تصاعدت وتيرة القلق لدى الأقباط بعد ثورة 25 يناير، وخاصة بعد سيطرة الإسلاميين على انتخابات النقابات وتناول وسائل الإعلام لتصريحات مرجعياتهم الدينية خاصة السلفية منهم وهو ما جعلهم في حالة ترقب لنتيجة الانتخابات البرلمانية التي ترسم ملامح الحياة في مصر وكيف يكون مصيرهم بعدها، خاصة وسط مطالبات بدفعهم الجزية ومنعهم من أداء الخدمة العسكرية ومحاولاتهم لكي يحولوا دون سيطرتهم عليها.


وقد سيطرت على الانتخابات نفس أجواء الاستفتاء؛ فمن قال نعم في الاستفتاء صوت للإسلاميين، ومن قال لا صوت للكتلة المصرية التي يترأسها حزب المصريين الأحرار برئاسة نجيب ساويرس، وسط أنباء بحشد غير مسبوق من قبل الكنيسة للتصويت لها.
وقد جاءت نتيجة انتخابات المرحلة الأولى بفوز التيار الإسلامي بالأغلبية، وكانت المفاجأة حصول حزب "النور" السلفي على المرتبة الثانية في الأصوات، ومابين هاجس الخوف وانتظار نتائج المراحل الأخرى تباينت ردود أفعال الأقباط. 
ففي البداية أكد جرجس فكري، محاسب، أنه لن يترك مصر ويهاجر، ولكنه سيناريو مطروح بين أصدقائه في حال سيطرة الإسلاميين على الحكم، معترفا بأن منهم من تقدم بطلبات للسفر؛ خوفا من التطبيق الخاطئ للشريعة الإسلامية؛ معللا بأن مرجعيات السلفيين الدينية كفرت الأقباط، متسائلا كيف يكون هناك آمان؟ مضيفا أن الإخوان مترددون في مواقفهم ومتغيرون، قائلا "لو وجدت شخصا في عدل عمر بن الخطاب يحكمني سوف أخدم تحت قدميه".
بينما أكد وليد لمعي، مدرس لغة إنجليزية، أن الأقباط مقتنعون بأن مصر وطنهم بالمشاركة مع المسلمين، لافتا إلى أن بعض أقباط المهجر قد يلجأ للحصول على الحماية الدينية من خلال القنوات الشرعية في حالة وجود اضطهاد أو ضغط على الأقباط ، قائلا "هذه ليست خيانة فكثير من مواطني دول العالم يلجئون إلى منظمات دولية مثل الأمم المتحدة واليونيسيف وغيرها إذا وقع عليهم ضرر؛ بحيث لا يؤدي ذلك للتدخل العسكري".
وأضاف أن جزءا كبير سيلجأ للهجرة على الرغم من نداء الكنيسة بعدم الهجرة، واصفا من يفعل ذلك بـ"ضعيف الإيمان"، مؤكدا أن الأقباط يريدون أن يعيشوا في وطن بدون تحالفات سياسية، وطن ينعمون فيه بالأمن والأمان.
أما فيكتور وصفي، ترزي" فقد أكد أن أغلب شباب الأقباط يستعد للهجرة، خاصة الطبقة المثقفة والمعتدلة؛ لأن خلفياتهم مع السلفيين والإخوان تشير إلى أنهم لن يكونوا حريصين عليهم، ولن يتوحدوا مع مشاكلهم.
وأضاف أن أي قنوات تفاهم مع الإسلاميين لن تكون ذات جدوى لأنهم لا يسمعون لوجهات نظر الأقباط ولا يأخذون بها.
وعلى خلاف ما سبق جاءت أقوال جمال أسعد، المفكر القبطي، الذي أوضح أن الإسلاميين حاليا أصبحت بينهم وبين العالم كله قنوات اتصال، مؤكدا أن النظام القادم نظام ديمقراطي ليس فيه "نظام الخليفة" حتى يدخل الأقباط في كنفه، ويستسلمون للاضطهاد، لافتا إلى أن التصريحات التي يراها تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان وتثير التخوف لن يقع صداها على الأقباط دون غيرهم، لأن تلك القرارات تشمل كل المصرين، نافيا إمكانية صدور أي قرار يطبق على قبطي، وآخر على مسلم، مؤكدا أن المصريين نسيج واحد.
وأضاف أسعد أنه لن يترك قبطي أرض مصر، مشيرا إلى أن من يروج لهذه الشائعات هم الذين يتاجرون بالمشكلة القبطية حتى لا تخسر تجارتهم التي يربحون منها بتنفيذهم لأجندات أجنبية،مؤكدا أن التيارات الإسلامية عندما تصل إلى الحكم ستفتح خطوط مع كل أطياف المجتمع بما فيهم الأقباط.
وأوضح القمص صليب متى ساويرس، كاهن كنيسة "مار جرجس الجيوشي" أن الكنيسة تعلم القبطي أن يصلي من أجل الحاكم؛ ليس خوفا منه، ولكن احتراما له.
واستطرد، نحن سنضع الماضي خلفنا، وسنتعامل معهم لأننا كنا نتعامل معهم من قبل أن يصلوا إلى الحكم ونترك مصيرنا إلى الله.
وأضاف، الأقباط والمسلمون يعيشون على أرض مصر منذ الفتح الإسلامي، رغم حدوث كثير من المشاكل، ومازالوا موجودين، فمن يترك وطنه تسقط حياته، والذين يفكرون في الهجرة لديهم ضعف في الإيمان، والمسيح علمنا أن نكون مسالمين كالحمام حكماء كالحيات، والمرحلة القادمة تحتاج إلى حكمة في التعامل.
أما د. أكرم لمعي، المتحدث باسم الكنيسة الإنجيلية فأوضح أن كل مجموعة لها تفكيرها، وأن الكنيسة متمسكة بهويتها المصرية وبالوطن، وترفض الهجرة، وتعمل على فتح قنوات اتصال وتبادل لوجهات النظر بين الأقباط والإسلاميين بعد الثورة، مفسرا ؛ بأن الكنيسة الإنجيلية عقدت مؤتمرا حضره مجموعة من السلفيين والدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، وقدموا أفكارهم وتناقشنا فيها فالأشياء المشتركة بين المسلمين والأقباط أكثر من الخلافات.
وأشار إلى أن الأقباط يعلمون أن الغرب لا يسعى لحماية الأقباط، وإنما يهدف لتحقيق مصالحة الشخصية، وما يحدث في العراق من تصفية للأقباط خير دليل؛ فلا يوجد تفكير أو رغبة بالاستعانة بالغرب لتحقيق الحماية الدينية.
بينما قال كمال زاخر، منسق التيار العلماني بالكنيسة الأرثوذكسية، إن هناك جزءا من الأقباط سيقبل أن يعيش في كنف الإسلاميين ويرضخ لهم ويقبل بالتضييق الذي قد يفرض، الذي مهما بلغ مداه فلن يصل إلى الشعائر الدينية، وإنما يتعلق بالتضييق في الحياة العامة وإعادة إنتاج ما كان يحدث أيام العثمانيين، مقرا بأن هؤلاء جزء بسيط لا يتجاوز 10 % من الأقباط، معللا بذلك طبيعة في الفلاح المصري وهي الاستكانة.
وأكد أن الإسلاميين قبل وصولهم للحكم يتخيلون أنهم سيطبقون ما يضعونه في أجندتهم، مستدركا بالقول "بعد الوصول تختلف الأشياء وتتكشف أمامهم خريطة العلاقات في الداخل والخارج، وتكون مصالح الدولة هي التي تحكم القرارات وليس الرغبات".المحيط 
shreetalahdas

http://kenanaonline.com/shreetalahdas