شك وأمل
وقنعت منك بنظرة وبلفتة = وطفقت أحلم بالنعيم المقبلِ
أصغي إلى رنات صوتك مثلما = يصغي الغدير إلى هزيج البلبلِ
وشربت من هذا الحديث المشتهي = كأسا ألذ من الرحيق السلسلِ
كاشفتكِ الحب الدفين فأشرقت = عيناك تفحصني وتنكر مقْولي
وظننتني ألهو بقولي مثلما = يلهو الورى في خسة وتَبذّلِ
إني أُمحّضُكِ الوداد فصدقي = فالشك يطعن مهجتي في مقتلِ
لوددت أن يبدو فؤادي حاسرا = لتريْ وفائي في هواك فتعدلي
ستجيئك الأيام بالخبر الذي = ينبيك عن قلبي فلا تتعجلي
أَوَ ما قرأت الحب في عيني وفي = نبرات صوتي الواجف المتبلبلِ
وأبنت لي شطرا من الهم الذي = يجثو على جنبيك مثل الجندلِ
فبكى فؤادي حسرة وعجبت من = دنيا تغر الناظرين وتبتلي
أفمثل هذا الحسن يجرع في الأسى = ويبيت في ليل بهيم أَلْيلِ
أخشى عليك لهيب حب جامح = فأصد عنك وفي صدودي مقتلي
ألقاك بالذكرى على رغم الألى = بخلوا علينا باللقاء الأولِ
لأطعت فيك صبابتي مستهترا = لولا حديث المحنقين العذلِ
لكن بحسبي أن قلبك عالم = بنوازعي وخوالجي وتعللي
إني لأهزأ بالعوالم كلها = ما دمت أشعر أن قلبك صار لي!
شعر: عبد الحميد السنوسي