الخيبة
ان كان حبك لي سرابا فاكشفي = عنك القناع ترفقا بشبابي
لا تتركين في ظلام دامس = حيران منتظرا على الأبوابِ
بل عالجي باليأس آمالي ففي = شكي عذابك في الهوى وعذابي
لا القرب ميسور ولا أنا صابر = كيف النجاة ، وقد تفاقم ما بي؟
منيتِني فعدوت في أثر الهوى = عدوا ، ولم أحفل بيوم مآبي
وتركتني وسط الطريق فزدتني = شوقا على شوق ، فجل مصابي
أبكي على قلبي الذي مزقتِه = من بعد ما فتكت به أوصالي
لو كنت أعلم أن قلبك عابث = لطويت في عجل أعز كتابِ
ولقيتُ أُنسا في البعاد وسلوةً = وقنعت من سفري بحسن إيابي
وفرحت بالسلوان يطرق مهجتي = اليأس أروح من هوى المرتابِ
لنسيتُ عهدكِ فانطوتْ صفحاته = ولفتَّ هذا اليأس في أعضادي
حتى كأنك لم تكوني لي ولم = يك بيننا سرّ خفيّ بادِ
حتى كأنك لم تكوني بهجتي = ومنار قلبي في الأسى المتمادي!
حتى كأنك لم تكوني جُنَّتي = وعتادَ روحي في الجوى وعمادي!
حتى كأنك لم تكوني قبلتي = ومناي في صمتي وفي انشادي!
حتى كأنك لم تكوني جنتي = وملاذ نفسي في الزمان العادي!
حتى كأني ما هويتك طرفةً = كلا ، ولا خطر الهوى بفؤادي!
حتى كأنك ما لقيتك مرة = فغدوتِ ريّي في الحياة وزادي!
شعر: عبد الحميد السنوسي