كلمة هندسة باللغة العربية تحمل معاني متعددة، وتعني القدرة على حل المشكلات باستخدام الحسابات ويعرفه القاموس المحيط بأنها العلم الرياضي الذى يبحث فى الخطوط والابعاد والسطوح والزوايا والكميات والمقادير المادية. وأول بدايات للهندسة سجلها التاريخ تعود لعصور قديمة قبل الميلاد في مصر القديمة والهند وبلاد الرافدين، وكانت الدراسات الهندسية القديمة تهتم بمكتشفات بسيطة ثم تطورت لتلبي حاجات البناء والعمارة وعلم الفلك. ومن فروعها هندسة الحاسوب، هندسة الاتصالات، هندسة الكترونية ، الهندسة الطبية الحيوية والوراثة، هندسة زراعية، هندسة معمارية، هندسة مدنية، هندسة بيئية، هندسة الطيران والفضاء،…….. والهندسة الرياضية للمجالات الحركية فى المهارات والألعاب الرياضية المختلفة تعني بتصميم الأجهزة الخاصة بمحاكاة الحركة باستخدام القوانين الفيزيائية لإيجاد حلول وتطبيقات مع طرق القياس الدقيق للمتغيرات التى تؤثر على الأداء بشكل مباشر. وهي كأي علم تتطور باستمرار ودون توقف، وفي الآونة الحديثة ترابطت مع التطور الصناعي بشكل كبير لإنتاج أجهزة ووسائل تكنولوجية جديدة ومتطورة تفي بالمتطلبات المتزايدة لإيجاد طرق تعليم وتدريب بالإضافة إلى التقويم للحركات الرياضية المختلفة حتى وصلت التصميمات الهندسية فى المجال الرياضي خلال الالفية الثالثة فى دولة مثل ألمانيا الاتحادية – حتى عهد قريب – أكثر من 80 جهاز مصمم لاغراض الهندسة الرياضية لمجالات رياضية مختلفة.
إن الالفية الثالثة تتسم بالإنجازات العلمية وبخاصة فى المجال التكنولوجى والهندسة الرياضية، فكلما زادت المعلومات زادت الحاجة إلى استحداث وسائل تكنولوجية جديدة ومع استحداثات تلك الوسائل الجديدة تزداد المعلومات التى نحصل عليها. ولقد أظهرت النتائج ان استخدام التكنولوجيا تؤثر على تعلم المهارات الرياضية والارتقاء بالعملية التعليمية، كما أنها تعمل وتساعد المعلم على تحقيق الاهداف التعليمية بكفائة ويسر. كما غيرت تكنولوجيا العصر كل من المقاييس المالوفة للزمان والمكان، مما أدى إلي تقارب المسافات بين العلماء والدول، ولها خصائصها المميزة وآثارها البعيدة المدى علي الانجازات الرياضية العالمية ومجالات البحث العلمي. لكن من الملاحظ أن معظم الإكتشافات العلمية، والأبحاث التكنولوجية والهندسة الرياضية تركزت في بعض الدول، لدرجة انها سيطرت على طرق الاستفادة منها، وخاصة على المستوى الرياضي الأوليمبي والعالمي، وبذلك أصبحت مشكلة نقل الهندسة الرياضة إلي الدول النامية تعترضها الكثير من المعوقات التي تحتاج إلي المزيد من العناية البالغة، وكأن يراد منها التخلف والتخلف التكنولوجي وعدم المحاولة حتى لمجرد التفكير في المحاولة، وبالتالى أثر بدوره على التخلف الرياضى، وهذا التخلف لا يرجع فقط إلي عدم وجود الابتكارات أو بحوث التطوير وإنما إلي مشاكل التمويل إيضاً.
لقد أصبحت الهندسة الرياضية عصب نظم المعلومات في المجال الرياضي – سواء التعليمي منها أوالتدريبي – لما تقدمه من دعم كبير في إجراء وتنفيذ العمليات المختلفة ومساعدة المعلم والمتعلم والمدرب والمربى وكل من لهم صلة بالعملية التعليمية والتدريبية في كافة الأنشطة والقرارات التي يتطلبها العمل الرياضي، مع ضرورة الاستفادة منها لخلق جيل من الرياضيين الأبطال، ويمكن بواستطها تحقيق صحة وتكامل وسرعة الحصول على المعلومات، وبالتالى تحسين الخدمات المقدمة وتقليل الهدر المادي، وتنمية القدرات الإبداعية لدى المعلم والمتعلم، وتعمل على امداد المعلم بأدوات وأجهزة تساعد على سهولة توصيل المعلومات الى المتعلم. كما تسعى الى ربط التعلم بالحواس المجردة لدى المتعلم، فتخاطب فيه أكبر عدد من تلك الحواس، مما يضفي متعة وتشويقاً على تعلمه من جهة ويفتح أمامه العديد من أساليب التعلم المفضلة لديه، فضلاً عن تنويع مثيرات التعلم. بالاضافة الى تمكين المتعلم من الاعتماد على الذات وتنمية مهارات التعليم الذاتي، وتطوير الأداء بهدف تحقيق معايير الجودة الخاصة به، وتحقيق مبدأ المرونة فى التعليم وتصميم البرامج التعليمية.
إن استخدام الكمبيوتر مع أجهزة القياس الحديثة بالاضافة لاجهزة المحاكاة الحركية للرياضات والفعاليات المختلفة يمثل الصورة الحقيقية للهندسة الرياضية والتي بواسطتها تساعد المدرب واللاعب في عملية التقويم بصورة مباشرة وموضوعية واعتبرها بعض العلماء من تكنولوجا التعليم والتدريب في المجال الرياضي، والتي يتم بواسطتها الحصول على معلومات سريعة عن الحركة الرياضية، كما يمكن الحصول على معلومات دقيقة عن الأداء الحركى، وكذلك تطور في كفاءة الجهاز العضلي وكذلك الحالة النفسية للاعب والتي تنعكس بدورها على تحسن القدرات البدنية الخاصة.
ولقد اشار بعض العلماء الى أن استخدام الهندسة الرياضية فى صورة أجهزة تشخيص ميكانيكية كان لها التأثير الإيجابي للمتغيرات المستهدفة عن الأداء كما حسنت من مستوى الأداء وأعطت خبرة جيدة للاعبين عن الأداء، كما وفرت لدى اللاعبين الدافعية بفاعلية للاداء باستخدام انماط حديثة من التغذية الراجعة. والتى من شأنها أن تنشط عملية التعلم، وتزيد من مستوى الدافعية للتعلم وتقوية عملية التعلم، وتدعيمها وإثرائها.
نظرة تاريخية عالمية لمبتكرات الهندسة الرياضية فى رمى الرمح:
ان الهدف من ابتكار انظمة تكنولوجية خاصة بالهندسة الرياضية فى رمى الرمح هو الحكم على مستوى الأداء باستخدم أحدث أجهزة القياس، كما تعطى نتائج بصورة سريعة وموضوعية عن التعليم والتدريب لمرحلة التسارع الاساسية فى رمى الرمح والتى يظهر بها المتغيرات المؤثرة فى مسافة الرمى، خاصة وأن مرحلة الرمي هي المرحلة الفنية الأساسية للحكم على تحقيق الهدف من مستوى الأداء والتي تتزايد فيها السرعة بداية من لحظة الارتكاز المزدوج وحتى مرحلة التخلص من الأداة، ولعلاج هذه المشكلة فقد تم ابتكار نظم ميكانيكية باستخدام التكنولوجيا الرقمية لتقويم برامج التعليم والتدريب، وكانت أول هذه الابتكارات الهندسية في رمى الرمح للعالم Viitasalo (1987) باستخدام الحواجز الضوئية في قياس سرعة الانطلاق للرمح.
ساحة النقاش