الشاعر الصداح
يحن إلى مرأى الرياض كأنه = هزار له فيهن ملهى وممرح
وما الشاعر الصداح إلا كبلبل = يغرد في روض الحياة ويصدح
* * *
إذا بسمت دنياه والدهر مقبل = يغني وروض العيش ريّانُ مونقُ
يجود بألحان عذاب كأنها = حيا تقشب الأزهار منه وتورقُ
* * *
له نغمة الملاح في اليم صادحا = بأنشودة تشجي العباب وتطرب
وبين أفانين الغصون ظلاله = يغني غناء الطير يلهو ويلعب
* * *
ويصبو إلى شدو الطيور فؤاده = ويقبس منها الشعر وهو نشيد
ويصغي إلى صوت الطبيعة واجما = إذا ما تغنت في السماء رعود
* * *
تغافل عن لؤم الحياة ومينها = وقد يغفل الإنسان عما يحاذر
وهل ينفعنّ المرء حلم وفطنة = إذا داهمته النائبات الجوائر
* * *
لقد طالعته النائبات فجاءة = وحلت به البأساء والدهر غادر
فصار حزينا نادبا صفو عيشه = و أي معين في الشقاء يؤازر؟
* * *
يؤمل أن يحيا وحيدا بمعزل = عن الناس إن العالمين ذئاب
وكل امرئ في العيش يسعى لغاية = ولكن آمال النفةس يراب
* * *
يُبكي إذا غنى على الأيك طائر = كأن أهازيج الطيور نواح
وبات كئيب القلب لا يستخفه = سرور ولا يقوى عليه مزاح
* * *
يحن ‘لى ضوء النجوم وومضها = ففي أعين الظلماء سلوة بائسِ
إذا عبس الخلصان في وجه ضاحك = تهش نجوم الليل في وجه عابس
* * *
عزاؤك أن الليل يحبوك وده = إذا عز ود في الأنام سليم
فغرد مع الأرواح في زاخر الدجى = فترقص أفلاك له ونجوم
شعر: عبد الحميد السنوسي