وأعتبرت أنه من مظاهر التطور، أن الحلو المسمى توك توك ، في طريقه لأن يحل محل الكارِتة والحنطور.. وقفت في الطابور إلى أن جاء شاب صغير السن يقود أحدها، وبدأ ينادي.. والحقيقة أنه قبل أن ينادي ، كان الركاب المتلهفين يقبلون عليه، فأشار لي الشاب بالركوب، إلا أنني اشترطت أن أستقله بمفردي، ونظر لي أن هناك توك توك أصفر اللون سوف يصحبني في نزهة خلوية..

        وبالفعل جاء المارد الأصفر قليل الحجم، بطيء الحركة... وصعدت إليه بثقة وثبات ... وجلست متوسطا الأريكة الخلفية ... وقلت له : اطلع بينا ع الكورنيش يا أسطى..  وفاجأني بالرد الصارم : أولاً أنا مش أسطى .......

قلت: دي لا يمكن تكون "أولا" لأنها آخر كلمة في جملتي المفيدة ...

        واستمر دون أن يعلق: ثانيا ... أنا مش سواق حنطور!

        واستطرد : وثالثا ... مش مسموح لي أمشى ع الكورنيش..

        قلت: طيب ... سيبك من أولا وثانيا وثالثا ... قوللي رابعا هاتوديني على فين؟

        قال: شارع العشرين كويس؟

        قلت: ماشي الكلام.. بس سوق بشويش..

        نظر خلفه كمن يبحث عن شخص غائب: يعني مش شايف "مُزّه" ولا حاجة!

        قلت: يا ابني يعني لو فيه "مزة" ها أخبيها في جيبي؟

        قال بغمزة من خده الأيمن وبصوت هامس : عرفت .. الباشا عامل دماغ..

        قلت وقد نفذ صبي وبعد أن وجدتها فرصة لأن "أسوق العبط" و"الشقاوة أدب": تمام ... يللا ... غني!

        أغني ازاي ؟ ... هو قال.

        قلت: يعني واحنا راكبين حنطور في الأقصر، كان السواق يغنيلنا : لوجصر بلدنا بلد سواح ... فيما الأجانب تتفسح…

        وكمان في السيما الست هدى سلطان غنت للحنطور: جوز الخيل والعربية ... أصواتهم كلها حنية ... شوفلنا حاجة تمشي مع التوك توك ...

        قاللي: في كثير ... عندك الست أمينة مثلا…

        قلت: لأ … عندك .. أ،ا عندي معلومات بتقول أنها غنت للحنطور.. والحنطور ده حبيبي..

        قال: بس إحنا لينا تصريفة في الأغنية.. يعني اسمع يا باشا: أنا أركب التاكتوك.. وأتكتك..

        قلت: أنت متحمس أوي للتوك توك.. مع أن الهنود صمموه على شكل خنفسه!

        قال: إنت سمعت سعادتك عن سحابة بركان أيسلندا ولا مؤاخذة؟

-       من غير لا مؤاخذة ... سمعت طبعا ... لكن إيه علاقته بالتوتوك يا خفيف؟

-       هلبت عرفت أن الطيارات ركعت على الأرض قدام السحابة؟

-       قلت: سمعت...

-       قال: سمعتش عن توك توك إتعطل عن العمل خمس دقايق بسبب سحابة بركان ولا حتى قش الرز؟

-       قلت: اللي يسمع كده ما يقولش أن عربية فلوكس موديل 63 تسبقك وتعفر على دقنك.

-       طب.. بص دي...

-       (فجأة قفز على رصيف الشارع، وشغال غُرز بين المشاة وسط صرخاتهم. فيما أطلقت أنا صيحة رعب)..

-       قال يكسوه إحساس عميق بالانتصار: أهو ده التوك توك.. اللي راعبهم وفارسهم... توك ... يامشرفني ...

-       أركب التاكتوك ... درجن ... درجن ... واتكتك ... درجن درجن.

المصدر: طاهر البهي من كتابه توك توك العاصمة/ دار العلوم للنشر
taheralbahey

طاهر البهي الموقع الرسمي

  • Currently 85/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 276 مشاهدة

ساحة النقاش

طاهر البهى

taheralbahey
الكاتب الصحفى مقالات وتحقيقات واخبار وصور حصرية انفرادات في الفن والادب وشئون المرأة تحقيقات اجتماعية مصورة حوارات حصرية تحميل كتب الكاتب طاهر البهي pdf مجانا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

252,954