حلمي النمنم وزير الثقافة

بين إهدار المال العام والتضليل في إصدارات رسمية!!

أ.د سيد علي إسماعيل

كلية الآداب – جامعة حلوان

ــــــــــ

كتبت من قبل عن مشروع (موسوعة مسرحيات حرب أكتوبر)، التي أهديتها إلى وزارة الثقافة في عهد الوزير الدكتور عبد الواحد النبوي، عندما كنت أحد قياداته – رئيساً للمركز القومي للمسرح - وذلك في جريدة (مسرحنا) عدد 446 بتاريخ 29 فبراير 2016 تحت عنوان (أين ذهب مشروع موسوعة مسرحيات أكتوبر؟)

واليوم أكتب عن الجديد في هذا الأمر، بعد أن أمسكت بيدي الدليل الدامغ على قيام وزير الثقافة الحالي حلمي النمنم بإهدار المال العام، أو تعمده التضليل في إصدار كتاب وهمي، يحمل شعار وزارة الثقافة، ويحمل مقدمة مكتوبة باسم حلمي النمنم وزير الثقافة، وبها صورته الشخصية .. هذه هي المقدمة، وإليكم التفاصيل:

في يوم 8/7/2015، قدمت رسمياً - إلى وزير الثقافة السابق الدكتور عبد الواحد النبوي – مقترح مشروع بعنوان (موسوعة مسرحيات حرب أكتوبر 1973)، وأوضحت فيه أنني أهديت أصول 33 نصاً مسرحياً مخطوطاً ومنسوخاً بالآلة الكاتبة إلى المركز. وهذه النصوص الأصلية من مقتنياتي الخاصة، وعليها خاتم مكتبتي ورقم كل نص، ولا يوجد مثلها أو غيرها عند أي شخص آخر .. وهذه بعض صور أغلفة هذه النصوص (الأصلية)!!

وافق الوزير على المشروع، وصرّح به في وسائل الإعلام، التي كتبت عنه في أغلب الصحف، وخصص الوزير النبوي مبلغ مائة ألف جنيه لبند (حقوق التأليف) تُوزع على مؤلفي المسرحيات أو ورثتهم!! كما أعطى الأمر بأن تقوم دار الكتب والوثائق القومية بنشر الموسوعة - عندما كان حلمي النمنم رئيسها - ودارت بيني وبين الدكتورة نيفين عدة اتصالات في هذا الشأن، ونقلت لي رغبة النمنم في إصدار الموسوعة في إصدار خاص يتبع دار الكتب والوثائق القومية!!!

أصبح حلمي النمنم وزيراً للثقافة في 19/9/2015، فواصلت العمل حتى أنهيت كتابة الموسوعة، وأصبحت جاهزة للنشر، وأرسلت خطاباً رسمياً إلى رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي (السلطة المختصة) برقم قيد (972) بتاريخ 29/9/2015، قلت فيه عن هذه النصوص: إن الوزارة تنشرها "... في موسوعة بعنوان (موسوعة مسرحيات حرب أكتوبر 1973)، وذلك بتعليمات من وزير الثقافة السابق أ.د عبد الواحد النبوي؛ حيث إن هذه النصوص غير منشورة من قبل. علماً بأن الموسوعة الآن جاهزة للنشر؛ حيث تمّ كتابتها بالكومبيوتر (وورد)، مع وجود مقدمات وقراءات نقدية مكتوبة لأغلب هذه النصوص، كتبها باحثون من داخل المركز ومن خارجه، ولم يبق سوى مقدمة توثيقية ونقدية شاملة لهذه الموسوعة خاصة بي، سأنتهي منها في غضون أيام قليلة".

وبعد سويعات قليلة من استلام رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي (السلطة المختصة) لهذا الخطاب، استلمت أنا في مساء اليوم نفسه 29/9/2015 قرار حلمي النمنم بإنهاء انتدابي من رئاسة المركز القومي للمسرح – وذلك قبل احتفالات أكتوبر بأسبوع واحد فقط!!

قرار النمنم بإنهاء انتدابي، الذي نشرته في صفحتي بالفيسبوك بعد صدوره بساعتين وكتبت عليه "مع خالص شكري وتقديري، والحمد لله بأنني أديت المهمة كما يجب".

أقامت وزارة الثقافة احتفالاتها بانتصارات أكتوبر – بعد إنهاء انتدابي بأيام - وقام الوزير حلمي النمنم بإعلانه صدور (سلسلة مسرحيات حرب أكتوبر)، التي كانت معروضة في مدخل مركز الهناجر للفنون. وتم الإعلان، وتم التصوير مع الوزير والقيادات والضيوف .. إلخ، ولم ينتبه أحد إلى أن النسخ المعروضة على (ترابيزتين) في مدخل مركز الهناجر، عددها (30 نسخة) فقط، كما هو واضح من الصورتين التاليتين:

وقد أسهبت – من قبل – في وصف وشرح الخدعة التي قام بها النمنم وقياداته، حيث إن الثلاثين نسخة المعروضة، بداخل كل نسخة سبع مسرحيات فقط من الـ33 مسرحية؛ حيث قام النمنم وقيادته بتصوير صفحات الوورد المكتوبة لسبع مسرحيات (فقط)، وأعطوها لمكتب تصوير فقام بتصويرها وتجميعها مع غلاف مصور ألوان، وأصبح كتاباً!! وعندما طالب بعض الحاضرين من ضيوف الاحتفالية بنسخة، قال لهم النمنم: إنها نسخة تجريبية للعرض فقط، وبعد عشرة أيام، ستأتي ألف نسخة للتوزيع!! ومرت الأيام العشرة، والعشرون والثلاثون والأربعون والمائة والمائتان والثلاثمائة .. وحتى الآن لم تأت النسخ – ولن تأتي – لأنها نسخ وهمية!!

وأرجو رؤية وسماع هذا المقطع لرئيس المركز القومي الحالي، والذي فيه اعتراف كامل بكل ما سبق، وما سيأتي!!


https://www.youtube.com/watch?v=ac0WGRGr8Ic

الدليل الدامغ

والجديد الذي وصلني الآن ... هو نسخة من الثلاثين نسخة، التي تم إخفاؤها عمداً – وربما تم إعدامها – حتى لا يكون هناك أي دليل على قيام النمنم بإصداره لهذا الكتاب الوهمي!! وسأكتفي هنا فقط بنشر عدة صفحات لهذا الكتاب، مع التعليق عليها، حتى أثبت لكم أن النمنم قام متعمداً بإهدار المال العام، وتضليل الشعب المصري بإصدار كتاب وهمي يحمل شعار وزارة الثقافة.

هذا هو الغلاف الأمامي للكتاب، ومكتوب عليه (وزارة الثقافة) ثم (المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية)! مما يعني أن الكتاب من إصدارات وزارة الثقافة. أما عنوان الكتاب فهو (سلسلة مسرحيات حرب أكتوبر) .. مما يعني أن هذا الكتاب هو أحد أجزاء سلسلة!! وفي الأسفل عام الإصدار 2015

هذا هو الغلاف الخلفي للكتاب، وبه في الأعلى شعار الدولة (النسر) ومكتوب أسفله (وزارة الثقافة) ثم (المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية)! مما يعني أن الكتاب من إصدارات وزارة الثقافة. ثم توجد كلمة منشورة تحت عنوان (هذه السلسلة)!! مما يعني أنها سلسلة، وهذا جزء فيها. جاء في الكلمة الآتي: "حرب أكتوبر ليست مجرد انتصار، أو عبور، أو استرجاع لكرامة، ووطن. بل هي روح وهذه الروح سرت في شعب بأكمله، فأبدع نصراً، عملاً، أدباً، فناً، ذوقاً، وأخلاقاً. وهذه المسرحيات التي بين أيدينا جزء من نتاج هذا الإبداع. ونحن في المركز القومي للمسرح نأمل بنشرها استعادة هذه الروح لملحمة أكتوبر العظيمة".

وبناءً على صورتي الغلافين – الأمامي والخلفي - أسأل النمنم: من صاحب هذا الكتاب؟؟ أين اسم صاحب المشروع؟؟ أين اسم من أعده وجهزه للنشر؟ هل هذا يُعقل يا نمنم وأنت وزير للثقافة؟؟ تخفي اسم صاحب المشروع وصاحب النصوص الأصلية؟؟ حتى ولو في الكلمة الخلفية التي تعرف القارئ بهذا الإصدار (الوهمي)!!

هذه هي صورة الترويسة الموجودة داخل الكتاب، وهي الترويسة الرسمية لجهة إصدار الكتاب، والتي تُعد التوثيق الرسمي، وبطاقة الهوية الخاصة بالكتاب وبجهة الإصدار!! وسنلاحظ عليها أنها تحمل شعار الوزارة وجهة الإصدار، مع النص الصريح أن هذا الكتاب أحد أجزاء (سلسلة مسرحيات أكتوبر)!! وهذه السلسلة (الوهمية) لها جهة إصدار، ورئيس مجلس إدارة، ورئيس تحرير، وإدارة تحرير، وسكرتارية تحرير ... إلخ .... المصيبة الكبرى في هذه الترويسة، أو الأصح القول (الجريمة الكبرى) في هذه الترويسة أنها خالية تماماً من (رقم الإيداع)!!!!! أين رقم الإيداع يا نمنم؟؟ كيف تجرؤ وزارة الثقافة على إصدار كتاب يحمل (شعار الجمهورية) و(شعار وزارة الثقافة) و(شعار جهة الإصدار) بدون رقم إيداع؟!!! ألا يُعد هذا تضليلاً للقراء والمثقفين والباحثين؟!! ألا يُعد هذا تزويراً في أوراق رسمية، حيث إن رقم الإيداع هو الرقم الرسمي والاعتراف الرسمي بوجود هذا المصنف (محفوظاً) في دار الكتب التي تتبع معاليك يا نمنم؟!! ماذا سيفعل الباحثون عندما يذهبون إلى دار الكتب من أجل الاطلاع على إصدارك الوهمي يا معالي الوزير؟!!

مقدمة ابن النمنم

لعل البعض سيرد دفاعاً عن النمنم، ويقول: إن الكتاب أصدره المركز القومي للمسرح، ولا شأن للنمنم به، بل يجب محاسبة رئيس المركز ورئيس شئون الإنتاج الثقافي – الذي يرأس رئيس المركز – حيث إن النمنم لا علاقة له بهذا الإصدار الوهمي!! وهنا يجب أن أقول: إن النمنم هو المسئول الأول؛ لأنه يعلم جيداً قصة إهدائي نصوص الموسوعة للوزير السابق الدكتور النبوي، وكان النمنم نفسه مأموراً من قبل رئيسه السابق – الوزير النبوي – بأن يصدر الموسوعة من دار الكتب التي يرأسها النمنم حينها، قبل أن يتولى رئيس المركز الحالي رئاسته، وقبل أن يرأس رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي رئاسة القطاع!! أي أن النمنم يعلم أن الموسوعة كانت ستصدر باسمي وباسم النبوي – عندما كان رئيساً لدار الكتب - وهو الأمر الذي التف عليه النمنم كي لا يحققه بأسماء أصحابه الشرعيين، فأصدره في نسخة وهمية، في أكبر فضيحة ثقافية قام بها النمنم وأعوانه!!

وأكبر دليل على أن النمنم قام بكل ما سبق (وحده) ومنفرداً – لأنه المطلع الأول على أدق تفاصيل الموسوعة – أن الإصدار الوهمي صدر في ثلاثين نسخة ..... تحمل كل نسخة منها مقدمة مكتوبة باسم ((حلمي النمنم وزير الثفافة)) مع صورته الشخصية أيضاً؟!! مما يعني أنه على وعي تام بأنه يكتب مقدمة للموسوعة!! وأنه على دراية تامة بأن الموسوعة لها صاحب، ووزير سابق أشرف عليها، وخصص لها ميزانية لحقوق التأليف، وحدد لها جهة نشر من داخل الوزارة!! أي أن النمنم يعلم جيداً أن يده أمسكت بالقلم لكتابة مقدمة لنشر هذه الموسوعة الوهمية!! وربما هو من أعطى الأمر بإصدارها في صورة وهمية؛ كي يضحك على الشعب المصري، ويسخر من انتصارات أكتوبر المجيدة، ويهين جيشنا المصري العظيم، ويطعنه في أهم إنجاز عسكري له وهو الانتصار في حرب أكتوبر؛ لأن رئيس المركز ورئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، لا يجرؤ أحدهما على القيام بهذا الفعل إلا بعد أخذ الأوامر الصريحة من النمنم!! وحتى لا أطيل عليكم، أنشر لكم (مقدمة ابن خلدون) .. أقصد (مقدمة ابن النمنم)!!

سأتوقف فقط في هذه المقدمة النمنمية عند بعض العبارات، ومنها وصف النمنم نصوص مسرحيات الموسوعة، بأنها ((ثروة)) وأنها ((من النصوص المسرحية النادرة))!! وهنا أسأل النمنم: طالما هي (ثروة) .. لماذا لم تصدرها إصداراً شرعياً، بدلاً من إصدارها بصورة وهمية؟؟ وطالما هي (نادرة) لماذا لم تذكر اسم صاحبها، ومالك نصوصها الأصلية، والذي أهداها إلى المركز؟؟؟ ربما أخطأت جهة النشر بعدم ذكر اسمي على الغلاف، فكان يجب عليك وأنت وزير الثقافة، أن تذكره في كلمتك؛ لأنك تعلم جيداً فضلي على وزارتك أيام النبوي، وماذا قدمت للوزارة – في عهد النبوي - من جهود وأفكار مازالت بعض الجهات تعيش عليها حتى الآن؟؟ بل وكان يجب عليك يا نمنم احتراماً لرئيسك السابق – د.النبوي - أن تشكره وتذكره في كلمتك بالشكر والتقدير؛ لأن هذه الموسوعة كانت جاهزة للإصدار في عهده، دون أي فضل لك فيها!!

وختاماً لهذا الموضوع، أطرح هذه الأسئلة:

1 – ما الحُكم القانوني لكتاب أصدرته وزارة الثقافة لا يحمل رقماً للإيداع؟؟

2 – هل أدرجت وزارة الثقافة ضمن إنجازاتها هذا الإصدار الوهمي؟؟ لأنها لو أدرجته، سيُعدّ تزويراً في أوراق رسمية؟!!

3 – ما هي الميزانية المدرجة في الأوراق الرسمية لهذا الإصدار الوهمي؟؟ وإن كانت هناك ميزانية فستُعدّ إهداراً للمال العام!! وفي حالة عدم وجود ميزانية، فستعدّ تضليلاً قامت به وزارة الثقافة بموافقة وزير الثقافة حلمي النمنم؛ لأنه كتب بيده المقدمة!!

4 – أين المائة ألف جنيه، التي خصصها الوزير السابق النبوي كحقوق تأليف لهذه الموسوعة؟!!

 

 

المصدر: الأستاذ الدكتور/ سيد علي إسماعيل - أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة حلوان
sayed-esmail

مع تحياتي ... أ.د/ سيد علي إسماعيل

ساحة النقاش

أ.د سيد علي إسماعيل

sayed-esmail
أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية - كلية الآداب جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

826,217