تحليل البصمة الوراثية DNA بين حكم الشرع والقانون فى اثبات وانكار النسب      

 

تحليل البصمة الوراثية DNA

 

بين حكم الشرع و القانون

 

في

 

إثبات و إنكار النسب

 

 

المطلب الأول

 

إثبات النسب في الشريعة الإسلامية

 

 

 يثبت النسب في الشريعة الإسلامية بالفراش الصحيح و هو الزواج الصحيح وما يلحق به و هو المخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهه.

 

و الزواج الصحيح هو الزواج المكتمل لجميع الشرائط الشرعية لتحقيق أثاره المترتبة عليه من ثبوت النسب والميراث ... و شروط الزواج الصحيح هي :-

 

   أولاً :- شروط متطلبة في العاقدين :-

 

1-  أن يكون الزوج مسلماً .

 

2-  أن يستمع كلا العاقدين كلام الآخر .

 

3-  أن يكون العاقدين أهلاً لمباشرة العقد .

 

   ثانياً :- شروط متطلبة في المعقود عليها :-

 

1-  أن تكون معلومة للزوج لا مجهولة له.

 

2-  ألا تكون محرمة على من يريد الزواج منها .

 

   ثالثاً :- شروط متطلبة في الصيغة :-

 

1-  أن تكون صيغة الزواج منجزة .

 

2-  ألا يرجع الموجب عن إيجابة .

 

3-  أن يوافق القبول الإيجاب .

 

4-  أن يتحد مجلس الإيجاب و القبول .

 

   رابعاً :- شروط متطلبة لصحة الزواج :-

 

1-  أن تكون صيغة النكاح مؤبدة غير مؤقتة .

 

2-  أن يحضر العقد شاهدين (( الأشهاد على الزواج )) .

 

   خامساً : -شروط متطلبة لنفاذ عقد الزواج :-

 

                 1- أن يكون الزوجين كلا منهما كامل الأهلية إذا تولى العقد بنفسه أي بالغ   

 

                    عاقل لديه حريته .

 

                 2-آلا يتولى العقد ولى أبعد إذا وجد ولي أقرب منه كما لو زوج الأخ أخته       

 

                    في وجود أبيه .

 

3-  ألا يخالف الوكيل أمر موكله فيما وكله به .

 

4-  ألا يكون العاقد فضولياً .

 

   سادساً :- شروط متطلبة للزوم العقد أي بقائه و استمراره :-

 

1-  ألا يكون المزوج لفاقد الأهلية أو ناقصها غير الأصل و الفرع من الأولياء .

 

2-  ألا يكون هناك عيب من العيوب المبيحة لفسخ الزواج و التطليق .

 

3-  ألا يقل المهر عن مهر المثل .

 

4-  ألا تتزوج العاقل البالغة من غير كفء لها .

 

 

و على ضوء تلك الشروط يكون العقد باطلاً إذا تخلف أحد أركانه الأساسية كالشروط المتطلبة في العاقدين أو المعقود عليها أو في الصيغة . فإذا ما تخلفت إحدى تلك الشروط كان العقد باطلاً و لا يتم العقد و لا يولد أثراً .

 

*أما العقد الفاسد هو عقد الزواج المكتمل لأركان انعقاده و لكن تخلف عنه شرط من شروط صحته كأن لم يحضر العقد شاهدين تتوفر فيهما شروط الشهادة ، أو كانت صيغة العقد غير مؤبدة .

 

   و لا خلاف في الفقه الإسلامي أن النسب يثبت في حالتي عقد الزواج الصحيح و عقد الزواج الفاسد أيضاً و الوطء بشبهه كمن دخل على أخت زوجته في سريره فظن أنها زوجته فوطئها فيثبت نسب الولد هنا للوطء بشبهه .

 

   فقال تعالى { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ }  سورة الأحزاب الآية (5)

 

   و قال البخاري حدثنا بعلي بن أسد حدثنا عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة قال حدثني سالم عن عبد الله بن عمر قال إن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولي رسول الله صلي الله عليه و سلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ}

 

                                أخرجه مسلم و الترمذي و النسائي .

 

   و على ذلك فيما عدا الزواج الصحيح و الفاسد و الوطء بشبهه فلا يثبت نسب أي ولد يكون ثمرة أي علاقة غير إحدى تلك التي ذكرناها .

 

   أما الزنا فلا يثبت به نسب لأن الزنا في حد ذاته منهي عنه كما أن الزواج بزانية منهي عنه شرعاً .

 

   في قوله تعالى { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }سورة النور أية 3

 

   و عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه و سلم :

 

                        (( الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله )) رواه أحمد و أبو داود

 

   و ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرثد بن أبي مرثد الغنوى كان يحمل الأساري بمكة و كان بمكة بغيّ يقال لها عناق و كانت صديقته قال فجئت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله أأنكح عناق قال فسكت عني فنزلت آية { وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ }فدعاني فقرأها على و قال (( لا تنكحها )) رواه أبو داود و الترمذي و النسائي .

 

   كما أن في سنه رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : (( الولد للفراش و للعاهر الحجر )) .

 

   فكل زوجة تأتي بولد من زواج صحيح لا يجوز أن يتبرأ منه زوجها .

 

   فالشريعة الإسلامية حددت و أوردت حالات النسب على سبيل الحصر وهي الزواج أو الفاسد أو الوطء بشبهه .

 

   و أي ولد يثمر عن علاقة بين رجل أو امرأة في غير تلك الحالات لا يثبت به نسب لما للنسب من آثار بالغة الأهمية كالحق فى الميراث و تحريم الزواج في حالات معينة و جعل من النسب ماهو محرماً للمرأة .

 

 

المطلب الثاني

 

إنكار النسب في الشريعة الإسلامية (( اللعان ))

 

 

   و على نحو ما ذكرناه آنفاً فغن النسب لا يثبت إلا في الحالات التي ذكرناها آنفاً و هي الزواج الصحيح أو الفاسد أو الوطء بشبهه و فيما عدا ذلك فلا يثبت نسب وحددت  الشريعه الإسلاميه طرق إنكار النسب . 

 

1- الحالة الأولى لإنكار النسب (( اللعان )):-

 

    الشريعة الإسلامية قد أوردت حالة اللعان في عند حالة رمي الزوج زوجته و قذفه إياها بالزنا .

 

   فيقول الله تعالى في سورة النور الآية 6-9

 

            { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ ، ويدرؤا عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ }.

 

   و روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هلال بن أمية قذف امرأته عند رسول الله صلي الله عليه  سلم بشريك ابن سمحاء فقال النبي صلي الله عليه و سلم البينه أو حد في ظهرك " فقال يا رسول الله إذا رأي أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول البينة و إلا حد في ظهرك فقال و الذي بعثك بالحق إني لصادق و لينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل عليه السلام و أنزل عليه الآيات من 9:6 من سورة النور .

 

   فانصرف النبي صلى الله عليه و سلم إليها فجاء هلال فشهد و النبي صلى الله عليه و سلم يقول (( إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ فشهدت فلما كانت عند الخامسة و قفوها و قالوا إنها لموجبة قال  ابن عباس رضي الله عنهما فتلكأت و نكصت حتى ظننا أنها ترجع ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت فقال النبي صلى الله عليه و سلم :

 

         (( أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الآليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سمحاء ))

 

   فجاءت بعد كذلك فقال النبي صلى الله عليه و سلم لولا ما مضى من كتاب الله كان لي و لها شأن )) أخرجه أحمد

 

من كتاب فقه السنة صـ 270 ج 2

 

   و على ذلك إذا نفى الرجل ابنه و تم اللعان بنفيه له انتفى نسبه من أبيه و سقطت نفقته عنه و لا يحق التوارث بينهما و ينسب لأمه و ترثه و يرثها .

 

   لما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :

 

          (( أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شئ و لن يدخلها و أيما رجل جحد ولده و هو ينظر إليه احتجب الله منه و فضحه على رؤس الأولين و الآخرين ))

 

   و عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (( المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا)) و عن ابن مسعود قالا مضت السنة آلا يجتمع المتلاعنان رواهما الدار قطني .

 

2- الحالة الثانية لإنكار النسب :-

 

  - هي أن تأتي المرأة بالولد لأقل من ستة أشهر بعد الوطء .

 

  -أو لأكثر من سنة من وقت الوطء .

 

  -أو من آتت بالولد و أدعى من عقد عليها أنه لم يطأها من حين العقد عليها .

 

     متى قام الدليل على ذلك كسفر الزوج في حالة ما آتت المرأة بولد بعد سنة من غياب زوجها عنها أو أقل من ستة شهر من يوم الوطء .

 

المطلب الثالث :-

 

تحريم التبني في الشريعة الإسلامية

 

   فالتبني في الشريعة الإسلامية محرم بالنص في القرآن و السنة .

 

   لقوله تعالى  { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ }  سورة الأحزاب آية (5)

 

   و قال البخاري حدثنا بعلي بن أسد حدثنا عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة قال حدثني ساعه عن عبد الله بن عمر قال إن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولي رسول الله صلي الله عليه و سلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) أخرجه مسلم و الترمذي و النسائي .

 

المبحث الثاني

 

إثبات النسب و إنكاره في القوانين الوضعية

 

(( مثال القانون المصري ))

 

ــــــــــــ

 

   نعطي مثالاً هنا للقانون المصري بشأن تعرضه لحالات إثبات النسب و إنكاره .

 

   يأخذ القانون المصري بما قررته الشريعة الإسلامية في مسألة ثبوت النسب و إنكاره و لم يخرج القانون المصري عما رسمته الشريعة الإسلامية .

 

   فالمادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 نصت على (( لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجه ثبت عدم التلاقي بينهما و بين زوجها من حين العقد و لا لولد زوجه آتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها و لا لولد المطلقة و المتوفى عنها زوجها أتت به لأكثر من سنة وقت الطلاق أو الوفاة )).

 

(1) إثبات النسب :-

 

                    القاعدة في إثبات النسب أنه إذا استند إلى زواج صحيح أو فاسد فيجب لثبوته أن يكون الزواج ثابت لا نزاع فيه سواء كان الإثبات بالفراش أو الإقرار أو البينة الشرعية ...))

 

حكم صادر في الطعن رقم 25 لسنة 46 ق أحوال شخصية لجلسة 31/5/1978 من محكمة النقض

 

كما قضت محكمة النقض في حكم آخر لها (( من الأصول المقررة في فقة الشريعة الإسلامية و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن النسب يثبت بالفراش الصحيح و هو الزواج الصحيح وما يلحق به و هو المخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهه كما  أن المقرر في الفقه الحنفي أن الزواج الذي لا يحضره شهود هو زواج فاسد يترتب عليه أثار الزواج الصحيح ومنها ثبوت النسب بالدخول الحقيقي ))

 

الحكم الصادر في الطعن رقم 100 لسنة 55 ق جلسة 27/5/1986

 

   فالقانون المصري و القضاء المصري مستقران على أن النسب لا يثبت إلا بالفراش الصحيح و هو الزواج الصحيح و الزواج الفاسد و الوطء بشبهه . كما هو في الشريعة الإسلامية ، فقضت محكمة النقض (( الزواج الذي لا يحضر شهود هو زواج فاسد تترتب عليه أثار الزواج الصحيح ومنها النسب بالدخول الحقيقي ))

 

طعن 14/33 ق جلسة 7/12/1966 

 

(2) إنكار النسب :-

 

              المقرر في القانون المصري و ما استقر عليه القضاء المصري أن العقد الباطل لانتفاء شروط الانعقاد لا يترتب أي أثر من أثار الزواج الصحيح فلا يحل به دخول و لا يجب به مهر و لا يستحق بمقتضاه نفقة و لا طاعة و لا يثبت توارث و لا نسب لمولود .

 

فتوى صادرة في 24/6/1981 في الطلب رقم 179/1981

 

   و قضت محكمة النقض (( الدخول مع العقد على من هي في عصمة آخر مع العلم بذلك لا يثبت به النسب للولد من أبيه لأنه لقاء جنسى محرم شرعاً بغير شبهة حل )) .

 

طعن رقم 6/51 ق جلسة 16/2/1982

 

   و من الأحكام الحاسمة في القضاء المصري ما قضت به محكمة النقض في الدعوى رقم 47 لسنة 63 ق جلسة 27/1/1997

 

   (( من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية أن النسب يثبت بالفراش و في حالة قيام الزوجية الصحيحة إذا أتى الولد لستة أشهر على الأقل من وقت الزواج و كان يتصورحدوث حمل الزوجه من الزوج بأن كان مراهقاً أو بالغاً ثبت نسب الولد من الزوج بالفراش دون حاجة إلى إقرار أو بينه و إذا نفاه الزوج فلا ينتفي إلا بشرطين أولهما :- أن يكون نفيه وقت الولادة و ثانيهما أن يلاعن امرأته فإذا تم اللعان بينهما مستوفياً لشروطه فرق القاضي بينهما و نفى الولد عن أبيه و ألحقه بأمه والأصل في النسب الاحتياط في ثبوته ما أمكن فهو يثبت مع الشك و نبني على الاحتمالات النادرة التي يمكن تصورها بأي وجه حملاً لحال المرأة على الصلاح و إحياء للولد لما كان ذلك و كان المطعون ضده لم ينكر قيام الزوجية بينه و بين الطاعنة و أنه نفى نسب المولودة (( رضا )) إليه عقب ولادتها مباشرة إلا أنه لم يلاعن امرأته ومن ثم فلا ينتفي نسبها منه و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنة بثبوت نسب الصغيرة إليه فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ في تطبيقه )) .

 

   و هو الأمر الذي يؤكد أن القانون المصري و القضاء المصري مستقران على انه في حالة إنكار الزوج لنسب ابنه من زوجته يتعين أن يكون هذا حال ولادة المولود و أن يلاعن الزوج زوجته و بعدها ينفي نسب المولود .

 

   فالقانون المصري يسري بما قضت به الشريعة الإسلامية فتنص المادة 47 من القانون رقم 77  لسنة 1942 بشأن المواريث (( ... يرث ولد الزنا وولد اللعان من الأم و قرابتها و ترثهما الأم و قرابتها ))

 

المبحث الثالث

 

تحليل البصمة الوراثيةDNA

 

و دوره في إثبات النسب و إنكاره

 

أولاً : وجه الاعتراضات على استخدام تحليل DNA  في إثبات النسب :-

 

(1) مع وصول العلم يوماً بعد يوم إلى التقدم و إمكانية معرفة تحليل البصمة الوراثية  DNA  من خلال خريطة الجينات العالمية إلى معرفة نسب الشخص لأبيه و لأمه .

 

   الأمر الذي جعل البعض عن جهل بأحكام الشريعة الإسلامية بالمناداة بإثبات نسب الابن لأبيه عن طريق تحليل  DNA  بغض النظر عما قررته الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية المأخوذة عن الشريعة الإسلامية . من أحكام بشأن إثبات النسب و نتسائل هل إذا بلغ العلم ووصل على نتيجة معينة أو حتميه في أمرها هل هذا يغني عن النص الشرعي .

 

   فيجب أن نفرق بين علة النص و الحكمة فيه فيلزم لترتيب الحكم وجود العلة و لو لم يتوافر الحكمة فمثال ذلك رخص القرآن الكريم للمسافر و المريض الإفطار و العلة الموجبة لترتيب الحكم هو المرض أو السفر لكن ما هي الحكمة من هذا هل هو المشقة في الامتناع عن الطعام و الشراب فالآن وصل العلم إلى العديد من الوسائل التي تربط بين البلاد و بعضها و يكون للفرد أن يكون في دولة و بعد ساعة في دولة أخرى و براحة كاملة دون مشقة و عناء فهل يعفي من تطبيق الرخصه بالطبع لا.

 

   كذلك عدة المرأة فهي تختلف في مدتها عما إذا كانت من طلاق أو وفاة عما إذا كانت المرأة حامل .

 

   و لم يصل العلم حتى الآن إلى الحكمة من اختلاف مدة عدة المرأة باختلاف الحالة التي عليها طلاق أو حمل أو  وفاة .

 

   فهل إذا وصل العلم لحكمتها يغني هذا عن النص  .

 

   و على ضوء هذا و حول ما يطالب به البعض من إعمال تحليل DNA لمعرفة النسب و مطالبة تشريع قانوني بهذا هو أمر يخالف الشريعة .

 

   و يكفي أن ننوه أنه في مسألة النسب وفق للعلم المحدود فإن النسب يترتب عليه تحريم الزواج من الأقارب بالنسب و المصاهرة على النحو المبين بالشريعة الإسلامية .

 

   و قد وصل العلم مؤخراً إلى أن زواج الأقارب يؤدي إلى بعض الأمراض الوراثية و غير الوراثية تلحق بالصغار و لاسيما الأمراض العقلية .

 

   فماذا الحال لو خرج القانون عن أحكام النسب التي قررتها الشريعة الإسلامية سيؤدي هذا في النهاية إلى اختلاط الأنساب و بالتبعية تكون هناك زيجات محرمة نتيجة خلط الأنساب و بالعكس زيجات شرعها الله ستحرم نتيجة اختلاط الأنساب لو استخدمنا تحليلDNA تحديد الأنساب دون الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية .

 

(2) فالشريعة الإسلامية حددت على سبيل الحصر الحالات التي يتم بها ثبوت النسب و لا يجوز الخروج عليها بأي حال من الأحوال على النحو آنف الذكر .

 

(3) كذلك كثيراً من النظريات العلمية التي كان يسير عليها الناس لعدة مئات السنين ثم ثبت بعد ذلك عدم صحتها . فالعلم يتقدم و يتغير بتغير الزمن فماذا يكون الحال لو ثبت بعد زمن قريب أو بعيد فشل تحليل DNA كوسيلة لاثبات النسب فماذا سيكون الحال بعد أن تكون الأنساب قد اختلطت بعضها البعض .

 

 فلا يجب أن نخرج عما قرره الشرع لمجرد وصول العلم إلى مسألة ما . فقال تعالى { َمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } الإسراء الآيه 85  ومن جهة أخرى أن تحليل DNA هو تحليل كيميائي و القائم به البشر والبشر عرضه للخطأ و النسيان فماذا لو تم الاعتماد عليه منفرداً في تقرير النسب من عدمه ، و أخطأ من قام بإجرائه .

 

   و من جهة ثالثة سينفتح هذا الباب من الفتنة و الفساد سيسمح للزناه المطالبة بتقرير حق النسب لمجرد أن التحليل الكيميائي يمكن الوصول لوالد الطفل و يقضي بالتبعية على العلاقات الشرعية التي رسمها الشرع .

 

   ففي أوروبا و أمريكا الآن طالب الشواذ بقوانين تحميهم وتقنن وضعهم و سايرتهم حكوماتهم مما تفشى في تلك البلاد سوء الأخلاق و الرذيلة و تفشت الأوبئة و الأمراض لديهم لخروجهم على القواعد و الأصوليات التي رسمها الله للإنسان .

 

ثانياً : متى يجوز استخدام تحليل DNA  - كوسيلة

 

إثبات - في إنكار النسب بشكل يتفق مع الشريعة

 

   كما ذكرنا آنفاً في المبحث الثاني أن حالات إنكار النسب في الشريعة الإسلامية محددة على سبيل الحصر .

 

   فالزوج الذي ينكر نسب ابنه إنما هو يقذف المحصنات و هناك حد وجزاء للقاذف فقررت الشريعة الإسلامية اللعان بين الزوجين في حالة إذا رأي الزوج على زوجته فعل الزنا و لم يكن لديه الدليل أربعة شهود عدل فقررت الشريعة له أن يلاعنها و بعد اللعان لا يثبت النسب للولد للزوج الملاعن لزوجته و يثبت النسب للزوجة فقط .

 

   و نرى أنه لماذا لا يستخدم هذا التحليل (( DNA)) بعد أن يلاعن الزوج زوجته و يخضع لإجراء التحليل لمعرفة من أب الولد وذلك فقط فى حالة الإنكار كما هو الحال فى استخدام القيافه لدى السلف فى تحديد النسب كإستثناء فى بعض الحالات النادرة.

 

   فإذا ما وصل التحليل إلى أن الابن لأبيه بالفعل يبقى نسبه لأبيه باعتبار أن في هذه المسألة خير و نفع و لا ضرر فيه بل سيساعد هذا الأمر على الزوج أن يفكر و يعاود نفسه قبل أن يلاعن زوجته و لا يلجأ إلى الملاعنة إلا إذا رأى فعلاً بكلتا عينيه على زوجته فعل الزنا فلا يلجأ إلى الملاعنة و نفى نسب الولد إليه من زوجته لمجرد الشك فقط دون القطع و اليقين .

 

   كما أن في تطبيق الملاعنة و اللعان قد يكون في وقت كانت فيه الزوجة حاملاً من زوجها بالفعل إلا أنها ارتكبت الفاحشة من بعد ذلك أي بعد حملها وأثنائه .

 

   فإن كان من حق الزوج أن يلاعنها لارتكابها فعل الزنا فإن من حق ابنه أن

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 29 مشاهدة
نشرت فى 13 نوفمبر 2014 بواسطة sheriiif122

عدد زيارات الموقع

12,598