كتب-محمدحمدى
خلق الله- عز وجل - سوميا أبو الجن قبل خلق آدم -عليه السلام -بألفي عام ، وقال -عز وجل- لـسوميا : تمن .
فقال سوميا : أتمنى أن نرى ولا نُرى، وأن نغيب في الثرى، وأن يصير كهلنا شابًا .
ولبى الله -عز وجل - لـسوميا أمنيته، وأسكنه الأرض له ما يشاء فيها وهكذا كان الجن أول مَن عبد الرب في الأرض (المصدر قول ابن عباس -رضي الله عنه- )
لكن أتت أمة مِن الجن، بدلًا مِن أن يداوموا على الشكر لله على ما أنعم عليهم مِن نعم،فسدوا في الأرض بسفكهم للدماء فيما بينهم وأمر الله جنوده مِن الملائكة بغزو الأرض لاجتثاث الشر الذي عمها، وعقاب بني الجن على إفسادهم فيها ،وغزت الملائكة الأرض ،وقتلت مَن قتلت ،وشردت مَن شردت مِن الجن ،وفر مِن الجن نفر قليل، إختبأوا بالجزر ،وأعالي الجبال ،وأسر الملائكة مِن الجن إبليس الذي كان حينذاك صغيرًا،وأخذوه معهم للسماء( المصدر تفسير ابن مسعود ) .
كبر إبليس بين الملائكة، وإقتدى بهم بالإجتهاد للخالق -سبحانه - وأعطاه الله منزلة عظيمة بتوليته سلطان السماء الدنيا ،وخلق الله أبو البشر آدم - عليه السلام-
وأمر الملائكة بالسجود لـآدم ، وسجدوا جميعًا طاعةً لأمر الله، لكن إبليس أبى السجود ،ولما سأله الله عن سبب إمتناعه قال: "أنا خير مِنه، خلقتني مِن نار وخلقته مِن طين "
فطرد الله إبليس مِن رحمته، عقابًا له على عصيانه، وتكبره، ولما رأى إبليس ما آل إليه الحال، طلب مِن الله أن يمد له بالحياة حتى يوم البعث، فأجاب الله طلبه ، ثم أخذ إبليس يتوعد آدم، وذريته مِن بعده بأنه سيكون سبب طردهم مِن رحمة الله قال الله -تعالى- : "إذ قال ربُك للملائكة إني خالق بشرًا مِن طين . فإذا سويتهُ ونفخت فيه مِن روحي فقعوا له ساجدين . فسجد الملائكة كلهم أجمعون . إلا إبليس أستكبر وكان مِن الكافرين . قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت مِن العالين،قال أنا خيرٌ مِنه خلقتني مِن نارٍ وخلقته مِن طين . قال فاخرج مِنها فإنك رجيم . وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين . قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون . قال فإنك مِن المنظرين . إلى يوم الوقت المعلوم،قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين .إلا عبادك مِنهم المخلصين . قال فالحقُّ والحق أقول . لأملأن جهنم مِنك ومِمَن تبعك مِنهم أجمعين }
آيات 71 ـ 85 سورة ص وأسكن الله آدم الجنة، وخلق له أم البشر حواء
لتؤنسه في وحدته، وأعطاهما مطلق الحرية في الجنة إلا شجرة نهاهما عن الأكل مِنها
قال تعالى {أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا مِنها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا مِن الظالمين} آية 35 سورة البقرة في حين بقيت النار في داخل إبليس موقدة، تبغي الإنتقام مِن آدم الذي يراه السبب في طرده مِن رحمة الله
وهو غير مدرك أن كبره وحسده لـ آدم هما اللذان أضاعا مِنه منزلته التي تبوأها بين الملائكة وضياع الأهم طرده مِن رحمة ربه كانت الجنة محروسة مِن الملائكة الذين يُحرمون على إبليس دخولها كما أمرهم الله بذلك وكان إبليس يُمني النفس بدخول الجنة حتى يتمكن مِن آدم الذي لم يكن يغادرها فإهتدى لحيلة وهي أنه شاهد الحية يتسنى لها دخول الجنة والخروج مِنها دون أن يمنعها الحراس الملائكة مِن الدخول أو الخروج فطلب مِن الحية مساعدته لدخول الجنة بأن يختبئ في جوفها حتى يمر مِن الحراس الملائكة ووافقت الحية، وإختبأ إبليس داخلها حتى تمكنت مِن المرور مِن حراسة الملائكة لداخل الجنة دون أن تُكتشف الحيلة وذلك لحكمة لا يعلمها إلا الله -سبحانه- ( المصدر تفسير ابن كثير)
وطلب إبليس مِن الحية أن تكمل مساعدتها له ووافقت وعلم إبليس بأمرِ الشجرة التي نهى الله -سبحانه وتعالى- ،آدم،و حواء مِن الأكل مِنها ووجد أنها المدخل الذي سيتسنى له مِنه إغواء آدم، وحواء حتى يخرجهما عن طاعة الله ويخرجهما مِن رحمته تمامًا كحاله، ووجد إبليس ، والحية آدم ،و حواء داخل الجنة، فأغوى إبليس ،آدم بينما أغوت الحية حواء حتى أكلا مِن الشجرة، بعد أن أوهماهما بأنهما مِن الناصحين وأن مَن يأكل مِن هذه الشجرة يُصبح مِن الخالدين ومِن أصحاب مُلك لا يُبلى ،وغضب الله على آدم، وحواء لأكلهما مِن الشجرة وذكرهما بتحذيره لهما:{ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدوٌ مبين}آية 22 سورة الأعراف .
لم يجد آدم ، وحواء أي تبرير لفعلتهما سوى طلب المغفرة: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن مِن الخاسرين}آية 23 سورة الأعراف، وحكم الله على آدم ، وحواء ، وإبليس، والحية بعد ما حدث : {اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}آية 36 سورة البقرة،وهبط آدم وحواء مِن السماء إلى الأرض وتحديدًا في الهند ،كما ذهب أكثر المفسرين في حين هبط إبليس في دستميسان على مقربة مِن البصرة وهبطت الحية في أصفهان ( المصدر البداية والنهاية لابن كثير ) .
وتاب الله على آدم ، وحواء ، ووعدهما بالفوز بالجنة إن إتبعا هداه وبالنار إن ضلا السبيل: {فمَن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .
عدد زيارات الموقع
137,047