كتب - محمد حمدى
يُحكى أن غُلامًا خرج مِن مكة المُكرمة إلى بغداد ؛طالبًا للعِلم،وعمرهُ لا يزيد عن اثنتي عشرة سنة، وقبل أن يُفارقَ مكة المُكرمة قال لأمه : يا أماه أوصني .
فقالت له أمه : يا بُني ،عاهدني على أنك لا تكذب ، وكان مع الغلام أربعمائة درهم ينفق مِنها في غُربته ؛فركب دابتهُ متوجهًا إلى بغداد .
وفي الطريق خَرجَ عليه لصوص؛ فأستوقفوه، وقالوا له: أمعك مال يا غُلام؟
فقال لهم : نعم معي أربعمائة درهم .
فهزؤوا مِنه ،وقالوا له : إنصرف ! أتهزأ بنا يا غلام ؟ أمثلك يكون معه أربعمائة درهم؟!
فأنصرف ،وبينما هو في الطريق إذ خرج عليه رئيس عصابة اللصوص نفسهُ ،وأستوقفهُ ،وقال له أمعك مال يا غُلام ؟
فقال له الغلام : نعم .
فقال له : وكم معك؟
فقال له : أربعمائة درهم، فأخذها قاطع الطريق، وبعد ذلك سأل الغُلام لماذا صدقتني عندما سألتك ،ولم تكذب عليّ ،وأنت تعلم أن المال إلى ضياع ؟!
فقال لهُ الغُلام : صدقتك ؛لأنني عاهدت أمي على ألا أكذب على أحد،وإذا بقاطع الطريق يخشع قلبه لله رب العالمين،وقال للغلام : عجبت لك يا غُلام، تخاف أن تخونَ عهد أُمك ،وأنا لا أخاف عهد الله -عز وجل-، يا غلام ،خُذ مالك، وإنصرف آمنًا ،وأنا أُعاهد الله أنني قد تُبت إليه على يديك توبةً لا أعصيه بعدها أبدًا !
وفي المساء جاء التابعون له مِن السارقين، وكل مِنهم يحمل ما سرقه ليسلموه إياها، فوجدوه يبكي بُكاء الندم فقال لهم : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .
فقالوا له : يا سيدنا، إذا كُنت قد تبت، وأنت زعيمنا ؛فنحن أولى بالتوبة مِنك إلى الله .
عدد زيارات الموقع
121,232