بقلم: لميس ضيف

''لدي إيمان قوي، لا أعرف اليأس أو الملل؛ لقد قررت ألاّ تقف إعاقتي عائقاً أمامي ''قال نيك نيكولاس (25 عاماً) أشهر معاقي العالم، الذي ولد دون ذراعين ولا ساقين ''كما وتعلّمت أنني لست وحدي ذا إعاقة فجميع البشر لديهم إعاقات، فالخوف إعاقة، والخجل إعاقة، والتردد إعاقة والكمال لله''.

 هذه الكلمات خرجت من فم الشاب الأسترالي الذي حاول الانتحار عدة مرات، وهو في الثامنة بعد أن شعر بالوحدة والعجز حتى أجلسه والداه وقالا له: إن الحياة اختياران، إما المحاولة؛ أو اليأس والفشل !!

 نيكولاس هذا يحمل اليوم شهادة الدكتوراه وهو رئيس مجلس إدارة شركة كبرى ؛ يمارس السباحة والجولف وركوب الخيل وهوايات عدة.. ويحاضر في الجامعة ولديه مؤسسة اسمها ''جون وأصدقاؤه'' تعمل مع البيت الأبيض لتوصيل صوت المعاقين في جميع أنحاء العالم للحكومات.. فقد نجح هذا الشاب الذي يعيش بجذع إنسان فقط بتحويل حياة بلا أطراف إلى حياة بلا حدود.

 اختلاجات حياة هذا المعاق تحمل رسائل عدة لاشك، ولكن حكمته التي اقتطعناها لكم أعلاه هي أهمها على الإطلاق؛ إذ تقبض على معنى كبير في الحياة. نعم؛ كلنا معاقون بأمر ما وبدرجة ما.. وكم هي سيئة تلك الإعاقة التي لا تراها حتى عين صاحبها.. بعضنا معاق بسلبيته وسوداوية نظرته للحياة.. وبعضنا معاق بكسله أو بتواضع جَلَده على الشدائد.. بعضنا معاق لأن صخرة الأنا بثقلها قد شلت عواطفه وأحاسيسه.. منا من يعاني من الصمم - على مستوى غير جسدي- فلا يسمع موسيقى الحب فلا تتدفق في شرايينه ولا يلمع وهجها في عينه..

 بعضنا معاق بأكلاف الماضي.. بصدماته وأخطائه وآلامه.. البعض معاق بعزلته.. أو بشغفه بما ليس في يده.. طيف واسع من الإعاقات هو يبدأ في الصدر وينتهي في الصدر.. فكل ما يثقل صاحبه ويحجبه عن العطاء والانطلاق والحب والإنتاج إعاقة.. وإعاقة كبيرة أيضًا.

 وإن كان المعاق جسدياً يملك وسائل ومساعدات تعينه على تخطي إعاقته فإن المعاق - غير مرئي الإعاقة- قد لا يحظى بذات العون.. فلمن فقد البصر هناك اليوم أجهزة تمكنه من جوب ردهات الشبكة العنكبوتية والطوفان في عوالم العلم والمعرفة وتحويل أي مادة مكتوبة لمادة صوتية.. ولمن فقدوا السمع والنطق هناك لغة الإشارة وهناك الهواتف ذات الشاشة التي تتيح لهم بذات اللغة وعن بعد أيضاً.. هناك الكراسي المتحركة والأطراف الصناعية لمن لا يقدر على المشي .. عوق الجسد يمكن الانتصار عليه بإرادة الحياة والنماذج المشرفة الموجودة شاهد على ذلك.. ولكن ماذا عن إعاقة النفس ..؟

ما الذي يعوض عوق النفوس وضعفها وركونها للسكون والاستسلام..؟

نفيسة هي الحياة عندما ينطلق المرء فيها يسرِّح شعر الصباح ويرقص مع الليل.. وخانقة هي الحياة للمعاق الذي دفن شغفه وجنونه وانطلاقه بين أضلعه.. 

فاسأل نفسك .. معاق أنت بماذا؟ وقد تجد في الجواب إشارة لدرب تحررك من عوقك الخاص.

المصدر: صحيفة الوقت - البحرين

  • Currently 326/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
110 تصويتات / 1952 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2009 بواسطة sn1

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

193,356