كأس العام بح .. كأس العالم واوا

أسعد الناس بانتهاء ماراثون كأس العالم لكرة القدم، هى زوجتى بلا منافس!

واذا كان فيلسوف مصر ومفكرها العملاق توفيق الحكيم، عرف بأنه عدو المرأة ـ رغم وجود من يشكك فى هذا الرأى ـ فان زوجتى أرشحها لنيل أوسكار " عدوة الرياضة " الأولى.

وعلى الرغم من اعترافى بأننى " اطبعت بطبع زوجتى "، فأصبحت أكثر ميلا للاذاعة، وأقل متابعة لشئون التليفزيون ـ مثلها ـ بل أننى كثيرا ما أبالغ فى كونى " أقرب " الراديو من أذنى قوى، حتى تلاحظ أننى من عشاقها، وبالتالى تبتسم لى، وان كنت أتجاهل أن أسألها هى بتبتسم اعجابا بى، ولا دليل على أنها " فقسانى "؟!

ولأنه يموت الزمار وايده بتلعب، ولأننى من بقايا حفريات عشاق الساحرة المستديرة وبحمد الله لدى صداقات مع كبار نجومها؛ فأحيانا ما يتملكنى الحنين، خاصة فى البطولات الدولية التى يشارك فيها فريقنا القومى، و كمان فرح كأس العالم، الذى أحسب عمرى بعدد البطولات التى شهدتها، والتى شهدت مراهقتنا مباريات فى الساعات الاولى بعد نص الليل، والتى كنا نقلد فيها نجوم كأس العالم، ونحمل أسمائهم، وكان لى شرف الحصول على اسم لاعب الارجنتين " كمبس الأشول" فى حين كان زميل وقح يتعمد تحريفها الى كمبس الأحول، وانا فعلا كنت متخصص الشوط بره الجزمتين ـ كل فردة تمثل عارضة ـ  وكنت فى  هذا الوقت نصف طول كمبس وربع حجمه !

ومنذ شهر مايو الماضى، وأنا أحاول " ضبط زوجتى على موجة كأس العالم "، حتى أننى كنت أحكى لها حكايات وهمية عن المذيعين اللى بيخرفوا ويكلموا جماعتهم على الهوا..كنوع من التشويق، إلا أن زوجتى فطنت الى الخدعة، وقالت : أبدا..لاممكن كاس العالم يدخلى بيتى أبد !

ولأننى انسان وزوج مسالم الى أقصى حد؛ قلت: خلاص..تنزل كمان المرادى..!  

وطوال أيام المسابقة التى امتدت حوالى 28يوما ـ أنا حاسبهم ـ وأنا أحاول أن أختلس نظرة على هؤلاء السحرة، اللى الكورة فى رجليهم عاملة زى السكينة فى الجاتوه، إلا ان حرمنا المصون كانت دائمة التفتيش عل حجرتى، وبصفة خاصة تشتد دوريات الحراسة، كلما ارتفع صياح الشباب العفاريت الذين يشاهدون البطولة أسفل بلكونتى مباشرة..وكأننى ناقص حد يغيظنى.

ولم يكن أمامى سوى أن أرهف السمع، تنصتا لتعليقات شباب المشاهدين: ايوه.. إلعبله هناك...هناك فين كمل يابنى الجملة.. بص بص.. الجون مرعوب..ده مش حالق دقنه.....دى انا عارفها واستطيع تخيلها... شوط يابنى..معاك اهو..هو فاضى...هييييه يا خسارة...مافهمتش انا حاجة..هيه ولا خسارة..رد عليه يا كابتن.

مرة ـ لأ مش نكتة ـ المدام خرجت وكمان العيال، بقيت لوحدى..والشيطان شاطر..التليفزيون قدامى، والريموت فى متناول ايدى..والكهربا مش مقطوعة.. ضغطت على الريموت..انفتح التليفزيون..قليل البخت يلاقى العضم فى الكرشة.. لقيت اعلانات كتيرة قوى ..جه الماتش.. عليت التليفزيون قوى .. بدأ المعلق يقول أسماء لاعبى الفرقتين .. مافيش ولا واحد أعرفه ..لكن كنت باصقف مع كل اسم بيتقال.. كنت حاسس انهم واحشنى قوى من غير ما اعرف حد فيهم ـ اصل انا متجوز من اربعة كاس عالم ـ فيهم واحد كان المعلق مسميه " فوق الركبة " بس كان بينطقها خطف :         " درجبة " !

أتارى الباب ـ باب الشقة طبعا ـ انفتح من غير ماخد بالى، لأجد نفسى وجها لوجه فى مواجهة زوجتى الحبيبة ـ التى أحبها أكبر من الدنيا دى كلها.. أكبر من البحر ومن الشجر ـ هكذا أخبرها من حين لآخر..والتليفزيون عالى، والصورة ما بتكدبش..ده إيه؟ هكذا سألتنى، فقلت : ده ملعب ..كورة..ودول لعيبة كورة..ثم صحت مفجرا كبتا طويلا: ..ده..كاس العاااالم !

وبهدوءها الشديد..وصبرها الذى يحيرنى قالت بحنان بالغ: أنا قلت كتير مابحبش الكورة..ااقول ايه تانى..أقولك.. كاس العالم فيه واوا..فهمت؟

أومأت برأسى مستجيبا..وبعد أن تأكدت من أن مولد كأس العالم قد انفض، وولى أمره، ذهبت الى زوجتى بكل أدب أبشرها وأهنئها..قائلا لها:

كاس العالم ... بح !

هوس الكورة

وفي السنوات الأخيرة أصبح التشجيع يتخذ أنماطا جديدة، أقل ما توصف به هو وصف " الهوس " الذي لم يفرق بين ولد وبنت.

والهوس الكروي موجود من زمان فى الشارع المصرى ..ولكنها باتت تشكل ظاهرة تحتاج لدراسة متعمقة، متأملة في مصر، ويرجع الخبراء بداية انتشار الظاهرة بشكلها الملحوظ ، إلى العام 2006وهو العام الذي شهد تنظيم القاهرة لبطولة كأس الأمم الافريقية، بالتوازى مع آمال كانت معقودة لفوز مصر بتنظيم  بطولة كأس العالم للكبار ـ وهو الأمل الذي تبدد ـ ولكن منذ هذا التاريخ، ومع حصول مصر على كأس البطولة، نجحت كرة القدم في أن تجتذب شرائح جديدة في المجتمع وأصحابها يمثلون.." كريمة المجتمع "..وخرجت " البنات " لتخترقن السياج الوهمي الذي كان يحول بينها وبين مدرجات كرة القدم، وتقدمت أسر بكامل أفرادها من الأب والأم والأبناء يحملون أعلام الوطن ..وكيس الساندوتشات !

المصدر: طاهر البهى روزاليوسف مقال للكبار فقط
taheralbahey

طاهر البهي الموقع الرسمي

  • Currently 70/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
22 تصويتات / 215 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2010 بواسطة taheralbahey

ساحة النقاش

طاهر البهى

taheralbahey
الكاتب الصحفى مقالات وتحقيقات واخبار وصور حصرية انفرادات في الفن والادب وشئون المرأة تحقيقات اجتماعية مصورة حوارات حصرية تحميل كتب الكاتب طاهر البهي pdf مجانا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

252,989