مكة لأول مرة

        اشتاق إلى بيت الله الحرام، وأستعيد ذكرى الزيارة الأولى إلى الكعبة المشرفة، وقد كتب منذ سنوات بعيدة كاتبنا الكبير أنيس منصور مقالاً بديعا بعنوان" الكعبة.. لأول مرة " وفي ذاكرتي عدد من المقالات والتحقيقات الصحفية المحفورة في عقلي وخيالي، لا تفارقني أبدا، وقد ساهم أنيس منصور بمقاله المذكور، في تشكيل صورة ما لهذا المكان المتفرد الطاهر.. وعندما ذهبت إلى المملكة العربية السعودية، قال لي شقيقي الذي التقيته هناك بعد أن سبقني بأيام، أنه عند النظرة الأولى للكعبة يستجاب الدعاء.. وأوصاني وشدد على التوصية، أن انطق بالدعاء عندما أرى " الكعبة لأول مرة "، وأومأت برأسي بأن الرسالة قد وصلتني تماماً، ولكن عندما وصلت إلى هناك، وكان الوقت مساء متأخرا، وكنا قد تواعدنا على تحية الكعبة المشرفة، قبل " التسكين" أى استلام غرفنا في الفندق، شعرت أنني كنت نائماً، واستيقظت على نور إلهي يغطي المكان، ليسس هو النور الصناعي الكهربائي شديد الابهار، الذي وضعته المملكة ليساهم في اضفاء جو الخشوع والرهبة.

        أصارحكم بأنني قد نسيت تماماً نصائح شقيقي، واصابني عجز النطق المؤقت، كان هناك نور آخر من نوع خاص يخترق القلوب، ويعمي الابصار.. نزع من قلبي الخوف.. وزالت الرهبة، وبقيت المحبة.. تمتمت : أحبك أيها الخالق وأقسم بأنك حق.. وأن محمدا صلى الله عليه وسلم حق.. هذا هو الاحساس الذي ملأني وجعلني أشعر بالقوة. جعلني  أحلق عالياً مع كائنات الله فوق الكعبة وهى فرحة بالأمن والأمان.. كل عام وبيت الله الحرام آمنا.. ومصر أكثر أماناً..في عهد جديد نتطلع اليه بكل التفاؤل والامل في مستقبل أفضل.