ينحني على بلاده انحناءة
(إلى صلاح عدلي)
كأنه ينام في خصائص ابتدائه,
كأنه شبيه مائه,
أتى إليّ وهلة وغام في الغمامة,
استعان باضطرابه على خطاه, واستكن.
كان يستريح في الخراب من ضنا فؤاده الحيي,
فاستقر في طريقه على طريقة من الخطى تخص هيئة
الصلات بين عمره وبين أهله المبعثرين في فضائه.
انتمى لوردة تحط في الخفاء عطرها,
وعطرها على يدي,
تحت نخلة غفا, وقال:
هذه البلاد من ملامحي, وهذه القناطر الضلوع.
كان يختفي وراء ماءه
يستدير خلف حارس,
يغز في الجدار أنملا يبله بروحه,
فيسحب الفتاة من خلال كوة ويستقيم في شئونها,
يدس في غيومها اعترافه الوحيد: ياسمين.
هزه الجنود فاستدار في المساء داخلا نسيجه الطري,
واستطال عند رأس حارة,
وكان مثل قطنة: مجففا وناصعا,
يدق باب شرفتي,
فتحت: فوق مشبك الثياب كان رمزه يرف في هوائه,
وفوق سترتي البليلة الرسالة: الدمُ – البلادُ.
لم يكن سوى مناخه على جدار شرفتي,
و لا على يدي غير ريقه المراق.
واحدا سيبدأ الخليقة الأخيرةَ:
اكتفى بذاته,
اكتفى ببلدة بحجم طلعة الإله واستراح من ضنا الفؤاد.
هزه الجنود فانحنى ليكمل ابتناء بيته على دمائه,
وبان من خفائه,
السماء حولته لي: فراح يصهر الفضاء طفلة,
ويرصد المسافة التي ستفصل الشذى عن التويج,
أو تباعد الدى عن المضيعين فيه,
ثم راح في غمامة وحيدة يفكك الحياة عن غموضها,
يداعب الجنود وهو يرتقي سلالم القرنفل الندي,
كأنه ينام في خصائص ابتدائه
كأن موطنا يكن في ردائه
كأن يرب في طلوعه دواءه بدائه.