( من بينهم السيناريست المبدع عبد الحي أديب، النجم الأسمر احمد زكي، الشاعر الرقيق سيد حجاب، المسرحي الكبير بهيج اسماعيل، رائد أدب الجاسوسية واستاذي صالح مرسي، نجم الغناء علي الحجار، التشكيلي المبدع صلاح عناني الذي كان يداعبني بانني ابنه بعد ان أسماه الطاهر، نجم الكاريكاتير الرائع الذي اطلق علي لقب العندليب والصحفي المتميز عمرو خفاجى ونجم الاخراج الصحفي الراحل فوزي الهواري وآخرون أعفيهم من ذكر أسماءهم حتى لا يطالهم البلاغ !)، وكان يمتد بيننا اللقاء أحيانا إلى الخيط الأبيض من الفجر..
هنا القاهرة
وفي نهاية الندوة التي لم يكن يستعلي فيها أحد على الآخر رغم تفاوت رنين الأسماء، كان ينطلق صوت الصديق النجم علي الحجار ـ أحد أجمل وأعذب الأصوات التي أنجبتها مصر ـ ينطلق بأنشودة جميلة للغاية، مؤثرة للغاية، مبكية للغاية.. هي " هنا القاهرة " في حضور مبدعها الشاعر الثائر سيد حجاب، وكانت كلمات الأغنية تنساب كشلال هادر من الوطنية الجارفة، لتخرج كلماتها كطلقات رصاص مدوية، عاتبة على الوطن من أفعال بعض من خانوها، وأزعم أنه ما من أحد من الحاضرين استمع اليها ذات ليلة ـ مع تكرارها ـ إلا واختنقت الدموع في مقلتيه.. والمثير أن معالي الرقيب طالما رفض التصريح بهذه الأغنية منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي حتى اوائل 2011 ! باعتبارها خطرا يحدق بالوطن !
أضيئوا القناديل
هؤلاء هم ابناء مصر من المثقفين الوطنيين الذين أراهن على مقدرتهم على قيادة الوطن، والامساك بدفتها، ونشر التنوير، في مواجهة من يريدون احراقنا بنيران الفتن..
مصر ياولاد.. حلوة الحلوات..
ساحة النقاش