الصعود إلى المنابر ..
كلٌّ قطع الأخشاب , ورفع الحبال وشدّها , وصمم لنفسه منبر , وسارع إلى الخطاب , فمنهم من كان منبره علم , ومنهم علن , ومنهم جملة ذو فوقية عمل , و بعضهم يتسابقون إلى الإقتطاع , و القطاع .
ما يحزن بأن الوضع آل .. إلى المنابر فال ,
رصد الجميع لما يجري من أحداث دامية و موجعة , سخر النفوس و أظهرها , ومن يظن بأن منبره قد يساعده على تغطية ماضيه , أظن بأن ما بعد الخطاب سيكون له في الإنتظار رشقة من الحجارة لأن الموضوع ليس كما تعتقدون بمثال كمثال الإسلام يجبّ ما قبله !! لأن المغالطة الكبيرة التي يستعملها أصحاب المنابر هي في اعتقادهم بأن الجمهور قد ينسط إليهم ويصدقهم ويختلط عليه ما بين الدين والحراك , و أغلبهم يتوعد !! حيث أن الوقت لم يمضي بعد , فهم أقسام :
النجم , هو من نسجَ من الأزمة خيوط ترفعه كــعواظ الى منبره فيتبعوه مستهترين متهورين فضاوة البال .
وقسم الكوكب : هو ما كان عليه من نجومية و مقام لعمل أو مهنة معينة , قام بتزيين منبره و علق عليه شرائط و آذيال و استخدمه في التعبير عن قدراته في فن الإلقاء , وقسم الأفراد لا ينتهي بنهاية , فمنهم , كون لنفسه منبر فغدى سياسيا , أو مثقف مستطلع , أو محايد مستدرك , أو شاعر ثورة ’ شاعر حالة , شاعر سلام , ومنهم مقاوم مقاوول , طبيب محارب , و بطل هارب , محلل بارز , والخ ....
أما منابر الجماعة فهي أخطر من الأفراد , لأنها قمة الفردية
تسابق أصحاب المصالح لبناء منابر لهم , وحرصوا على أن تكون ذات قاعدة قطيع , أي متينة , وتم التوزيع بالإنصاف , لكل من القادة الكبار في منابر المغترب أو المحتضر " سواء معارضيين أو مؤيديين " أخذ لنفسه شبر من المكان ( المنبر ) , ووصفت منبر الجماعة بالفردية المطلقة , لأن كل منهم يقوم باختطاف قسمة الآخر , ولم يوضعوا بعضهم بعض فوق منبر واحد إلا لتصفية تاراتهم القديمة فيما بينهم تحت لواء وحدة الرأي والموقف من الأحداث الراهنة , فسارعوا إلى التلاطم و أوقعوا بعضهم بعضا .
أما إلى منابر الجماعة المغلقة , المقلوبه , وأغلبهم من المغتربين , وغالبيتهم حيادية ذات تطرف بسيط كل ّ إلى رأيه ( جانب ) , وهي منابر دون جمهور قام تشكّلها بطريقة تلقائية في نفوس فردية اختلطت عليهم الأمور فقرروا أن يكونوا زبدة المجتمع, ونواته الحضارية , التقوا فيما بينهم صدفة إعجاب كل منهم بخطابات الآخر , ولذلك مالهم وماعليهم بالإجهار , مراقبتهم لما يجري والحديث به فيما بينهم تكفيهم برفع معنوياتهم وتصديق ما بحثوا عنه من رفعة , و جميع تحركاتهم تعليقات و رسائل و مسودات تحليلات .
وأيضا في منابر الجماعات كمٌّ لا يعد ولا يحصى , فمنهم المتطرفين , و الطائفيين , والماديين و المتثاقفين ,, والخ ....
أصحاب المنابر " الفردية أم الجماعية " شيدّوا منابرهم دون إدراك ,وقد سبقتهم المنية , بأن ما يجري على أرض الوطن ليس تسابق منابر , بل ساحات معارك , يذبح بها الصغير قبل الكبير , يُكرّه بها الدّين والعمل والسعي إلى التعبير , فصار تعبيرهم دماء و سحقهم حق مشروع , و لكل منهم سبب وحجة , والسخرية عمت الشارع من كثرة البغيضة و الجرائم , يظهر المواطن بتعابير من شر البلية ما يضحك , فيضحك ساخر على غيره ومن نفسه , وما آل إليه من حشود في الداخل ومنابر في الخارج ...
والكثير من أتباع المنابر سيقومون برشق المقال " بالمناشر " , متنابرون , و بأني أعتلي به صانعا منبر لنفسي , وهم دون إدراك بأن فاقد الشيء لا يعطيه ..
تحية لكل مواطن سوري حقيقي صابر , فاعل , يناشد لوقف الدماء , مساند لشعبه مضمض الجراح , إليكم يا من تستقبلون اخوتكم من المحافظات الأخرى في بيوتكم , إلى من يقدم نصف رغيفة للعائلات التي بحاجته , إليكم أيها الشباب الواعي الذي يركض في شوارع البلد لنجدة أخوته وفي قلبه ذكرى لوعته , فهذا الشارع هو من حمل الفقير واللئيم و الجيد والحقير , الكريم والبخيل , تحت روح السلام ...إليكم تحية و اجلال ...