كلمة عن كتابي ( قراءة في تاريخ المسرح الكويتي )

بقلم الفنان : عبد العزيز السماعيل

الدمام – المنطقة الشرقية – السعودية

ـــــــــــــــــــــــــ

قليلون هم من يحتمل القدرة على البحث والتقصي بموضوعية في مجال المسرح من مثل د سيد علي إسماعيل لان احداثه ووثائقه القريبة البعيدة نسبيا شبه مفقودة او غير مؤرشفة ومحفوظة في ملف او في مكان واحد، بل أن هناك من استغل هذا الفراغ متعمدا او جاهلا في الغالب في تأليف كتب تاريخية عن المسرح في الأقطار العربية لم تتصف بالموضوعية ولا بالحيادية.. لذلك فهي لم تستطيع تقديم تاريخ دقيق وشافي..

 هذه مقدمة لحديث انطباعي مختصر عن هذا الكتاب الممتع " تاريخ المسرح الكويتي من خلال وثائق غير منشورة " والذي أهداني إياه المؤلف مشكورا اثناء تواجده في مهرجان الكويت المسرحي في دورته 17 منتصف ديسمبر ال ماضي2016 م وجاءني محمولا الى السعودية.

 الكتاب في مجمله أقرب الى سيرة رائد المسرح العربي الأستاذ زكي طليمات ودوره الطليعي في تأسيس وتطوير الحركة المسرحية في الكويت ومن قبلها في مصر وتونس بعدما منع من مزاولة نشاطه المسرحي في مصر بعد ثورة 1952م. والتي هي تقريبا سيرة المسرح الكويتي مع استثناءات قليلة هامة للمسرح المدرسي و مسرح الفنان محمد النشمي في المسرح الشعبي قبل ذلك ، ثم مسرح صقر الرشود الذي تأسس في نفس الفترة لكن بعيدا عن المسرح العربي وزكي طليمات ، فخلال 11 سنة تقريبا منذ 1961 وحتى 1972م من تواجد الأستاذ طليمات تأسست في الكويت واحدة من اهم حركات المسرح في الخليج والوطن العربي حتى الان ، مدفوعة بدعم ومساندة من امير الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح آنذاك ، وبعض الشخصيات المهمة على راسها المرحوم الأستاذ حمد الرجيب مدير دائرة الشئون الاجتماعية والعمل ، واول مسرحي كويتي وربما خليجي درس في المعهد العالي للفنون المسرحية في مصر

 من الأشياء المثيرة والممتعة في الكتاب معرفة شخصيات اول دفعة من الممثلين تقدمت لاختبارات الاشتراك في فرقة المسرح العربي التي أسسها زكي طليمات بعد قدومه مباشرتا الى الكويت وقمت بعدها اول مسرحية " صقر قريش " للكاتب محمود تيمور وهم من الرواد الذين لا زلنا نستمتع بفنهم وابداعهم حتى الان مثل: سعد الفرج خالد النفيسي وعبد الحسين عبد الرضا وغانم الصالح وآخرين ثم تلاهم انضمام السيدتان الرائدتان مريم الصالح ومريم الغضبان الى الفرقة ذاتها.. والملفت بالنسبة لي هو تقدم أحد السعوديين واسمه احمد عبد العزيز المكنزي للاختبار الأول مع المجموعة عام 1961م ولا تعرف عنه شيئا حتى الان. اما في الاختبار الثاني للمتقدين للتمثيل في فرقة المسرح العربي عام 1963م تقدم ثلاثة سعوديين هم: ماضي إبراهيم الماضي واحمد صالح الربيع وعدنان يعقوب الشايجي.

 ولان الحركة المسرحية في الكويت باتت موثقة ومؤرخة بشكل جيد من خلال عدد من الكتاب إضافة لجهود د سيد علي في هذا الكتاب وكتاب كتاب اخر عن تاريخ المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت الذي تأسس عام 1964م باسم مركز الدراسات المسرحية ثم اصبح المعهد العالي عام 1969م ، فهي ليست بحاجة الى شرح كثير مني، ولكن لفت نظري من خلال قراءتي للكتاب وما احفظه من تاريخ للمسرح السعودي بعض المفارقات المهمة التي تسترعي الانتباه ومنها على سبيل المثال:

1 - إن العام الذي شهد زيارة الأستاذ زكي طليمات الى الكويت لأول مرة عام 19588م سبقه بعام واحد فقط 1957م تقديم الاستاذ / عبدا لرحمن بن عثمان الملا في معهد النور في الاحساء مسرحيته الشهيرة آنذاك ((جميلة بو حيرد))، اما قدومه الأهم للعمل في الكويت 1961م هو نفس العام الذي بنى فيه احمد السباعي في مكة مسرح قريش الذي تم اعاقته من قبل رجال الدين المتطرفين بالقوة.

2 - ان اول مسرحية قدمت في المدرسة المباركية في الكويت بعنوان " اسلام عمر بن الخطاب " كانت عام 1939م وحضرها امير الكويت آنذاك الشيخ احمد الجابر الصباح.. بينما قدم الأستاذ صالح بن صالح في عنيزة وبحضور الملك عبد العزيز قبلها بعشر سنوات تقريبا مسرحية " بين جاهل ومتعلم " عام 1928هـ في مدرسة صالح بن صالح الأهلية بعنيزة.

3 - عندما انتهت مهمة زكي طليمات في الكويت وغادرها عام 19722م وقد أصبح النشاط المسرحي في الكويت بارزا ومؤثرا في الخليج، تأسست للتو جمعية الفنون الشعبية في الاحساء عام 1971م ثم تبعها تأسيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في بعض مدن المملكة.

 هذه المفارقات الثلاث كافية للتأكيد على ان بدايات المسرح في السعودية لا يختلف كثيرا عنها في الكويت وربما دول الخليج الأخرى لكنها عشر سنوات تقريبا منذ 1961 حتى 1972 م في الكويت تحديدا كانت كافية لصنع الفارق في المسرح الذي نراه اليوم.

 بقي ان أقول بان الكتاب ملئ بالحكايات الممتعة والوثائق الهامة والمثيرة عن المسرح الكويتي، فشكرا للدكتور سيد وللمسرح الكويتي