وثائق مجهولة
ينشرها في حلقات ويكشف عن أسرارها
الدكتور سيد علي إسماعيل
كلية الآداب – جامعة حلوان
كواليس إبليس تهبط على الممثلين سنة 57
ــــــــــــــــــــــ
كثيراً ما نسمع من الفنانين القدامى، أن سبب ظهورهم في التمثيل – أو سبب وقوفهم لأول مرة على خشبة المسرح – أن الممثل صاحب الدور الفلاني تأخر أو تغيب عن العرض، وبالمصادفة كان راوي القصة حافظاً لدور الممثل المتغيب، مما جعل صاحب الفرقة يستنجد به عندما وجده في الكواليس صدفة، ووجد فيه الموهبة المبكرة، فأعطاه الدور على الفور، ومن هنا كانت بداية هذا الفنان!!
هذه القصة كثيراً ما نقرأها أو نسمعها؛ ولكن هل أحد منّا عاش أحداثها على الطبيعة، أو قرأ وثائقها؟! لا أظن!! لذلك سأخصص هذه الحلقة لأكبر قدر من وثائق كواليس مسرحية (دموع إبليس)، لا سيما في تأخر أو تغيب الممثلين أثناء العرض، وتحديداً منذ البروفة الجنرال إلى ما يقرب من العرض الأخير! والمسرحية عُرضت على مسرح الأوبرا في موسم 1957/1958، وهي من تأليف فتحي رضوان، وإخراج نبيل الألفي.
الوثيقة الأولى، عبارة عن كشف بأسماء جميع المشتركين من أعضاء الفرقة المصرية الحديثة في مسرحية (دموع إبليس)، ومكتوب أعلاه: " بروفة جنرال على مسرح الأوبرا الساعة العاشرة صباحاً يوم 14/12/1957". والكشف عبارة عن جدول به أربعة عواميد، الأول عنوانه الرجال، والثاني التوقيع، والثالث عنوانه السيدات، والرابع التوقيع، مما يعني أنه كشف حضور وغياب الممثلين!!
وأسماء الرجال هي: عبد الرحمن أبو زهرة، يوسف شعبان، علي جمعة، نبيل الشاذلي، علي عرابي، بدر الدين جمجوم، أبو بكر عزت، إبراهيم علي، محمد يوسف، سيد غريب، صادق أمين، علي عتاقي، وحيد عزت، إسلام فارس، عبد المنعم عطا، منير يس، كمال عبد العاطي. أما أسماء السيدات، فهي: رجاء حسين، فايزة عبد العزيز، هادية، نادية، إجلال، رجوات منصور، سهير رضا. أما الأطفال، فهم: سيد معوض، زينب كامل، محسن الجندي، علي مصطفى الأغا. وفي أسفل الكشف ملاحظة كتبها مدير المسرح محمد حجازي، قال فيها: " تخلف عن الحضور: أبو زهرة، يوسف شعبان، نبيل الشاذلي، أبو بكر عزت".
الوثيقة الثانية، كشف آخر مماثل للسابق، عنوانه: "بروفة جنرال بدار الأوبرا يوم 15/12/1957 الساعة التاسعة والنصف مساء". وجميع الأسماء موقعة، عدا رجاء حسين التي تخلفت عن الحضور، وكتب الملاحظة محمد حجازي في ختام الوثيقة. أما الوثيقة الثالثة، فكانت الكشف نفسه، والجميع وقعوا، لأن الكشف لحفلة افتتاح المسرحية، التي تمت بدار الأوبرا يوم الثلاثاء الموافق 17/12/1957. والجدير بالذكر أن مدير المسرح – محمد حجازي – كتب ملاحظة أسفل الكشف، ذكر فيها أسماء أربعة ممثلين، هم: عبد السلام محمد عبد السلام، وإبراهيم عبد الله، وأحمد توفيق، وعبد العزيز مكيوي، وكتب بجوارهم: "الأربعة المذكورين بهذا الكشف قد اختارهم الأستاذ مخرج المسرحية للقيام بأدوار الشياطين".
وبعد خمسة أيام من الافتتاح، تأتي الوثيقة الرابعة – وهي الكشف المعتاد – وكتب محمد حجازي ملاحظات أسفله، منها: أن منير يس، وفايزة عبد العزيز تخلفا عن الحضور. أما أحمد توفيق، وعبد السلام محمد فتأخرا عن الدخول في الفصل الرابع، وأن هذا الأمر تكرر أكثر من مرة!! لذلك تم خصم يوم منهما. وعدم الانضباط هذا أثر على سير انضباط الفرقة، وهذا الأمر توضحه الوثيقة الخامسة، والملاحظات التي كُتبت في أسفلها تقول نصاً: "تخلف عن الحضور كل من: أبو بكر عزت، فايزة عبد العزيز، هادية فؤاد، نادية فؤاد. محلوظات: عبد الرحمن أبو زهرة قام بتمثيل دور الأستاذ لطفي الحكيم نظراً لمرضه المفاجئ. وبدر الدين جمجوم تخلف عن الظهور في الفصل الأول مع العفاريت، ثم حضر بعد ذلك واشترك في التمثيل".
إلى هنا نفذ حلم مدير المسرح، وبدأ يمارس حقه في إدارة الفرقة وانضباط أعضائها، حتى يحافظ على سير العمل، ويحفظ هيبة المسرح والفن! حيث كتب مذكرة بها هذه الأسماء: إسلام فارس، عبد السلام محمد، إبراهيم عبد الله، أحمد توفيق، عبد العزيز مكيوي، أبو بكر عزت، وأسفلها كتب هذه العبارة: "رأت الإدارة الاستغناء عن حضراتهم حالياً وشكراً، على أن يعوض بدلاً منهم من الفلاحين". هذا بالنسبة للكومبارس وصغار الممثلين. أما النجوم فكان لهم شأن آخر!!
فعندما تخلف عن الحضور – بعد ذلك - بدر الدين جمجوم، ووحيد عزت، وإبراهيم علي، قام المدير بخصم يوم من مكافآتهم. وعندما تخلف عبد الرحمن أبو زهرة، ويوسف شعبان عن الدخول في الفصل الرابع تم خصم يوم منهما أيضاً. وعندما تخلفت هادية ونادية فؤاد عن الدخول كذلك في الفصل الرابع تم خصم نصف يوم منهما. حتى لطفي الحكيم المريض تم خصم نصف يوم من مكافأته!! والسؤال الآن: هل هؤلاء النجوم كانوا غير ملتزمين؟ أم أن الاستهانة سببها ضعف الإدارة من قبل محمد حجازي، أم بسبب طيبة قلب المخرج نبيل الألفي!!
ساحة النقاش