ليلة الوداع
وليلة أقبلت نحوي تودعني = ودِدْت لو أنها طالت إلى الأبدِ
جلست بين أخلائي أحادثها = وفي الجوانح ما فيها من الكمدِ
خشيتُ أن يقرأ الخلان في نظري = سري ، فينتزعوا المكنون من كبدي
فرحت أمزح كي أخفي الذي اشتملت = عليه نفسي ، فلم أُنقص ولم أَزِدِ
واريت بالمزح ما واريت من جزع = ومن جوى ثائر في القلب متقدِ
وكلما زاد شجوي زدت في ضحك = وفي ضجيج كموج البحر مضطردِ
حتى كأني لا أخشى الفراق ولا = أخاف مما يجن الدهر بعد غدِ!
وظن صحبي بي خيرا وما فطنوا = الى أسى جامح في القلب متقدِ
فشاطروني أفراحي وقد حسبوا = أني طروب لترحالي إلى بلدي!
ثم انقضى الليل في قصف وفي سمر = وباح بالفجر صوت الطائر الغردِ
* * *
لما دنت ساعة التوديع .. واجزعي = مدت الي يدا.. قبلتها بيدي!
تلفتت بعد ما سارت تشيعني = بنظرة ذهبت بالصبر والجلدِ
فعدت أسأل نفسي وهي جازعة = أفرقة العمر هذي .. ؟ أم الى أمد؟!!
شعر: عبد الحميد السنوسي