قصتنا بطوله فتاه تدعى نور وشاب يدعى لؤى,كانا جارين فى حارة صغيرة فى نواحى حلب.
كان مولدهما جميلا, فكلاهما كبير اخويه, نور هى ابنه العم محمد وزوجته الخاله نعمه ,تكبر شقيقها الاصغر مهند بسنتين وشقيقها عدى ب 5 سنوات و كان الاب لهم بمثابه الاب والام والاخ والصديق كان كل شئ واى شئ
كان يعطف على الغريب فمابالك بالقريب بقره عينه اولاده؟
ومابالك بنور الفتاة اليافعه الجميله الى كان يقبل جبهتها كل صباح قائلا" احبك يا بركتى" كم كان يدللها ويدلعها حتى انه لم يؤخر لها طلبا واحدا حتى انه احضر لها فى عيد ميلادها الماضى حوضا كبيرا به ثلاث سمكات,لعلمه بحبها الشديد للاسماك, من اجمل ما صور الله احدهما حمراء تميل الى الذهبى كانها الشمس والاخريتان خضراء وزرقاء لكنهما اصغر حجما من نظيرتهما الحمراء.
كانت نور تطلق عليهما الاسماء سارة ورغد وحنين فهى كانت دائما تراهم انهم ابناؤها وتحنو عليهم كما تمنت دائما ان تكون امها موجوده وتحنو عليها .
اما لؤى فهو ابن العم عبد الرحمن وزوجته ثريه وشقيقه الاوحد خالد الاصغر ب 7 سنوات فقد جاء بعد دعاء مُلح من الوالدين ان يرزق الله لؤى بشقيق يكون سنده فى الدنيا .
كان بيت العم محمد كبير وواسع زى حديقه كبيرة تترص على يمينها وشمالها الاشجار والفواكه و مطلا على الحارة من جهه وعلى النهر من جهه اخرى فما اجمله من منظر رائع تراه نور كل صباح من نافذه غرفتها. وكان العم محمد ذو كلمه مسموعه فى الحارة كلها والكل يهابه ويحترمه ويقدر له مقامه .
وكان بجوارة بيت العم عبد الرحمن لا يفصلهما سوا جدار من الاشجار الكبيرة وكان الحب والود بين العائلتين فكلاهما يحترم جاره.
"اترى هذه الفتاه الجميله, دعنا نلعب معها" هكذا قال لؤى لصديقه ياسر فقد كانت نور تجلس امام بيتها فى انتظار ابنه عمها ليلعبا سويا وكانت ممسكه بعروس صغيره فى يدها اقبلا عليها الصبيه لؤى وياسر قائلين"هلا"
نظرت اليهم نظرة بريئه جميله حنونه لم ينساها لؤى مدى عمره
واجابت عليهم "هلا" فاسرعا قائلين" الا نلعب سويا؟؟"
ابتسمت وقالت" اي"ثم استطردت" مريم دقائق وستاتى ما رايكما نلعب بالداخل "واشارت الى حديقه منزلهم و كانت مريم هذه ابنه عمها التى تعتبرها اختها وصديقتها الوحيده فى الدنيا فأمها نعمه قد توفاها الله منذ حوالى عشرة اعوام اى نور لم تكن قد تعدت العاشرة بعد.
وهكذا كان اول لقاء بينهما لم يتكلف اى منهما فى معرفه الاخر فالطفوله جمعتهم فى براءه.
ومنذ ذلك الحين ونور ولؤى لا يفترقان يقضيان يومهما فى اللهو واللعب كسائر الاطفال,وفى الدراسه كانت نور تستعين كثيرا ب لؤى فيشرح لها درسا فى الرياضيات او العلوم فهو عاشقهما,وظلا هكذا والكل راضى عن هذه الصداقه البريئه لكنهم لم يعلمو ان الحب وليد اللحظه وحبهما قد ولد منذ اول لحظه جمعتهما وظل يكبر معهما.
"يا ليتنى مثل هذا النهر اجرى لا احد يعوقنى والكل من حولى ينظر مبتسما" هذا ما قاله لؤى لحبيبته نور ,وهما جالسين جنبا الى جنب وكلاهما ممسك بقطع صغيرة من الصخر يرمونها فى النهر,التفتت اليه نور مبتسمه وقالت"الا تكفيك نظرتى وابتسامتى؟"...."حبيبتى لو لم تكونى فى دنيتى لما صبرت كل هذا والله حتى لو لم تنظرينى لكفانى وجودك فى عالمى"
قاطعهما تدخل مهند الذى يغار على نور بشده فقد لمحها من بعيد واتى ليفسد جلستهما,كانت نور تعلم بغيرة مهند فكانت تحترمها ولا تريد ان تثيره اكثر وتتحاشى ان تؤذيه.
كانت ظروف والد لؤى شديده نوعا ما فمنذ دخول لؤى المرحله الثانويه وهو يحاول ان يساعد ابوه فى شغله كتاجر فكان بجانب دراسته يسافر مع والده الى المدينه القريبه ليأتيا بالبضائع كان يفعل هذا بحب لكنه كان يتزمر فى بعض الاحيان ولكن نور كانت دائما تخفف عنه وتزيد من عزمه فى مساعده والده بل ايضا فى ان يبدأ فى الاستقلال وتكوين نفسه ليخفف عن والده عبئه.
"اريد ان احمل لكى الدنيا واهديها اليكى ,يا عصفورتى الصغيرة,يا طفلتى الرقيقه,يا ضحكتى الجميله" كلمات رددها لؤى فقد كانت فرحته شديده لدخوله كليه الهندسه كان حبه الشديد للرياضيات هو ما دفعه على ان يحلم مثل هذا الحلم,وكم كانت نور تجمل له حلمه كأنه حقيقه فكانت بين حين واخر تداعبه قائله"مهندسى لؤى"
"ان اليوم يومى يانور"..."بل اليوم عيدك يا لؤى اقصد يا مهندسى لؤى" فتعالت ضحكاتهما وكم كان ضحكهما جميلا.
عانى لؤى فى اول ايامه الجامعيه فقد كان عليه نظرا لدراسته العمليه ان يسكن بالمدينه ولكن كيف؟كيف لا يرى تلك العيون التى يرى فيها السعاده ؟ كيف يبتعد عن تلك الايدى الحانيه التى طالما كانت تربت على كتفه؟ كيف لا يسمع تلك الضحكه التى تملئ الكون مرح؟ كيف عليه ان يتحمل كل هذا وهما لم يفترقا ابدا؟
كانت نور, رغم ضيقها الشديد الذى تعمدت اخفاؤه حتى لا تزيد من همه, تحاول ان تخفف عنه وتصبره على بعده
فتقول له"اصبر حتى نستطيع ان نتجوز بعد تخرجك ,ألم تتخيل بيتنا يا لؤى انى اتخيله كل مساء واحلم به فى صحوى قبل منامى,احلم ببيت يضمنا ويجمعنا ,اصبر يا حبيبى فكله من أجلى ألست غاليه يا لؤى؟؟؟ "......"نعم يا نور؟! غاليه!!!! يا نورانت اغلى من نفسى فداكى نفسى يا حبيبتى انتى نور حياتى يا نور".
وهكذا ألتفت لؤى لدراسته الجديده وكان يأتى لاهله كلما اتسع له الوقت لذلك وكان يقضى ايامه التى يأتيها مع نور يحكون ويمرحون يحاولو ان يعوضو ايام البعد.
وقد ظل الحال هكذا يشتعل فيه الحب وتؤججه لوعه الشوق.
ومرت السنه تلو الاخرى وهاهى نور قد تخطت الثانويه,التحقت بكليه الدراسات الاسلاميه بالمدينه وكانت تذهب بعض المرات لتجمع ما اخذو فحضورها لم يكن اساسى.
يوم كئيب يوم غابت فيه اشعه الشمس وغاب فيه تغريد البلابل وزقزقه العصافيرغابت فيه الفرحه والبسمه غابت عن عيون نور ولم تعد ولن تعد, جاء ذلك اليوم ليعلن لهم كم الدنيا قاسيه .
اعلن هذا اليوم عن فقد السند الوحيد والروح لم يعطى انذارات او تمهيدات لم يمهلهم حتى لحظات للوداع.
تعالت فيه الصرخات وطلبات النجده تعالت فيه اصوات البكاء والنحيب.
لجأت نور لنصفها الاخر "مات ابى" هذا كل ما استطاعت نور ان تنطق به للؤى لم تستطع ان تكمل فقد اكملت بدلا من حروفها دموعها وسطرت اصعب الكلمات واشدها .
ايام وايام تمضى على بيت السعاده كما كان يطلق عليه فى السابق وهو لم يعرف للسعاده طعم منذ وفاه الاب.
ايام وايام تمضى لينكشف المستور والصدمات تتوالى على نور واخويها.
ويالها من صدمات تهد الجبال فكيف بنور الرقيقه النسمه الجميله الى لم تكن تعرف عن الدنيا غير الفرحه
علمت وياليتها ماعلمت علمت بمصيبه تدق على باب منزلهم
علمت ان ابيها مات مديون!!!!!!!!
نعم مات مديون كيف ولماذا ومنذ متى ولما اسأله تتردد ويسمع صداها فقط فليس للاسئله اجوبه فقد مات من معه الجواب.
كل ما يروه هو توقيع ابيهم على شيك ب مبلغ مالى لم يرو مثله من قبل صدمه شديده كيف يتصرفون وماذا يفعلون؟؟؟
امسكت نور بقلمها وفتحت صفحه مندفترها وسطرت بعض الكلمات فى سرعه فسرعان ما وجدت دموعها تسقط فقامت بقطع الورقه من الدفتر وامسكت بظرف عندها وسطرت عليه عنوان لؤى ثم قامت وجففت عينيها بيدها وخرجت من غرفتها مناديه على عدى"عدى اقبل اريدك ان تذهب وتبعث هذا الخطاب فى البريد
نظر اليها فى تزمر لكنها قالت "عدنى يا عدى انك ستفعل"......"ماذا بكِ يا اختى "..."لا شئ,لكن عدنى"...."اعدك"
فبتسمت ابتسامه باهته ,وسلمته الخطاب واستدارت الى غرفتها.
امسك عدى بالخطاب وقرأ عنوان لؤى فعلم ان الامر خطير فالحب القديم مازال ينبض.سيصل هذا الخطاب الى لؤى ف الصباح.........
جاءت نور بكرسى ووضعته فى مقابل حوض سمكاتها وجلست تنظر اليهم نظرات عميقه كانها تخاطب بناتها او تبيح لهم باسرارها او تشاركهم همومها وظلت على هذا الوضع ساعات.
ولكن ف لحظه اخذت دمعاتها تتساقط بحرقه على وجنتيها فقامت واغلقت محبس الهواء المتصل بالحوض واستدارت بسرعه فهى لن تستطيع ان ترى بناتها يموتون امامها لكن لماذا فعلت هذا؟؟؟؟؟ما بالك يانور؟؟مابالك يا ذات القلب الابيض؟؟؟
اسرعت الى سريرها ولاذت فى فراشها وامسكت بعلبه مليئه بالاقراص تناولتها جميعا فى سرعه بالغه ثم امسكت بالغطاء وباتت ليلتها.
اسرعت فى كل شى وكانها تريد ان تنهى كل شئ فى لحظات.....
وفى الصباح يدق الجرس دقا مفزعا فقام عدى مسرعا بعدما نهره مهند وقال له"اذهب لترى من يطرق بابنا"
قام عدى وهو مجبور ليرى من الطارق انه ساعى البريد يسلمه خطابا من اليونان"انه للانسه نور,هل هى موجوده؟"
"نعم,لكنها نائمه,هل استطيع ان استلمه بدلا منها؟"...."لابأس تفضل."
اغلق عدى الباب وعاد الى غرفته وفى يده الخطاب رماه على المنضده وهو متزمر لانه استيقظ بهذه الطريقه المؤذيه.
"ماهذا؟"......"جواب لاختك من لؤى".........من لؤى؟؟؟!
"ماذا بعث هذا الاحمق اما كفاه ما بنا وبأختنا"....وقام مسرعا والتقط الخطاب من على المنضده وفضه "ماذا عساه ان يقول لنور" وقرأ بصوت مسموع
حبيبتى نور:
اكتب لكى مساء امس وقد قررت الا اعيش بدونك
فأنت الروح للجسد
هذا اخر ما ستريه منى يا روحى المسلوبه
وهذه اخر انفاس سأتنفسها فى هذه الدنيا
احببتك ومازال حبك يجرى فى دمى
سامحينى يا حبيبتى
الوداع
نشرت فى 1 يوليو 2010
بواسطة sotfasaeda
عدد زيارات الموقع
42,508
ساحة النقاش